سانتوريني: ما سبب النشاط الزلزالي «غير المعتاد»؟ وبماذا يُنصح السياح؟

طوق أمني في شارع صغير بقرية أويا التي تم إخلاؤها تقريباً في جزيرة سانتوريني (إ.ب.أ)
طوق أمني في شارع صغير بقرية أويا التي تم إخلاؤها تقريباً في جزيرة سانتوريني (إ.ب.أ)
TT

سانتوريني: ما سبب النشاط الزلزالي «غير المعتاد»؟ وبماذا يُنصح السياح؟

طوق أمني في شارع صغير بقرية أويا التي تم إخلاؤها تقريباً في جزيرة سانتوريني (إ.ب.أ)
طوق أمني في شارع صغير بقرية أويا التي تم إخلاؤها تقريباً في جزيرة سانتوريني (إ.ب.أ)

دفعت الزلازل المتعددة التي ضربت جزيرة سانتوريني اليونانية آلاف الأشخاص إلى الفرار، وتعطَّلت حركة السفر المرتبطة بالسياح، وأُلحقت أضرارٌ بالبنية الأساسية.

تم تسجيل زلازل بقوة 5 درجات في المنطقة منذ يوم الجمعة، وحذَّر عمدة الجزيرة من أن النشاط الزلزالي قد يستمر لأسابيع، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

وصف رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، الزلازل بأنها «ظاهرة جيولوجية معقدة للغاية»، بحسب ما أوردته «هيئة الإذاعة والتلفزيون» اليونانية.

إليك كل ما تحتاج إلى معرفته عن الزلازل التي ضربت واحدة من أكثر الوجهات السياحية شعبيةً في اليونان.

لقطة عامة لقرية أويا في جزيرة سانتوريني اليونانية (أ.ف.ب)

ماذا يحدث؟

تم تسجيل مئات الزلازل بقوة تتراوح بين 3 و4.9 درجة، منذ يوم السبت، بين سانتوريني وجزيرة أمورجوس القريبة، وكلتاهما جزء من جزر سيكلاديز.

ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» اليونانية نقلاً عن معهد الجيوديناميكية أن 440 زلزالاً آخر بقوة أقل من 3 درجات، و73 زلزالاً بقوة أعلى من 4 درجات ضربت المنطقة منذ الأول من فبراير (شباط).

وصف علماء الزلازل الحدثَ بأنه سلسلة من الهزات بالقوة نفسها تحدث في مجموعات.

ويضيفون أنه على الرغم من أن اليونان ليست غريبة على الزلازل، فإن النشاط الزلزالي بهذا التردد والشدة، دون أن يسبقه زلزال كبير، أمر غير معتاد.

تقع مراكز الزلازل تحت قاع البحر، وهو ما قاله الخبراء إنه خبر جيد لأنها لن تكون مدمرةً.

وقالت السلطات، يوم الأربعاء، إنها عزَّزت خطط الطوارئ في حالة كانت الهزات الأرضية علامة على وقوع زلزال أكبر.

وهناك أيضاً احتمال أن يؤدي الزلزال إلى ثوران بركاني أو تسونامي.

وأفاد وزير الحماية المدنية، فاسيليس كيكيلياس، خلال اجتماع مع مسؤولين أمنيين وعلماء ورئيس الوزراء: «نحن ملزمون بوضع سيناريوهات للأفضل والأسوأ فيما يتعلق بالنشاط الزلزالي المطول».

حتى الآن، لم تحدث أضرار كبيرة أو إصابات، على الرغم من وقوع بعض الانهيارات الصخرية البسيطة والشقوق في بعض المباني القديمة.

تم حظر الفعاليات العامة جميعها، وقامت السلطات المحلية بتقييد الوصول إلى مناطق محددة. كما غادرت أعداد كبيرة من الناس الجزر؛ بسبب النشاط التكتوني.

ظهرت العائلات وهي تحمل أطفالاً صغاراً، والسياح يسحبون حقائبهم، وامتلأت مواقف السيارات بمركبات تابعة لأولئك الذين غادروا عبر العبَّارات. كما أغلقت المدارس في كثير من الجزر اليونانية.

سيارات تصطف للصعود على متن عبَّارة بينما يغادرها الناس في أعقاب الزلازل المتكررة في جزيرة سانتوريني اليونانية (أ.ف.ب)

لماذا يحدث ذلك؟

تحدث الزلازل عندما تتحرك الصفائح التكتونية فجأة على طول خط الصدع، فتطلق الطاقة في شكل موجات زلزالية.

الاهتزاز الناتج عن هذه الموجات هو ما نشعر به في أثناء الزلزال.

يمتد خط الصدع الذي ينتج الزلازل الحالية في الجزر اليونانية لنحو 120 كيلومتراً (75 ميلاً)، ولكن الجزء الواقع بين سانتوريني وأمورجوس فقط هو الذي تم تنشيطه حتى الآن.

لا يزال الخبراء يحاولون تحديد ما إذا كانت الزلازل المتعددة هزات تمهيدية - زلازل أصغر قبل هزة كبيرة - أو ما إذا كانت جزءاً من سرب زلزال من الزلازل الأصغر التي يمكن أن تستمر لأسابيع أو أشهر.

قال كوستاس بابازاخوس، أستاذ الجيوفيزياء التطبيقية وعلم الزلازل في جامعة سالونيك: «لا توجد تكنولوجيا أو نهج جاد للتمكُّن من التنبؤ بما سيحدث من هنا فصاعداً».

موظفو البلدية يضعون أشرطة تحذيرية لتقييد دخول السياح في إجراء احترازي بسبب الأنشطة الزلزالية بجزيرة سانتوريني اليونانية (أ.ف.ب)

ما مدى احتمالية النشاط البركاني؟

تقع سانتوريني على طول القوس البركاني الجنوبي لبحر إيجة، وهي سلسلة من البراكين تمتد من البيلوبونيز في جنوب اليونان عبر جزر سيكلاديز.

تحتوي الجزيرة أيضاً على كالديرا؛ وهي تجويف دائري كبير يبقى عندما يسقط الجزء المركزي من البركان بعد ثورانه.

في الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة أزمة المناخ والحماية المدنية في اليونان أن أجهزة الاستشعار قد التقطت «نشاطاً بركانياً زلزالياً خفيفاً» داخل كالديرا.

هناك بركانان في المنطقة: «نيا كاميني»، الذي يقع داخل كالديرا سانتوريني، و«كولومبو»، وهو بركان تحت البحر يقع على بعد نحو 8 كلم (5 أميال) شمال شرق الجزيرة.

هناك أيضاً جزيرة بركانية تدعى «باليا كاميني».

منذ ذلك الحين، قال العلماء إن الزلازل الحالية لا علاقة لها بالنشاط البركاني. وأضاف إفثيميوس ليكاس، عالم الزلازل ورئيس اللجنة العلمية لمراقبة القوس البركاني في بحر إيجة، أنه مرَّ 3 آلاف عام منذ الانفجار الأخير. وأوضح: «أمامنا وقت طويل للغاية قبل أن نواجه انفجاراً كبيراً».

سكان وزوار ينتظرون في ميناء أثينيوس لمغادرة الجزيرة بسبب زيادة النشاط الزلزالي في سانتوريني (إ.ب.أ)

نصائح للسياح

في تحديث للزائرين، يوم الثلاثاء، حثت حكومة سانتوريني الفنادق وجميع أنواع أماكن الإقامة السياحية على «إبلاغ زوارها بتجنب النقاط الخطرة في الجزيرة».

كما شاركت وزارة الخارجية البريطانية تحذيراً من وزارة الحماية المدنية اليونانية مفاده أن الناس يُنصَحون «بعدم حضور التجمعات الداخلية الكبيرة وتجنب المباني القديمة أو المهجورة».

ونصحت السلطات الناس بتجنب مواني أمودي وأرميني وكورفوس، والميناء القديم في منطقة فيرا، واختيار طرق آمنة عند السفر، خصوصاً في المناطق التي ترتفع فيها مخاطر الانهيارات الأرضية.

وقالت الوزارة: «في حالة وقوع هزة أرضية قوية، يجب على الناس مغادرة المناطق الساحلية على الفور».

كما تم إرسال تنبيهات فورية إلى الهواتف الجوالة، وحثَّت الفنادق على تصريف حمامات السباحة؛ لأن حركة المياه في حالة وقوع زلزال كبير يمكن أن تزعزع استقرار المباني.


مقالات ذات صلة

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

علوم يؤكد الباحثون أن الصدوع التي تقع على أعماق سحيقة في باطن الأرض يمكن أن تلتحم من جديد بعد انكسارها نتيجة الهزات الأرضية (بيكسباي)

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

توصل فريق من علماء الجيولوجيا في الولايات المتحدة إلى أن الصدوع الزلزالية العميقة في باطن الأرض يمكن أن تلتئم في غضون ساعات بعد حدوث الهزات الأرضية القوية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
آسيا جانب من الأضرار جراء زلزال ضرب إندونيسيا عام 2022 (أرشيفية - رويترز)

زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب غرب إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 6.6 درجة جزيرة صغيرة شمال غربي سومطرة في غرب إندونيسيا الخميس.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا منازل متضررة جراء الزلزال في دكا (رويترز)

زلزال في وسط بنغلاديش يوقع 9 قتلى على الأقل

ضرب زلزال بقوة 5.5 درجة، الجمعة، وسط بنغلاديش، موقعاً تسعة قتلى على الأقل وأكثر من 300 جريح، وفق حصيلة أعلنتها الحكومة.

«الشرق الأوسط» (دكا)
آسيا لم ترد على الفور أي معلومات عن وقوع خسائر محتملة أو أضرار ناجمة عن الزلزال (رويترز)

زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب قبالة سواحل اليابان

ضرب زلزال قوي بلغت شدته 5.6 درجات على مقياس ريختر البحر قبالة سواحل اليابان، بحسب ما سجله مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
آسيا أولاد واقفون بجوار حطام المنازل المتضررة في أعقاب زلزال وقع مؤخراً بمنطقة مرمول في ولاية بلخ بأفغانستان يوم 5 نوفمبر 2025 (رويترز)

الناجون من زلزال أفغانستان يواجهون البرد والمطر وسط الأنقاض

كان الناجون من الزلزال القوي في شمال أفغانستان، الذي أودى بحياة أكثر من 25 شخصاً وأصاب ما يقرب من 1000 آخرين، يحفرون الأنقاض في منازلهم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كابل (أفغانستان))

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.