مصر متفائلة باستعادة الملاحة في البحر الأحمر مع هدوء التوترات

رئيس هيئة قناة السويس تحدث عن «مؤشرات إيجابية»

سفينة شحن كبرى تعبر قناة السويس (أرشيفية - مجلس الوزراء المصري)
سفينة شحن كبرى تعبر قناة السويس (أرشيفية - مجلس الوزراء المصري)
TT
20

مصر متفائلة باستعادة الملاحة في البحر الأحمر مع هدوء التوترات

سفينة شحن كبرى تعبر قناة السويس (أرشيفية - مجلس الوزراء المصري)
سفينة شحن كبرى تعبر قناة السويس (أرشيفية - مجلس الوزراء المصري)

تبدي مصر تفاؤلاً بعودة حركة الملاحة في البحر الأحمر إلى طبيعتها «تدريجياً»، استناداً إلى حالة «الاستقرار النسبي» التي تشهدها المنطقة حالياً، عقب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية «حماس»، في قطاع غزة، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي.

وتأمل مصر في استعادة عملائها ممن هجروا أو قلصوا مرورهم عبر «قناة السويس»، حيث وجه رئيس الهيئة العامة للقناة، الفريق أسامة ربيع، الخميس، «رسالة طمأنة» للمجتمع الملاحي، مؤكداً وجود «مؤشرات إيجابية» للاستقرار في المنطقة، ما يسمح بعودة السفن.

وتعتمد مصر بشكل رئيسي على قناة السويس في توفير العملة الصعبة. وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حجم الخسائر في إيرادات القناة، جراء هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) العام قبل الماضي، بـ7 مليارات دولار.

أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس خلال اجتماع مع وكلاء كبرى شركات ومجموعات الملاحة (هيئة قناة السويس)
أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس خلال اجتماع مع وكلاء كبرى شركات ومجموعات الملاحة (هيئة قناة السويس)

وقال ربيع، خلال اجتماعه مع 23 جهة من الخطوط والتوكيلات الملاحية الكبرى، إن بلاده «حريصة على التواصل المباشر والفعال مع جميع عملائها للتشاور وتبادل الرؤى حيال مستجدات الأوضاع في منطقة البحر الأحمر وباب المندب»، مؤكداً أن «الأوضاع الراهنة تشهد العديد من المؤشرات الإيجابية تجاه بدء عودة الاستقرار إلى المنطقة، بما يجعل الفرصة سانحة لاتخاذ إجراءات تنفيذية نحو تعديل الجداول الملاحية؛ تمهيداً لعودة الملاحة البحرية تدريجياً إلى مسارها الطبيعي».

وأعلن الحوثيون وقفاً جزئياً للهجمات، رداً على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وأشارت الجماعة اليمنية، إلى أن السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة سيُسمح بعبورها اعتباراً من 19 يناير الحالي، بينما سيستمر حظر السفن المملوكة بالكامل لمواطنين أو شركات إسرائيلية، أو تلك التي ترفع علم إسرائيل.

وبالفعل منذ بدء الهدنة، تمكنت 6 سفن أميركية وبريطانية من عبور البحر الأحمر، وفق مركز المعلومات البحرية المشترك في البحر الأحمر وخليج عدن (JMIC)، مشيراً إلى أن الوكالات الملاحية الكبرى تترقب استقرار الأوضاع الأمنية بالكامل للعودة.

وإلى جانب التفاؤل، نوه رئيس الهيئة المصرية إلى أن القناة استمرت في تنفيذ خططها الطموحة لتطوير المجرى الملاحي رغم التحديات، معلناً الانتهاء من مشروع تطوير القطاع الجنوبي وبدء تشغيله الفعلي خلال الفترة المقبلة.

ويرجع مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، تفاؤل بلاده إلى اتصالات استهدفت التهدئة جرت الفترة الماضية بين وزير الخارجية بدر عبد العاطي ونظيره الإيراني، وعلق قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «ربما حصلت مصر على تطمينات من إيران بأن الحوثيين لن يستأنفوا استهداف السفن».

وتعمل مصر على تثبيت اتفاق الهدنة في غزة، بالتعاون مع الولايات المتحدة وقطر، ومن ثم «عدم وجود داعٍ لاستئناف الحوثيين هجماتهم في البحر الأحمر، التي انطلقت بداعي مساندة المقاومة في القطاع»، بحسب رخا.

وحمّل الدبلوماسي المصري السابق، الولايات المتحدة، مسؤولية تفاقم الأوضاع سابقاً في البحر الأحمر، قائلاً: «بدلاً من العمل على وقف القتال في غزة قبل شهور، ذهبت لتقاتل الحوثيين، ما أشعل الموقف، وفاقم أضرار قناة السويس».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، غيّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، بسبب استهداف جماعة «الحوثي» لها.

وأبدى ممثلو شركات الملاحة العالمية خلال الاجتماع مع رئيس هيئة قناة السويس، رغبتهم في العودة للمرور بالقناة، لكنهم شددوا على ضرورة «ضمان الاستقرار»، وسط مخاوف من عودة الاضطرابات مرة أخرى.

وقال ممثل مجموعة ميرسيك «MAERSK» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هاني النادي، إن «مجموعته جاهزة للعودة فور استقرار الأوضاع بشكل كامل».

فيما أكد ممدوح طه، مدير عام الملاحة بالتوكيل الملاحي COSCO، أن عودة الخطوط الملاحية الكبرى للعبور من قناة السويس مرة أخرى «أمر حتمي»، حيث ينتظر المجتمع الملاحي استمرار استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأعرب ربيع عن «تفهمه للتخوفات الأمنية لدى شركات الملاحة والخطوط الملاحية، وحرصهما على مراعاة السلامة البحرية للسفن والأطقم البحرية».

واقترح رئيس غرفة ملاحة بورسعيد، عادل اللمعي، خلال الاجتماع، «التواصل مع شركات تأمين لإعادة تقييم الأوضاع بالمنطقة، وتصنيفها (منطقة آمنة للعبور)، بما سيساهم في سرعة عودة السفن للبحر الأحمر». بينما اقترح آخرون وضع «حوافز مؤقتة» لتشجيع السفن.

ورغم التفاؤل بـ«المؤشرات الإيجابية»، التي تحدث عنها رئيس هيئة قناة السويس، فإن عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق حسن، توقع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تستغرق عملية تعافي القناة وإيراداتها نحو عام.

وحولت أكثر من 6600 سفينة وجهتها إلى طريق «رأس الرجاء الصالح»، منذ 19 نوفمبر الماضي، نتيجة الأوضاع الراهنة في المنطقة، وفق تصريح سابق لرئيس هيئة قناة السويس.

وأثنى البرلماني المصري على تحركات هيئة القناة وخطتها في تحجيم الخسائر واستعادة التعافي، سواء عبر الاجتماعات مع الوكلاء، أو تحسين خدمات القناة.


مقالات ذات صلة

حملات حوثية في صنعاء لملاحقة منتقدي الفساد

العالم العربي مسلحون حوثيون في أحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)

حملات حوثية في صنعاء لملاحقة منتقدي الفساد

شنّت الجماعة الحوثية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء حملة اختطافات استهدفت منتقدي الفساد على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تستثنِ المحسوبين عليها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي اليمنيون يعانون أزمات إنسانية متعددة بما فيها شح المياه الصالحة للشرب (أ.ف.ب)

قرار تعليق المساعدات الأميركية يهدد حياة ملايين اليمنيين

يهدد قرار تعليق المساعدات الخارجية المقدمة عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية حياة ملايين اليمنيين، ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية، وفق مصادر حكومية وإغاثية

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مضامين طائفية تغلب على رسائل الشهادات العليا في جامعة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين (إكس)

انقلابيو اليمن يعبثون بالشهادات الجامعية ويتاجرون بها

أثار حصول القيادي الحوثي مهدي المشاط على الماجستير سخرية وغضب اليمنيين بسبب العبث بالتعليم العالي، بينما تكشف مصادر عن تحول تزوير الشهادات الجامعية لنهج حوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون على متن عربة عسكرية خلال تجمع في صنعاء (رويترز)

الحوثيون يصعّدون هجماتهم في مأرب والجوف

أفاد الجيش اليمني بتصاعد الهجمات التي تشنها الجماعة الحوثية في جبهات مأرب والجوف، مؤكداً سقوط قتيلين من عناصره و7 جرحى في أحدث هذه الهجمات.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مجندات حوثيات شاركن في تدريبات قتالية في باحة مدرسة حكومية بصنعاء (إكس)

إخضاع نساء وفتيات في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية

استمر الحوثيون في إخضاع النساء والفتيات بمن فيهن التربويات لدورات تعبوية وعسكرية، تحت إشراف الجهاز النسائي الأمني والعسكري المعروف باسم «الزينبيات».

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملات حوثية في صنعاء لملاحقة منتقدي الفساد

حملة حوثية سابقة استهدفت سكاناً في إحدى المناطق اليمنية (إكس)
حملة حوثية سابقة استهدفت سكاناً في إحدى المناطق اليمنية (إكس)
TT
20

حملات حوثية في صنعاء لملاحقة منتقدي الفساد

حملة حوثية سابقة استهدفت سكاناً في إحدى المناطق اليمنية (إكس)
حملة حوثية سابقة استهدفت سكاناً في إحدى المناطق اليمنية (إكس)

شنّت الجماعة الحوثية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء حملة اختطافات استهدفت منتقدي الفساد على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تستثنِ الاعتقالات العناصر المحسوبين عليها، وفق ما ذكرته مصادر يمنية مطلعة.

وذكرت مصادر حقوقية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن عناصر حوثية تتبع لما يُسمّى جهازَي «الأمن الوقائي» و«الأمن والمخابرات» خطفت عدداً من الناشطين الإعلاميين والمغردين على مواقع التواصل الاجتماعي، من أحياء متفرقة تتبع مديريات معين والوحدة والسبعين والثورة.

وأكدت المصادر أنه جرى خطف النشطاء من المنازل ومقار أعمالهم ومن المطاعم والمقاهي والأسواق. وكشفت عن حالة استنفار غير معلنة في صنعاء وضواحيها، يرافقها تشديد على تكثيف عمليات تتبع النشطاء والمغردين المناوئين.

وتمثّلت آخر الاختطافات بمداهمة منزل ناشط يمني على منصة «واتساب»، يُدعى عمار أمين الزهيري يقع في مديرية معين وسط المدينة.

مسلحون حوثيون في أحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون في أحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)

وأوضح شهود أن دوريتَيْن حوثيتَيْن على متنهما مسلحون داهموا منزل الزهيري المنحدر من محافظة إب، رفقة مُجندات «زينبيات» لتفتيش المنزل، ثم قاموا باختطافه والتوجه به صوب جهة غير معلومة.

وتتهم الجماعة الناشط الزهيري وآخرين بكنّ العداء لها والسعي إلى تأجيج الشارع ضدها، عبر كشفه عن ملفات فساد لبعض المسؤولين في الجماعة الذين يعملون بنطاق مديرية معين كبرى مديريات صنعاء.

وبينما تعاني المدينة مثل غيرها من المدن تحت سيطرة الحوثيين من تدهور وفلتان أمني غير مسبوق، يرافقه تصاعد كبير بمعدل الجريمة بمختلف أشكالها؛ تتهم مصادر حقوقية الجماعة باستحداث عشرات المعتقلات بمناطق متفرقة في المدينة وضواحيها، بغية التمكّن من استيعاب أعداد أخرى من المختطفين الجدد.

لا استثناءات

وبينما لم تستثنِ الحملة الحوثية حتى المقربين من الجماعة، أفادت المصادر بأن عناصر تابعة لما يُعرف بجهاز «استخبارات الشرطة» الذي يقوده علي حسين الحوثي (نجل مؤسس الجماعة) نفّذت هي الأخرى حملة اختطافات مماثلة في مناطق متفرقة بصنعاء، من بينهم موالون للجماعة.

وذكرت المصادر أن من بين المخطوفين الناشط الموالي للجماعة إسماعيل الجرموزي، وذلك على خلفية اتهامه، عبر سلسلة تغريدات على حساباته في منصات التواصل، قيادات في الجماعة، بينهم خالد المداني المشرف العام على العاصمة المختطفة، والقيادي أبو مطهر الوشلي المنتحل صفة مدير مديرية السبعين، بالقيام بأعمال فساد وعبث بالمال العام وارتكابهم جرائم متعددة بحق اليمنيين.

مسلح حوثي في صنعاء يراقب تجمعاً لأنصار الجماعة (إ.ب.أ)
مسلح حوثي في صنعاء يراقب تجمعاً لأنصار الجماعة (إ.ب.أ)

وأكدت المصادر أن الجرموزي توقف منذ أيام وبصورة مفاجئة عن النشر في حساباته؛ حيث إن جُل تغريداته تتركز عادةً على مهاجمة قادة الجماعة الحوثية ومشرفيها واتهامهم بالفساد.

وحسب المصادر فإن المعلومات الواردة من داخل أروقة الجماعة الحوثية في صنعاء تُفيد بإصدار أجهزتها القمعية أوامر قهرية باعتقال الناشط الجرموزي.

وجاءت هذه الاختطافات في سياق حملة ممنهجة لقمع أي صوت منتقد لفساد وممارسات قيادات الجماعة على وسائل التواصل الاجتماعي، لتُضاف إلى الحملات السابقة التي استهدفت موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية الإغاثية.