الصين تبني أكبر مقر قيادة عسكري في العالم لحماية قادتها في حالة نشوب حرب نووية

قوات من الجيش الصيني (أرشيفية - رويترز)
قوات من الجيش الصيني (أرشيفية - رويترز)
TT
20

الصين تبني أكبر مقر قيادة عسكري في العالم لحماية قادتها في حالة نشوب حرب نووية

قوات من الجيش الصيني (أرشيفية - رويترز)
قوات من الجيش الصيني (أرشيفية - رويترز)

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن الصين تبني، منذ منتصف عام 2024، منشأة بالقرب من العاصمة الصينية بكين بحجم يبلغ 10 أضعاف حجم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، لتكون أكبر مركز قيادة عسكري في العالم لحماية قادتها في حالة نشوب حرب نووية، بحسب مسؤولين استخباراتيين أميركيين.

وأضافت الصحيفة أن صور الأقمار الاصطناعية تُظهر أن المنشأة على بُعد نحو 20 ميلاً جنوب غربي العاصمة الصينية، وتبلغ مساحتها 1500 فدان، ويرجح الخبراء أنها قد تضم مخابئ عسكرية معزَّزة لحماية كبار القادة العسكريين، في حالة نشوب حرب نووية.

وعند اكتمالها، من المتوقَّع أن تتفوق المنشأة الملقبة بـ«مدينة بكين العسكرية» على «البنتاغون».

وتابعت أن الصور التي حصلت عليها صحيفة «فاينانشيال تايمز» تشير إلى أن البناء الرئيسي للمشروع بدأ في منتصف عام 2024؛ حيث يستعد الجيش الصيني للاحتفال بمئويته في عام 2027.

وحذر الرئيس الصيني شي جينبينغ مراراً وتكراراً من أنه ينوي ضم تايوان بحلول ذلك الوقت، مما يشكل تهديداً كبيراً للولايات المتحدة، التي تعتمد على تايبيه في توريد الرقائق الدقيقة.

عناصر من الجيش الصيني (رويترز)
عناصر من الجيش الصيني (رويترز)

وقال دينيس وايلدر، الرئيس السابق لقسم تحليل الشؤون الصينية بوكالة المخابرات المركزية الأميركية، لـ«فاينانشيال تايمز» إنه إذا تم التحقق من ذلك، فإن المجمع الجديد يشير إلى نية بكين تطوير «قدرتها المتقدمة على خوض الحرب النووية».

وقال ريني بابيارز، محلل الصور السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية، إن الصور تشير إلى وجود نحو 100 رافعة تعمل عبر موقع يبلغ طوله 3 أميال، مما يساعد في بناء العديد من المرافق المرتبطة بأنفاق تحت الأرض.

ويتناقض النشاط المزدحم في الموقع بشكل صارخ مع معظم مشاريع البناء الصينية، التي توقفت وسط أزمة سوق العقارات، وعلى الرغم من استمرار أعمال البناء بوتيرة سريعة، لا توجد إشارات رسمية للموقع على المواقع الإلكترونية الصينية ولا يوجد وجود عسكري مرئي في الموقع، لكن الوصول إلى المنشأة محظور تماماً.

الرئيس الصيني شي جينبينغ (موقع الجيش الصيني)
الرئيس الصيني شي جينبينغ (موقع الجيش الصيني)

وتحذر اللافتات الموجودة خارج المنشأة من تحليق الطائرات من دون طيار أو التقاط الصور، كما تم إغلاق الجزء الخلفي من المشروع، بواسطة نقطة تفتيش، ومنع الأشخاص من استخدام الطرق القريبة.

وقال مسؤول استخباراتي أميركي كبير سابق إن المنشأة الجديدة يمكن أن تعمل كمخبأ آمن للمسؤولين الصينيين الذين يسعون إلى الحماية من هجوم نووي.

وتابع: «يقع مركز القيادة الآمن الرئيسي للصين في التلال الغربية، شمال شرقي المنشأة الجديدة، وتم بناؤه قبل عقود من الزمان في ذروة الحرب الباردة، ويشير حجم ونطاق وخصائص المنشأة الجديدة إلى أنها ستحل محله كمنشأة قيادة أساسية في زمن الحرب».

وأضاف: «قد يخلص القادة الصينيون إلى أن المنشأة الجديدة ستوفر قدر أكبر من الأمن ضد الذخائر المدمرة للمخابئ الأميركية، وحتى ضد الأسلحة النووية».

وقال أحد الباحثين الصينيين الذين شاهدوا الصور إن الموقع يحمل «كل السمات المميزة لمنشأة عسكرية حساسة، بأنفاقه العميقة تحت الأرض والخرسانة المسلحة».

وتابع: «حجمه أكبر بنحو 10 مرات من (البنتاغون)، وهو مناسب لطموحات شي جينبينغ لتجاوز الولايات المتحدة. هذه القلعة لا تخدم سوى غرض واحد، وهو العمل كـ(مخبأ يوم القيامة) للجيش الصيني المتطور والقادر بشكل متزايد».

وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» (رويترز)
وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» (رويترز)

وفي الأشهر الأخيرة، حذر الخبراء العسكريون من توسع بكين السريع في ترسانتها النووية، مما يمكنها من الرد بالمثل على التهديدات النووية الغربية.

وتشير تقديرات «البنتاغون» إلى أن بكين ستمتلك 1500 سلاح نووي قابل للتشغيل بحلول عام 2035، وهو ما يعادل القوة النارية للولايات المتحدة.

وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، كشف تحليل الأقمار الاصطناعية أن الصين قامت بتسوية الأشجار والغابات على جزيرة في بحر الصين الشرقي لإفساح المجال لمفاعلين نوويين «سريعي التوليد».

ويعتقد الخبراء أنه بمجرد تشغيل المفاعلات، يمكن استخدامها لإنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة، والذي يمكن استخدامه في الصواريخ النووية.

وحذر الأدميرال توني رادكين، رئيس أركان الجيش البريطاني، من أن العالم دخل «العصر النووي الثالث».


مقالات ذات صلة

غواصة صينية جديدة تتحدى صواريخ «تايفون» الأميركية في بحر الصين الجنوبي

آسيا سفينة حربية صينية في بحر تاسمان (د.ب.أ)

غواصة صينية جديدة تتحدى صواريخ «تايفون» الأميركية في بحر الصين الجنوبي

من تايوان إلى بحر الصين الجنوبي، إلى بحر تاسمان بين أستراليا ونيوزيلندا، يرسخ الجيش الصيني نفسه حاليا مكونا دائما وبارزا في الساحة العالمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا تظهر علامة «ديب سيك» للذكاء الاصطناعي في مبنى يقع فيه مكتب الشركة الناشئة الصينية في بكين (رويترز)

تقرير: الصين تحذِّر مسؤولي شركات الذكاء الاصطناعي من السفر إلى أميركا

أفادت مصادر مطلعة أن الصين أصدرت تعليمات لرواد أعمال وباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي في البلاد، بتجنب السفر إلى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ (أ.ب)

شي جينبينغ: الصين وروسيا بحاجة إلى تعزيز التنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية

قال الرئيس الصيني شي جينبينغ إن الصين وروسيا بحاجة إلى مواصلة تعزيز التنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية، وذلك خلال لقائه أمين مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعهما في هلسنكي عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)

ترمب يراهن على التقرب من روسيا لإضعاف الشراكة بين بكين وموسكو

إن كان التقارب المفاجئ الذي باشره دونالد ترمب مع روسيا سيؤدي حتماً إلى إعادة رسم العلاقة بين موسكو وبكين، فمن غير المرجح برأي خبراء أن يؤثر على شراكتهما المتينة

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد خلال تفريغ سفينة حاويات بمحطة كونلي في بوسطن بالولايات المتحدة - 27 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

الصين تتوعد باتخاذ «كل التدابير المضادة الضرورية» في وجه الرسوم الجمركية الأميركية

توعدت الصين باتخاذ «كل التدابير المضادة الضرورية» بعد إعلان الرئيس الأميركي ترمب عزمه على فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 % على واردات المنتجات الصينية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

غواصة صينية جديدة تتحدى صواريخ «تايفون» الأميركية في بحر الصين الجنوبي

سفينة حربية صينية في بحر تاسمان (د.ب.أ)
سفينة حربية صينية في بحر تاسمان (د.ب.أ)
TT
20

غواصة صينية جديدة تتحدى صواريخ «تايفون» الأميركية في بحر الصين الجنوبي

سفينة حربية صينية في بحر تاسمان (د.ب.أ)
سفينة حربية صينية في بحر تاسمان (د.ب.أ)

من تايوان إلى بحر الصين الجنوبي، إلى بحر تاسمان بين أستراليا ونيوزيلندا، يرسخ الجيش الصيني نفسه حاليا مكونا دائما وبارزا في الساحة العالمية.

يقول براندون ج. ويشيرت، وهو محلل بارز في شؤون الأمن القومي بمجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، في تحليل نشرته المجلة، ونقلت بعض مضمونه «وكالة الأنباء الألمانية»، إن الجيش الصيني يمثل قوة حقيقية وحديثة، تدعمها أكبر قوة صناعية، في العالم. وبشكل أكثر تحديدا، يقوم أسطول جيش التحرير الشعبي الصيني ببناء غواصة بمواصفات عالمية من أجل مواجهة القوات الأميركية المنتشرة في المحيطين الهندي والهادئ.

ورغم الحديث عن هجوم صيني محتمل على تايوان، هناك فقط نقاش متقطع بشأن القضية الأوسع نطاقا، المتعلقة بالسيطرة على بحر الصين الجنوبي بين الفلبين، حليفة الولايات المتحدة، والصين. وفي الوقت الحاضر، يُتوقع أن تهيمن الصين على هذا المسطح المائي الأساسي، في حين تبذل الفلبين قصارى جهدها لمواجهة التعزيزات العسكرية الصينية هناك، بمؤازرة أميركية. ولكن بعد كل مواجهة ناجحة مع الصين، يعود الصينيون بأعداد أكبر، وبمنظومات عسكرية أكثر تطورا وتعقيدا، بحسب ويشيرت، وهو أيضا زميل بارز في مركز «ناشونال إنتريست» الأميركي.

غواصة صينية من طراز «كايلو» (ويكيميديا)
غواصة صينية من طراز «كايلو» (ويكيميديا)

وإذا ما أرادت القوات الصينية محاصرة تايوان المجاورة أو غزوها، فسيكون عليها السيطرة على بحر الصين الجنوبي، ومنع الولايات المتحدة من استخدامه لنشر قواتها ضد أي قوة صينية تهاجم تايوان.

غواصات هجومية

تحدثت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» عن فئة جديدة تماما من الغواصات الهجومية قيد البناء في مدينة ووهان، بمقاطعة هوبي الصينية، قد يكون الهدف منها مواجهة أنظمة صواريخ «تايفون» الأميركية الصنع، الموجودة في ترسانة الفلبين.

ونشرت الإدارة الأميركية السابقة منظومة «تايفون» في الفلبين، وتردد حينها أنها فقط للمشاركة في المناورات العسكرية المشتركة «سالاكنيب 2024» التي جرت مع الفلبين. ومع ذلك انتهت المناورات، وبقيت المنظومة في الفلبين.

واتفقت الحكومتان الأميركية والفلبينية في سبتمبر (أيلول) 2024، على إبقاء المنظومة في موقعها بشكل دائم، في خطوة وصفت بأنها رد على سنوات من التعزيزات العسكرية الصينية، وعلى العدوان الصيني الموجه ضد الفلبين في بحر الصين الجنوبي.

وتتمركز منظومة صواريخ «تايفون» في مطار لاواج الدولي بإقليم إيلوكوس نورتي، في بقعة استراتيجية تواجه بحر الصين الجنوبي قرب مضيق تايوان، رغم تقارير أشارت إلى أنه تم نقلها إلى موقع أكثر قابلية للبقاء، في جزيرة لوزون، أكبر جزر الفلبين وأكثرها ازدحاما بالسكان.

ونظام تايفون الصاروخي معروف رسميا بأنه نظام القدرات متوسطة المدى (إس آر سي)، أو نظام النيران الاستراتيجية متوسطة المدى (إس إم آر إف). وهو عبارة عن قاذفة صواريخ أرضية طورها الجيش الأميركي بالتعاون مع شركة «لوكهيد مارتن». وجرى تصميم المنظومة لسد الفجوة في ترسانة الجيش الضخمة، لأن صواريخ «تايفون» تستطيع إصابة أهداف في نطاقات تتراوح بين الصواريخ الضاربة الدقيقة قصيرة المدى والأسلحة فرط الصوتية الأطول مدى.

وتستطيع منظومة «تايفون» إطلاق نوعين من الصواريخ، «توماهوك» للهجوم البري، والذي يصل مداه إلى 1550 ميلا، و«إس إم6-» الذي يصل مداه إلى نحو 300 ميل، ويمكنه إصابة الأهداف الجوية والسطحية على حد سواء. وبعبارة أخرى، يشكل ذلك تهديدا للسفن الحربية الصينية التي سوف تستخدم، بلا شك، في سيناريو الغزو المحتمل أو الحصار المحتمل لتايوان.

وهنا تكمن أهمية الغواصة الصينية الجديدة، التي يجري بناؤها في ووهان وسوف تجهَّز، وفقا لتقرير «ساوث تشاينا مورنينغ بوست»، بصواريخ متطورة تفوق سرعتها سرعة الصوت، مما يجعل الصين في المركز الثاني ضمن القوى الكبرى الثلاث (روسيا والصين والولايات المتحدة) التي تمتلك أسلحة فرط صوتية تعمل من غواصات.

وروسيا هي القوة الكبرى الأخرى الوحيدة التي تمتلك صواريخ فرط صوتية تطلق من غواصات، وذلك في غواصتها «ياسين-إم». أما الولايات المتحدة فلا تزال في مرحلة التطوير لإنتاج أسلحة فرط صوتية.

الفرقاطة الصينية «هينغيانغ» في المياه المقابلة لساحل أستراليا الشرقي (أ.ف.ب)
الفرقاطة الصينية «هينغيانغ» في المياه المقابلة لساحل أستراليا الشرقي (أ.ف.ب)

وثارت تكهنات واسعة حول ماهية الغواصة الصينية الجديدة، ويعتقد محللون أنها جزء من عائلة الغواصات «041» (فئة تشو).

وأوضح ويشيرت أنه جرى تجهيز الغواصة «فئة تشو» بنظام دفع هجين فريد من نوعه يشمل الطاقة التقليدية والنووية، لإنتاج الغواصة الجديدة.

وتشير مصادر، عبر الإنترنت، إلى أن الصينيين ثبتوا مفاعلا نوويا صغيرا، ومحطة طاقة تعمل بالديزل والكهرباء، مما يعني أن الغواصة الجديدة ستمتلك مستويات عالية من القدرة على التحمل أثناء عمليات انتشارها. كما أن فيها مميزات جديدة لا توجد في الغواصات الأخرى التابعة للبحرية الصينية، مثل نظام الإطلاق العمودي الذي يسمح لها بإطلاق صواريخ «كروز»، وأيضا الصواريخ الباليستية المضادة للسفن.

واستخدم المهندسون الصينيون زعانف الذيل على شكل الحرف «إكس» لتعزيز قدرة الغواصة على التخفي أثناء الإبحار.

سباق تسلح خطير

ويرى ويشيرت أنه مهما حدث على المدى القريب، فمن الواضح حصول سباق تسلح خطير للهيمنة على بحر الصين الجنوبي.

وحققت الصين مكاسب واسعة في المنطقة، منذ بدأت بناء الجزر الاصطناعية هناك عام 2009. ومع أن نشر منظومة «تايفون» جاء كخطوة أميركية مهمة من قبل واشنطن، فإنها لا تزال تضع الأميركيين على مسافة خطوات عديدة خلف الخصم الصيني في المنطقة.

وفي ختام التحليل، يؤكد ويشيرت أنه إذا نشرت الصين الغواصات الجديدة المزودة بصواريخ تفوق سرعة الصوت، فإن ذلك سوف يعزز قبضتها بشكل واسع في الإقليم. وهو أمر من شأنه منح القوات الصينية فرصة للسيطرة على بحر الصين الجنوبي لفترة تكفي قواتها لضرب تايوان.