تركيا: اعتقال ثلاثة صحافيين معارضين يفجّر غضباً واسعاً

تم الإفراج المشروط عنهم بعد تحقيقات مطولة

صحافيو وممثلون للمعارضة والمنظمات المدنية أمام مجمع محاكم تشاغلايان خلال التحقيق مع صحافيي «بيرغون» (موقع الصحيفة)
صحافيو وممثلون للمعارضة والمنظمات المدنية أمام مجمع محاكم تشاغلايان خلال التحقيق مع صحافيي «بيرغون» (موقع الصحيفة)
TT
20

تركيا: اعتقال ثلاثة صحافيين معارضين يفجّر غضباً واسعاً

صحافيو وممثلون للمعارضة والمنظمات المدنية أمام مجمع محاكم تشاغلايان خلال التحقيق مع صحافيي «بيرغون» (موقع الصحيفة)
صحافيو وممثلون للمعارضة والمنظمات المدنية أمام مجمع محاكم تشاغلايان خلال التحقيق مع صحافيي «بيرغون» (موقع الصحيفة)

قرَّرت السلطات التركية الإفراجَ المشروطَ عن 3 صحافيين من مسؤولي موقع صحيفة «بيرغون»، اليسارية المعارضة، بعد التحقيق معهم بتهمة «استهداف الأشخاص الذين يؤدون واجبهم في مكافحة الإرهاب».

وأصدر المدعي العام لمدينة إسطنبول، أكين جورليك، قراراً بالقبض على منسقَي النشر في صحيفة «بيرغون»: أوغور كوتش، وبركانت غولتكين، ورئيس التحرير المسؤول في موقعها الإلكتروني، يشار غوكديمير، على خلفية تقرير حول زيارة قام به صحافي من صحيفة «صباح»، القريبة من الحكومة، إلى المدعي العام جورليك.

وتم اعتقال الصحافيين الثلاثة من منازلهم في ساعة متأخرة، ليل السبت - الأحد.

إفراج مشروط

وقال رئيس تحرير «بيرغون»، إبراهيم فارلي، على حسابه في «إكس»، الأحد، إن الصحافيَّين أوغور كوتش وبركانت غولتكين، اللذين يعملان منسقَين في موقع الصحيفة، ورئيس تحرير نسختها الإلكترونية يشار غوكديمير أُوقفوا من منازلهم، في وقت متأخر السبت، بتهمة «استهداف أشخاص يؤدون واجبهم في مكافحة الإرهاب».

وأضاف فارلي: «تم الإفراج المشروط عن الصحافيين الثلاثة بعد الإدلاء بإفاداتهم في النيابة العامة... إنهم يحاولون ترهيب الصحافة والمجتمع بالتحقيقات والاعتقالات».

وقالت صحيفة «بيرغون» إنه في حين نشرت صحيفة «صباح» ذاتها خبر الزيارة، وُجِّهت إلى كوتش وغولتكين وغوكديمير تهمة «استهداف الأشخاص الذين يؤدون واجبهم في مكافحة الإرهاب»، المنصوص عليها في المادة 6 من قانون مكافحة الإرهاب.

وأضافت: «تم اعتقال زملائنا بموجب المادة 6 من قانون مكافحة الإرهاب مباشرة من منازلهم دون استدعائهم للإدلاء بإفاداتهم»

الصحافيون الثلاثة من اليمين إلى اليسار يشار غوكديمير وأوغور كوتش وبركانت غولتكين (موقع «بيرغون»)
الصحافيون الثلاثة من اليمين إلى اليسار يشار غوكديمير وأوغور كوتش وبركانت غولتكين (موقع «بيرغون»)

وتابعت أن الصحافيين الثلاثة أكدوا في إفاداتهم للشرطة أنه «لم يكن هناك أي عنصر إجرامي في الأخبار التي نشروها، ولم تكن لديهم نية استهداف أحد، وأن زيارة أحد صحافيي (صباح) المدعي العام تم الإعلان عنها للرأي العام من خلال الصحيفة ذاتها».

احتجاجات ورفض

وتجمَّع الصحافيون في «بيرغون»، وممثلون لأحزاب المعارضة، وجمعيات الصحافة، ونقابات المحامين، وممثلو المنظمات الحقوقية والمدنية، أمام مكتب المدعي العام لمدينة إسطنبول بمجمع محاكم تشاغلايان؛ احتجاجاً على اعتقال الصحافيين الثلاثة، والمطالبة بإطلاق سراحهم، رافعين لافتات، كُتب عليها: «بيرغون لن تصمت»، و«الصحافة ليست جريمة».

وقالت «جمعية الصحافيين الأتراك»: «في هذه الحادثة لا توجد جريمة، بل أخبار فقط. إن اعتقال الصحافيين من منازلهم وأماكن عملهم أمر غير مقبول».

صحيفة «بيرغون» (من حسابها في «إكس»)
صحيفة «بيرغون» (من حسابها في «إكس»)

وندَّد زعيم المعارضة، رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، باعتقال الصحافيين الثلاثة بقرار من مكتب المدعي العام لإسطنبول، الذي يصفه بـ«المقصلة المتنقلة».

وقال أوزال، عبر حسابه في «إكس»: «مرة أخرى، استهدفت (المقصلة المتنقلة) في إسطنبول الصحافيين، وهو في حالة من الذعر لإخفاء الفوضى التي تم الكشف عنها. إن اعتقال الصحافيين، أوغور كوتش، وبركانت غولتكين، ويشار غوكديمير؛ بسبب نشر خبر في صحيفة (بيرغون) تم نشره بالفعل في صحيفة (صباح)، يعدُّ فضيحةً غير مسبوقة».

وأضاف أن «محاولة خلق الجريمة هنا هي محاولة لإخفاء الشعور بالذنب. يجب إطلاق سراح الصحافيين فوراً».

بدورها، تساءلت تولاي حاتم أوغوللاري، الرئيس المشارِك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد في تركيا، عبر حسابها في «إكس»: «كيف يمكن لخبر منشور في صحيفة (صباح) لا يُشكِّل جريمةً، أن يكون جريمةً ضد العاملين في صحيفة (بيرغون)؟... هذا ببساطة هو القانون المزدوج، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى خلق عنصر إجرامي في الصحافة، وترهيب الصحافيين المعارضين. لا يمكن الحديث عن الديمقراطية في بلد لا تتمتع فيه الصحافة بالحرية».

وأضافت: «يجب الإفراج فوراً عن الصحافيين أوغور كوتش، وبركانت غولتكين، ويشار غوكديمير».

وأدت مقالات أو تعليقات حول المدعي العام في إسطنبول، أكين جورليك، إلى فتح كثير من التحقيقات القضائية في الأشهر الأخيرة، استهدف أحدها رئيس بلدية إسطنبول المنتمي إلى حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، أكرم إمام أوغلو، فضلاً عن تحقيق آخر في أواخر العام الماضي مع رئيس الحزب، أوزغور أوزال.

مؤيدون لأكرم إمام أوغلو يتظاهرون أمام النيابة العامة في إسطنبول خلال التحقيق معه الأسبوع قبل الماضي (أ.ف.ب)
مؤيدون لأكرم إمام أوغلو يتظاهرون أمام النيابة العامة في إسطنبول خلال التحقيق معه الأسبوع قبل الماضي (أ.ف.ب)

وتوقف السلطات التركية بانتظام وتوجه اتهامات لصحافيين ومحامين وسياسيين منتخبين، لكن الاستهداف ازداد في الأسابيع الأخيرة، مع توقيف 3 صحافيين من قناة «خلق تي في» المعارضة في أواخر الشهر الماضي؛ لبثها مقابلةً مع شاهد في التحقيق مع رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو.

انتقادات لتركيا

وتحتل تركيا المرتبة 149 من أصل 180 دولة في تصنيف حرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود» غير الحكومية.

وبحسب المنظمات الدولية، تعدُّ تركيا واحدةً من أكثر الدول التي يوجد فيها صحافيون في السجون، كما تخضع فيها وسائل الإعلام بنسبة أكثر من 90 في المائة لسيطرة الحكومة أو الشركات الموالية لها، وتتعرَّض إلى جانب منصات التواصل الاجتماعي لرقابة واسعة النطاق.

وتنتقد تلك المنظمات، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وحلفاء تركيا الغربيين الممارسات التي توصف بـ«القمعية» ضد وسائل الإعلام والمعارضة والمجتمع المدني منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) عام 2016.

الاتحاد الأوروبي والمنظمات المدنية يحذران من مناخ قمع الصحافيين في تركيا (إعلام تركي)
الاتحاد الأوروبي والمنظمات المدنية يحذران من مناخ قمع الصحافيين في تركيا (إعلام تركي)

وحذَّر «مجلس أوروبا»، في مارس (آذار) 2024، من أن حرية التعبير في تركيا في خطر، معرباً عن قلقه إزاء احتمال ممارسة الصحافيين رقابة ذاتية، في حين تُجمِع تقارير منظمات حقوقية على أن وضع الحريات في البلاد يزداد قتامة.

وتركيا واحدة من 46 دولة أعضاء في «مجلس أوروبا»، وهو هيئة الدفاع الرئيسية عن حقوق الإنسان في القارة الأوروبية.

وجمَّد الاتحاد الأوروبي مفاوضات انضمام تركيا، على خلفية عدم استجابتها لمعاييره فيما يتعلق بحرية التعبير، وحقوق الإنسان، وسيادة القانون.


مقالات ذات صلة

إردوغان دشّن انخراط حكومته في مبادرة أوجلان لحل «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية جانب من اجتماع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع وفد إيمرالي للحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (الرئاسة التركية)

إردوغان دشّن انخراط حكومته في مبادرة أوجلان لحل «العمال الكردستاني»

في أول تماس مع سياسيين أكراد منذ 13 عاماً، التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «وفد إيمرالي» للحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا عناصر من الشرطة البريطانية (أرشيفية - متداولة)

الشرطة البريطانية تعتقل رومانياً بتهمة مساعدة جهاز مخابرات أجنبي

قالت شرطة لندن، الخميس، إنها ألقت القبض على روماني بتهمة مساعدة جهاز مخابرات أجنبي في إشعال حريق بمستودع لشركة (دي إتش إل) للبريد السريع في بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي جانب من لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره السوري الانتقالي أحمد الشرع في أنقرة 4 فبراير الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان سيبحث مع الشرع إنشاء قواعد عسكرية... ومساعٍ لجمعه مع مسؤولين عراقيين

عقدت تركيا وإسرائيل اجتماعاً فنياً في أذربيجان استهدف العمل على إنشاء آلية لخفض التصعيد ومنع الصدام ووقوع حوادث غير مرغوب فيها بين الجانبين في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا الزوجان البريطانيان رينولدز بيتر وباربي رينولدز محتجزان بتهمة حيازة جوازَي سفر أفغانيين مزوَّرين (صورة متداولة من العائلة)

«طالبان»: قضية الزوجين البريطانيين المحتجزين سيتم البت فيها بموجب «الشريعة»

أعلنت حركة «طالبان» أن قضية الزوجين البريطانيين المحتجزين سوف يتم البت فيها بموجب «الشريعة».

«الشرق الأوسط» (كابل - إسلام آباد)
أفريقيا إثيوبيون يقرأون الصحف بساحة «آرات كيلو» في أديس أبابا (غيتي)

توقيف 7 صحافيين إثيوبيين بتهم «إرهاب»

اعتُقل 7 صحافيين إثيوبيين على الأقل بتهم «إرهاب»، حسبما قال مرصد دوليّ معنيّ بحماية الصحافيين.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)

إيران تُهدد بـ«الردع» في «النووي» وأميركا تُذكّر بالقوة

صورة نشرتها «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» لرئيسها محمد إسلامي لدى استقباله شمخاني في معرض للصناعة النووية مطلع فبراير الماضي
صورة نشرتها «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» لرئيسها محمد إسلامي لدى استقباله شمخاني في معرض للصناعة النووية مطلع فبراير الماضي
TT
20

إيران تُهدد بـ«الردع» في «النووي» وأميركا تُذكّر بالقوة

صورة نشرتها «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» لرئيسها محمد إسلامي لدى استقباله شمخاني في معرض للصناعة النووية مطلع فبراير الماضي
صورة نشرتها «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» لرئيسها محمد إسلامي لدى استقباله شمخاني في معرض للصناعة النووية مطلع فبراير الماضي

عشية محادثات مصيرية في عُمان، تبادل مسؤولون أميركيون وإيرانيون تحذيرات عالية المستوى؛ وفي حين لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بخيار عسكري تقوده إسرائيل حال فشل الحلول الدبلوماسية، حذر مستشار للمرشد الإيراني من «إجراءات رادعة» إذا استمرت الضغوط.

وتجري السبت محادثات بين المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بشأن البرنامج النووي لطهران.

وقال علي شمخاني، الممثل الخاص للمرشد الإيراني في المفاوضات النووية، إن «وضع إيران تحت طائلة هجوم عسكري محتمل، قد يدفعها إلى اتخاذ إجراءات ردعية، أبرزها طرد المفتشين ووقف التعاون معهم، ونقل المواد النووية المخصبة لمواقع داخلية آمنة وسرية».

وقال وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، إن إيران هي التي تقرر ما إذا كان نشر واشنطن لقاذفات «بي 2» في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي رسالة إلى طهران.