إسرائيل توسّع نموذج «جنين - غزة» في الضفة الغربية

جنود إسرائيليون قرب عربتهم خلال غارة في طولكرم الثلاثاء (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون قرب عربتهم خلال غارة في طولكرم الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT
20

إسرائيل توسّع نموذج «جنين - غزة» في الضفة الغربية

جنود إسرائيليون قرب عربتهم خلال غارة في طولكرم الثلاثاء (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون قرب عربتهم خلال غارة في طولكرم الثلاثاء (أ.ف.ب)

اعترفت أوساط في قيادة الجيش الإسرائيلي، بأن أحد أهداف الهجمة الجديدة على جنين، ومخيم اللاجئين فيها، يرمي إلى إفساد فرحة الاحتفالات الفلسطينية بتحرير الأسرى من السجون الإسرائيلية في صفقة التبادل. وقد اختارت لذلك تنفيذ عمليات تدمير تجعل جنين شبيهة بغزة، من حيث الدمار.

وبحسب رئيس بلدية جنين، محمد جرار، فقد نفذت إسرائيل فعلاً عمليات تدمير شامل، فأحرقت ما بين 70 و80 منزلاً فلسطينياً، ودمرت ما بين 30 و40 منزلاً آخر بشكل كلي، إلى جانب مئات المنازل بشكل جزئي خلال عمليتها العسكرية على مدينة جنين ومخيمها. فالقوات العاملة هناك تحضر برفقة جرافات الـ«دي 9» العملاقة، التي تتقدم القوات وهي تجرف كل ما في طريقها، من بيوت وأسوار وبنى تحتية (خطوط الكهرباء والماء والهواتف والمجاري).

قوة إسرائيلية في أحد شوارع مخيم طولكرم للاجئين الثلاثاء (إ.ب.أ)
قوة إسرائيلية في أحد شوارع مخيم طولكرم للاجئين الثلاثاء (إ.ب.أ)

وبما أن الجيش الإسرائيلي أقدم على عمليات كهذه عدة مرات في السنوات الأربع الماضية، منذ 9 مارس (آذار) 2022، فقد ثارت تساؤلات في الإعلام الإسرائيلي عن جدوى العمليات، ما دفع بالناطق بلسان الجيش إلى دعوة مجموعة صحافيين وأطلعهم على هذه العمليات. فخرجوا بالانطباع أنه تكرار للأهداف نفسها وللعمليات نفسها مع إضافة شكلية، هي: «حفر الانطباع بأن إسرائيل تنوي تكرار مشاهد الدمار في غزة هنا». وتساءلت «هآرتس» عما إذا كانت هناك حكمة من وراء هذا التشبيه، فقالت: «بالمؤكد، إنه لا توجد ضرورة لعملية تدمير كهذه».

وكان الجيش الإسرائيلي باشر في اليومين الأخيرين، نقل نموذج جنين - غزة، أيضاً إلى مدينة طولكرم ومخيم نور شمس القائم فيها. فشنّ هناك أيضاً غارات جوية، واغتال بعض الشبان، ثم أجبر عائلات فلسطينية، على النزوح من مساكنها تحت تهديد السلاح، وذكر شهود عيان أن عدداً من العائلات اضطر لمغادرة المخيم، بينما يبدو أن الجيش حولها إلى ثكنات عسكرية. وبعدها راح ينفذ عمليات تجريف للبنية التحتية وحرق عدة منازل.

فلسطيني يرفع يديه بالهواء وهو يقترب من حاجز تفتيش إسرائيلي في مخيم طولكرم للاجئين الثلاثاء (إ.ب.أ)
فلسطيني يرفع يديه بالهواء وهو يقترب من حاجز تفتيش إسرائيلي في مخيم طولكرم للاجئين الثلاثاء (إ.ب.أ)

لكن العمليات في طولكرم لم توقف العمليات في جنين، وقد دفعت قوات الاحتلال، اليوم (الثلاثاء)، بمزيد من قواتها إلى مخيم جنين. وأفادت مصادر محلية بأن آليات عسكرية مصحوبة بجرافات كبيرة اقتحمت المخيم انطلاقاً من حاجز الجلمة العسكري، وانتشرت في شوارع المخيم. ويحاصر جيش الاحتلال المخيم من كل جهاته، ويسمع بين حين وآخر أصوات انفجارات واشتباكات مسلحة في المنطقة، كما لا تغادر الطائرات المسيرة سماء المدينة.

وبحسب تقرير «هآرتس»، لم يعد هناك مسلحون في جنين تابعون لحركات «حماس» أو «الجهاد» أو «فتح»، كما يدعي الجيش؛ بل هناك عدد من تنظيمات المافيا التي أطلقت النيران كي تتمكن من الهرب. والمخيم بات خالياً من السكان تماماً. لكن الاجتياح هو نفسه الذي عرفناه في كل مرة، الشوارع نفسها والبيوت نفسها. ونقلت على لسان المقدم «أ»، الذي يحظر نشر اسمه، وفق السياسة الجديدة للجيش لتفادي ملاحقته القضائية في العالم، القول: «دائماً يوجد جديد في هذه العمليات. فالفلسطينيون يطورون أدواتهم ويوسعون صفوفهم، وعلينا أن نواكب التغيير في كل مرة».

فلسطينيون يعاينون الأضرار التي تسببت بها القوات الإسرائيلية في مخيم طولكرم للاجئين الثلاثاء (إ.ب.أ)
فلسطينيون يعاينون الأضرار التي تسببت بها القوات الإسرائيلية في مخيم طولكرم للاجئين الثلاثاء (إ.ب.أ)

لكن المقدم المذكور يعترف بعد إلحاح الصحافيين، بأن الأمر الأساسي هو أن القيادة السياسية في الحكومة هي التي أعطت الأوامر للعمل العسكري المكثف، ومع أن الجيش يعرف بأنه لم تعد هناك تنظيمات مسلحة فاعلة فقد كان ملزماً بالتنفيذ. وقد وجدها فرصة من جهته لكي ينزع الفرحة عن الاحتفالات بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. وقال إن شدة الدمار جاءت لغرض ألا ينسى الفلسطينيون أن إسرائيل قادرة على تحويل الضفة الغربية برمتها إلى غزة أخرى.


مقالات ذات صلة

«الأونروا»: مسؤولون إسرائيليون حاولوا دخول 3 مدارس تابعة للوكالة لإغلاقها

العالم العربي تتهم إسرائيل موظفين من «الأونروا» بالمشاركة في هجوم «حماس» على إسرائيل (أ.ف.ب)

«الأونروا»: مسؤولون إسرائيليون حاولوا دخول 3 مدارس تابعة للوكالة لإغلاقها

قال رولاند فريدريك مدير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن مسؤولين إسرائيليين حاولوا دخول ثلاث مدارس تابعة للوكالة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية تمر عبر رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

تقرير: تكلفة إعمار غزة والضفة خلال 10 سنوات تتجاوز 50 مليار دولار

ذكر تقييم أصدرته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، الثلاثاء، أن الاحتياجات اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة والضفة الغربية ستتجاوز 50 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي عشرات الآلاف من الفلسطينيين يتركون منازلهم بالضفة الغربية بسبب الهجوم الإسرائيلي المستمر (أ.ف.ب)

عشرات الآلاف من الفلسطينيين يغادرون مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية

قالت السلطات الفلسطينية إن عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية المحتلة تركوا منازلهم بسبب هجوم إسرائيلي مستمر منذ أسابيع.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي بلدوزر إسرائيلي خلال عملية في مخيم طولكرم للاجئين الثلاثاء (أ.ف.ب)

عشرات آلاف الفلسطينيين يغادرون مخيمات اللاجئين في الضفة

غادر نحو 17 ألف شخص مخيم جنين للاجئين كما غادر نحو 6 آلاف شخص مخيم نور شمس، أي نحو ثلثي العدد الإجمالي بالمخيم، وغادر عشرة آلاف آخرون مخيم طولكرم.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي مواطنون يتجمعون أمام السيارة التي استهدفت بغارة إسرائيلية في مدينة صيدا وأدت إلى مقتل القيادي في «حماس» محمد شاهين (رويترز)

من هو محمد شاهين الذي اغتالته إسرائيل في صيدا؟

يندرج اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمد شاهين في إطار سلسلة من عمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل في الداخل اللبناني بعد أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول). 

بولا أسطيح (بيروت)

القمة العربية الطارئة في 4 مارس

سائق يجلس بجوار شاحنته المحملة بمعدات إعادة الإعمار المتجهة إلى غزة في أثناء انتظاره لعبور معبر رفح
سائق يجلس بجوار شاحنته المحملة بمعدات إعادة الإعمار المتجهة إلى غزة في أثناء انتظاره لعبور معبر رفح
TT
20

القمة العربية الطارئة في 4 مارس

سائق يجلس بجوار شاحنته المحملة بمعدات إعادة الإعمار المتجهة إلى غزة في أثناء انتظاره لعبور معبر رفح
سائق يجلس بجوار شاحنته المحملة بمعدات إعادة الإعمار المتجهة إلى غزة في أثناء انتظاره لعبور معبر رفح

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، أمس، أن القاهرة ستستضيف القمة العربية الطارئة بشأن تطورات القضية الفلسطينية يوم 4 مارس (آذار) المقبل.

وكان مقرراً أن تُعقد القمة في 27 من فبراير (شباط) الحالي، غير أن القاهرة عزت الإرجاء إلى «استكمال التحضير الموضوعي واللوجيستي».

وتواكب الإعلان المصري، مع إفادات عن ملامح خطة عربية مرتقبة بشأن مستقبل غزة في مواجهة ما طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن تهجير أهل القطاع، وهو ما قوبل برفض عربي واسع.

ونقلت تقارير أن ملامح الخطة التي تعمل القاهرة على صياغتها تتضمن إنشاء «مناطق آمنة» في غزة في أثناء إعادة إعمارها، ومن المقرر طرح الخطة كاملة على القمة العربية الطارئة المرتقبة.

في غضون ذلك، سعت إسرائيل وحركة «حماس» لطي المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، وقررتا إطلاق سراح عدد من الأسرى في محاولة لتسريع إطلاق مفاوضات المرحلة الثانية، التي تناقش الوقف الدائم للحرب، واليوم التالي للقطاع.

وأعلن رئيس «حماس» في غزة خليل الحية، أمس، أن الحركة «قررت الإفراج يوم السبت المقبل عمن تبقى من أسرى الاحتلال الأحياء، المتفق على إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، وعددهم 6 أسرى»، مشيراً إلى «تسليم 4 جثامين لأسرى يوم الخميس». وفي حال مضى الاتفاق، تكون إسرائيل قد حصلت في المرحلة الأولى على 33 أسيراً، ويتبقى لدى «حماس» 59 محتجزاً آخرين من بينهم 28 قتيلاً على الأقل.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي لـ«قناة 12» العبرية: «في إطار إطلاق سراح الرهائن، التزمت إسرائيل السماح بإدخال الكرفانات والمعدات الثقيلة إلى قطاع غزة بعد تفتيش صارم».