سكان غرينلاند يدعمون «استقلالاً تدريجياً» عن الدنمارك

مع انتخابات حازت اهتماماً دولياً بعد حملة ترمب لضمّ الجزيرة

موظفون انتخابيون يفرزون الأصوات في نوك يوم 11 مارس (إ.ب.أ)
موظفون انتخابيون يفرزون الأصوات في نوك يوم 11 مارس (إ.ب.أ)
TT

سكان غرينلاند يدعمون «استقلالاً تدريجياً» عن الدنمارك

موظفون انتخابيون يفرزون الأصوات في نوك يوم 11 مارس (إ.ب.أ)
موظفون انتخابيون يفرزون الأصوات في نوك يوم 11 مارس (إ.ب.أ)

حقّقت المعارضة فوزاً مفاجئاً بالانتخابات التشريعية في غرينلاند؛ الإقليم الدنماركي الذي يثير مطامع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مع تقدم لحزب «ناليراك» القومي المطالب باستقلال الجزيرة في أسرع وقت. وأظهرت النتائج الرسمية أن «الحزب الديمقراطي» (يمين وسط)، الذي يصف نفسه بأنه «ليبرالي اجتماعي» ويدعو كذلك إلى الاستقلال «التدريجي»، حصل على 29.9 في المائة من الأصوات، مضاعفاً حصته بأكثر من 3 مرات مقارنة بانتخابات عام 2021، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وتضاعفت نسبة تأييد حزب «ناليراك» القومي لتصل إلى 24.5 في المائة.

اهتمام دولي واسع

ولم يسبق أن حظيت انتخابات في غرينلاند بمثل هذا الاهتمام الدولي، وهو يأتي عقب إعلان ترمب مطامعه في الاستحواذ على هذه المنطقة الشاسعة الغنية بالموارد بالمنطقة القطبية الشمالية.

أنصار «الحزب الديمقراطي» يحتفلون بعد صدور نتائج الانتخابات يوم 11 مارس (أ.ف.ب)

وأعلن رئيس الوزراء المنتهية ولايته، ميوت إيغده، زعيم حزب السكان الأصليين «إنويت أتاكاتيجيت»، اليساري الناشط في حماية البيئة: «نحترم نتيجة الانتخابات»، بينما أقرّ زعيم حزب «سيوموت»؛ الشريك في الائتلاف الحاكم، بالهزيمة، بعد أن حلّ الحزبان في المركزين الثالث والرابع توالياً. ونظراً إلى عدم فوز أيّ حزب بأغلبية مقاعد البرلمان وعددها 31، فإنه ستُجرى مفاوضات لتشكيل ائتلاف في الأيام المقبلة. ومن المتوقّع أن تحدد الحكومة المقبلة جدولاً زمنياً للاستقلال الذي تدعمه أغلبية كبيرة من سكان غرينلاند، البالغ عددهم 57 ألف نسمة. وقال زعيم «الحزب الديمقراطي»، ينس فريدريك نيلسن (33 عاماً)، وهو بطل غرينلاند السابق في رياضة البادمنتون، إن «(الديمقراطيين) منفتحون على الحوار مع جميع الأحزاب ويسعون إلى الوحدة، لا سيّما في ظل ما يحدث بالعالم». وأعرب عن دهشته لفوز حزبه بقوله: «لم نتوقع أن تُسفر الانتخابات عن هذه النتيجة، ونحن سعداء جداً بها».

ويبدو أن ترمب، الذي أكّد تصميمه على ضم الجزيرة «بطريقة أو بأخرى»، أثّر على مستويات الإقبال على التصويت. وكانت نسبة المشاركة في انتخابات الثلاثاء أعلى من المعتاد، وفق مسؤولين عن تنظيمها.

استياء من الدنمارك

يقول سكان الجزيرة، الذين ينتمي 90 في المائة منهم إلى شعب الـ«إنويت» الأصلي، إنهم سئموا معاملة الدنمارك لهم على أنهم «مواطنون من الدرجة الثانية». ويتّهمون القوة الاستعمارية السابقة بأنها عملت تاريخياً على خنق ثقافتهم، وإجراء عمليات تعقيم قسرية لهم، وفصل أطفالهم عن عائلاتهم. وتدعم جميع الأحزاب السياسية الرئيسية في غرينلاند الاستقلال، لكنها تختلف بشأن الإطار الزمني.

أشخاص يحملون لافتة انتخابية بالقرب من مكتب تصويت بالعاصمة نوك (إ.ب.أ)

ويتوق حزب «ناليراك» لنيل الاستقلال بسرعة. وقال رئيسه بيلي بروبرغ لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يمكننا فعل ذلك بالطريقة نفسها التي خرجنا بها من (الاتحاد الأوروبي) (عام 1985). استغرق ذلك 3 سنوات. واستغرق خروج بريطانيا من (الاتحاد الأوروبي) 3 سنوات. لماذا سيستغرق (الاستقلال) وقتاً أطول؟». لكن آخرين يفضلون الانتظار حتى تستقل الجزيرة مالياً. فغرينلاند، التي يغطي الجليد 80 في المائة منها، تعتمد اعتماداً كبيراً على مصايد الأسماك، وهو قطاع يُمثل جميع صادراتها تقريباً، وعلى الدعم الدنماركي السنوي الذي يزيد على 565 مليون دولار، أي ما يعادل خُمس ناتجها المحلي الإجمالي. ويعتقد حزب «ناليراك» أن غرينلاند ستتمكن قريباً من الاعتماد على نفسها بفضل احتياطاتها المعدنية غير المستغلة؛ بما فيها المعادن النادرة الضرورية للتحول الأخضر. لكن قطاع التعدين ما زال في بداياته، ويواجه صعوبات بسبب ارتفاع التكاليف؛ جرّاء قسوة مناخ غرينلاند والنقص في البنية التحتية.

ورقة ضغط

طرح ترمب فكرة شراء غرينلاند خلال ولايته الأولى، وهو عرض رفضته السلطات الدنماركية والمحلية. وكرّر ذلك مع عودته إلى البيت الأبيض بإصرار أكبر، رافضاً استبعاد استخدام القوة، ومُتذرّعاً بحماية الأمن القومي الأميركي، وسط ازدياد الاهتمام الصيني والروسي بالمنطقة القطبية الشمالية. والأحد، قبل ساعات قليلة من الانتخابات، دعا ترمب سكان غرينلاند إلى أن «يكونوا جزءاً من أعظم أمة في العالم؛ الولايات المتحدة الأميركية»، واعداً إياهم بأنهم سيصبحون أثرياء.

موظفون انتخابيون يحملون صناديق اقتراع للفرز بعد انتهاء التصويت في نوك يوم 11 مارس (إ.ب.أ)

ولكن أحدث استطلاع للرأي بشأن هذه القضية، كان نُشر في يناير (كانون الثاني) الماضي، أظهر أن 85 في المائة من سكان غرينلاند يعارضون فكرة ترمب. وقال الناخب آندرس مارتينسن (27 عاماً)، وهو موظف في مصلحة الضرائب، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «كثيراً من سكان غرينلاند ينظرون إلى الولايات المتحدة بشكل مختلف مع ترمب رئيساً، وهم أقل ميلاً إلى التعاون حتى لو كان هذا ما يرغبون فيه حقاً». وأحدثت تصريحات ترمب صدمة خلال الحملة الانتخابية. وقال حزب «ناليراك» إنها منحتهم ورقة ضغط قبل مفاوضات الاستقلال مع الدنمارك. لكنها أثارت أيضاً قلق بعض مؤيدي الاستقلال؛ مما جعل استمرار العلاقات مع كوبنهاغن أفضل في نظرهم؛ على الأقل في الوقت الحالي. وقال ناخب؛ عرّف عن نفسه باسم «إيتوكوسوك»، إن «البقاء جزءاً من الدنمارك أهم من أي وقت مضى الآن؛ لأنني أعتقد أن الدنمارك كانت في المحصلة جيدة معنا. إذا حصلنا على الاستقلال، فقد يزداد ترمب شراسة، وهذا ما يُخيفني».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

الولايات المتحدة​ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
رياضة عالمية أميركيون يتابعون مراسم القرعة على شاشة عملاقة في التايمز سكوير (رويترز)

ترمب مدفوعاً بحمى المونديال: كرة القدم الأميركية يجب إعادة تسميتها!

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إن رياضة كرة القدم الأميركية (أميريكان فوتبول) يجب أن تُعاد تسميتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

وافقت المحكمة العليا الأميركية على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرياضة الرئيس دونالد ترمب يرقص رقصته الشهيرة خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 في مركز كينيدي في واشنطن (أ.ب) play-circle

لقب «فيفا للسلام» «يحرك» ترمب... ورقصته الشهيرة تعود بعد قرعة كأس العالم

لفت الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأنظار بعد انتهاء مراسم قرعة كأس العالم 2026، بعدما ظهر وهو يؤدي رقصته الشهيرة احتفالاً أمام الحضور.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية قرعة كأس العالم أسفرت عن مباراة افتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا (إ.ب.أ)

المكسيك تواجه جنوب أفريقيا في افتتاح مونديال 2026

ستنطلق نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقررة العام المقبل في 11 يونيو (حزيران) بمواجهة المكسيك، إحدى ثلاث دول تستضيف البطولة، أمام جنوب أفريقيا في استاد أزتيكا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
TT

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو.

التسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية، حسب المحادثة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ولم تكن بروتوكوليةً.

وحذَّر ميرتس مما وصفه بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية.


المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.


موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
TT

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الروسي وتسجيلات مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتستهدف أوكرانيا على نحو متكرر الجمهورية الروسية الواقعة في القوقاز، لكن نادراً ما تصل مسيّراتها إلى المناطق الحضرية، وخصوصاً وسط العاصمة غروزني، حيث وقعت الحادثة الجمعة.

وندّد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، في رسالة عبر تطبيق تلغرام، بـ«هذا النوع من التصرّفات»، معتبراً أنّه «ليس أكثر من محاولة لتخويف السكان المدنيين وخلق وهم الضغط».

وأكد أنّ «الأهم بالنسبة إلينا، أنّ أحداً لم يُصب»، متهماً كييف بـ«التعويض عن ضعفها عبر تنفيذ ضربات على البنى التحتية المدنية».

ولم تؤكد السلطات المحلية ولا تلك الفيدرالية الروسية الانفجار، لكن شبكة «آر تي» الرسمية نقلت عن مصدر في أجهزة إنفاذ القانون قوله إن مسيّرة أوكرانية نفّذت الهجوم. ولم يتم الإعلان عن سقوط أي ضحايا.

وأغلقت وكالة الطيران الروسية «روسافياتسيا» مطار غروزني، في وقت سابق الجمعة، على خلفية مخاوف أمنية استمرت بضع ساعات، بحسب ما أعلنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الدخان يتصاعد من برج زجاجي، حيث تهشمت النوافذ في 5 طوابق.

ويعدّ القيام بأي عمل صحافي في الشيشان، التي تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها «دولة داخل الدولة»، أمراً شبه مستحيل نتيجة القيود التي تفرضها السلطات.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن المبنى يضم مجلس الأمن الشيشاني، ويبعد نحو 800 متر من مقر إقامة قديروف، كما يقع بجانب الفرع المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

ودعم قديروف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، وأرسل آلاف الجنود الشيشانيين للقتال فيها.