موريتانيا: سجن ناشط في الحزب الحاكم بتهمة إهانة الرئيس

خلال أول محاكمة لناشط سياسي من داعمي قائد البلاد

الناشط السياسي سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي (إعلام محلي)
الناشط السياسي سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي (إعلام محلي)
TT
20

موريتانيا: سجن ناشط في الحزب الحاكم بتهمة إهانة الرئيس

الناشط السياسي سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي (إعلام محلي)
الناشط السياسي سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي (إعلام محلي)

أصدر القضاء الموريتاني، في وقت متأخر من ليلة الخميس، حكماً بالسجن في حق ناشط سياسي في حزب الإنصاف الحاكم، بعد إدانته بتهمة «إهانة وسب شخص رئيس الجمهورية»، وذلك بعد نحو شهرين من توقيفه بنفس التهمة.

وجاء في الحكم الصادر عن الغرفة الجزائية بمحكمة نواكشوط الغربية أن الناشط السياسي، المدعو سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي، تمت إدانته بارتكاب «جنحة سب وإهانة شخص رئيس الجمهورية، ونشره عبر نظام معلوماتي».

وهذه الجنح يجرمها القانون الموريتاني، خاصة قانون حماية الرموز الوطنية، وتجريم المساس بهيبة الدولة والمواطن، وقانون مكافحة الجريمة السيبرانية. وبموجب هذين القانونين حكم على ولد بدكي بالسجن عاماً كاملاً، مع وقف تنفيذ الحكم لستة أشهر، بالإضافة إلى دفع غرامة 100 ألف أوقية جديدة (نحو 3 آلاف دولار أميركي)، ودفع رسوم ومصاريف المحاكمة.

وكانت القضية قد أثارت جدلاً كبيراً في الشارع الموريتاني، منذ أن اعتقل الناشط السياسي في يناير (كانون الثاني) الماضي، إثر نشره رسالة تقدم بها إلى وزارة الداخلية واللامركزية يطلب فيها ترخيص وقفة احتجاجية «للمطالبة بالإفراج عن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني».

الناشط السياسي كان منتسباً لحزب الإنصاف الحاكم، وحاول الترشح للانتخابات التشريعية عام 2023 عن طريقه، ولكن اسمه لم يظهر في قوائم ترشيحات الحزب آنذاك، ليطلق في يونيو (حزيران) 2024 مبادرة سياسية تحت اسم «مبادرة الوفاء للوطن»، من أجل دعم ترشح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لولاية رئاسية ثانية.

وفي 29 يناير الماضي سلم الناشط السياسي رسالة إلى وزارة الداخلية، موقعة باسمه، وتحمل شعار مبادرة «الوفاء للوطن»، يقول فيها: «يطيب لنا أن نرفع إلى حضرتكم الكريمة طلبنا هذا، المتمثل في طلب موافقتكم على إقامة وقفة سلمية مطالبة بالإفراج عن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وذلك يوم 10 فبراير (شباط) 2025».

وجرى تداول صورة من الرسالة على نطاق واسع عبر صفحات الناشطين الموريتانيين على وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت محل تفاعل كبير، وأثارت الكثير من النقاش والسخرية، ليتم بعد ذلك اعتقال الناشط السياسي.

في غضون ذلك، وجهت النيابة العامة إلى الناشط السياسي تهمة إنشاء محتوى يتضمن الإساءة لرئيس الجمهورية، ودعت إلى أن تتم إحالته للسجن بناءً على قانون الرموز، وهو قانون حماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة والمواطن.

وقال مقربون من الناشط السياسي إنه «لم يكن ينوي الإساءة إلى شخص رئيس الجمهورية»، مؤكدين أنه كان يحاول التعبير عن موقف سياسي من بطانة الرئيس، التي يعتقد أنها «غير مخلصة في عملها».

وشدد هؤلاء على أن الناشط السياسي لا يزال محتفظاً بموقفه الداعم للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وأن ما يتعرض له هو «تصفية حسابات» من جهات في الحكومة، لا تريد سماع أي وجهة نظر مخالفة لما تراه»، وفق تعبير مصادر قريبة من الناشط السياسي.

وتعد هذه أول مرة تتم فيها محاكمة ناشط سياسي من داعمي الرئيس بموجب قانون حماية الرموز الوطنية، وهو قانون أثار الكثير من الجدل في موريتانيا خلال السنوات الأخيرة، وتقول المعارضة إن الهدف منه تكميم أفواه الناشطين في صفوفها؛ حيث يتم تكييف الانتقادات الموجهة للرئيس والوزراء على أنها «سب وإهانة».


مقالات ذات صلة

الجزائر وموريتانيا توقعان اتفاقاً في مجال الدفاع

شمال افريقيا مصافحة بين الرئيس الجزائري ونظيره الموريتاني على هامش القمة السابعة لـ«منتدى الدول المصدرة للغاز»... (إ.ب.أ)

الجزائر وموريتانيا توقعان اتفاقاً في مجال الدفاع

وقعت الجزائر وموريتانيا على اتفاق بمجال الدفاع، تزامناً مع مناقشتهما التطورات الأمنية بمنطقة شمال أفريقيا والقارة عموماً.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع في القصر الرئاسي بدمشق (رويترز)

العراق يوجه دعوة رسمية للرئيس السوري لحضور القمة العربية في بغداد

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، توجيه دعوة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع للمشاركة في القمة العربية.

«الشرق الأوسط» (بغداد )
شمال افريقيا الرئيس ماكرون قرر استدعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر بسبب تفاقم الأزمة بين البلدين (أ.ف.ب)

باريس تطرد 12 موظفاً من الشبكة القنصلية والدبلوماسية رداً على إجراءات الجزائر

توترت العلاقات أكثر فأكثر بين فرنسا والجزائر بعد قرار الأخيرة طرد 12 دبلوماسياً وموظفاً فرنسياً في السفارة الفرنسية بالعاصمة الجزائرية والمدن الكبرى.

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا أحمد أبو الغيط  خلال ندوة ضمن فعاليات «منتدى أنطاليا» بتركيا (الجامعة العربية)

أبو الغيط يناقش مع كريم خان الجرائم الإسرائيلية في غزة

ناقش الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الجرائم الإسرائيلية الخطيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال الاجتماعات (إكس)

الجدعان: على الدول العربية وضع أساليب لقياس أثر الضغوط المالية والتجارية

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان، أهمية وضع الدول العربية أساليب لقياس الأثر للضغوط المالية والاقتصادية والتجارية المتزايدة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

تحالف «تأسيس» يشرع في ترتيبات إعلان «الحكومة الموازية»

عبد الرحيم دقلو (شقيق حميدتي / وسط) محاطاً بممثلي الأحزاب السياسية المؤيدة لحكومة الوحدة في نيروبي أمس (أ.ف.ب)
عبد الرحيم دقلو (شقيق حميدتي / وسط) محاطاً بممثلي الأحزاب السياسية المؤيدة لحكومة الوحدة في نيروبي أمس (أ.ف.ب)
TT
20

تحالف «تأسيس» يشرع في ترتيبات إعلان «الحكومة الموازية»

عبد الرحيم دقلو (شقيق حميدتي / وسط) محاطاً بممثلي الأحزاب السياسية المؤيدة لحكومة الوحدة في نيروبي أمس (أ.ف.ب)
عبد الرحيم دقلو (شقيق حميدتي / وسط) محاطاً بممثلي الأحزاب السياسية المؤيدة لحكومة الوحدة في نيروبي أمس (أ.ف.ب)

خصص قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» جزءاً كبيراً من خطابه في الذكرى الثانية للحرب بين قواته والجيش السوداني، للحديث عن «حكومة السلام والوحدة» التي يسعى وحلفاؤه للإعلان عنها بموازاة الحكومة التي يسيطر عليها الجيش، وتتخذ من مدينة بورتسودان الساحلية عاصمة لها.

وعلى غير العادة، كاد الخطاب يخلو من الإشارة إلى الأوضاع العسكرية لقواته في الميدان، وركز على «خطاب سياسي»، يمكن اعتباره البرنامج السياسي للحكومة المزمع تشكيلها، وفقاً لاتفاقيات «نيروبي» فبراير (شباط) الماضي، في حين ذكرت المصادر أن اللجان الفنية المكلفة بتحديد الحقائب الوزارية وشخوصها وبرامجها قد أوشكت على إكمال عملها.

وقال حميدتي بمناسبة دخول الحرب عامها الثالث، إن «السلاح وحده لا يكفي لحل المشكلات السياسية». وأضاف أنه يفخر بقيام حكومة السلام والوحدة عبر «تحالف مدني واسع يمثل الوجه الحقيقي للسودان»، وهو أول تصريح للرجل منذ تكوين تحالف السودان التأسيسي «تأسيس» بشأن تشكيل الحكومة، وعدّه عدد من المراقبين بمثابة «إعلان رسمي» لتشكيل الحكومة التي تم الاتفاق عليها سابقاً، دون التطرق لتحديد مواقيت محددة للإعلان عنها.

مجلس رئاسي

وأكد الرجل التوافق على «مجلس رئاسي» من 15 عضواً، يتم اختيارهم من أقاليم السودان المختلفة، كـ«رمز للوحدة الطوعية»، وأعلى سلطة سيادية في هياكل الحكومة المزمعة، وفقاً لما نص عليه الدستور الانتقالي الموقع من قبل الفصائل المنضوية في «تحالف السودان التأسيسي».

من اجتماع نيروبي لتشكيل حكومة موازية بالسودان في 18 فبراير 2025 (أ.ب)
من اجتماع نيروبي لتشكيل حكومة موازية بالسودان في 18 فبراير 2025 (أ.ب)

وفي إشارة إلى ما أثارته عملية «التبديل الجزئي للعملة» التي تمت في مناطق سيطرة الجيش، وحرمان مواطنين من منطقة سيطرة «قوات الدعم السريع» من الحصول على جوازات سفر، أو حظر تجديدها لهم، قال حميدتي: «نحن نصنع عملة جديدة ونصدر هوية جديدة حتى لا يحرم أي سوداني من حقوقه، هذه ليست دولة أمراء حرب بل هي حكومة شعب». وأضاف حميدتي أن حكومته المزمعة معنية بتوفير الخدمات الأساسية؛ التعليم والصحة والعدالة، ليس في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» والحركات المسلحة، بل في جميع أنحاء البلاد.

وعزّز ما ورد في الدستور الانتقالي الذي أعدّه مع حلفائه بأن يكون السودان «دولة ديمقراطية علمانية لا مركزية» بقوله: «فصل الدين عن الدولة»، بأنه ضمان للحريات الدينية، وتأكيد لحياد الدولة».

رئيس «حزب الأمة» فضل برمة ناصر خلال كلمته أمام «اجتماع نيروبي» يوم 18 فبراير 2025 (أ.ف.ب)
رئيس «حزب الأمة» فضل برمة ناصر خلال كلمته أمام «اجتماع نيروبي» يوم 18 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

وشدد على عدم كفاية السلاح وحده لحل المشاكل السياسية، وقال: «اخترنا نحن وحلفاؤنا المدنيون والعسكريون، في تحالف السودان التأسيسي، مساراً مختلفاً، مساراً يدرك أن السلاح وحده لا يكفي لحل المشكلات السياسية».

واعتبر توقيع «الدعم السريع» مع القوى المدنية والسياسية السودانية والجبهة الثورية والمجتمع المدني والمنظمات النسائية والحركات الشبابية ولجان المقاومة على الميثاق السياسي والدستور الانتقالي «تأريخاً لسودان جديد».

ومنذ التوقيع على الدستور الانتقالي في مطلع مارس (آذار) الماضي في العاصمة الكينية نيروبي، تجري اجتماعات متواصلة وترتيبات وسط تكتم شديد بين الفصائل العسكرية المدنية في «تحالف تأسيس» حول تشكيل الحكومة في مستوياتها الثلاثة: «مجلس رئاسي ومجلس وزراء والسلطة التشريعية».

توقعات

وأفادت مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» بأن اللجان المكلفة بالملف تعمل حالياً على تحديد الحقائب السيادية والوزارية لكل فصيل في التحالف، يعقب ذلك تسمية الفصيل أسماء مرشحيه للمناصب المحددة، وقالت إن خطوة تمسية شاغلي المناصب لا تزال قيد الأجراء.

وأكدت إحراز تقدم في المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، لكنها أحجمت عن كشف مزيد من التفاصيل، موضحة أن الإعلان عن الحكومة متوقف على الفراغ من الاتفاق على هياكلها، ونفت بشدة ما تم تداوله من قبل وسائل إعلام محلية لأسماء تم ترشيحهم لشغل مناصب وزارية وسيادية.

وكانت مصادر في «تأسيس» قد كشفت لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، عن إجماع كبير بين الفصائل على تولي «حميدتي» رئاسة المجلس الرئاسي (أعلى سلطة سيادية في الحكومة الجديدة).

عبد العزيز الحلو زعيم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» (موقع الحركة على «فيسبوك»)
عبد العزيز الحلو زعيم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» (موقع الحركة على «فيسبوك»)

وقال مصدر آخر إن أعضاء التحالف في داخل السودان وخارجه يعكفون على الترتيبات النهائية بخصوص تكوين هياكل الحكومة في مستوياتها المختلفة، متوقعاً الإعلان عن تفاصيل الحكومة في وقت قريب.

وتذهب ترجيحات إلى أن قائد حركة تحرير السودان، الجنرال عبد العزيز آدم الحلو، من أقوى المرشحين للرجل الثاني في الحكومة، بحكم الثقل العسكري والسياسي الكبير لفصيله في ولاية جنوب كردفان وجبال النوبة، وداخل التحالف العريض.

وضم «تحالف تأسيس» عدداً من الشخصيات بصفة مستقلة، كانت قد شغلت مناصب رفيعة في الحكومة الانتقالية السابقة، أبرزهم عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي ووزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري، يتوقع أن يكونوا ضمن التشكيل الوزاري في الحكومة الجديدة.

ونص الدستور الانتقالي على اختيار رئيس الوزراء بالتشاور بين القوى الموقعة على الميثاق السياسي، بدوره يختار عدداً من الوزراء لا يتجاوز 16 وزيراً، في غضون شهر من تاريخ تعيينه.

ويضم التحالف «قوات الدعم السريع» وحزب الأمة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وقوى سياسية ومدنية أخرى إلى جانب الحركة الشعبية شمال، بزعامة عبد العزيز آدم الحلو، وتحالف الحركات الدارفورية المسلحة في «الجبهة الثورية»، إلى جانب «قوات الدعم السريع».

واعتمد الدستور الانتقالي للسودان 3 مستويات للحكم (الاتحادي والإقليمي والمحلي)، وتم التقسيم الإداري والجغرافي في البلاد إلى 8 أقاليم؛ وهي إقليم الخرطوم، والإقليم الشرقي، والإقليم الشمالي، والإقليم الأوسط، وإقليم كردفان، وإقليم جنوب كردفان وجبال النوبة وإقليم الفونج الجديد.