«حزب الله»: لا فيتو رئاسياً إلا على جعجع

أكد انفتاحه على قائد الجيش اللبناني... وردود «قواتية» على صفا

النواب اللبنانيون في جلسة تشريعية العام الماضي (الوكالة الوطنية للإعلام)
النواب اللبنانيون في جلسة تشريعية العام الماضي (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

«حزب الله»: لا فيتو رئاسياً إلا على جعجع

النواب اللبنانيون في جلسة تشريعية العام الماضي (الوكالة الوطنية للإعلام)
النواب اللبنانيون في جلسة تشريعية العام الماضي (الوكالة الوطنية للإعلام)

مع بدء العد العكسي لموعد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية الخميس المقبل، بدأت مواقف الأفرقاء تتوضح تدريجياً، إذ كان لافتاً إعلان «حزب الله» أنه «لا فيتو» من قِبله على قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي سبق أن أعلن تأييده الحزب «التقدمي الاشتراكي»، ولا تمانع المعارضة ترشيحه، وإن كانت لم تعلن ذلك رسمياً حتى الآن.

ومع تكثف اللقاءات والاتصالات السياسية بين الأفرقاء، برز موقف «حزب الله» تجاه قائد الجيش، الذي اختلفت الآراء تجاهه، بين من رأى فيه «مناورة»، وبين من عدّه «تقدماً» في موقف الحزب، ما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على حظوظ وصول العماد عون إلى الرئاسة، وهو الأمر الذي يفترض أن تحسمه الساعات القليلة المقبلة، في ظل وجود عدد من الأسماء المطروحة من قِبل بعض الأفرقاء.

وفيق صفا متحدثاً في موقع اغتيال نصر الله (موقع المنار)

وأتى موقف الحزب على لسان مسؤول وحدة التنسيق والارتباط وفيق صفا، الذي شنّ في الوقت عينه هجوماً على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وقال صفا خلال جولة في مكان اغتيال أمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله: «الحزب جاهز وحاضر في كل الاستحقاقات والملفات، منفتحون على قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ولا فيتو إلا على (رئيس حزب القوات) سمير جعجع؛ لأنه مشروع فتنة وتدمير في البلد».

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (القوات اللبنانية)

ولاقت مواقف صفا ردود فعل رافضة، وكتبت النائبة ستريدا جعجع عبر حسابها على «إكس»: «إلى وفيق صفا: أين الفتنة لدى سمير جعجع؟ هل باستقبال بيئتكم الحاضنة (خلال الحرب) في عقر دار (القوات اللبنانية) وفي معاقلها من بشري ودير الأحمر إلى سائر مناطق جبل لبنان؟ هل التدمير هو عند سمير جعجع، أم بسيطرتكم على البلد وتهشيل (طرد) الاستثمارات منه وضرب علاقاته مع محيطه العربي، وبحروبكم العبثية التي قضت على البشر والحجر في العام 2006 وفي حرب الإسناد!؟ هل سمير جعجع مشروع حرب في البلد؟! ام اغتيال (رئيس الحكومة السابق) رفيق الحريري وسائر شهداء ثورة الأرز هو التجسيد الصريح لحربكم التي أعلنتموها على أحرار البلد!».

وأضافت: «وفيق صفا، استفِق. لقد ولّى زمن رفع الفيتوات من قبلكم في وجه الآخرين، أنظر الى نفسك وتلمّس يديك وأنت العارف جيداً بما ارتكبته بحق أهلك واللبنانيين. عبارة أخيرة تختصر وضعك: يلّي استحوا ماتوا».

بدورها، ردّت عضو كتلة «القوات» النائبة غادة أيوب، على صفا، كاتبة عبر حسابها على منصة «إكس»: «وفيق صفا تأدب...».

كذلك، كتب زميلها في الكتلة النائب جورج عقيص، عبر «إكس»: «في الشكل، (حزب الله) مأزوم جدّاً: وفيق صفا صار يتكلّم أمام الإعلام. في المضمون، وفيق صفا يضع فيتو على سمير جعجع: اختلال تقدير الأحجام... فيتو صفا على جعجع: انتصار وهميّ لصفا، انتصار حقيقي لجعجع».

كذلك، انتقد النائب ميشال ضاهر ما وصفها بـ«لغة التخوين» من صفا، وكتب على حسابه في «إكس»: «لَفَتَنا إعلان الحاج وفيق صفا عن عدم وجود فيتو على انتخاب قائد الجيش، ولكنّنا نشجب لغة التخوين التي تحدّث فيها عن رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع»، سائلاً: «هل بهذه اللغة سنبني البلد؟ ألا يقود مثل هذا الكلام إلى فتنة، خصوصاً بعد مشهد احتضان النازحين؟ ألا يجب على الحاج وفيق أن يسأل عمّن سيأوي النازحين، من جديد، في حال اندلعت الحرب مجدداً لا سمح الله؟»، مضيفاً: «تعبنا يا حاج من هذه اللغة، وهذا الأسلوب. بدّنا بلد».

من جهته، كتب النائب ميشال دويهي عبر «إكس» رداً على صفا من دون أن يسميه: «انتهى زمن الفيتو، هذا زمن الدولة والمؤسسات والسيادة الوطنية الكاملة وحصر السلاح بيد الدولة وحدها... عن رجل أمن ميليشياوي لا يزال يكابر ويهدد».

«الكتائب» يرحّب... و«القوات» يشكّك

وفي حين وضعت مصادر «القوات» موقف «حزب الله» في خانة المناورة، رأى فيه حزب «الكتائب» إشارة إيجابية إلى إمكانية التلاقي على ترشيح العماد عون.

وقالت مصادر «الكتائب» لـ«الشرق الأوسط»: «نرحب بإعلان (حزب الله) لجهة عدم وضع فيتو على قائد الجيش، وهذا إشارة إيجابية إلى إمكانية التلاقي على مرشح يحاكي المرحلة»، مضيفة: «في حال لم يستطع عون تأمين العدد المطلوب انطلاقاً من أنه يتطلب تعديلاً للدستور، أي 86 صوتاً، فـ(الكتائب) تدعم المرشح الذي يتمتع بخلفية سيادية، وليس الذي يعرف بالتزاماته السابقة مع النظام السوري والممانعة».

خلال اجتماع المعارضة الأخير في مقرّ رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل (الكتائب)

في المقابل، تعد مصادر «القوات» أن «موقف (حزب الله) هو مناورة وكلام فارغ لا يقدم ولا يؤخر إذا لم يترافق مع إعلان الحزب صراحة تبني ترشيح العماد عون، لا سيما أن الجميع يعلم أن (الثنائي الشيعي) (حزب الله وحركة أمل)، إضافة إلى رئيس (التيار الوطني الحر) النائب جبران باسيل، لا يؤيدون ترشيح عون».

وبين هذا وذاك، يتوقف مصدر نيابي في المعارضة، عند ما يعده «غموضاً» حتى الساعة في موقف «القوات»، لا سيما في ظل الحديث عن إمكانية ترشيح جعجع للرئاسة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «موقف (القوات) يربك المعارضة التي تعقد اجتماعات واتصالات متواصلة للخروج باسم مرشح توافقي فيما بينها»، مؤكداً في الوقت عينه أنه إذا أعلن جعجع ترشيحه، فإنه لا شك أنه سيلقى تأييداً واسعاً من معظم أفرقاء المعارضة التي تضم 31 نائباً، من «القوات»، و«الكتائب»، و«كتلة تجدد»، وكتلة «تحالف التغيير» وعدة نواب مستقلين.

وتحدث عضو كتلة «تحالف التغيير» النائب وضاح الصادق عن موقف المعارضة، بالتأكيد على أن «خيارات أطرافها شبه محسومة، وهي مع التوافق على اسم قائد الجيش العماد جوزف عون إذا تم»، موضحاً أن «المعارضة حتى الآن تتمسك باسم مرشحها السابق جهاد أزعور، وهي تسعى إلى الوصول إلى رئيس توافقي بأكبر عدد من الأصوات، لذلك تتريث في الدخول بلعبة الأسماء».

ورأى في حديث إذاعي أنه «لا ضمانات لخروج الدخان الأبيض الرئاسي من جلسة التاسع من يناير (كانون الثاني)، والضمانة الوحيدة تبقى في أن الجلسة قائمة بدورات متتالية إذا ما حصل أي تدهور أمني دراماتيكي، بانتظار ربع الساعة الأخير لمعرفة ما إذا كانت ستُتوج الجلسة بانتخاب رئيس».

خرق الاصطفافات

من جهته، شدّد النّائب بلال عبد الله، عضو «اللقاء الديمقراطي» الذي رشح العماد عون، على أن «تكتل اللقاء الديمقراطي يدفع في اتجاه خرق الاصطفافات العمودية الحادة في مجلس النواب، لأن المطلوب هو رئيس توافقي يطمئن هواجس الأفرقاء اللبنانيين، بالإضافة إلى القيام بإعادة المهمة الإصلاحية، وإعادة الإعمار، وفتح لبنان إلى العمق العربي، ومن هنا أتى تأييده لقائد الجيش العماد جوزف عون».

ورداً على سؤال حول مصير الجلسة، قال عبد الله في حديث إذاعي: «لا أعلم إن كانت ستنتج رئيساً، ولا أريد استباق الأمور، ولكن وصلت إشارات من جهات مختلفة تشير إلى أنه إذا كانت هناك غلبة لخيار معين، فربما تكون هناك مساع لتأجيل أو تطيير الجلسة»، وأكّد في الوقت عينه أن «التكتل لن يعطل النصاب، وخياراته لن تخرج عن مبدأ التوافق؛ لأن لبنان محكوم بذلك».

وتعقيباً على المساعي الخارجية، وزخم الموفدين إلى بيروت عشية الجلسة، قال عبد الله إن «الخارج يساعد لبنان، إلا أن التعويل يبقى على الوعي الداخلي الذي يفرض على الكتل كافة القيام بواجباتها بالحد الأدنى».


مقالات ذات صلة

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي عبد الرحمن القرضاوي (إكس)

لبنان يقرر تسليم القرضاوي للإمارات ويكلّف الأمن العام بالتنفيذ

يتصدّر ملف الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، اهتمام القضاء اللبناني.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الموفد الأميركي آموس هوكستين مع نواب من المعارضة في دارة النائب فؤاد مخزومي (صفحة مخزومي على «إكس»)

زخم خارجي… وحراك داخلي لإنقاذ جلسة انتخاب الرئيس اللبناني الخميس

رغم تكثيف اللقاءات والمشاورات، بين الأفرقاء اللبنانيين فيما بينهم ومع الموفدين الدوليين، قبل ساعات حاسمة على جلسة انتخاب رئيس لبناني، لا تزال الأجواء ضبابية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي يعتزم زيارة دمشق قريباً

يعتزم رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي زيارة دمشق في وقت قريب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدستور اللبناني لا يفرض على المرشحين لرئاسة الجمهورية تقديم ترشيح رسمي (رويترز) play-circle 02:13

بعد أكثر من عامين على الشغور... جلسة برلمانية الخميس لانتخاب رئيس لبناني

يجتمع مجلس النواب اللبناني الخميس لاختيار رئيس جديد للجمهورية بعد أكثر من عامين على شغور المنصب وحرب مدمّرة أضعفت لاعبا أساسيا هو «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

نداء أممي لجمع 370 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان

نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)
نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

نداء أممي لجمع 370 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان

نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)
نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)

أطلقت الأمم المتّحدة والحكومة اللبنانية، الثلاثا،ء نداء جديدا لجمع تبرّعات بقيمة 371.4 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكّان المتضرّرين في لبنان من النزاع الأخير بين إسرائيل و«حزب الله».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) تمّ إطلاق نداء أوّل لجمع 426 مليون دولار لمساعدة النازحين من الحرب التي دارت بين الدولة العبرية والحزب الشيعي في لبنان، وقد تمّت تلبيته بمقدار 250 مليون دولار، وفقا للأمم المتّحدة. والثلاثاء، قال عمران رضا، منسّق الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية في لبنان إنّه «على الرّغم من أنّ وقف الأعمال العدائية يبعث ببارقة أمل، إلا أنّ أكثر من 125 ألف شخص ما زالوا نازحين، ومئات آلاف آخرين يواجهون تحدّيات هائلة في إعادة بناء حياتهم».

وأضاف في بيان أنّه في ظلّ هذه الظروف هناك حاجة إلى مبلغ إضافي قدره 371.4 مليون دولار «لدعم الجهود المبذولة لإنقاذ الأرواح ومنع تدهور الوضع المروّع أصلا».

ويهدف هذا النداء بشكل أساسي إلى توفير مساعدة لغاية مارس (آذار) لمليون لاجئ ونازح لبناني وسوري وفلسطيني هم من الأكثر تضررا من الأزمة الإنسانية. وفي سبتمبر (أيلول)، كثّفت إسرائيل قصفها على لبنان وشنّت هجوما برّيا محدودا وذلك بعد ما يقرب من عام من المعارك عبر الحدود مع «حزب الله».

ومنذ دخول وقف إطلاق النار بين الطرفين حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، تمكّن أكثر من 800 ألف شخص نزحوا في لبنان بسبب النزاع من العودة إلى ديارهم، وفقا للأمم المتّحدة.