بحجم ملعب كرة قدم... كويكب «قاتل» قد يضرب الأرض

كويكب اكتُشف حديثا بحجم يناهز ملعب كرة قدم بات لديه احتمال للاصطدام بالأرض (رويترز)
كويكب اكتُشف حديثا بحجم يناهز ملعب كرة قدم بات لديه احتمال للاصطدام بالأرض (رويترز)
TT

بحجم ملعب كرة قدم... كويكب «قاتل» قد يضرب الأرض

كويكب اكتُشف حديثا بحجم يناهز ملعب كرة قدم بات لديه احتمال للاصطدام بالأرض (رويترز)
كويكب اكتُشف حديثا بحجم يناهز ملعب كرة قدم بات لديه احتمال للاصطدام بالأرض (رويترز)

انفجار هائل في السماء يطلق طاقة أكبر بمئات المرات من قنبلة هيروشيما... قد يبدو الأمر أشبه بقصص نهاية العالم، لكنّ كويكباً اكتُشف حديثاً بحجم يناهز ملعب كرة قدم بات لديه احتمال يتخطى واحداً في المائة للاصطدام بالأرض في غضون ثماني سنوات، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولمثل هذا الاصطدام القدرة على تدمير مدن بأكملها، اعتماداً على المكان الذي يحدث فيه.

لم يُصب العلماء بالذعر من هذا الخطر بعد، لكنهم يراقبون الوضع من كثب.

وقال كبير العلماء في «جمعية الكواكب» Planetary Society بروس بيتس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في هذه المرحلة، الأمر يتركز على ضرورة إيلاء الكثير من الاهتمام، والحصول على أكبر قدر ممكن من الأصول لمراقبته».

اكتشاف نادر

وقد رُصد الكويكب، المسمّى «2024 YR4»، لأول مرة في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2024 من جانب مرصد «إل سوس» في تشيلي. وبناء على سطوعه، يقدّر علماء الفلك أن عرضه يتراوح بين 40 و90 متراً.

وبحلول ليلة رأس السنة، حطّ ملف هذا الكويكب على مكتب كيلي فاست، الباحثة في مكتب الدفاع الكوكبي في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، بوصفه جسماً مثيراً للقلق.

وقالت فاست للوكالة الفرنسية إنه في العادة «نرصد تحركات (للكويكبات)، قبل أن تُحجب عن الأنظار مرة أخرى. لكنّ هذا الكويكب بدا وكأنه قادر على البقاء».

واستمر تقييم المخاطر في الارتفاع، وفي 29 يناير (كانون الثاني)، أصدرت «شبكة التحذير الدولية من الكويكبات» (IAWN)، وهي هيئة للتعاون العالمي في مجال الدفاع الكوكبي، مذكرة في الموضوع.

وحسب أحدث الحسابات من مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة «ناسا»، هناك احتمال بنسبة 1.6 في المائة أن يضرب الكويكب الأرض في 22 ديسمبر (كانون الأول) 2032.

وفي حال حدوث هذا الأمر بالفعل، فإن مواقع الاصطدام المحتملة تشمل المناطق الواقعة فوق شرق المحيط الهادئ، وفي شمال أميركا الجنوبية، والمحيط الأطلسي، وأفريقيا، وبحر العرب، وجنوب آسيا، وفق مذكرة «IAWN».

يتبع الكويكب «2024 YR4» مداراً بيضاوياً للغاية تستمر دورته الكاملة أربع سنوات، ويتأرجح عبر الكواكب الداخلية قبل أن يمر عبر المريخ ويتجه نحو المشتري.

في الوقت الحالي، يبتعد عن الأرض بسرعة، ولن يمر بقرب كوكبنا مجدداً قبل عام 2028.

وقال بيتس: «الاحتمالات جيدة جداً ألا يصطدم هذا (الكويكب) بالأرض فحسب، بل في مرحلة ما في الأشهر أو السنوات القليلة المقبلة، سينخفض هذا الاحتمال إلى الصفر».

حدث سيناريو مماثل في عام 2004 مع «أبوفيس»، وهو كويكب كان احتمال اصطدامه في بادئ الأمر بالأرض 2.7 في المائة في عام 2029. لكن مع مرور الوقت، قلّلت عمليات المراقبة الفلكية تدريجياً من احتمالات حدوث اصطدام.

إمكانية التدمير

حدث أكبر اصطدام لكويكب في العالم قبل 66 مليون عام، عندما تسبّبت صخرة فضائية بعرض يناهز عشرة كيلومترات في حدوث شتاء عالمي، ما أدى إلى القضاء على الديناصورات، و75 في المائة من جميع الأنواع الحية.

على النقيض من ذلك، يندرج الكويكب «2024 YR4» ضمن فئة تُسمّى «قاتل المدينة» (city killer).

وقال بيتس: «إذا وضعته فوق باريس أو لندن أو نيويورك، فإنك تمحو المدينة بأكملها وبعض المناطق المحيطة بها».

أفضل مقارنة حديثة هي حادثة تونغوسكا عام 1908، عندما انفجر كويكب أو شظية مذنب يبلغ قطرها من 30 إلى 50 متراً فوق سيبيريا، ما أدى إلى تدمير 80 مليون شجرة على مساحة 2000 كيلومتر مربع.

وعلى غرار ذلك الجسم المرتطم، من المتوقع أن ينفجر الكويكب «2024YR4» في السماء، بدلاً من ترك حفرة على الأرض.

وقال عالم الفلك الكوكبي في مختبر «جونز هوبكنز» للفيزياء التطبيقية، أندرو ريفكين: «يمكننا حساب الطاقة... باستخدام الكتلة والسرعة».

بالنسبة إلى «2024 YR4»، فإن الانفجار الناتج عن تحطّم جسم في الجو يعادل نحو ثمانية ميغا طن من مادة «تي إن تي»، أي أكثر من 500 ضعف قوة قنبلة هيروشيما.

إذا انفجر الجسم فوق المحيط، فإن التأثير سيكون أقل إثارة للقلق، ما لم يحدث بالقرب من خط ساحلي؛ مما يؤدي إلى حدوث تسونامي.

خطر يمكن تلافيه

الخبر السار، حسب الخبراء، هو أنّ لدينا متسعاً من الوقت للاستعداد.

وقاد ريفكين التحقيق في مهمة ناسا «DART» لعام 2022، التي نجحت في دفع كويكب عن مساره باستخدام مركبة فضائية، وهي استراتيجية تُعرف باسم «التأثير الحركي».

لم يكن الكويكب المستهدف يشكّل أي تهديد للأرض، مما جعله موضوع اختبار مثالياً.

وقال ريفكين: «لا أرى سبباً لعدم نجاح ذلك» مجدداً. ويبقى السؤال الأكبر ما إذا كانت الدول الكبرى ستموّل مثل هذه المهمة إذا لم تكن أراضيها مهددة.

وثمة أيضا أفكار أخرى قابلة للتجريب.

ومن بينها، يمكن لليزر أن يبخر جزءاً من الكويكب لخلق تأثير دفع، مما يدفعه عن مساره. كما طُرحت نظرية «جرّار الجاذبية»، وهي مركبة فضائية كبيرة تسحب الكويكب ببطء بعيداً باستخدام جاذبيتها الخاصة.

إذا فشلت كل الحلول الأخرى، فإن فترة التحذير الطويلة تعني أن السلطات قد تُخلي منطقة الاصطدام المحتمل.

وقالت فاست: «لا ينبغي لأحد أن يخاف من هذا الأمر. يمكننا تحديد موقع هذه الأجسام، وإجراء هذه التوقعات، وامتلاك القدرة على التخطيط».


مقالات ذات صلة

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

يوميات الشرق المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

«الشرق الأوسط» (مينيسوتا (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق شرارة هائلة تعبُر الفضاء نحو مجالنا المغناطيسي (ناسا)

عاصفة مغناطيسية في الطريق... تحذيرات بعد انفجار شمسي هائل

الانفجار من فئة «X1.9»، وهي الفئة الأقوى من الانفجارات الشمسية، وقد اندلع من منطقة بقع شمسية ناشئة حديثاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم هناك نوع من العفن الأسود يعيش في موقع كارثة تشيرنوبل (إ.ب.أ)

عفن أسود في تشيرنوبل يتغذى على الإشعاع

اكتشف عدد من العلماء بعد أبحاث أجريت على مدى سنوات طويلة أن هناك نوعاً من العفن، أسود اللون، يعيش في موقع كارثة تشيرنوبل النووية، ويُرجح أنه يتغذى على الإشعاع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
يوميات الشرق اكتشاف يهزّ علم الكونيات (ناسا)

لغز عمره قرن يقترب من الحلّ... باحثون يرصدون ضوءاً من المادة المظلمة

أعلن عالم الفيزياء الفلكي، البروفسور تومونوري توتاني، أنّ بحثاً ربما يُشكّل إنجازاً هائلاً في إطار البحث عن المادة المظلمة الغامضة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ مركبة «ستارلاينر» الفضائية تبتعد عن محطة الفضاء الدولية (أ.ف.ب)

«ناسا» تقلص رحلات المركبة «ستارلاينر» بعد مشكلات فنية

قالت إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) في بيان يوم الاثنين إنها ستراجع مع شركة بوينغ عقد المركبة الفضائية ستارلاينر لتقليل عدد رحلاتها من ست إلى أربع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
TT

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

في «عيد الكاريكاتير المصري» الخامس، يحتفي فنانون من مصر والبلاد العربية وأوروبا بـ«المتحف المصري الكبير»، وبمرور مائة عام على ميلاد فنان الكاريكاتير أحمد طوغان، أحد رموز مدرسة الكاريكاتير المصرية.

المعرض الاستثنائي، الذي افتتحه الفنان محمد عبلة، الخميس، ويستمر حتى 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضمُّ 150 لوحة، وتستضيفه قاعتا «نهضة مصر» و«إيزيس» في «مركز محمود مختار الثقافي» بالقاهرة، ضمن مبادرة «فرحانين بالمتحف الكبير ولسه متاحف مصر كتير» التي أطلقتها مصر بهدف تعزيز ارتباط المواطنين بتراثهم الثقافي والفني.

لوحة الفنان الأردني محمود الرفاعي (الشرق الأوسط)

وقال الفنان فوزي مرسي، قوميسير المعرض، إن الأعمال التي شاركت في الاحتفاء بمئوية طوغان اقتصرت على الفنانين المصريين، وجاءت بأساليب متعددة؛ فمنهم من رسمه وهو يحمل ريشته كسلاح لمواجهة الفساد ومشكلات المجتمع وعيوبه، مثل الفنان مصطفى الشيخ، في حين صوّره الفنان حسني عباس في لوحة معبّرة وهو يحمل ريشته كشعلة يضيء بها الظلام من حوله، في إشارة إلى ما قدّمه طوغان عبر مسيرته في فن الكاريكاتير. أما في لوحة لخضر حسن، فجاء تصويره لطوغان وهو يحمل قلماً تنطلق منه رصاصات ضد الفساد وأمراض المجتمع.

ويضيف مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت أبرز المشاركات العربية في (عيد الكاريكاتير) من الإمارات، من خلال عمل للفنانة آمنة الحمادي. ومن السعودية حيث شارك الفنان أمين الحبارة بلوحة رسم في قلبها هرماً كبيراً تتصدره راية مصر، وتظهر خلفه مجموعة من الأهرامات. ومن الأردن شارك الفنان محمود الرفاعي، وقد كرّمته جمعية الكاريكاتير وأهدته درعها تقديراً له. واحتفت لوحته بالمتحف المصري الكبير عبر رموز فرعونية وقبطية وإسلامية وفنية وثقافية، رآها عناصر أساسية في تشكيل الشخصية المصرية، وجعل الأهرامات وأبو الهول في قلبها بوصفهما العماد الذي تقوم عليه حضارة مصر».

طوغان يحمل شعلة مضيئة... لوحة الفنان حسني عباس (الشرق الأوسط)

لوحاتُ الفنانين الأجانب عبّرت عن سعادتهم بافتتاح المتحف، وقدّموا أعمالاً رسموها خصيصاً لـ«عيد الكاريكاتير». وجاءت بعض المشاركات من الصين وبولندا وإسبانيا، ومن أوروغواي التي شارك منها الفنان لويس هارو بلوحةٍ رسم في قلبها فارساً فرعونياً يرحّب بزيارة المتحف. كما ركّزت لوحات فناني أوكرانيا على إبراز عناصر مصرية خاصة، من بينها أبو الهول والأهرامات و«حورس» والكباش، فجاءت بمثابة رسالة سلام ترحِّب بافتتاح المتحف الكبير وتدعو إلى زيارته.

أمّا لوحات الفنانين المصريين التي شاركت في الاحتفال بالمتحف، فقد اتخذ بعضها منحًى اجتماعياً ساخراً، منها عملٌ للفنان سعيد أبو العينين صوَّر فيه زوجةً تهاتف والدتها مستنجدةً بها من زوجها وابنها، مشيرةً إلى أنهما بعد افتتاح المتحف «تفرعنا» عليها، في إشارة إلى استعراضهما القوة أمامها. وقد اتخذ الفنانان عمرو سليم ودعاء العدل المنحى الساخر نفسه في أعمالهما.

لوحة الفنان الأوكراني كازانيفسكي (الشرق الأوسط)

«تركّزت لوحات الرسامين الأجانب المشاركة على الصورة، بخلاف المصريين الذين كان لتعبيرهم بالكلمات دورٌ أساسي في تشكيل أعمالهم وتكويناتها»، وفق الفنان سمير عبد الغني، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(عيد الكاريكاتير) في دورته الخامسة يتشكّل من موضوعين: الأول الاحتفال بافتتاح المتحف الكبير، والثاني مئوية ميلاد طوغان».

وأضاف عبد الغني: «في كل الدورات السابقة كانت المشاركة تقتصر على فناني مصر، لكن هذه السنة كانت متميّزة، خصوصاً بمناسبة افتتاح المتحف الكبير؛ لذا وجّهنا دعوات إلى فنانين من بلدان كثيرة للمشاركة. وتميّزت لوحاتهم بوعي بصري كبير اشتغلوا من خلاله على الصورة التي سيطرت على التكوين، بخلاف لوحات المصريين التي ينقسم تشكيلها بين الرسم والتعبير اللغوي. والفرق بيننا وبينهم، كما أرى، نابعٌ من أنهم يشتغلون على فكرة سبعة آلاف سنة حضارة، والمومياوات، والضوء الذي يخرج من قلب عالمنا الخاص الساحر الزاخر بالعظمة منذ آلاف السنين، ومن هنا جاءت رسوماتهم مختلفة، بخلاف أعمال المصريين التي اتسمت بالوضوح والمباشرة».

لوحة الفنان جورج رودريغيز من فنزويلا (الشرق الأوسط)

تعود الفروق بين مساهمات فناني مصر والمشاركات الأجنبية، حسب عبد الغني، إلى ما يمكن تسميته بـ«الوعي البصري» المرتبط بثقافة الفنانين الأجانب، التي تتغذّى على زيارة المتاحف وما تضمه من آثار وتحف مصرية قديمة، إضافة إلى الاهتمام المبكر بالصورة عبر التعليم في مراحله المختلفة. أمّا الفنانون المصريون، فيأتي تعبيرهم في رسوم الكاريكاتير متأثّراً بسيطرة التعبير اللغوي في كثير من فنوننا، منها الأغنية والنكتة. ولعل أعمال مصطفى حسين، وأحمد رجب، وصلاح جاهين، وحجازي، وبهجت عثمان، وغيرهم كثيرون، خير تمثيل لذلك.

ورحّبت وزارة الثقافة المصرية بالمعرض، مشيرةً في بيان إلى أن «عيد الكاريكاتير» يهدف إلى ترسيخ الشعور بالهوية المصرية، وإعادة تسليط الضوء على ما تمتلكه مصر من متاحف وقيمة حضارية فريدة، إضافةً إلى تشجيع المشاركة المجتمعية في الفعاليات الثقافية والفنية التي تنظمها المتاحف المصرية، وتعميق الوعي بدورها بوصفها جسوراً تربط المصريين بتاريخهم العريق، وتغرس الانتماء من خلال الاحتفاء بموروثهم الإنساني والحضاري.

وتعكس الأعمال المشاركة تنوّعاً بصرياً وفنياً لافتاً؛ إذ تجمع بين النقد المرح، والفلسفة الساخرة، والطرح الإنساني، بما يمنح الجمهور تجربةً غنية تُبرز قدرة الكاريكاتير على تناول القضايا الكبرى بلغة فنية جذابة وقريبة من الناس.


من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».