الفائزون بجوائز «بافتا»... دليل الجمهور إلى أفضل أفلام السنة

«كونكليف» و«ذا بروتاليست» يستحوذان على حصة الأسد... وأفلامٌ أخرى تحقق مفاجآت

«كونكليف» و«ذا بروتاليست» في صدارة الأفلام الفائزة بجوائز «بافتا» البريطانية
«كونكليف» و«ذا بروتاليست» في صدارة الأفلام الفائزة بجوائز «بافتا» البريطانية
TT

الفائزون بجوائز «بافتا»... دليل الجمهور إلى أفضل أفلام السنة

«كونكليف» و«ذا بروتاليست» في صدارة الأفلام الفائزة بجوائز «بافتا» البريطانية
«كونكليف» و«ذا بروتاليست» في صدارة الأفلام الفائزة بجوائز «بافتا» البريطانية

نادراً ما تضرب احتفاليّة الـ«بافتا» موعداً مع البهرجة، أو مع الخطابات الرنّانة أو المواقف الخارجة عن المألوف، أكان على المسرح أم على السجّادة الحمراء. إذ تصبّ جوائز الأكاديمية البريطانية للفنون السينمائية والتلفزيونية تركيزها على محتوى المادة السينمائية، والتي تشكّل مؤشِراً إلى جوائز الأوسكار.

قبل أسبوعَين من الحدث السينمائي العالمي الأبرز والذي تستضيفه هوليوود في 2 مارس (آذار)، اختارت بريطانيا أعمالها السينمائية المفضّلة. خاض 42 فيلماً المنافسة، ليخرج اثنان منها متوّجَين بـ4 جوائز لكلٍ منهما. منحت الأكاديمية إجماعها لـ«كونكليف» (المجمع المقدَّس) ولـ«ذا بروتاليست» (الوحشي)، والاثنان من العيار السينمائي الثقيل.

فريق فيلم «كونكليف» الفائز الأكبر في احتفالية «بافتا» السينمائية (رويترز)

كونكليف... داخل دهاليز الفاتيكان

في لفتةٍ خاصة إلى السينما البريطانية، حصد «كونكليف» جائزتَي أفضل فيلم وأفضل فيلم بريطاني، إلى جانب «بافتا» أفضل مونتاج وسيناريو مقتبس. ولدى تسلّمه الجائزة محاطاً بفريقه، تحدّث المخرج إدوارد بيرجر عن «المؤسسات التي من المفترض أن تجمع بين الناس إلا أنها تفرّقهم». وفي هذه الكلمة لمحةٌ مختصرة جداً عمَّا ينتظر مشاهدي «كونكليف»، من جرأةٍ في التعامل مع أحد أكثر المواضيع حساسيةً وغموضاً.

تدخل عدسة بيرجر إلى دهاليز الفاتيكان لتصوّر لحظةً تاريخية تغيب عنها الكاميرات في العادة. يقف الكاردينال لورنس على مفترق طرقٍ قد يأخذه إلى البابويّة، بعد الوفاة المفاجئة لرأس الكنيسة الكاثوليكية. يكتشف لورنس أن الاستحقاق الكنسيّ ليس بالبساطة التي كان يظنّها. يقول في مشهدٍ لأحد زملائه الكرادلة: «إنه مجمع مقدّس، وليس حرباً»، ليجيبه الآخر: «بلى، إنها حرب».

ليس لورنس المرشّح الوحيد إلى منصب بابا روما، فحوله منافسون يحمل كلٌ منهم طموحاً ومخططاً مختلفاً. وفيما تجول الكاميرا بين ردهات الفاتيكان الرخاميّة المبهرة والأشبه بالأنفاق المسكونة بالأسرار، يتأرجح لورنس بين الإيمان والشكّ. يُضاف إلى قلقه الروحيّ، انطباعٌ بأنّ مؤامرةً ينخرها الفساد تدور في أروقة المجمع المقدّس، وقد يكون بعض الكرادلة المرشّحين متورطين فيها.

يقدّم الممثل رالف فاينز أحد أفضل أدواره بشخصية الكاردينال لورنس، موظّفاً كل ما منحته الموهبة والخبرة من تعابير جسمانية ليترجم صراع لورنس الداخلي.

الممثل رالف فاينز بشخصية الكاردينال لورنس (إنستغرام)

يبلغ الفيلم إحدى ذرواته في مشهد الاقتراع لاختيار بابا الفاتيكان المقبل، مع العلم بأن معظم التصوير جرى في استوديوهات ضخمة في إيطاليا، إضافةً إلى مجموعة من قصور روما التاريخية.

لطالما شكَّلت أسرار الفاتيكان مادة سينمائية مُغرية، وقد أثبتت ذلك أفلام مثل Habemus Papam (لدينا بابا) وThe Two Popes (الباباوان). إلا أنّ «كونكليف» هو علامةٌ فارقة، أبدعت فيه عدسة بيرجر محوِّلة المَشاهد إلى لوحات، وفريق الممثلين إلى «أوركسترا»، وفق وصف المخرج خلال ليلة «البافتا».

جرى تصوير فيلم «كونكليف» بين استوديوهات خاصة وقصور تاريخية في روما (أ.ب)

ذا بروتاليست... 200 دقيقة إبداع

الفيلم الذي وازى «كونكليف» أهميةً في ليلة الـ«بافتا» هو «ذا بروتاليست». فاز العمل ذو الإنتاج الأميركي والبريطاني والمجري المشترك، بـ4 جوائز هي: أفضل إخراج لبرادي كوربيت، وأفضل ممثل لأدريان برودي، وأفضل تصوير سينمائي، وأفضل موسيقى تصويرية.

تمتدُّ هذه الدراما التاريخية على مدى 3 ثلاث ساعات و20 دقيقة، من دون أن تصيب المُشاهد بالملل. تدور الأحداث بعد سنوات قليلة من نهاية الحرب العالمية الثانية، وتعالج قضية الهجرة الأوروبية إلى الولايات المتحدة الأميركية.

في قلب الحكاية «لازلو توث»، المهندس المجري اليهودي الذي نجا من الإبادة النازية، ولم يجد طريقاً سوى «الحلم الأميركي». لكن على الأرض الموعودة، ليست الأحلام ورديةً كما في الخيال. يواجه لازلو كل أنواع التناقضات. هو اللاجئ الفقير إنما الموهوب والذي عليه أن يثبت نفسه وسط بيئةٍ غير صديقة بالضرورة.

رغم الوحدة والتشرّد والإدمان، يعيد لازلو بناء نفسه بقوّة الطموح. إلا أنّ ذلك لا يحصل من دون رعاية أحد الأثرياء الأميركيين، الذي يلمس فنَّ لازلو في الهندسة المعمارية، لكنه يتعامل معه بعنف وفوقيّة وعنصريّة وغيرة.

الممثل الأميركي أدريان برودي فائز بـ«بافتا» أفضل ممثل عن «ذا بروتاليست» (رويترز)

متخطياً إبداعه في The Pianist (عازف البيانو) والذي فاز عنه بأوسكار عام 2003، يقدّم أدريان برودي أداءً آسراً في شخصية لازلو. يبدو الممثل الأميركي الحامل جذوراً بولنديّة يهوديّة في قمة الإقناع ضمن هذه الأدوار، وهو استحقّ «البافتا» عن جدارة لفرط ما وظّف من شراسةٍ وشغف في تجسيد الدور.

إضافةً إلى الأداء التمثيلي المميَّز والعمق السردي، يقدِّم «ذا بروتاليست» نموذجاً استثنائياً في رواية قصةٍ طويلة ومعقَّدة من دون تعريض العين للملل. فرغم دسامة المواضيع، من الهجرة إلى الصراع الطبقي مروراً بمعاداة الساميّة، يعبر الفيلم بسلاسة ووضوح. يبدو وكأنه مقتبس من قصة واقعية، بينما الحقيقة أنه من كتابة المخرج برادي كروبيت والكاتبة منى فاستفولد.

المهندس المجري المهاجر لازلو توث ومحاولة تحقيق الحلم الأميركي (أ.ب)

«أنورا»... مفاجأة البافتا

من مفاجآت أمسية البافتا، فوز مايكي ماديسون بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «أنورا». وهو الفيلم ذو موضوع جريء، قد نال السعفة الذهبية في مهرجان كان وحصد إعجاب النقّاد. أما الممثلة الأميركية فتؤدّي فيه شخصية «أنورا» أو «أني»، وهي بائعة هوى ترتبط بشابٍ روسيّ ثريّ، يعرض عليها الزواج مقابل حصوله على الإقامة في الولايات المتحدة.

مايكي ماديسون و«بافتا» أفضل ممثلة عن فيلم «أنورا» (إ.ب.أ)

عودة «والاس وغروميت»

لكل جمهورٍ حصته في «البافتا»، وقد حصد جائزتي أفضل فيلم رسوم متحرّكة وأفضل فيلم للأطفال والعائلة، الجزء السادس من سلسلة «والاس وغروميت»، والعائد بعد 16 سنة من الغياب.

في الكلمة التي ألقاها عقب تسلمه الجائزة، لفت المخرج مرلين كروسينغهام إلى أنّ الجمهور الأميركي يبدو متحمّساً للفيلم، رغم أن «والاس وغروميت» من صلب الثقافة البريطانية. فإن الفيلم ذا الإنتاج المشترك بين «بي بي سي» و«نتفليكس»، سلك طريقه في الولايات المتحدة.

يبتكر المخترع والاس روبوتاً على هيئة قزم ويبدأ في استخدامه للقيام بأعمال في حدائق الجيران. لا يروق الأمر للكلب الوفيّ غروميت، القلق من اتّكال صاحبه والاس على التكنولوجيا. تتعقّد الحبكة عندما يدخل البطريق الشرير «فيثرز» على الخط، ليأخذ ثأره من والاس وغروميت بعد أن تسبّبا بسَجنه سابقاً.

كما سائر أفلام هذه السلسلة، ليس العمل موجَّهاً للأطفال فحسب، بل هو يحاكي البالغين كذلك. يتطرّق إلى جدليّة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، من دون أن يخسر شيئاً من فكاهته المعتادة. هذا على مستوى المضمون، أما شكلاً فيقدّم الفيلم قفزة نوعيّة من خلال شخصياته وعناصره البصريّة الثلاثية الأبعاد، التي يشعر المُشاهد وكأنه يلمسها بيدَيه.

فريق والاس وغروميت ترافقه إلى «البافتا» شخصيات فيلم الرسوم المتحركة (إ.ب.أ)

من بين نجوم «بافتا» هذه السنة، الممثل الأميركي كيران كالكن الذي نال جائزة أفضل ممثل بدور مساعد عن فيلم «ألم حقيقي» (A Real Pain). وقد فاز الفيلم الذي يمزج ما بين الدراما والكوميديا بجائزة أفضل سيناريو أصلي كذلك.

كيران كالكن وجيسي أيزنبرغ في أحد مشاهد فيلم A Real Pain (أ.ب)

كما فاز الفيلم الفرنسي الناطق بالإسبانية «إميليا بيريز» بجائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية، وفازت الممثلة زوي سالدانا بـ«بافتا» أفضل ممثلة في دور مساعد عن هذا الفيلم الموسيقي الذي يتطرق إلى عالم الجريمة.


مقالات ذات صلة

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

يوميات الشرق صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

رغم التحديات الأمنية واللوجيستية وعزلة القرية في غامبيا، فإن المخرج البلجيكي يشعر بالرضا عن التجربة التي خلّدت اسم «باتيه سابالي».

أحمد عدلي (الدوحة)
يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

أصدر النجم ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات أنها استعادتها

«الشرق الأوسط» (ولينغتون)

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».


رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.