اليمين المتطرف يحتفل برحيل «أونروا» من إسرائيل

الحكومة الإسرائيلية لا تعرف بعد كيف ستطبِّق قوانين حظر المنظمة الدولية

يمينيون اسرائيليون يحتفلون أمام مقر "الانروا" في القدس قبل يوم من اقفالها (أ.ف.ب(
يمينيون اسرائيليون يحتفلون أمام مقر "الانروا" في القدس قبل يوم من اقفالها (أ.ف.ب(
TT

اليمين المتطرف يحتفل برحيل «أونروا» من إسرائيل

يمينيون اسرائيليون يحتفلون أمام مقر "الانروا" في القدس قبل يوم من اقفالها (أ.ف.ب(
يمينيون اسرائيليون يحتفلون أمام مقر "الانروا" في القدس قبل يوم من اقفالها (أ.ف.ب(

في الوقت الذي اجتمع فيه نائب رئيس بلدية القدس الغربية أريه كينغ، وهو من اليمين المتطرف، مع رفاقه أمام مكاتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ليحتفلوا ببدء سريان حظر عمل الوكالة في إسرائيل، أكدت مصادر في تل أبيب أن هناك تخبطاً في الحكومة حول قرار تطبيق الحظر، ومَن سيحل محلها. وقد توجهت إلى جهات في الخارجية الأميركية لإجراء اتصالات حول الموضوع مع الجهات الدولية.

وتخشى جهات إسرائيلية وفلسطينية من نشوء فراغ، ابتداءً من مطلع شهر فبراير (شباط)، يهدد بانهيار الخدمات الطبية والتعليمية والبيئية في مخيمات اللاجئين من جراء حظر الوكالة ورحيل كبار موظفيها عن المنطقة.

كانت الحكومة الإسرائيلية قد مررت في 28 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، قانونين اثنين في الكنيست (البرلمان) لوقف أنشطة وكالة «أونروا». ولقي هذان القانونان دعماً واسعاً من الجمهور وجرت الموافقة عليها بأغلبية عابرة للأحزاب في الكنيست، على الرغم من الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي لمنع هذه الخطوة.

القانون الأول يحظر على «أونروا» تشغيل فروع، أو تقديم خدمات، أو ممارسة أي نوع من الأنشطة بشكل مباشر أو غير مباشر على الأراضي السيادية لدولة إسرائيل، وهذا يعني أن «أونروا» لن تتمكن بعد الآن من العمل في القدس الشرقية، وستضطر إلى وقف جميع أنشطتها في المدينة.

والقانون الثاني يحظر على السلطات، والهيئات، والأشخاص الذين يشغلون مناصب عامة وفق القانون، إقامة أي اتصال مع «أونروا» أو مع ممثليها. وهذا يعني أن المسؤولين الإسرائيليين لن يتمكنوا من التواصل مع «أونروا» أو أي جهة تابعة لها.

وفق ذلك، اعتباراً من نهاية يناير (كانون الثاني) الجاري، لن تتمكن وزارتا الخارجية والداخلية من إصدار تصاريح دخول أو عمل لموظفي «أونروا». وفي المواني والجمارك، لن يتمكنوا من استقبال بضائع «أونروا» أو التعامل معها؛ كما ستواجه البنوك في إسرائيل صعوبة في توفير الخدمات المصرفية لها، وسيضطر الجيش الإسرائيلي إلى قطع العلاقات العملية معها وتنسيق الأنشطة مع الجهات الفلسطينية من خلال «أونروا».

والمفترض بموجب القانونين، أن يدخل إلى حيز التنفيذ، حظر نشاطات الوكالة في إسرائيل وفي الضفة الغربية وفي قطاع غزة، وتحظر أي علاقة بينها وبين سلطات الدولة.

حقائق

25 موظفاً دولياً

يعملون في الضفة وشرق القدس يغادرون الجمعة

ولكن، باستثناء التصريحات المتكررة ضد هذه القوانين فإنه لا يوجد في أيدي المجتمع الدولي والدول الممولة للوكالة أيّ طرق ناجعة لمنع هذه العملية. وسيغادر، الجمعة، 25 موظفاً دولياً يعملون في الوكالة في الضفة وفي شرقي القدس، بعد انتهاء تأشيرات دخولهم.

أما في قطاع غزة، فتصمم إسرائيل على عدم السماح لموظفي «أونروا» الجدد بالدخول إليه، لكن الذين يوجدون فيه لا ينوون المغادرة، وفي «أونروا» يخططون لمواصلة العمل هناك ما دام ذلك ممكناً.

«أونروا» أعلنت أيضاً أنها لا تنوي إخلاء المباني التي توجد فيها في شرق القدس رغم طلب صريح من إسرائيل وجد التأييد الصريح من الولايات المتحدة، ويتوقع أن يكون هذا سبباً لصدامات مع المواطنين المتضررين من القرار الإسرائيلي.

لكن المشكلة أنه في إسرائيل، لا يوجد حتى الآن أي فهم واضح لكيف سيجري تنفيذ هذه القوانين. وفي جلسة جرى عقدها هذا الأسبوع في لجنة المالية تبيَّن أنهم في بنك إسرائيل لا يعرفون إذا كان قطع العلاقات مع «أونروا» يسري أيضاً على البنوك.

هذا السؤال يمكن أن يتدحرج ويصل إلى المستشارة القانونية للحكومة، والافتراض السائد هو أنه من أجل هذا الموضوع فإن البنوك لا تعد «سلطة» من سلطات الدولة.

حقائق

2.8 مليون دولار

لـ«أونروا» جمّدها بنك «لئومي» الإسرائيلي

وحسب «أونروا»، جمَّد بنك «لئومي» الإسرائيلي مبلغ 2.8 مليون دولار تعود للوكالة. ومن غير الواضح هل؟ وكيف ستتعامل الدولة مع رفض «أونروا» إخلاء المباني التابعة لها شرقي القدس؟ ويمكن جداً أن يصل هذا السؤال في نهاية المطاف إلى المحكمة. عندها سيخلق شَرَكاً بروح العصر: «هل المحكمة، التي بلا شك هي سلطة من سلطات الدولة، مخوّلة بمناقشة أمور تتعلق بـ(أونروا)، التي -حسب القوانين الجديدة- هي غير مخوَّلة بالاتصال بها؟».

وذكرت صحيفة «هآرتس»، الخميس، أن إسرائيل تحاول استبدال هيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة بـ«أونروا»، ولكن المؤسسة الدولية ترفض ذلك لاعتبارات سياسية واعتبارات مناوئة لإسرائيل.

في المقابل، يقولون في الأمم المتحدة إن التفويض الوحيد لـ«أونروا»، الذي يمكّنها، ضمن أمور أخرى، من تشغيل عشرات آلاف أحفاد اللاجئين الفلسطينيين، غير قابل للاستبدال، وبالتأكيد ليس بقرار إداري.

مأزق إسرائيل

من أجل تغيير الأنظمة واستبدال المنظمة التي تأسست في 1949، هناك حاجة إلى قرار جديد من الجمعية العمومية. في كل الحالات لا يبدو أن إسرائيل، أو الأمم المتحدة، تتوقعان أن تتراجعا عن موقفيهما في القريب. وتضيف الصحيفة أن إسرائيل أدخلت نفسها في مأزق؛ فهي تشلّ اليوم مؤسسة مثل «أونروا»، التي تعد المشغِّل الثاني من حيث حجمها في المناطق المحتلة.

وحسب أقوال كثيرين في المجتمع الدولي وفي الوكالة نفسها، فإن إمكانية الفصل الكامل لـ«أونروا» من السياق «الحمساوي» يمكن أن تجري فقط عند نقل وظائفها إلى دولة فلسطينية، أو على الأقل إلى السلطة الفلسطينية، «الدولة التي هي في الطريق».

هذا بالضبط هو الحل الذي تقوم حكومة نتنياهو بفعل كل ما في استطاعتها لتعويقه.

بنظرة تاريخية - سياسية فإنه بالنسبة إلى إسرائيل إحباط نشاطات «أونروا» يرتبط كما يبدو بإزالة قضية اللاجئين -التي من أجل علاجها أُقيمت الوكالة- عن جدول الأعمال. ولكن القضية لا يُتوقع أن تنزل عن المنصة من دون إقامة الدولة الفلسطينية.

لذلك فإن عملية إغلاق «أونروا» هي نوع من الخداع، ويُتوقع فقط أن تزيد الفوضى في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، بالذات في فترة عملية تاريخية دراماتيكية، حيث إسرائيل تحتاج جداً إلى الهدوء والنظام مهما كان ذلك هشاً.


مقالات ذات صلة

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

تحليل إخباري يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات حول التنفيذ.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي فلسطينيون أمام معبر رفح من جهة قطاع غزة في نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

معبر رفح وجبهتها يُسخّنان ملف غزة

أعاد خلاف مصري – إسرائيلي حول فتح معبر رفح وهجوم لمسلحين يُرجح أنهم من «حماس» ضد قوات جيش الاحتلال في الجبهة ذاتها، تسخين ملف غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة – تل أبيب) محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي أطفال فلسطينيون يستدفئون بالنار في خان يونس (رويترز) play-circle 00:36

5 قتلى وعشرات المصابين في غارات إسرائيلية على خان يونس

قُتل 5 فلسطينيين على الأقل وأصيب آخرون، مساء الأربعاء، في قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على جنوب وشرق قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تركيب فني لصورة للقيادي الفلسطيني المعتقل لدى إسرائيل مروان البرغوثي في مسقط رأسه قرية كوبر في الضفة الغربية شمال رام الله 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)

200 من مشاهير العالم يطالبون بالإفراج عن مروان البرغوثي

دعا أكثر من 200 من المشاهير، بينهم كتاب وممثلون وموسيقيون، في رسالة مفتوحة، الأربعاء، إسرائيل إلى إطلاق سراح السياسي المعتقل مروان البرغوثي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز) play-circle

غوتيريش: «أسباب قوية» للاعتقاد بارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الأربعاء، إن هناك «خطأ جوهرياً» في الكيفية التي أدارت بها إسرائيل عمليتها العسكرية في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.