«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

لا يزال يعاني من وعكته لأسباب سياسية واقتصادية خارجة عن سيطرته

«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار
TT
20

«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

بين طقس متقلب ورغبة في بثّ طاقة إيجابية، انطلق «أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025». رغم محاولاته، فإنه جاء هزيلاً وهو يقاوم وعكة ألمّت به منذ بضعة مواسم، ولم يتعافَ منها بعد. تقلّصت أيامه إلى 4 فقط بسب عزوف بعض المصممين عن المشاركة فيه. ما زاد الطين بلة أن توقيته، ولأول مرة، جاء بعد «أسبوع نيويورك» بنحو أسبوع. فلسنوات طويلة، كان ينظَّم مباشرة بعد «أسبوع نيويورك»؛ الأمر الذي يجعل صناع الموضة ووسائل الإعلام في سباق مع الزمن، حيث يضطرون إلى التوقف عنده قبل توجههم إلى ميلانو وبعدها باريس. هذه الاستراحة الطويلة، في عُرف دورة الموضة، جعلت كثيراً منهم يفضلون عدم حضوره تماماً، وفي أحسن الأحوال، الاكتفاء بيومه الأخير، لما تتمتع به دار «بيربري»، من سمعة وقوة إعلانية.

من عرض المصمم الجورجي الأصل جورج كبيورا (إ.ب.أ)
من عرض المصمم الجورجي الأصل جورج كبيورا (إ.ب.أ)

كل هذا، يجعل «الأسبوع» كلما تقدم خطوة إلى الأمام يعود خطوتين إلى الوراء. السبب دائماً كان، ولا يزال، شح إمكاناته المادية، الذي يجعله الحلقة الأضعف. فأغلب مصمميه الشباب لا يستطيعون تقديم عروض ضخمة لتكُلفتها، كما يفتقدون أي قوة إعلانية تفرض على المؤثرين ووسائل الإعلام والمشترين حضور عروضهم. تقرير صدر مؤخراً عن شركة «ليفتي»، التي تراقب تأثير التغطيات المؤثرة على العلامات التجارية، أفاد بأن القيمة الإعلامية المكتسبة لـ«أسبوع الموضة» في لندن خلال سبتمبر (أيلول) الماضي بلغت 20.9 مليون دولار فقط، مقارنة بـ132 مليون دولار في «نيويورك»، و250 مليون دولار في «ميلانو»، و437 مليون دولار في «باريس».

صحيح أن «الأسبوع» مر بأزمات عدة وتجاوزها بنجاح بفضل موهبة شبابه وروحهم التواقة إلى التحدي، إلا إن هذه من كبرى الأزمات التي تعرض لها منذ تأسيسه وأكبر زعزعة لكيانه؛ لأن أسبابها خارجة عن إرادته وسيطرته... هي سياسية وتجارية عالمية.

من عرض علامة «إس إس دالي» للمصمم البريطاني ستيفن دالي (أ.ف.ب)
من عرض علامة «إس إس دالي» للمصمم البريطاني ستيفن دالي (أ.ف.ب)

بعض المصممين الشباب الذين كان من المتوقع مشاركتهم، مثل بريا أهلوباليا، وباتريك ماكدويل، وماركيز ألمايدا، وأنكوتا ساركا، تراجعوا عن المشاركة في آخر لحظة. منهم من فضّل تنظيم حفلات عشاء حميمة، مثل المصمم ماكدويل الذي برّر الأمر بقوله: «فضلنا الابتعاد عن الشكل التقليدي وخلق مساحة تفاعلية في المقابل، نتواصل عبرها معاً للحديث عن تجاربنا المشتركة بشكل إيجابي ومفيد».

دار «16 آرلينغتون» أيضاً ارتأت الاكتفاء بحفل عشاء، بينما اختارت جوانا باري تقديم عرضها عبر البث الرقمي، وأمثالها كُثر. فتنظيم عرض، مدته 20 دقيقة، مهما كان بسيطاً، يستنزف ميزانية ضخمة. وعدم ضمان حضور عالمي من وسائل الإعلام والمشترين من محال كبيرة، ليس مُجدياً بالنسبة إليهم.

من عرض المصمم الصيني الأصل هويشان زانغ (أ.ف.ب)
من عرض المصمم الصيني الأصل هويشان زانغ (أ.ف.ب)

باستثناء بعض الأسماء المهمة، مثل بول كوستيللو، وريتشارد كوين، و«إيرديم»، و«بيربري»، فإن عدداً من الأسماء الأخرى غيّرت استراتيجياتها أو وجهاتها، وذلك إما بتقديم عرض سنوي واحد، وإما بالتوجه إلى «باريس»، مثل فكتوريا بيكام.

ستيفن ستوكي دالي، مصمم علامة «إس إس دالي»، كان ينوي العرض في «أسبوع باريس» خلال الشهر الماضي، لكنه لم يتمكن من ذلك؛ مما جعله يُقرر المشاركة في البرنامج الرسمي لـ«أسبوع لندن» في اللحظة الأخيرة. اعترف بأن هناك بروداً يعتري لندن ينعكس على عدد الحضور وشح التغطيات؛ «فكثير من المشترين لا يأتون إلى لندن؛ مما يجعل باريس وجهة مهمة بالنسبة إلى أي مصمم». لم ينكر المصمم «جمائل» لندن على المصممين الناشئين؛ «فهي تفتح لهم الأبواب، وتحتضنهم بشكل كبير، مما يجعلهم متمسّكين بالمشاركة في (أسبوعها) رغم معرفتهم أن الأمر ميؤوس منه تجارياً».

من عرض البريطاني ريتشارد كوين (أ.ف.ب)
من عرض البريطاني ريتشارد كوين (أ.ف.ب)

وعكة عابرة أم أزمة طويلة؟

بالنسبة إلى المتحمسين، فإن ركودها وبرودها لا يعنيان أنها تحتضر، هي فقط تعاني من وعكة ستقوم منها عاجلاً أم آجلاً، بفضل حماس شبابها للتميز، وجموحهم إلى الابتكار، بجانب لهفتهم للفت الأنظار. فمن بين أهم الميزات التي يتمتع بها «أسبوع لندن» أن جنون الإبداع ليس وحده ما يطبعه. لا يختلف اثنان على أنه حاضنة ولادة للمبدعين، بدليل أن كثيراً من الأسماء التي تخرجت في معاهد العاصمة البريطانية وبدأت أولى خطواتها فيه، تسلمت مقاليد بيوت أزياء كبيرة وتألقت، مثل جون غاليانو في «ديور» سابقاً، والراحل ألكسندر ماكوين في «جيفنشي»، وستيلا ماكارتني في دار «كلوي» ومؤخراً سارة بيرتون في «جيفنشي»، وبيتر كوبينغ في «لانفان»، ولويز تروتر في «بوتيغا فينيتا»، وهاريس ريد في دار «نينا ريتشي».

هذا الأخير لم يتنكر لمعروف «لندن» عليه. قدم مساء يوم الخميس؛ أي قبل يوم من الانطلاقة الرسمية لـ«خريف وشتاء 2025»، عرضه في متحف «تيت مودرن». افتتحته الممثلة البريطانية فلورنس بوغ، بمونولوغ تتغنى فيه بـ«فن ارتداء الملابس» وهي تختال بفستان مبتكر ظهرت فيه كأنها منحوتة.

من عرض بول كوستيللو (إ.ب.أ)
من عرض بول كوستيللو (إ.ب.أ)

المخضرم بول كوستيللو استهل اليوم الثاني في المكان والزمان نفسيهما: فندق «وولدورف» وسط لندن في الساعة التاسعة صباحاً. فهو لا يحب التغيير على ما يبدو. رغم التوقيت المبكر، فإن ضيفاته لم يتأخرن، وأغلبهن من الطبقات المخملية والمؤثرات العاشقات أسلوبه الذي يتراوح بين التفصيل الكلاسيكي، والتفاصيل المبتكرة التي تظهر تارة في الأكمام، وأخرى في مزجه بين الأقمشة المتناقضة والطبعات المتضاربة. كان لافتاً أنه، رغم «نهفاته» الطريفة، قد اعتمد كلاسيكية عصرية تخاطب كل الأذواق؛ بدءاً من الخامات المترفة، والتصاميم المبتكرة، حتى الأحجام التي جرى تقليصها بشكل ملحوظ. عرضه كان من بين العروض التي تشعر فيها كأنك في «باريس» أو «ميلانو» وليس في «لندن» التي عوّدتنا أن «الجنون فنون».

من عرض البريطاني ريتشارد كوين (أ.ف.ب)
من عرض البريطاني ريتشارد كوين (أ.ف.ب)

المصمم ريتشارد كوين أيضاً لعب على «نغمة باريسية أنيقة». ترك جنون الابتكار جانباً، وكان واضحاً أنه يريد أن يخاطب بها كل نساء العالم؛ تحديداً المقتدرات منهن، بهندسيتها ورومانسيتها التي تحاكي الـ«هوت كوتور». لم ينسَ أن يقدم مجموعة خاصة بالعرائس. ففي لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» اعترف بأنه الخط الذي يبيع أكثر. أمر اكتشفه بعد تعامله «مع المرأة العربية»، وفق اعترافه.

بيد أن هذه الواقعية، التي حلّت محل الجنوح للإبداع، لم تطغَ على كل العروض.

هناك فئة من المصممين الشباب، خصوصاً المستقلين، ليس لديهم ما يخافون عليه. وبما أنهم في بداية مشوارهم، فإن ورقتهم الرابحة هي التميز والاختلاف. لم يتأخروا وقدموا تشكيلات؛ إما بلمسات من الـ«بانك»، وإما بثقافة الشارع أو تستقي من التاريخ لوحات رسموها بطرافة.

تأسيس مستقبل مستدام

أما الذين يدعمهم «مجلس الموضة البريطاني»، وهو الجهة المنظمة لـ«الأسبوع»، ضمن برامج «نيوجين» و«فاشن إيست» مثلاً، فتعيّن عليهم الالتزام بمتطلبات الاستدامة. وتُبذل مساعٍ لتوسيع هذه السياسة تدريجياً لتشمل جميع العلامات التجارية التي تعرض منتجاتها في لندن.

من عرض البريطاني ريتشارد كوين (رويترز)
من عرض البريطاني ريتشارد كوين (رويترز)

كما أعلن «مجلس الأزياء البريطاني»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أنه سيحظر استخدام جلود الحيوانات الغريبة، مثل التمساح والثعبان، في نسخة «خريف وشتاء 2025». ومع ذلك، فإن هذا الإعلان رمزي بحت؛ إذ لا تستخدم أي علامة تجارية تشارك في «أسبوع لندن» هذه الجلود؛ نظراً إلى غلائها.

كارولاين راش، الرئيسة التنفيذية لـ«المجلس» لأكثر من عقد من الزمن بسنوات، اعترفت بأن الموضة البريطانية تمر حالياً بـ«فترة صعبة ومليئة بالتحديات». ثم استطردت قائلة: «ومع ذلك، فأنا أومن بأن الإبداع يزيد ويزدهر في الأوقات الصعبة؛ لأن مصممينا يتمتعون بقدرة هائلة على التكيف».

يُذكر أن هذا آخر موسم لكارولاين راش بصفتها رئيسة تنفيذية. ستُسلم المشعل إلى لورا وير ابتداء من الموسم المقبل. كل الآمال معقودة على هذه الأخيرة لتقود السفينة إلى بر الأمان.


مقالات ذات صلة

بالذكرى العشرين لزواجها... الملكة البريطانية تعيد ارتداء فستان زفافها

يوميات الشرق الملك تشارلز وزوجته كاميلا يتجولان في روما (أ.ب)

بالذكرى العشرين لزواجها... الملكة البريطانية تعيد ارتداء فستان زفافها

وصلت الملكة البريطانية كاميلا إلى البرلمان الإيطالي مرتدية فستان زفافها الذي أقيم عام 2005، حيث احتفلت هي والملك تشارلز بالذكرى العشرين لزواجهما في روما.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق دعوة لإعادة تخيُّل البامبو بطرق جريئة وغير متوقَّعة (غوتشي)

البامبو ودار «غوتشي»... تداخُل مُلهم بين الثقافة والتصميم

يستلهم «لقاءات البامبو» فكرته من نهج «غوتشي» المبتكر في الحِرف منذ منتصف حقبة الأربعينات، عندما استخدمت الدار، البامبو، في صناعة أيدي الحقائب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة من جناح «IWC» في المعرض (ووتشرز آند ووندرز)

معرض «ساعات وعجائب 2025» يعيد عقارب الساعات إلى «الزمن» الجميل

الأزمات المتتالية علّمت صناع الترف أنه عندما يُغلق باب تُفتح منافذ جديدة، وهذا وجدوه في الشرق الأوسط؛ سوق منتعشة اقتصادياً، وزبائنها من الشباب تحديداً.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة كان الفرو الخامة الرئيسية في تشكيلة اختار لها المصمم منتجعات شتوية فخمة (إيلي صعب)

إيلي صعب يُغير اتجاهه لا أولوياته

جرأة إيلي صعب في هذه التشكيلة تتمثل في تخفيفه من رومانسيته التي كانت ولا تزال ورقته الرابحة، وتوجهه إلى شابة تتمتع بروح رياضية عالية

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة كارولين شيفوليه في مشغلها (شوبارد)

الفيل الأفريقي يُلهم مجموعة «شوبارد» الأخيرة

«القدرة على تتبع المنشأ أكثر من مجرد تقدم تقني، إنها تشكّل إنجازاً على الصعيد الأخلاقي» حسب رأي كارولين شوفوليه.

«الشرق الأوسط» (لندن)

معرض «ساعات وعجائب 2025» يعيد عقارب الساعات إلى «الزمن» الجميل

لقطة من جناح «IWC» في المعرض (ووتشرز آند ووندرز)
لقطة من جناح «IWC» في المعرض (ووتشرز آند ووندرز)
TT
20

معرض «ساعات وعجائب 2025» يعيد عقارب الساعات إلى «الزمن» الجميل

لقطة من جناح «IWC» في المعرض (ووتشرز آند ووندرز)
لقطة من جناح «IWC» في المعرض (ووتشرز آند ووندرز)

«ساعات مُستوحاة من الزمن الذهبي ولا تلتزم بقيوده»... جُملة تُلخّص توجه صناع الساعات الفاخرة في معرض «ساعات وعجائب» لعام 2025. أغلبهم أعادوا صياغة أيقونات قديمة وكأنهم يتبركون بسحرها وما حققته من نجاحات، لكن بلغة شبابية واضحة.

هذا التوجه ليس جديداً أو غريباً في عالم المال والجمال عموماً، يظهر دائماً في أوقات الأزمات الاقتصادية؛ لما تتطلبه من حذر ولعب على المضمون. فالمعرض الذي تحتضنه جنيف السويسرية سنوياً، انطلق في أجواء غير عادية هذه المرة في العالم؛ إذ كل ما فيه يدعو للقلق، من فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية زلزلت صناع الترف، كما المستهلكين والمستثمرين، وتباطؤ نمو أسواق كانت الآمال معقودة عليها قبل جائحة «كورونا» مثل الصين.

افتتاح المعرض السنوي «ساعات وعجائب» لعام 2025 (ساعات وعجائب)
افتتاح المعرض السنوي «ساعات وعجائب» لعام 2025 (ساعات وعجائب)

وفقاً لاتحاد صناعة الساعات السويسرية، فإن صادرات الساعات السويسرية تراجعت في العام الماضي بنسبة تقارب 10 في المائة، لتصل إلى أدنى مستوياتها تاريخياً، في حين انخفضت الإيرادات بنسبة 2.8 في المائة. ورغم أن السوق مستقرة إلى حد ما، فإن هذا لا يعني أنها تبشّر بالخير.

لحسن الحظ أن الإصدارات التي استُعرضت في المعرض تؤكد أن الحذر يقتصر على الاستراتيجيات التسويقية والترويجية. فيما يتعلق بالجانب الإبداعي، فماكينته لم تتوقف أو تضعف، بدليل أن المنافسة محتدمة بين الكل لطرح ابتكارات قد تؤهلهم للحصول على براءات اختراع.

كما تنافس صناع الساعات على حصصهم السوقية تنافسوا على الدقة والابتكار (آي دبليو سي شافهاوزن)
كما تنافس صناع الساعات على حصصهم السوقية تنافسوا على الدقة والابتكار (آي دبليو سي شافهاوزن)

ثم إن الأزمات المتتالية علّمتهم أنه عندما يُغلق باب لا بد أن تُفتح منافذ جديدة، وهذا وجدوه في الشرق الأوسط؛ سوق منتعشة اقتصادياً، وزبائنها من الشباب تحديداً يقدرون كل ما هو فريد، ويمكنهم الاستمتاع به والاستثمار فيه في آنٍ واحد. لهذا كان من الطبيعي أن تدور المنافسة حالياً على استقطاب شريحة الشباب، من كل أنحاء العالم، بابتكار ساعات تلمس القلب والعقل، بعد أن انتبهوا أن هذا الزبون متطلب بقدر ما هو حذر؛ أي إنه يميل إلى ساعات بوظائف وتعقيدات سابقة لأوانها. انتبهوا أيضاً إلى أنه في وقت الأزمات الاقتصادية يثق أكثر في العلامات التجارية التي يرى أن «ثمنها فيها»، مثل ساعات «روليكس» و«باتيك فيليب» و«كارتييه» وما شابهها من أسماء سويسرية. واحد من التحديات بالنسبة لهم تكسير هذه القناعات وإقناع هذا الزبون بإصدارات كلاسيكية تفوح منها روح المعاصرة.

دار «كارتييه» عادت إلى ساعتها الأيقونية «تانك» لتوجهها لفئة شبابية جديدة (كارتييه)
دار «كارتييه» عادت إلى ساعتها الأيقونية «تانك» لتوجهها لفئة شبابية جديدة (كارتييه)

العديد منهم اعتمدوا على تصاميم مجربة ولها تاريخ لا يزال يدغدغ الخيال. استخرجوا من أرشيفهم جواهر من الزمن الجميل، وأعادوا صياغتها بلغة العصر. طوروا وظائفها، ولعبوا على المعادن النفيسة والألوان التي تبث السعادة في النفس، وحتى إضافة أحجار كريمة، من دون المساس بكلاسيكيتها. فما يبدو كلاسيكياً الآن كان في عصره ثورياً وجريئاً يعكس الحقب الزمنية التي وُلد فيها. «بياجيه» مثلاً عادت إلى الستينات من خلال ساعتها «سيكستي»، وهي حقبة شهدت عدة تغيرات اجتماعية؛ تحررت فيها المرأة من الكثير من القيود، وظهرت فيها حركة شبابية مثيرة تجلت في الكثير من مناحي الحياة، بما فيها فن «البوب آرت»، كما تغير فيها وجه الموضة على يد أمثال إيف سان لوران وماري كوانت وغيرهما. مثل «بياجيه» عادت «كارتييه» إلى «تانك» الساعة المفضلة لدى النجوم والعائلات المالكة، وهلم جرا من أمثال:

«SIXTIE» من «بياجيه»

«SIXTIE» من «بياجيه»
«SIXTIE» من «بياجيه»

وُلدت في 1969 الذي كان عاماً مهماً في تاريخ الدار؛ رسمت فيه حدوداً غير مسبوقة بين صناعة الساعات والمجوهرات، متأثرة بالحركات الشبابية التي ظهرت في تلك الحقبة وتمردهم على كل ما هو تقليدي، فضلاً عن تأثير فنّ «البوب». نسخة هذا العام جاءت بنفس الجرأة التي تصورها مصممها الأول جان-كلود غيت في أواخر الستّينات من القرن الماضي، بدءاً من سوارها العريض وحلقاته المنحرفة والمتداخلة، وساعات «سوتوار» المتدلّية ذات الأشكال المنحرفة وباقي التفاصيل، بدءاً من أضلاعها المنحوتة برقّة على الإطار، ومؤشراتها الذهبية وعقاربها التي هي على شكل أسهم فتنصهر مع الأرقام الرومانية.

«TORIC QUANTIÈME PERPÉTUEL» من «بارميجياني فلورييه»

«TORIC QUANTIÈME PERPÉTUEL» من «بارميجياني فلورييه»
«TORIC QUANTIÈME PERPÉTUEL» من «بارميجياني فلورييه»

تم طرحها في نسختين: الأولى مصنوعة من الذهب الوردي عيار 18 قيراطاً، والثانية من البلاتين، بكمية محدودة لا تتجاوز 50 قطعة لكل منهما. شجع نجاحها في عام 2024 على تطويرها، معتمدة على واحد من أبرز التعقيدات الكلاسيكية في عالم صناعة الساعات الراقية، وهو التقويم الدائم (Quantième Perpétuel). فمنذ البداية أظهر ميشيل بارميجياني شغفاً بالتقاويم، بوصفها لغة شاعرية تتحكم في الزمن وتحاكي أبعاده الرمزية والوجدانية؛ لهذا لم يكن غريباً أن توظف الدار هذا الشغف وتُقدّم تجربة بصرية تتّسم بالنقاء وإحساس عاطفي بالزمن.

أما وجهها ذو التصميم المحوري (coaxial) فيتيح بدوره عرضاً هندسياً دقيقاً للعناصر الزمنية، لا يؤثر على نقاء الميناء وبساطة الخطوط، وهو ما يُعد إنجازاً بحد ذاته. فغالباً ما تكون واجهة ساعة اليد المزوّدة بآلية التقويم، سواء كان الغريغوري أو الصيني أو الهجري، مزدحمةً بالمعلومات المرتبطة بهذه الوظيفة الزمنية المتقدمة. لكن الدار خلقت توازناً بين الجانب الجمالي، والبُعد التقني المعقّد بشكل مريح للعين.

ساعة «إنجنيور أوتوماتيك 35» من «آي دبليو سي شافهاوزن»

ساعة «إنجنيور أوتوماتيك 35» من «آي دبليو سي شافهاوزن»
ساعة «إنجنيور أوتوماتيك 35» من «آي دبليو سي شافهاوزن»

شهد عام 2023 إطلاق أول نسخة من «إنجنيور أوتوماتيك 40»؛ التحفة الرياضية بسوار مدمج مستوحى من التصميم الأيقوني لساعة «إنجنيور إس إل» التي أبدعها جيرالد جنتا في سبعينات القرن الماضي. هذا العام تضيف الدار السويسرية ساعة «إنجنيور أوتوماتيك 35» بسمك لا يتجاوز 9.44 ملم، ومع ذلك تحافظ على كل السمات التصميمية الأصيلة لساعات «إنجنيور»، بدءاً من الإطار المرصع بـ5 من البراغي الوظيفية، والسوار المثبت بحلقاته الوسطى، إلى الميناء «الشبكي» بمؤشراته البارزة المثبتة يدوياً والمطبوعة بمادة «Super-LumiNova» وخطوطه المربعة. تم تجهيز جميع إصدارات ساعة «إنجنيور أوتوماتيك 35» الثلاثة بظهر شفاف يكشف عن العيار «47110» ذي التعبئة الأوتوماتيكية ومخزون الطاقة الذي يمتد حتى 42 ساعة.

«Alpine Eagle Flying Tourbillon» من «شوبارد»

«Alpine Eagle Flying Tourbillon» من «شوبارد»
«Alpine Eagle Flying Tourbillon» من «شوبارد»

ساعة رياضية تنضم إلى مجموعة «ألباين إيغل» حازت لحد الآن على شهادتَي امتياز، ليكون معمل «شوبارد» الوحيد الذي تحمل ساعات التوربيون المحلّق لديه شهادة «الكرونومتر» و«دمغة جنيف للجودة». استُوحيت مجموعة «Alpine Eagle» من موديل إحدى ساعات «شوبارد» التاريخية التي أعيدت صياغتها على يد ثلاثة أجيال لتصل إلى تعقيد التوربيون المُحلّق، حيث ابتكار أول عيار في عام 1997 لا تتعدى سماكته 3.30 ملم، مما أتاح تحسين حجم هذه الساعة. فالعلبة مثلاً لا تتعدى سماكتها 8 ملم، مقارنة بغيرها من النماذج السابقة. مثل باقي ساعات مجموعة «Alpine Eagle» تضم آلية «flyback» الارتجاعية، لكن بسمك لا يتعدى 3.30 ملم، وعلبة قطرها 41 ملم مع سوار مدمج فيها، وقد صُنعت الساعة بالكامل ضمن ورشات الدار من معدن «لوسنت ستيل TM» باعتباره سبيكة معدنية استثنائية حصرية لـ«شوبارد»، فائقة المقاومة وقابلة للتدوير.

ساعة «Big Crown Pointer Date» من «أوريس»

ساعة «Big Crown Pointer Date» من «أوريس»
ساعة «Big Crown Pointer Date» من «أوريس»

طُرحت أول مرة في عام 1938 خصيصاً للطيارين؛ إذ تم تزويدها بمستويات عالية من الدقة والمتانة مع سهولة الاستخدام، وهو ما تمثّل في تاج كبير الحجم يسهل التحكم به عند ارتداء القفازات، وأرقام عربية واضحة عند مواضع الساعة 12 و3 و9، ونافذة مخصصة لعرض التاريخ. في عام 2025، وبعد 90 عاماً، أعيد طرحها بسوارٍ معدني وتوليفة من الألوان الحيوية بمقاسات علب متنوعة وحركة أوتوماتيكية. عُلبتها بقطر 40 ملم مثلاً تأتي باللون الترابي الدافئ والأخضر، وهي مزودة بحركية كاليبر أوريس 403، ومؤشر صغير للثواني عند موضع الساعة 6، في حين تتميز الساعة بقطر 34 ملم باللون البيج أو الأسود، ومرصعة بـ12 ألماسة. من الناحية التقنية، تضم أكثر من 30 عنصراً مقاوماً للتأثيرات المغناطيسية، واحتياطي طاقة لمدة 5 أيام يضمن استمرار عمل الساعة حتى بعد مرور فترة على عدم ارتدائها.

«Arceau Le temps suspendu» من «هيرميس»

«Arceau Le temps suspendu» من «هيرميس»
«Arceau Le temps suspendu» من «هيرميس»

في هذه الساعة عادت الدار الفرنسية إلى مجموعة «آرسو لو تون سيسبوندي» التي أصدرتها أول مرة في عام 2011. لعبت على أسطح ثنائيّة الأبعاد تختبئ عقاربها في بروش يمكن أن يُزيّن سترة رجل أنيق، أو قلادة تزيّن عنق امرأة. الجديد في إصدار عام 2025 هيكله البالغ قطره 39 ملم من الذهب الأبيض أو الذهب الوردي، والذي يترافق مع ثلاثة ألوان تُبرز جمال الطبيعة وتنوعها من خلال تدرج زمني يبدأ من شروق الشمس إلى غروبها، فضلاً عن خطوطها الحادّة وهندستها الجريئة. مؤشر التشغيل الذي يدور بعكس اتجاه السّاعة يضيف بدوره لمسة منعشة من المرح والأناقة، لا سيما في ساعة المعصم المرصعة بأحجار الألماس والتورمالين.

«The Excalibur Biretrograde Calendar» من «روجيه ديبوي»

«إكسكاليبر بايرتروجراد كاليندر» من «روجيه ديبوي»
«إكسكاليبر بايرتروجراد كاليندر» من «روجيه ديبوي»

على غرار الساعة التي طرحتها «روجيه ديبوي» في عام 1996، ينفرد هذا الإصدار بتقنية تراجعية مزدوجة تشتهر بها الدار منذ 1995. هذا العام 2025 جاء بمثابة احتفال بمرور ثلاثين عاماً على بدايتها. ويجسد تصميمها اتصالاً وثيقاً بين الماضي والحاضر. من أهم سمات الساعة قطرها البالغ 40 ملم، باحتياطي طاقة يبلغ 60 ساعة، ويمكن رؤية وزنها المُتأرجح عبر الجزء الخلفي المصنوع من كريستال السافير، بهيكل من الذهب الوردي يزدان بميناء من عرق اللؤلؤ الأبيض. وتجدر الإشارة إلى أن «روجيه ديبوي» من أوائل صانعي الساعات الذين أدخلوا الذهب الوردي وعرق اللؤلؤ في الساعات الرجالية في مطلع الألفية، ليُصبح هذان العنصران جزءاً لا يتجزأ من هوية الدار.