«الفيدرالي» يتجه لتثبيت الفائدة رغم ضغوط ترمب المتواصلة لتخفيضها

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT
20

«الفيدرالي» يتجه لتثبيت الفائدة رغم ضغوط ترمب المتواصلة لتخفيضها

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي على معدلات الفائدة الرئيسة دون تغيير في اجتماعه للسياسة النقدية هذا الأسبوع، بعد أيام قليلة من تصريح الرئيس دونالد ترمب بأنه سيطالب قريباً بتخفيضات في المعدلات.

وقد خفض مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، بقيادة رئيسه جيروم باول، معدلات الفائدة في ثلاثة اجتماعات متتالية، لتصل إلى نحو 4.3 في المائة، بعد أن كانت عند أعلى مستوى لها في عقدين البالغ 5.3 في المائة. ومع ذلك، ومع ظهور تقارير اقتصادية حديثة تظهر التوظيف القوي والتقدم في معدلات التضخم، قال صنّاع السياسة إنه من المتوقع أن تتباطأ وتيرة خفض الفائدة هذا العام. وقد أشار البعض إلى أن الحاجة إلى مزيد من التخفيضات قد تكون محدودة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وبينما قد يكون الاجتماع الذي يستمر يومين وينتهي يوم الأربعاء دون أحداث كبيرة، فإنه يمثل بداية ما، ومن المرجح أن يكون عاماً مضطرباً للاحتياطي الفيدرالي، فقد أوضح ترمب الخميس الماضي أنه يتوقع أن يعبّر عن رأيه بشأن سياسة معدلات الفائدة، وقال: «أنا أعرف معدلات الفائدة أفضل منهم».

في الوقت نفسه، يواجه مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي فترة حساسة للاقتصاد، حيث يريدون الحفاظ على تكاليف الاقتراض مرتفعة بما يكفي لدفع التضخم إلى العودة إلى هدفهم البالغ 2 في المائة، دون أن تكون هذه المعدلات مرتفعة للغاية لفترة طويلة، مما يؤدي إلى دفع الاقتصاد نحو الركود.

وفي آخر مرة كان فيها في البيت الأبيض، هدد ترمب بإقالة باول، الذي عينه في أواخر عام 2017، لكنه تراجع مؤخراً عن مثل هذه التهديدات. وتنتهي مدة باول رئيساً لبنك الاحتياطي الفيدرالي في مايو (أيار) 2026، وهو الوقت الذي يمكن فيه لترمب تعيين بديل له.

وحتى ذلك الحين، تشير تعليقات ترمب الخميس الماضي إلى أنه يتوقع أن يواصل انتقاد سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي علناً، رغم التقليد الطويل للرؤساء السابقين في الابتعاد عن التدخل في سياسات البنك المركزي. وقد أعاد الرئيس السابق جو بايدن تعيين باول بدلاً من استبداله، في إشارة إلى استقلالية البنك المركزي عن السياسة.

وقال فينسنت راينهارت، كبير الاقتصاديين في «بي إن واي» للاستثمارات، والخبير الاقتصادي السابق في بنك الاحتياطي الفيدرالي، إن «جيروم باول لن يسمح لهجمات ترمب بالتأثير على قراراته السياسية». وقال أيضاً: «إذا كنت مهتماً باستقلاليتك، فعليك أن تتحمل الضغوط. إذا كان الأمر مجرد كلام، فهو ليس مصدر قلق بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي. أعتقد أن باول يدرك أن هذا هو الدليل».

في الوقت نفسه، أشار مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي بوضوح إلى أنهم يتوقعون إلغاء رفع معدلات الفائدة، على الأقل في يناير (كانون الثاني)، لتقييم سوق العمل والاقتصاد. وقال محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والير في وقت سابق من هذا الشهر في مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي»: «في يناير، نحتاج إلى أن نرى ما الذي سيحدث». وأضاف أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي «يحتاجون إلى رؤية تقدم أكبر في التضخم»، رغم أنه قال أيضاً إن التضخم يقترب «بشدة» من الهدف.

وكان التضخم السنوي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2.4 في المائة فقط، وفقاً للمقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو قريب من هدفهم، لكنه ظل ثابتاً عند هذا المستوى لمدة نحو ستة أشهر. ومع ذلك، هناك إشارات إلى أن الأسعار قد تهدأ في وقت لاحق من هذا العام. فقد أدى ازدهار بناء الشقق إلى خفض نمو تكاليف الإيجارات، كما تباطأ التضخم في تأمين السيارات.

وقد جادل بعض المسؤولين، بما في ذلك بيث هاماك، رئيسة فرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، بأن استمرار التضخم يعني أنه يجب على بنك الاحتياطي الفيدرالي الحفاظ على معدلات الفائدة مرتفعة. وصوتت هاماك ضد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة الشهر الماضي.

وانتعش التوظيف في ديسمبر (كانون الأول)، مما عكس التراجع الذي حدث في الخريف، والذي كان قد أثار القلق في بنك الاحتياطي الفيدرالي. وكان صنّاع السياسة قد اتفقوا على خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة في سبتمبر (أيلول) جزئياً؛ بسبب مخاوفهم من أن سوق العمل الضعيفة قد تؤدي إلى الركود. ومع ذلك، انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة في الشهر الماضي. ومن المحتمل أن يؤدي التباطؤ الحاد في التوظيف إلى دفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة بشكل أسرع.

في ديسمبر، أشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى أنهم يتوقعون خفض الفائدة مرتين فقط هذا العام. لكن اللجنة المكونة من 19 عضواً التي تتخذ قرارات بشأن معدلات الفائدة تبدو منقسمة بشكل واضح؛ إذ يتوقع بعض المسؤولين، مثل والير، وأوستين جولسبي رئيس فرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أن يستمر التضخم في التراجع، وأن معدلات الفائدة لا تحتاج إلى أن تكون مرتفعة جداً. وبينما يرى آخرون، مثل هاماك، وجيفري شميد رئيس فرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، أن التضخم لا يزال فوق الهدف، وأن الاقتصاد في حالة صحية، ولا حاجة لخفض تكاليف الاقتراض، على الأقل ليس بشكل كبير.

ومن العوامل غير المعروفة هذا العام بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي هو ما إذا كان ترمب سيفرض رسوماً جمركية، ومدى شمولها، وما إذا كانت ستؤدي إلى زيادة الأسعار. وقد تجبر الترحيلات الجماعية للمهاجرين أصحاب العمل أيضاً على دفع المزيد للعمال لملء الوظائف، مما قد يرفع أيضاً التضخم.

ويتوقع معظم الاقتصاديين أن الرسوم الجمركية الواسعة النطاق سترفع التضخم بنحو عدة أعشار من نقطة مئوية، وهو ليس مبلغاً كبيراً، لكنه قد يكون كافياً لبنك الاحتياطي الفيدرالي لتأجيل خفض معدلات الفائدة. وقد يستغرق الأمر شهوراً حتى يتم فرض الرسوم الجمركية رسمياً، ومن ثم تقييم تأثيرها على الاقتصاد. ولا يعتقد بعض الاقتصاديين أن التأثير سيكون واضحاً حتى العام المقبل.

وكتب كيفين وارش، محافظ سابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي وأحد المرشحين المحتملين لخلافة باول، في عمود نشره مؤخراً في صحيفة «وول ستريت جورنال» أن وعود ترمب بتقليص التنظيمات قد تدفع في الاتجاه المعاكس، عن طريق تقليل التكاليف على الشركات، وبالتالي خفض التضخم.


مقالات ذات صلة

ترمب يؤكّد أن مبعوثه إلى أوكرانيا سيزور كييف قريبا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال رده على أسئلة الصحافيين (أ.ف.ب)

ترمب يؤكّد أن مبعوثه إلى أوكرانيا سيزور كييف قريبا

أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الإثنين أنّ كيث كيلوغ، مبعوثه الخاص المكلّف السعي لوقف الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، سيزور كييف قريبا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد توقيعه أوامر تنفيذية (إ.ب.أ)

ترمب يوقع أوامر تنفيذية بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الإثنين أوامر تنفيذية فرض بموجبها رسوما جمركية بنسبة 25% على كلّ واردات بلاده من الصلب والألمنيوم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حديثه للصحافيين عقب توقيعه أوامر تنفيذية في المكتب البيضاوي (أ.ف.ب)

ترمب: قد تُفتح أبواب الجحيم إذا لم يعد الرهائن من غزة بحلول السبت

تحدث ترمب عن «إمكانية قطع المساعدات عن مصر والأردن إذا لم يوافقا على استقبال الفلسطينيين»، معربا عن اعتقاده «أن الأردن سيستقبل لاجئين من غزة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد توقيعه الأمر التنفيذي (أ.ف.ب)

ترمب يقلّص مفاعيل قانون لمكافحة الفساد في الخارج

قال ترمب في البيت الأبيض إنّ هذا القانون «يبدو جيّدا على الورق لكنّه في الواقع كارثي» إذ «لا أحد يريد أن يقوم بأعمال مع الأميركيين» بسبب خطر حصول تحقيقات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)

ترمب يدرس استثناء أستراليا من الرسوم الإضافية على الصلب

قال ألبانيزي للصحافيين إنّ «الرئيس الأميركي وافق على أن يتمّ درس عملية إعفاء لما فيه مصلحة بلدينا».

«الشرق الأوسط» (سيدني)

ترمب يوقع أوامر تنفيذية بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد توقيعه أوامر تنفيذية (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد توقيعه أوامر تنفيذية (إ.ب.أ)
TT
20

ترمب يوقع أوامر تنفيذية بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد توقيعه أوامر تنفيذية (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد توقيعه أوامر تنفيذية (إ.ب.أ)

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الإثنين أوامر تنفيذية فرض بموجبها رسوما جمركية بنسبة 25% على كلّ واردات بلاده من الصلب والألمنيوم، في حلقة جديدة من مسلسل الحرب التجارية التي بدأها ضدّ العالم أجمع.

وقال ترمب لدى توقيعه هذه المراسيم في البيت الأبيض «أنا اليوم أبسّط رسومنا الجمركية على الصلب والألمنيوم حتى يفهم الجميع ما تعنيه: إنها تعني 25% من دون استثناءات ولا إعفاءات، وهذا ينطبق على كل الدول».

إلى ذلك أشار ترمب إلى أنّه سينظر في فرض رسوم جمركية إضافية على السيارات والأدوية ورقائق الكمبيوتر. وتعدّ كندا والمكسيك اللتان هدّد ترمب بفرض رسوم جمركية عليهما، أكبر مصدّري الصلب إلى الولايات المتحدة، وفقا لبيانات التجارة الأميركية. كذلك تعدّ البرازيل وكوريا الجنوبية أيضا مزوّدين رئيسيين للصلب.
إلى ذلك، أكّد الرئيس الأميركي أنه يدرس إعفاء أستراليا من الرسوم الجمركية المفروضة على الصلب. وقال سيّد البيت الأبيض «لدينا فائض (في الميزان تجاري) مع أستراليا، وهو واحد من القلائل. والسبب هو أنهم يشترون الكثير من الطائرات»، مشيرا إلى أنّ البعد الجغرافي لأستراليا يفرض عليها شراء الكثير من الطائرات. وقبل توقيع ترمب الأوامر التنفيذية، قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي إن الإعفاء مطروح على الطاولة، وذلك إثر مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس الأميركي.
وقال ألبانيزي للصحافيين عقب المكالمة إن «الرئيس الأميركي وافق على أن يتمّ درس عملية إعفاء لما فيه مصلحة بلدينا». وفرض ترمب إبّان ولايته الرئاسية الأولى (2017-2021) رسوما جمركية كبيرة لحماية الصناعات الأميركية بسبب تعرضها، على حد قوله، لمنافسة غير عادلة من دول آسيوية وأوروبية.