«الشرق الأوسط» تدخل مختبر «مايكروسوفت للتكنولوجيا الشاملة» في أميركا

المختبر يعالج تحديات ذوي الإعاقة مع التكنولوجيا

المختبر يُجسد رؤية «مايكروسوفت» للشمولية والتزامها بتمكين ذوي الإعاقة عبر تكنولوجيا تلبي احتياجاتهم (الشرق الأوسط)
المختبر يُجسد رؤية «مايكروسوفت» للشمولية والتزامها بتمكين ذوي الإعاقة عبر تكنولوجيا تلبي احتياجاتهم (الشرق الأوسط)
TT

«الشرق الأوسط» تدخل مختبر «مايكروسوفت للتكنولوجيا الشاملة» في أميركا

المختبر يُجسد رؤية «مايكروسوفت» للشمولية والتزامها بتمكين ذوي الإعاقة عبر تكنولوجيا تلبي احتياجاتهم (الشرق الأوسط)
المختبر يُجسد رؤية «مايكروسوفت» للشمولية والتزامها بتمكين ذوي الإعاقة عبر تكنولوجيا تلبي احتياجاتهم (الشرق الأوسط)

تُشكل التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ويصبح ضمان وصولها إلى الجميع ضرورة أساسية وليست رفاهية. يُعد مختبر «مايكروسوفت للتكنولوجيا الشاملة» ( Inclusive Tech Lab) مثالاً حياً لكيفية استخدام الابتكار لتوفير عالم أكثر شمولية وتمكين الأفراد ذوي الإعاقة. المختبر الواقع في حرم الشركة الرئيسي في مدينة سياتل الأميركية، والذي تلقت «الشرق الأوسط» دعوة خاصة لزيارته، يعدّ مساحة ديناميكية تتحول فيه الأفكار إلى حلول عملية لتُحدث تغييراً جذرياً. كما يُجسد التزام «مايكروسوفت» بتوفير تكنولوجيا تخدم الجميع، بغض النظر عن القدرات البدنية أو الإدراكية.

تسعى «مايكروسوفت» من خلال المختبر إلى أن تكون القوة التي تمكّن الناس من تحقيق ما يريدونه وليس ما يعوقهم (الشرق الأوسط)

رؤية طموحة للشمولية

يرتكز مختبر «التكنولوجيا الشاملة» على فلسفة «التصميم لفرد واحد يمتد إلى الجميع»، وهي رؤية تُركز على معالجة التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة، مع ضمان أن تؤدي هذه الحلول إلى فوائد أوسع تشمل جميع المستخدمين. يوضح سولومون رومني، مدير برنامج الوصول في «مايكروسوفت» خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن «هذا المختبر ليس عن الأشخاص ذوي الإعاقة، بل هو من أجلهم».

هذه الكلمات تلخص التزام شركته بجعل التكنولوجيا شاملة للجميع من خلال التعاون مع مجتمع ذوي الإعاقة. منذ انضمامه إلى الشركة في عام 2014، كان لرومني دور رئيسي في تطوير منتجات بارزة مثل «Xbox Adaptive Controller» و«Surface Adaptive Kit». ومنذ انتقاله إلى «مختبر التكنولوجيا الشاملة» في عام 2020، قاد جهوداً لتطوير منتجات جديدة وتصميم عبوات أكثر شمولية، مما يجعل التكنولوجيا أكثر قرباً وراحةً للجميع.

«التصميم الشامل»... فلسفة تنبض بالإنسانية

يُميز «مختبر التكنولوجيا الشاملة» التزامه بمبادئ التصميم الشامل لـ«مايكروسوفت» من حيث بدء التصميم في فهم التحديات التي تواجه الفئات الأكثر تهميشاً. المبدأ الثاني يكمن في «حل مشكلة لشخص واحد، ثم توسيعها للجميع» ما يعني حلولاً تُركز على احتياجات فردية، لكنها تنعكس إيجابياً على الجميع.

إضافة إلى ذلك يلتزم المختبر باستلهام الأفكار من التجارب المتنوعة لضمان أن تلبي المنتجات احتياجات قاعدة أوسع من المستخدمين.

سولومون رومني مدير برنامج الوصول في «مايكروسوفت» متحدثاً عن «مختبر التكنولوجيا الشاملة» (الشرق الأوسط)

إعادة تصميم تغليف المنتجات

في الماضي، كان العديد من ذوي الإعاقة بحاجة إلى مساعدة لفتح عبوات المنتجات التقنية، مما كان يحرمهم من تجربة «فتح الصندوق» المميزة. الآن، وبفضل استخدام مواد مستدامة وتصميمات مدروسة تتضمن علامات بلغة «برايل» وطبقات سهلة الاستخدام والنزع، أصبحت هذه العبوات أكثر شمولية. يعد رومني أن «التغليف ليس مجرد عنصر ثانوي، بل جزء أساسي من تجربة المستخدم».

الابتكار في «مختبر التكنولوجيا الشاملة» لا يقتصر على العبوات. منتجات مثل «Surface Adaptive Kit» والإكسسوارات التكيفية مصممة لتعزيز الاستقلالية والتمكين. مثلاً يوفر نظام الفأرة ( الماوس) التكيفي إمكانية تخصيص الجهاز بما يناسب احتياجات كل مستخدم من خلال ملحقات مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد.

ويشير رومني إلى أهمية العمل التعاوني مع المجتمع طالباً من ذوي الإعاقة «أن يخبروا شركته بالمشكلات التي يواجهونها لتصميم الحلول بناءً على ذلك». هذه العملية التشاركية تضمن أن تكون المنتجات عملية ومناسبة لاحتياجات المستخدمين اليومية.

الذكاء الاصطناعي... محرك الشمولية في المستقبل

لا يقتصر عمل المختبر على تطوير الأجهزة فقط. أصبح دمج الذكاء الاصطناعي (AI) محوراً أساسياً لجهود «مايكروسوفت» لتعزيز الشمولية. يقول رومني إن «الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على أتمتة المهام المتكررة وتقليل الجهد وتعزيز الاستقلالية».

من الأمثلة الملهمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، تحسين التفاعل مع الحاسوب. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من صعوبة في الحركات الدقيقة، يمكن للذكاء الاصطناعي تفسير المدخلات العامة مثل الحركات العينية غير الدقيقة وتحويلها إلى مخرجات دقيقة. ويضيف رومني أن «الذكاء الاصطناعي يعمل كعدسة، يحول المدخلات غير الواضحة إلى إجراءات دقيقة، مما يجعل التكنولوجيا أكثر سهولة».

تسعى «مايكروسوفت» أيضاً إلى تطوير أدوات ذكاء اصطناعي يمكنها أتمتة عمليات مثل فتح التطبيقات أو الإملاء الصوتي، مما يمنح المستخدمين المزيد من الوقت والجهد للتركيز على الأمور المهمة.

شمولية على نطاق عالمي

على الرغم من أن جهود المختبر ركزت في البداية على أميركا الشمالية، فإن «مايكروسوفت» تعمل على توسيع تأثيرها عالمياً. من خلال شراكات مع منظمات محلية في أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية، تهدف الشركة إلى فهم الفروقات الثقافية في التعامل مع الإعاقة. يرى رومني أن «الإعاقة هي ظاهرة عالمية، ولكن كيفية التعامل معها تختلف من ثقافة إلى أخرى». هذه الفروق تستدعي حلولاً مخصصة لكل منطقة، مع التركيز على تلبية الاحتياجات المحلية بأفضل طريقة ممكنة.

تلتزم «مايكروسوفت» بتسعير منتجاتها التكيفية بشكل يجعلها متاحة لشريحة واسعة من المستخدمين دون تكلفة إضافية (الشرق الأوسط)

الألعاب... وسيلة للتواصل الشامل

«مايكروسوفت» تُعيد تعريف الألعاب لتصبح أكثر شمولية من أي وقت مضى. وحدة التحكم التكيفية لـ«إكس بوكس» (Xbox) هي مثال رائع على كيفية تسخير التكنولوجيا لتلبية احتياجات اللاعبين ذوي الإعاقة. يصف رومني أثر هذه الابتكارات بامتلاك وحدة تحكم تتيح لك اللعب على نفس المستوى مع الجميع، يمنحك إحساساً بالحرية والاستقلالية.

لا يقتصر الابتكار في هذا المجال على الأجهزة فقط، بل تعمل «مايكروسوفت» على استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة اللاعبين على تحديد الألعاب التي تتناسب مع قدراتهم وتفضيلاتهم، مما يلغي عملية التجربة والخطأ التي كانت تُرهق العديد من المستخدمين.

الشمولية والاستدامة...رؤية واحدة

جانب آخر يُميز مختبر التكنولوجيا الشاملة هو التزامه بالاستدامة. من خلال تقليل التغليف الزائد واستخدام مواد صديقة للبيئة، تسعى «مايكروسوفت» إلى تحقيق توازن بين المسؤولية البيئية والاجتماعية. يقول رومني لـ«الشرق الأوسط» إنه «كلما قل التغليف، كان ذلك أفضل للبيئة وللمستخدم». ويوضح أن التصميمات المستدامة ليست فقط أخف وزناً وأسهل فتحاً، بل تعزز أيضاً تجربة المستخدم بشكل عام، مما يجعل التكنولوجيا أكثر شمولية للجميع.

يعمل المختبر مع منظمات محلية في أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية لفهم التحديات الثقافية وتصميم حلول تلبي الاحتياجات المحلية (الشرق الأوسط)

التكلفة وإتاحة الوصول

«مايكروسوفت» تؤمن بأن الشمولية يجب ألا تكون مكلفة. ويرفض رومني نظرية التكلفة الإضافية التي قد تفرض على ذوي الإعاقة للحصول على نفس التجربة التي يحصل عليها الجميع. ويوضح أن هذا المبدأ يدفع الشركة إلى تسعير منتجاتها التكيفية بأسعار تنافسية، مما يجعلها في متناول الجميع.

سواء كانت لوحة مفاتيح كبيرة الطباعة أو فأرة خاصة، تسعى «مايكروسوفت» لضمان أن تكون هذه المنتجات متاحة بأسعار ميسورة دون المساس بالجودة، على حد قوله.

مختبر الابتكار والأمل

بالنسبة لسولومون رومني، «مختبر التكنولوجيا الشاملة» هو أكثر من مجرد مكان عمل، «إنه مهمة لتغيير الحياة». يقول متأثراً: «هذا المكان غيّر حياتي... العمل هنا هو فرصة لإحداث تأثير حقيقي يومياً».

لا يعد «مختبر مايكروسوفت للتكنولوجيا الشاملة» مجرد مساحة لتطوير المنتجات؛ إنه نموذج لإعادة تعريف دور التكنولوجيا في بناء مجتمع أكثر عدالة. من خلال وضع الناس في مركز التصميم والاستفادة من أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، يُظهر المختبر كيف يمكن للتكنولوجيا أن تُحقق العدالة والشمولية، ويمهد الطريق لمستقبل تصبح فيه التكنولوجيا قوة دافعة للخير.


مقالات ذات صلة

«أبل ووتش» تتيح خاصية التنبيه المبكر لارتفاع ضغط الدم في السعودية والإمارات

تكنولوجيا خاصية إشعارات ارتفاع ضغط الدم في «أبل ووتش» تستند إلى مستشعر نبضات القلب البصري في الساعة (الشرق الأوسط)

«أبل ووتش» تتيح خاصية التنبيه المبكر لارتفاع ضغط الدم في السعودية والإمارات

قالت شركة «أبل» إنها أتاحت خاصية إشعارات ارتفاع ضغط الدم على ساعات «أبل ووتش» لمستخدميها في السعودية والإمارات.

«الشرق الأوسط» (دبي)
تكنولوجيا أطلقت «يوتيوب» أول ملخص سنوي يمنح المستخدمين مراجعة شخصية لعادات المشاهدة خلال عام 2025

«ملخص يوتيوب»: خدمة تعيد سرد عامك الرقمي في 2025

يقدم الملخص ما يصل إلى 12 بطاقة تفاعلية تُبرز القنوات المفضلة لدى المستخدم، وأكثر الموضوعات التي تابعها، وكيفية تغيّر اهتماماته على مدار العام.

نسيم رمضان (لندن)
علوم الصين تبني أول جزيرة عائمة مقاومة للأسلحة النووية في العالم

الصين تبني أول جزيرة عائمة مقاومة للأسلحة النووية في العالم

مشروع مثير للإعجاب لا مثيل له في العالم

جيسوس دياز (واشنطن)
تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعدّ «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» أكبر حدث من نوعه حضوراً في العالم (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني)

بمشاركة دولية واسعة وازدياد في المحتوى... «بلاك هات 25» ينطلق بأرقام قياسية جديدة

أكد متعب القني، الرئيس التنفيذي لـ«الاتحاد السعودي للأمن السيبراني»، أن مؤتمر «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» يحقق هذا العام أرقاماً قياسية جديدة.

غازي الحارثي (الرياض)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».


كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

TT

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)
خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

منذ إطلاق نسخته الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، في العاصمة السعودية الرياض، عقب النجاح الذي تحقق في فعالية «آت هاك» العام الذي قبله، شهد أكبر تجمع للأمن السيبراني في المنطقة، لحظات تحوّل لافتة، رصدها الزوّار والمهتمّون، ولاحظتها التغطيات المستمرة لـ«الشرق الأوسط»، وصولاً إلى النسخة الحالية.

يعدّ «بلاك هات» فعالية عالمية متخصصة في الأمن السيبراني، انطلقت في عام 1997، ويعد إحدى أهم المحافل العالمية لقطاع أمن المعلومات وقِبلة للمهتمين فيه، وبدأ كفعالية سنوية تقام في لاس فيغاس في الولايات المتحدة، قبل أن يجد في الرياض مستقرّاً سنويّاً لـ4 نسخ متتالية.

في النسخة الأولى من الفعالية التي ينظّمها «الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز»، الذي أنشأته السعودية لتحقيق أهدافها في تمكين مواطنيها من اكتساب الخبرات في مجال الأمن السيبراني والبرمجة لتحقيق رؤيتها الهادفة إلى تطوير كوادرها المحلية في مجالات التقنية الحديثة، إلى جانب شركة تحالف.

شهدت الفعالية مشاركة أكثر من 200 متحدث عالمي، وحضور أكثر من 250 شركة أمن سيبراني رائدة، منهم عمالقة التقنية العالميون، مثل Cisco وIBM وSpire وInfoblox، بالإضافة إلى أكثر من 40 شركة ناشئة في المجال نفسه، قبل أن تتصاعد هذه الأرقام وغيرها خلال النسخ اللاحقة.

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

«الشرق الأوسط» التقت خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، الذي شرح بشكل مفصل، أنه «بدايةً من (آت هاك) في عام 2021 عندما بدأنا، وكان أول مؤتمر سيبراني يُقام في السعودية، وبعد النجاح الذي حققناه، استطعنا أن نستقطب (بلاك هات) نفسه من لاس فيغاس، الذي كان يقام منذ أكثر من 35 عاماً، وهذا هو العام الرابع لـ(بلاك هات) هنا، وكل عام يشهد زيادة في الحضور وعدد الشركات، وزيادة في ساعات المحاضرات».

ارتفاع عدد الشركات العالمية المشاركة بنسبة 27 في المائة

نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال بيّن تطور «بلاك هات» في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات. وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد قرابة 27 في المائة عن العام الماضي».

ابتكارات جديدة في كل نسخة

السليم وضّح أن «بلاك هات» يبتكر في كل نسخة أشياء جديدة، مثل منطقة الفعاليات التي تضمّ تقريباً 10 فعاليات جديدة، بالإضافة إلى أكثر من 12 مسرحاً مع أكثر من 300 خبير في مجال الأمن السيبراني. وحول نوعية الشركات والجهات المشاركة، دلّل عليها بأن أغلب الشركات العالمية مثل «إف بي آي»، ووزارتي الداخلية والخارجية البريطانيتين، وتابع أن كل هذه الإضافات في كل نسخة «تعتبر متجددة، وكل نسخة تزيد الأرقام أكثر من النسخة التي سبقتها».

الجهات الوطنية «تؤدي عملاً تشاركياً»

وحول مساهمة «بلاك هات» في تحقيق المستهدفات الوطنية، ومنها تحقيق السعودية المرتبة الأولى في مؤشر الأمن السيبراني للتنافسية، نوّه السليم بأن الاتحاد (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز)، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، والشركات السعودية في مجال الأمن السيبراني، تؤدي عملاً تشاركيّاً.

وأردف: «عندما يكون في (بلاك هات) أكثر من 300 ورشة عمل ومنطقة الفعاليات والتدريبات العملية التي تجري فيها والتدريبات المصاحبة لـ(بلاك هات) والشركات والمنتجات السعودية التي تُطرح اليوم، كلها تُساعد في رفع مستوى الأمان في المملكة، وهذا يُساعد في المؤشرات في مجال الأمن السيبراني».

واختتمت فعاليات «بلاك هات 2025»، الخميس، بجلسات استعرضت الهجمات المتطورة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الاستجابة للحوادث السيبرانية، كما ناقشت أحدث الاتجاهات والتقنيات التي تشكّل مستقبل الأمن السيبراني عالمياً.


بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
TT

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

في عامٍ استثنائي اتّسم بتسارع التحوّل الرقمي واتّساع أثر الذكاء الاصطناعي وتحوّل المحتوى الرقمي إلى لغة يومية للمجتمعات، تداخلت ملامح المشهد العربي بين ما رصده بحث «غوغل» من اهتماماتٍ متصدّرة، وما كشفه «يوتيوب» عن لحظاته البارزة ومنتجاته الجديدة في الذكرى العشرين لانطلاقه. جاءت الصورة النهائية لعام 2025 لتُظهر كيف أصبح الإبداع الرقمي، بجميع أشكاله، مرآةً لنبض الشارع وعمق الثقافة وتطلعات الأجيال الجديدة.

منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدت هذا العام أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا من أي وقت مضى. فقد تصدّرت أدوات الذكاء الاصطناعي قوائم البحث في «غوغل» في عدة دول عربية.

كانت «جيميناي» إلى جانب «تشات جي بي تي » و «ديب سيك» في طليعة الأدوات الأكثر بحثاً، مدفوعةً بفضول جماعي لفهم إمكانات النماذج التوليدية وتطبيقاتها الإبداعية. ولم يقتصر الأمر على التقنيات العامة، بل امتد إلى أدوات متخصصة مثل «نانو بانانا» لتحرير الصور و«فيو» لإنشاء مقاطع فيديو انطلاقاً من النصوص، ما يعكس تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى جزء من الحياة اليومية.

يكشف «يوتيوب» عن ابتكارات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز صناعة المحتوى وتحسين تجربة المشاهدة والتفاعل (شاترستوك)

الأكثر رواجاً في السعودية

وفي قلب هذا المشهد المتغير، برزت المملكة العربية السعودية بصورة لافتة، إذ كان التحول الرقمي العنوان الأبرز لاهتمامات السعوديين خلال عام 2025. فقد لجأ الأفراد إلى بحث «غوغل» لتسيير شؤونهم اليومية ضمن نمط حياة رقمي آخذ في التوسع، مع ارتفاع عمليات البحث المتعلقة بمنصات مثل قبول، وتسجيل الحرس الوطني، والمركز الوطني للقياس. وإلى جانب الإقبال على الخدمات الرقمية، حافظ الترفيه على مكانته في الأمسيات السعودية، حيث استمر مسلسل «شباب البومب 13» في جذب الأنظار، إلى جانب العمل الجديد «فهد البطل» الذي حقق انتشاراً واسعاً.

وفي السياق ذاته، أظهرت المملكة شغفاً متزايداً بتكنولوجيا المستقبل، مع اهتمام واضح بأدوات الذكاء الاصطناعي مثل «Gemini» و«Hailuo AI»، ما يعكس انفتاح المجتمع السعودي على التقنيات الحديثة وتبنّيها مبكراً.

هذا التفاعل مع التكنولوجيا لم يقتصر على السعودية، بل امتد إلى دول عربية أخرى بطرق متعددة. ففي العراق، تصدرت مباريات المنتخب الوطني واجهة البحث إلى جانب بروز أسماء إعلامية ومحتوى رقمي مؤثر. وفي الأردن وسوريا وفلسطين، ظل التعليم والخدمات العامة والدراما المحلية والرياضة في مقدمة الاهتمامات، لتبقى هذه المجتمعات متفاعلة مع مستجدات الحياة رغم اختلاف السياقات والتحديات. أما المغرب والجزائر، فحافظا على حضور كرة القدم في صدارة المشهد، إلى جانب انتشار الأدوات الذكية والأعمال الدرامية ونجاحات الإنتاجات العالمية.

أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «جيميناي» و«شات جي بي تي» تصدّرت عمليات البحث في عدة دول عربية (شاترستوك)

من «غوغل» إلى «يوتيوب»

هذه الديناميكية الرقمية امتدت بقوة إلى «يوتيوب»، الذي اختار عامه العشرين ليقدّم أول «ملخص مشاهدة شخصي» عالمي، يسمح للمستخدمين باستعادة أبرز لحظاتهم عبر المنصة. وقد عكس هذا الإصدار فهماً عميقاً لطبيعة الجمهور العربي، الذي أظهر تفاعلاً كبيراً مع المواسم الثقافية كرمضان وعيد الأضحى، وناقش قضايا الذكاء الاصطناعي، وتابع بشغف نجوم كرة القدم العالميين مثل لامين يامال ورافينيا. كما حققت الأعمال الدرامية والأنمي والألعاب من «لعبة الحبّار» (Squid Game) إلى«Blue Lock» و«Grow a Garden» انتشاراً واسعاً، ما يعكس تنوع أذواق الجمهور واتساع رقعة التأثير الثقافي الرقمي.

وبرز عربياً هذا العام صعود لافت لصنّاع المحتوى، وفي مقدمتهم الفلسطيني أبو راني الذي تصدّر القوائم إقليمياً واحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد «Mr. Beast» بمحتوى بسيط وواقعي يوثق تفاصيل الحياة اليومية في غزة.

وعلى مستوى الموسيقى، احتلت أغنية «خطية» لبيسان إسماعيل وفؤاد جنيد المرتبة الأولى، مؤكدة الدور المتصاعد لمنشئي المحتوى في تشكيل الذوق الفني الرقمي.

وإلى جانب رصد الظواهر، كشف «يوتيوب» خلال فعالية «Made on YouTube» عن سلسلة ابتكارات جديدة تستشرف مستقبل صناعة المحتوى. فقد بدأ دمج نموذج «Veo 3 Fast» لتمكين منشئي «شورتس» من تصميم خلفيات ومقاطع عالية الجودة مجاناً، وإضافة الحركة إلى المشاهد بمرونة غير مسبوقة. كما ستتيح ميزة «التعديل باستخدام الذكاء الاصطناعي» تحويل المقاطع الأولية إلى مسودة جاهزة، فيما تضيف ميزة «تحويل الكلام إلى أغنية» بعداً إبداعياً جديداً لمنشئي المحتوى الشباب.

وفي خطوة لتقوية البنية الإبداعية، أعلن «يوتيوب» عن تحسينات واسعة في «استوديو YouTube» تشمل أدوات تعاون بين صناع المحتوى واختبارات «A/B » للعناوين وترقيات تجعل الاستوديو منصة استراتيجية لتطوير المحتوى. كما يجري العمل على توسيع أداة «رصد التشابه» التي تساعد على متابعة الفيديوهات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي باستخدام وجوه مشابهة لصناع المحتوى، وهي خطوة مهمة في زمن تتداخل فيه حدود الهوية الرقمية مع الإبداع الاصطناعي.

اهتمامات البحث تنوعت عربياً بين التعليم والرياضة والدراما والأدوات التقنية بحسب سياق كل دولة (أدوبي)

ماذا عن المشاهدات؟

على صعيد المشاهدة، فقد شهد المحتوى المباشر نمواً استثنائياً، إذ إن أكثر من 30 في المائة من مستخدمي «يوتيوب» شاهدوا بثاً مباشراً يومياً في الربع الثاني من عام 2025. لذلك تطلق المنصة أكبر تحديث لأدوات البث الحي لتعزيز تفاعل الجمهور وتوسيع قاعدة المشاهدين وزيادة مصادر الدخل. وفي المجال الموسيقي، تحمل «YouTube Music» ميزات جديدة مثل العد التنازلي للإصدارات وخيارات حفظ المفضلات مسبقاً، فيما تعمل المنصة على أدوات تربط الفنانين بمعجبيهم عبر محتوى حصري وتجارب مخصصة.

كما تتوسع فرص التعاون بين العلامات التجارية وصناع المحتوى، مع ميزات جديدة في «التسوق على يوتيوب» تشمل الروابط المباشرة داخل «شورتس» وإدراج مقاطع العلامات التجارية بسهولة أكبر، مدعومةً بإمكانات الذكاء الاصطناعي لتسهيل الإشارة إلى المنتجات وتوسيع الأسواق المتاحة.

في هذا المشهد المتفاعل بين «غوغل» و«يوتيوب» والجمهور العربي، يتضح أن المنطقة تعيش مرحلة جديدة يتقاطع فيها الذكاء الاصطناعي مع الإبداع الإنساني، ويتحوّل فيها المحتوى الرقمي إلى منصة للتعبير الجماعي وبناء المجتمعات وصياغة الاتجاهات الثقافية. وبين البحث والاستهلاك والإنتاج، يستمر عام 2025 في رسم ملامح عقدٍ مقبل يعد بأن يكون الأكثر ثراءً وتحولاً في تاريخ المحتوى العربي الرقمي.