السودان: «سلطة موازية» في مناطق «الدعم السريع» خلال أيام

زعيم «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية - الشرق الأوسط)
زعيم «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT
20

السودان: «سلطة موازية» في مناطق «الدعم السريع» خلال أيام

زعيم «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية - الشرق الأوسط)
زعيم «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية - الشرق الأوسط)

تترقب الساحة السودانية في الساعات المقبلة الإعلان عن سلطة سياسية في مناطق «قوات الدعم السريع» تكون موازية للحكومة التي يقودها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وتعمل من مدينة بورتسودان.

بعد أشهر من المحادثات المكثفة، والتجاذبات والخلافات، اتفقت قوى سياسية وحركات مسلحة بمشاركة «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي» على توقيع وثيقة الميثاق السياسي، يوم الثلاثاء، بالعاصمة الكينية نيروبي، بما يؤسس للسلطة الموازية، ومرحلة جديدة في البلاد.

وقالت مصادر قيادية في «الدعم السريع» لــ«الشرق الأوسط»، إن الرجل الثاني في القيادة عبد الرحيم دقلو (شقيق حميدتي)، سيحضر مراسم توقيع الميثاق السياسي، إلى جانب رئيس وفد التفاوض عمر حمدان، وقيادات أخرى.

وتوقعت «الإعلان رسمياً عن تشكيل الحكومة (الموازية) في غضون أسبوع أو أكثر، بعد التوقيع على الميثاق، غداة انتهاء اللجان المشكلة من الأطراف المعنية من الاتفاق على اختيار الوزراء والمسؤولين في مستويات الحكم الثلاثة».

وحسب المصادر نفسها، يشارك في مراسيم التوقيع «أكثر من 500 شخص يمثلون الطيف السياسي والمجتمعي والقوى المدنية والمسلحة، من بينهم 50 من زعماء وقيادات الإدارات الأهلية في دارفور وكردفان ووسط البلاد».

وينص «الإطار الدستوري» للحكومة على أن تتألف من 3 مستويات حكم: مجلس السيادة، ومجلس وزراء يمثل السلطة التنفيذية، وبرلمان يمثل سلطة الشعب في الرقابة.

مشهد من معارك جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
مشهد من معارك جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

وأطلقت المجموعات التي أعلنت مشاركتها في الإطار الموازي الجديد على نفسها مسمى «تحالف السودان التأسيسي»، لتكوين «حكومة السلام والوحدة»، ومن شأن هذا الإعلان السياسي أن يحدد الملامح العامة للسلطة، التي من المقرر إعلانها من الخرطوم، وفقاً لتصريحات سابقة من المشاركين.

وضم التحالف الذي كان جزءاً من «تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية» (تقدم سابقاً)، قبل فك الارتباط بالمجموعة الرافضة للحكومة، «حركة العدل والمساواة»، جناح سليمان صندل، «تجمع قوى تحرير السودان»، بقيادة الطاهر حجر، بالإضافة إلى «حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي»، بزعامة الهادي إدريس، و«قوات الدعم السريع»، وعدد من القوى السياسية والمدنية وزعماء الإدارات المدنية.

وقبل أشهر، نشبت خلافات داخل «تنسيقية تقدم»، وخرجت إلى العلن، بعدما تبنت فصائل مسلحة وقوى سياسية موقفاً واضحاً بتشكيل حكومة موازية في المناطق التي تخضع لسيطرة «الدعم السريع».

حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» خلال أحد الاجتماعات في لندن أكتوبر الماضي (فيسبوك)
حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» خلال أحد الاجتماعات في لندن أكتوبر الماضي (فيسبوك)

وحسب إفادات أنصار هذه الحكومة الموازية، فإن مهامها «تقديم الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم واستخراج الأوراق الثبوتية، وتنظيم التجارة العابرة للحدود، وحماية المدنيين في مناطق سيطرة (قوات الدعم السريع)، لنزع الشرعية من الحكومة المدعومة من الجيش».

وتؤيد الخطوة المنتظرة شخصيات سياسية شغلت مناصب في فترة الحكومة الانتقالية التي أنهاها الجيش، أبرزها وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري، وأعضاء من مجلس النواب السابق، وهم الهادي إدريس ومحمد حسن التعايشي والطاهر حجر، إلى جانب رئيس «حزب الأمة القومي» فضل الله برمة ناصر.

البرهان وحميدتي يحضران حفل تخريج عسكري للقوات الخاصة في الخرطوم 22 سبتمبر 2021 (أرشيفية - غيتي)
البرهان وحميدتي يحضران حفل تخريج عسكري للقوات الخاصة في الخرطوم 22 سبتمبر 2021 (أرشيفية - غيتي)

وتوصلت القوى المشاركة في الحكومة الموازية إلى اتفاق كامل على الميثاق السياسي التأسيسي، والدستور الحاكم للنظام السياسي الجديد في البلاد.

وتنتظر الكيان الموازي تحديات مهمة أكبرها هو الحصول على اعتراف من الدول والحكومات، إضافة إلى مخاوف من أن تؤدي تقسيم البلاد.

وتسيطر «الدعم السريع» على معظم المناطق في إقليم دارفور، غرب السودان، وعلى مساحات واسعة من ولاية كردفان، لكنها فقدت في الأشهر الماضية ولاية الجزيرة وسط البلاد ومناطق أخرى في مدن العاصمة الخرطوم، حيث لا تزال تدور اشتباكات بين الطرفين.


مقالات ذات صلة

الموت جوعاً يهدد أكثر من 700 ألف نازح في دارفور

شمال افريقيا نازحون من مدينة الفاشر المحاصرة (أرشيفية - الشرق الأوسط)

الموت جوعاً يهدد أكثر من 700 ألف نازح في دارفور

يواجه أكثر من 700 ألف نازح في معسكر أبو شوك للنازحين قرب الفاشر أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد، بسبب القصف المستمر الذي يتعرض له من «قوات الدعم السريع».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون من غرب دارفور بالسودان في مستشفى أدري بتشاد 16 يونيو 2023 (رويترز)

مقتل 15 في قصف لـ«الدعم السريع» على مدينة الفاشر بدارفور

قُتل 15 شخصاً على الأقل في قصف لـ«قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر في إقليم دارفور، بحسب ما أفاد مصدر طبي الخميس.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: «الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة أم كدادة

أعلنت «الدعم السريع» سيطرتها على منطقة أم كدادة الواقعة على بعد 187 كيلومتراً، جنوب شرقي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، غرب السودان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا جنود سودانيون قرب مركبة عسكرية مدمرة في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

«الصليب الأحمر»: لا يجوز أن يدير المجتمع الدولي ظهره للسودان

عرضت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقرير المآسي التي يمر بها السودان جراء النزاع بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا دبابة مدمرة في أحد شوارع الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

السودان ينفي رسمياً إرسال مبعوث رئاسي لإسرائيل

نفت الحكومة السودانية إرسال «أي مبعوث» إلى إسرائيل للحصول على دعم تسليحي ودبلوماسي.

أحمد يونس (كمبالا)

تحركات عربية لدفع خطة إعمار غزة

دخان تصاعد في وقت سابق من غارات إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان تصاعد في وقت سابق من غارات إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

تحركات عربية لدفع خطة إعمار غزة

دخان تصاعد في وقت سابق من غارات إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان تصاعد في وقت سابق من غارات إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

بعد 3 أيام من معاودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الحديث عن خطته لتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على قطاع غزة، بدا أن القاهرة والشركاء العرب يبذلون جهوداً مكثفة من أجل وقف إطلاق النار، والعمل على إحياء خطة إعادة الإعمار المصرية - العربية في مواجهة مقترحات «التهجير».

وجدد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الجمعة، رفض بلاده القاطع لأي محاولة لتعديل الواقع الديموغرافي لغزة، من خلال مقترحات التهجير وإعادة توطين الشعب الفلسطيني خارج الأراضي الفلسطينية.

وأكد عبد العاطي خلال مشاركته في اجتماع «اللجنة العربية - الإسلامية» حول غزة، على هامش «منتدى أنطاليا» الدبلوماسي في تركيا، أن «التصرفات الإسرائيلية تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وتقوض جهود السلام وتهدد السلم والأمن الإقليمي»، وذلك بحسب بيان لـ«الخارجية المصرية».

ولفت إلى ضرورة الانتقال للمرحلة الثانية لاتفاق الهدنة السابق، بما يساهم في إطلاق سراح الرهائن والأسرى، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، مشدداً على أن بلاده تواصل المفاوضات بين طرفي النزاع، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، لاستئناف اتفاق وقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية.

ونوه إلى ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية في إطار الخطة العربية لإعمار غزة، مؤكداً دور مصر والأردن في تدريب عناصر الشرطة الفلسطينية تمهيداً لنشرهم في قطاع غزة، وقد حرص وزراء الخارجية العرب في الاجتماع على تأكيد الدعم لخطة التعافي المبكر وإعادة الإعمار ومؤتمر إعادة الإعمار المقرر عقده بمصر.

اجتماع «اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية» حول غزة (الخارجية المصرية)
اجتماع «اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية» حول غزة (الخارجية المصرية)

كما أكد وزير الخارجية المصري، الجمعة، ضرورة العمل على خلق الأفق السياسي اللازم لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وكانت قمة عربية طارئة عقدت في القاهرة 4 مارس (آذار) الماضي، أكدت الرفض القاطع لخطة تهجير الفلسطينيين، واعتمدت خطة إعادة الإعمار التي أعدتها مصر لقطاع غزة مع التأكيد على بقاء أهلها على أرضهم والعمل على إقامة الدولة الفلسطينية، لكن واشنطن أكدت وقتها أن تلك الخطة لا تلبي تطلعات ترمب، لكنها أشارت إلى انفتاح الرئيس الأميركي على أي حلول يتوصل لها القادة العرب لتحقيق الأمن والاستقرار الدائم بالمنطقة.

والاثنين الماضي، عقب اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، صرح ترمب للصحافيين قائلاً: «سنقوم بتسمية غزة منطقة الحرية بعد نقل السكان منها، وذلك في إطار خططنا لتوفير حلول جديدة للنزاع».

ومثّل هذا التصريح من ترمب حينها عودة لخطته التي طرحها قبل أشهر، وتتضمن نقل سكان غزة إلى دول أخرى منها مصر والأردن اللذين رفضا المقترح بشدة وتضامنت معهما الدول العربية في الرفض، مما دفع ترمب للتصريح تارة بأنه غير متمسك بخطته للتهجير، وتارة أخرى يؤكد أنه لن يتم طرد الفلسطينيين من أرضهم فيما تم وصفه سابقاً بأنه تراجع عن مقترحه.

لكن المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف مصر واضح؛ نرفض بشكل كامل أي تهجير للفلسطينيين من أرضهم، والموقف الجماعي العربي بالقمة العربية الأخيرة بالقاهرة كان حازماً في الرفض القاطع لأي شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطيني».

وزار الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء الماضي، مدينة العريش المصرية في شمال جزيرة سيناء، القريبة من معبر رفح، وذلك للدعوة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل، وتزامن ذلك مع احتشاد آلاف المصريين قرب معبر رفح الحدودي مع غزة لتأكيد دعمهم لموقف الإدارة المصرية الرافض للتهجير والمطالب بإدخال المساعدات وإعادة إعمار القطاع.

مصريون خلال احتشادهم أمام معبر رفح الثلاثاء الماضي رفضاً لـ«التهجير» (الشرق الأوسط)
مصريون خلال احتشادهم أمام معبر رفح الثلاثاء الماضي رفضاً لـ«التهجير» (الشرق الأوسط)

وكان السيسي وماكرون ومعهما ملك الأردن عبد الله الثاني، أجروا خلال قمة ثلاثية جمعتهم بالقاهرة، الاثنين، اتصالاً هاتفياً مشتركاً مع الرئيس الأميركي وناقشوا معه «سبل ضمان وقف إطلاق النار بشكل عاجل في قطاع غزة»، بحسب بيان للرئاسة المصرية.

وأكد الزعماء الثلاثة لترمب «ضرورة استئناف الوصول الكامل لتقديم المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين على الفور»، كما شددوا على «أهمية تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق أفق سياسي حقيقي وتعبئة الجهود الدولية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، واستعادة الأمن والسلام للجميع، وتنفيذ حل الدولتين».

عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف المصري واضح وثابت، وهو رفض تهجير الفلسطينيين ورفض تصفية القضية الفلسطينية، والقاهرة أبلغت الإدارة الأميركية بهذا الموقف مرات عديدة، وعلى واشنطن أن تراعي أن الإصرار على مخطط التهجير يهدد أمن المنطقة، كما أنه يعد مخالفة صريحة من إسرائيل لمعاهدة السلام مع مصر التي وقعت برعاية أميركية».