حوادث تصفية بين الحوثيين بسبب الصراع على الأموال

احتجاج سابق لقبائل في ريف صنعاء همدان ضد تعسفات الحوثيين (فيسبوك)
احتجاج سابق لقبائل في ريف صنعاء همدان ضد تعسفات الحوثيين (فيسبوك)
TT
20

حوادث تصفية بين الحوثيين بسبب الصراع على الأموال

احتجاج سابق لقبائل في ريف صنعاء همدان ضد تعسفات الحوثيين (فيسبوك)
احتجاج سابق لقبائل في ريف صنعاء همدان ضد تعسفات الحوثيين (فيسبوك)

على خلفية الصراع بين عناصر الحوثيين على الأموال المنهوبة والنفوذ، شهدت مناطق تحت سيطرة الجماعة خلال الأيام الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في حوادث القتل التي نفذها مشرفون وقادة ميدانيون بحق عناصر آخرين.

وتمثل آخر تلك الحوادث بقيام قيادي ينحدر من صعدة (معقل الجماعة) بقتل مجندين في صفوف الجماعة، الأول يدعى يوسف محمد المساجدي ويكنى «أبو يحيي» والآخر يدعى نصر عبد الرحمن صالح المساجدي، وينتميان إلى قرية «المساجد» التابعة لمديرية بني مطر بمحافظة صنعاء، وذلك بسبب خلافٍ على أموال مُخصصة لنقطة تفتيش يعملون فيها، إضافة إلى مبالغ جبائية أخرى منهوبة من مواطنين. وفق ما أفادت به مصادر محلية.

وذكرت المصادر أن القيادي المعين مشرفاً على النقطة الواقعة على طريق رئيسي يربط صنعاء والحديدة، أقدم على دهس العنصرين في الجماعة بدورية أمنية، وادعى عقب تصفيتهم أنهم قُتِلوا إثر حادث مروري وقع بالقرب من النقطة.

وبذريعة تخصيص رواتب شهرية ومعونات غذائية لذوي القتيلين، اضطر القيادي الحوثي ومعه وجاهات وقيادات أمنية تعمل بوزارة الداخلية في الحكومة غير المعترف بها، إلى إقناع أسرتَي القتيلين بالقبول بتقييد الحادثة تحت اسم «حادث مروري» وتبرئة الجاني الحقيقي من الجريمة.

مسلح حوثي يراقب تجمعاً لرجال القبائل في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلح حوثي يراقب تجمعاً لرجال القبائل في صنعاء (إ.ب.أ)

وسبق ذلك وقوع حادثة أخرى مُشابهة تمثلت بقيام مشرفين حوثيين برمي عنصرين كانا ينتميان سابقاً إلى صفوف الجماعة من أعلى قمة جبل بمنطقة «السحول» في مديرية المخادر بمحافظة إب، بعد أن وجها لهما تهماً بالإرهاب.

وتحدثت مصادر في إب عن وفاة أحد الشخصين، بينما لا يزال يُعاني الآخر من حالة صحية حرجة بعد إسعافه إلى المستشفى الجمهوري الخاضع للجماعة بصنعاء لتلقي العلاج.

وجاءت الحادثة عقب قيام الجماعة بشن حملة عسكرية لملاحقة عناصر والقبض عليهم في منطقة السحول في إب بتهم التطرف والخروج عن النظام والقانون، بينما تؤكد المصادر أن بعض المستهدفين بالحملة هم ممن كانوا يعملون سابقاً في صفوف الجماعة والتحقوا للقتال معها.

قتل في الجبهات

في سياق مماثل، ذكرت مصادر محلية في محافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء أن وجهاء إحدى القرى في مديرية السودة اتخذوا قراراً حاسماً بسحب جميع العناصر من أبنائها الملتحقين للقتال في جبهات الحوثيين، وذلك على خلفية قيام مشرف ميداني بقتل أحد أبنائهم بإطلاق النار صوب رأسه من الخلف، ما أدى إلى مقتله على الفور في إحدى جبهات مأرب، نتيجة الخلاف على المُخصص الغذائي اليومي.

اتهامات للحوثيين بتكثيف حملات التجنيد في أوساط السكان (رويترز)
اتهامات للحوثيين بتكثيف حملات التجنيد في أوساط السكان (رويترز)

وتحدثت المصادر عن فشل الجماعة الحوثية في إقناع أهالي القرية عن التراجع عن قرار سحب أبنائها، وقالت إن وجهاء القرية وأسرة القتيل امتنعوا عن أخذ الجثمان حتى تقوم الجماعة بتسليمهم الجاني للقصاص منه.

ويتهم أبناء قبائل عمران ومناطق أخرى خاضعة للحوثيين قيادات الجماعة الحوثية بالضلوع أكثر من مرة في ارتكاب وقائع قتل بحق المجندين لعدة أسباب ودوافع منها الحصول على أسلحتهم وبيعها.

وكانت الجماعة الحوثية شنت في الفترات الماضية حملات تعقب وملاحقة استهدفت عناصرها ومشرفيها الميدانيين في عدة محافظات على خلفية فرار أعداد منهم بأسلحتهم من خطوط التماس، وإخفاق آخرين في تحشيد مجندين جُدد.


مقالات ذات صلة

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي المزارعون اليمنيون يتكبدون خسائر كبيرة نتيجة الجبايات وتراجع الأسعار (إعلام محلي)

جبايات انقلابية في اليمن ترهق مزارعي الثوم

أرهقت جبايات الحوثيين في اليمن مزارعي الثوم ما جعلهم يحتجون في أكبر ميادين صنعاء للمطالبة برفع التعسف عنهم خصوصاً بعد انهيار أسعار المحصول.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بن مبارك يعقد اجتماعاً في عدن لتوفير وقود إسعافي لمحطات الكهرباء (سبأ)

بن مبارك: حريصون على إيجاد حلول دائمة لمشكلة الكهرباء

أكد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، الحرص على إيجاد حلول دائمة واستراتيجية لمشكلة الكهرباء، وسط مساعٍ لتوفير كميات إسعافية من الوقود لتشغيل المحطات في عدن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي قبليون من مديرية همدان في ريف صنعاء يحتجون على تعسف الحوثيين (فيسبوك)

احتجاجات في 3 محافظات يمنية رفضاً لانتهاكات الانقلابيين

شهدت محافظات يمنية واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين خلال الأيام الأخيرة احتجاجات غاضبة رفضاً للفساد المستشري وأعمال القمع والتعسف والتستر على المجرمين

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)
فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».