توالي الزلازل في إثيوبيا يجدد مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
TT

توالي الزلازل في إثيوبيا يجدد مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

جدد توالي الزلازل في إثيوبيا خلال الأيام الأخيرة مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»، الذي أقامته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير أزمة مع دولتي المصب (مصر والسودان).

ورغم أن الزلازل التي شهدتها إثيوبيا أخيراً تبعد عن المنطقة المقام عليها «السد»، فإن خبراء حذروا من «وقوع زلازل شديدة الخطورة قد تطول بنية (السد)»، وقالوا إن «مشروع (السد) مقام على منطقة فوالق أرضية ما يثير القلق باستمرار بشأن سلامته الإنشائية».

وشرعت إثيوبيا في بناء «السد» منذ عام 2011 بداعي إنتاج الكهرباء. وتطالب مصر والسودان بإبرام «اتفاق قانوني ملزم» ينظم قواعد تشغيل «السد»، بما يؤمِّن حصتيهما من مياه النيل، لكن المفاوضات بين الأطراف الثلاثة لم تنجح في الوصول إلى ذلك الاتفاق على مدار السنوات الماضية.

وتعرضت إثيوبيا على مدار الأسبوع الماضي لسلسلة من الزلازل، كان من بينها زلزال وقع على مسافة 142 كيلومتراً شرق العاصمة أديس أبابا، السبت، وبلغت شدته 5.8 درجة، وفق «هيئة المسح الجيولوجي الأميركي». وذكرت «الهيئة» أن «إثيوبيا تعرضت لسلسلة من الزلازل أقل قوة تجاوزت 30 زلزالا على مدار الأسبوع الماضي».

ورغم أن غالبية الزلازل التي تشهدها إثيوبيا تقع في منطقة «الأخدود الأفريقي» البعيدة عن «سد النهضة»، وفق أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، فإن «قوة الزلزال الذي وقع، السبت، أثارت مخاوف بشأن احتمالية امتداد تأثير الهزات الأرضية إلى المنطقة المقام عليها (السد)».

ويرى شراقي أن «إثيوبيا تشهد موجة غير مسبوقة من الزلازل حاليا، والقلق أن يصل النشاط الزلزالي إلى المنطقة المقام عليها (السد) ما يجعله أكثر عرضةً للانهيار»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «بنيان السد الإثيوبي، تهدد سلامته الفيضانات والزلازل، وهو ما يزيد المخاوف».

بنايات على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)

وسبق أن طالبت القاهرة، الجانب الإثيوبي، بتقديم «دراسات فنية تفصيلية» بشأن «السد»، ومعاملات الأمان المتعلقة بالإنشاءات والتشغيل، وحذر وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، خلال «المنتدى العالمي العاشر للمياه» الذي عُقد بإندونيسيا في مايو (أيار) الماضي، الجانب الإثيوبي، من مخاطر «الاستمرار في بناء (السد) من دون تقديم دراسات فنية تفصيلية حول آثاره البيئية والاقتصادية على دول المصب».

بينما حذر أستاذ نظم علوم الأرض والاستشعار بجامعة تشابمان الأميركية، هشام العسكري، من تأثير الخصائص الجيولوجية للمنطقة المقام عليها مشروع السد الإثيوبي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «(السد) بُنِيَ على منطقة فوالق أرضية، وازدياد نسب تخزين المياه قد يؤدي إلى تشققات وانزلاقات أرضية تسبِّب حدوث زلازل»، مشيراً إلى أن «البحيرات المائية خلف السدود، دائماً ما تولِّد نشاطاً زلزالياً».

ويرى العسكري أن «الربط بين ازدياد نشاط الزلازل في إثيوبيا أخيراً، مع ارتفاع نسبة التخزين في بحيرة (السد)، يستدعي مزيداً من الدراسات العلمية، لقياس أثر الحمل المائي على المنطقة»، ودعا إلى «ضرورة إجراء دراسات جيولوجية وبيئية للمنطقة المحيطة بـ(السد)، وتقييم دوري لسلامته».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في وقت سابق، «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال في أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد سيصل إلى 70 مليار متر مكعب بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2024».

وبحسب خبير المياه الدولي، ضياء القوصي، فإن «الحكومة الإثيوبية تجاهلت جميع التحذيرات التي قدمها الخبراء بشأن أمان (السد) وزيادة السعة التخزينية من المياه»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إقامة السد على منطقة فوالق أرضية تزيد من عمليات تسرُّب المياه، وهذا يشكل خطراً على أمان السد إنشائياً، خصوصاً إذا تعرضت المنطقة لنشاط زلزالي».

ورأى تقرير صدر في مايو (أيار) 2013 عن (لجنة الخبراء الدوليين)، المُشَكَّلة من الدول الثلاث لتقييم الجوانب الفنية لمشروع السد الإثيوبي، أن «الدراسات الإثيوبية عن السد غير كافية». وانتقد التقرير الذي جاء حينها بعد تقييم 153 دراسة قدمتها إثيوبيا عن مشروع السد، «غياب دراسات أساسية مثل تأثير انهيار (السد)، وتقييم الآثار البيئية والاجتماعية».

وفي رأي القوصي فإن «أمان السد إنشائياً كان يستدعي عدم زيادة السعة التخزينية للمياه خلفه، وفق دراسات أميركية سابقة».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حاليا تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات الري المصرية.

وجددت مصر والسودان، الشهر الماضي، رفضهما «أي مساس بحقوقهما المائية من نهر النيل»، وأكدا على «مخاطر إنشاء (سد النهضة) من دون أي تشاور مع دولتي المصب»، وأشارا إلى أن تحركات أديس أبابا لفرض سياسة الأمر الواقع «تمثل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي».


مقالات ذات صلة

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

يوميات الشرق تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس قرر القضاء تأجيل النظر في طعن على قرار الإعادة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)

«الداخلية المصرية» تتهم «الإخوان» بترويج شائعات عن «قتل مواطنين بالصعيد»

نفت وزارة الداخلية المصرية الثلاثاء صحة مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي ويزعم خلاله شخص أن «قوات الشرطة تقتل مواطنين في الصعيد» (جنوب مصر).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، بتفاعل «سوشيالي» واسع.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل في شرم الشيخ نظيره الأميركي جو بايدن على هامش انعقاد أعمال القمة العالمية للمناخ «COP 27» (الرئاسة المصرية)

«تحفظات» مصرية على اعتزام أميركا «اقتطاع» جزء من المساعدات العسكرية

تحفظت مصر بشكل غير رسمي رفضاً لإجراء أميركي محتمل بقطع 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية عن مصر، مع قرب نهاية إدارة جو بايدن، وتنصيب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي حريق في خط ناقل لمنتجات البترول بمصر (محافظة القليوبية)

السيطرة على حريق في خط بترول شمال القاهرة

سيطرت قوات الحماية المدنية المصرية على حريق في خط «ناقل لمنتجات البترول»، بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

عقوبات أميركية على «حميدتي»

 «حميدتي» قائد قوات الدعم السريع (الشرق الأوسط)
«حميدتي» قائد قوات الدعم السريع (الشرق الأوسط)
TT

عقوبات أميركية على «حميدتي»

 «حميدتي» قائد قوات الدعم السريع (الشرق الأوسط)
«حميدتي» قائد قوات الدعم السريع (الشرق الأوسط)

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن فرض عقوبات على محمد حمدان دقلو (حميدتي)، زعيم «الدعم السريع»، وأكدت أن قواته ارتكبت «جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية» في الصراع المسلح مع الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، ما أسفر عن مقتل عشرات آلاف من السودانيين وتشريد 12 مليوناً وإحداث مجاعة واسعة النطاق.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن قوات «الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية في منطقة دارفور بالسودان وتورطت في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي، وقامت بعمليات القتل بدوافع عرقية، وارتكبت أعمال العنف الجنسي كسلاح حرب، وبصفته القائد العام لقوات الدعم السريع، يتحمل حميدتي المسؤولية القيادية عن الأفعال البغيضة وغير القانونية لقواته».

كما وضعت وزارة الخزانة الأميركية، سبع شركات مرتبطة بـ«الدعم السريع» على قائمة العقوبات لقيامها «بتوفير المعدات العسكرية وتمويل تأجيج الصراع وتوفير الأموال والأسلحة لقوات الدعم السريع»، ومنها شركة يديرها شخص مع عبد الرحيم حمدان دقلو (شقيق حميدتي) الذي أدرجته الخزانة الأميركية في سبتمبر (أيلول) الماضي على قائمة الإرهابيين، وشركة أخرى يديرها شقيق آخر له.