«حماس» تواجه صعوبات في كشف مصير الأسرى الإسرائيليين

الحركة أبلغت الوسطاء بأن عملية التسليم يجب أن تتم بعد أيام من وقف النار

عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة يتظاهرون أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس (أرشيفية- أ.ب)
عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة يتظاهرون أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس (أرشيفية- أ.ب)
TT

«حماس» تواجه صعوبات في كشف مصير الأسرى الإسرائيليين

عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة يتظاهرون أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس (أرشيفية- أ.ب)
عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة يتظاهرون أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس (أرشيفية- أ.ب)

تواجه حركة «حماس» بعض الصعوبات في تحديد أسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، الأمر الذي زاد من تعقيد مشهد المفاوضات التي تتعثر أحياناً وتسير بشكل إيجابي في مرات عدة، بفعل ضغوط الوسطاء على الحركة من جهة، والولايات المتحدة بشكل أساسي على إسرائيل من جهة أخرى.

وتقول إسرائيل علناً إنها لن تقبل بوقف إطلاق نار مؤقت، ما لم تحصل على أسماء الأسرى الذين ستُسلِّمهم «حماس» في المرحلة الأولى من الصفقة المطروحة على الطاولة، بينما لم تعلِّق الحركة رسمياً على هذا.

ووفقاً لمصادر من حركة «حماس» تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن الحركة لديها كل أسماء الأسرى الموجودين في قطاع غزة، وحتى من هم لدى الفصائل الفلسطينية، ولكن هناك بعض التفاصيل يجب أن تحصل عليها قيادة الحركة من المجموعات الآسرة حول مصير هؤلاء الأسرى، وهذا ما أخَّر بعض التفاصيل الفنية في المفاوضات التي جرت بشكل إيجابي وجدِّي في الأسابيع القليلة الماضية.

متظاهرون في تل أبيب يحملون صور الأسرى الإسرائيليين (أرشيفية - قيادة عائلات الأسرى)

وحسب المصادر، فإن قيادة الحركة أبلغت الوسطاء أن عملية الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين يجب أن تتم بعد أيام من بدء وقف إطلاق النار، لظروف أمنية تتعلق بمكان الأسرى والمجموعات الآسرة وإعادة التواصل معها، في ظل حفاظ هذه المجموعات على إجراءات أمنية مشددة، في التواصل مع قياداتها العسكرية داخل قطاع غزة.

وبيَّنت المصادر أن قيادة «حماس» أبلغت بشكل واضح الوسطاء بأن موضوع الأسماء يجب ألا يكون عقبة في التوصل لاتفاق، لافتة إلى أن الاشتراطات الإسرائيلية المتعلقة بقضية محورَي «نتساريم» و«فيلادلفيا» ما زالت قائمة، وتستخدمهما إسرائيل بشكل واضح لوضع عقبات أخرى.

وتذكر المصادر أنه رغم التوصل في أكثر من مرة لتفاصيل فنية حول الوجود الإسرائيلي والانسحاب التدريجي، فإنه في كل مرة تظهر عقبات واشتراطات جديدة، منها أن الوفد الذي وصل من تل أبيب إلى الدوحة مؤخراً وبقي هناك عدة أيام، لم يكن مسموحاً له بالحديث عن مرحلة ثانية، وهذا يؤشر من جديد إلى أن إسرائيل تحاول استعادة أسراها من دون الالتزام بالمراحل الأخرى التي تهدف للتوصل لوقف إطلاق نار دائم، مشيرة إلى أن هذه عقبة مهمة أمام نجاح التوصل لاتفاق من عدمه في المرحلة الأولى.

آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح (أرشيفية- رويترز)

وأعلنت «حماس» مراراً وتكراراً مخاوفها من أن بعض الأسرى قد يلاقون نفس مصير الطيار الإسرائيلي، رون أراد، الذي فُقد عام 1986 في لبنان، وما زال مصيره مجهولاً.

وتعود هذه المخاوف لواقع الظروف الأمنية، واستمرار القصف الإسرائيلي الذي يطول مناطق بها أسرى إسرائيليون.

ويبدو أن «حماس» لا تستطيع جمع أسماء الأسرى الأحياء كلهم، وتصر على أن تشمل المرحلة الأولى أسرى أحياء مع جثث لإسرائيليين، بينما يبدو أن تل أبيب تريدهم جميعاً أحياء في هذه المرحلة، لاستعادة أكبر قدر ممكن منهم، وبذلك تسمح لنفسها باستئناف الحرب بحُرية أكبر، ما دام عدد الجثث أكثر من الأحياء، كما تشير التقديرات في إسرائيل.

ومنذ أيام خرج «أبو عبيدة» الناطق باسم «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، وقال: «مصير بعض أسرى العدو مرهون بتقدم جيش الاحتلال مئات الأمتار في بعض المناطق التي تتعرض للعدوان»، وفق قوله، في إشارة منه لعمليات برية تقوم بها القوات الإسرائيلية داخل قطاع غزة، وبشكل خاص في شماله الذي تتوسع فيه العمليات البرية وصولاً إلى بيت حانون.

وتتحدث إسرائيل عن وجود بِنية تحتية جديدة لـ«حماس» في بيت حانون تعمل على ملاحقتها.

أقارب أسرى لدى «حماس» يتظاهرون خارج مكتب السفارة الأميركية في القدس (أرشيفية- أ.ب)

ولا تستبعد مصادر ميدانية أن يكون لدى «حماس» أسرى في بيت حانون تم نقلهم من مناطق في مخيم جباليا وبيت لاهيا، بهدف الحفاظ عليهم؛ لكن توسيع العمليات الإسرائيلية قد يقلل فرص نجاتهم، وهذا ما قد يجعل مصيرهم مجهولاً أو يقتلون بفعل تلك العمليات، وهذا ما يولده الضغط العسكري الذي يتحدث عنه الاحتلال باستمرار.

وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك أسرى قتلوا في مكان أسرهم مع الآسرين، ولا أحد يستطيع انتشالهم، ولهذا فإن تحديد أماكن جثثهم يستلزم وقتاً، كما أن هناك أسرى أحياء نقلوا من مكان إلى آخر وفق تقديرات ميدانية، وفي ظروف معقدة للغاية، ومن يأسرونهم قطعوا الاتصال بأي جهة حتى لا يتم تتبعهم من خلال الاتصالات، ومحاولات إسرائيل جمع معلومات استخباراتية، ولذلك هؤلاء يمكن التواصل معهم بطرق آمنة لاحقاً، في حال تحقق وقف إطلاق نار يمنح المقاومة الوقت لجمع المعلومات والتأكد من مصير الأسرى.

وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت منذ أسابيع أن «حماس» طلبت من الفصائل الفلسطينية التي تأسر بعض الإسرائيليين بدء حصر ما لديها من أسماء، تمهيداً لصفقة محتملة، في ظل الجدية التي كانت تشوب المفاوضات.

وأكدت عائلات المختطفين الإسرائيليين، مراراً وتكراراً، أن الضغط العسكري أحد الأسباب التي أدت لمقتل أبنائهم، مطالبين بالذهاب إلى صفقة شاملة وليست جزئية، بهدف استعادة جميع من تبقى من رهائن في قطاع غزة، متهمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه هو من يعرقل الصفقة وينسفها، من خلال اشتراطات جديدة يضعها.


مقالات ذات صلة

مقتل فلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية بالضفة الغربية

المشرق العربي أقارب شاب فلسطيني قتل علي يد الجيش الإسرائيلي خلال جنازته في مخيم بلاطة بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

مقتل فلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية بالضفة الغربية

قالت حركة «فتح» الفلسطينية في بيان إن فلسطينياً قُتل برصاص القوات الإسرائيلية خلال مداهمة في الضفة الغربية المحتلة اليوم (الأحد).

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي المساعدات التي توزعها «الأونروا» في «مخيم النصيرات» للاجئين بغزة 5 نوفمبر 2024 (أ.ب)

«الأونروا» تحذر من «شلل» الخدمات المقدمة لملايين اللاجئين الفلسطينيين

حذرت «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)» من أن عملياتها قد تتعرض للشلل.

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي طفلة تبكي أقارب لها قتلوا بغارة إسرائيلية في مستشفى بحي الشجاعية شمال قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

إسرائيل تدمر ما تبقى من شمال غزة

على وقع جولة جديدة من مفاوضات وقف النار، بالدوحة، واصل الجيش الإسرائيلي تدمير كل مقومات الحياة للفلسطينيين في قطاع غزة، بشراً وحجراً، مزيلاً حياً سكنياً بكامله،

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية مشاهد من حيفا لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي خلال اعتراض صواريخ (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن، بعد وقت قصير من انطلاق صفارات الإنذار في مناطق من البلاد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عائلات المحتجزين الإسرائيليين يشاركون في احتجاج بتل أبيب يدعو إلى وقف الحرب (إ.ب.أ)

إسرائيل تؤكد استئناف المفاوضات في قطر بشأن هدنة غزة

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم السبت، استئناف المفاوضات غير المباشرة مع «حماس» في قطر من أجل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تواصل «محدود» بين لبنان وسوريا

معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (أ.ف.ب)
معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (أ.ف.ب)
TT

تواصل «محدود» بين لبنان وسوريا

معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (أ.ف.ب)
معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (أ.ف.ب)

تتعاطى الحكومة اللبنانية بحذر وترقب مع المتغيرات في سوريا، إذ لم يُسجّل رسمياً حتى الآن سوى تواصل محدود بين بيروت ودمشق، اقتصر على اتصالين، الأول بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، والثاني بين وزيري الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب والسوري أسعد الشيباني.

وبعدما كان بوحبيب قد أكد لنظيره نهاية الشهر الماضي، على وقوف حكومة لبنان مع الحكومة السورية، أتى اتصال ميقاتي بالشرع إثر الإشكالات الحدودية التي سُجلت يومي الخميس والجمعة بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين عند الحدود، ما أدى إلى اتخاذ الجانب السوري قراراً يقضي بوضع قيود غير مسبوقة على دخول اللبنانيين إلى سوريا من دون أي تفسيرات رسمية حتى الساعة.

وأعلن مكتب ميقاتي مساء الجمعة، في بيان، أن البحث تناول الملفات الطارئة، كما تطرق إلى ما تعرض له الجيش على الحدود مع سوريا في البقاع، مشيراً إلى أن الشرع أكد أن الأجهزة السورية المعنية قامت بكل ما يلزم لإعادة الهدوء على الحدود، ومنع تجدد ما حصل، ووجّه دعوة لميقاتي لزيارة سوريا من أجل البحث في الملفات المشتركة بين البلدين، وتمتين العلاقات الثنائية.

إلا أن مصادر رسمية استبعدت، عبر «الشرق الأوسط»، تلبية ميقاتي دعوة الشرع قريباً «على أساس أن الزيارة بحاجة إلى ترتيبات معينة ومرتبطة بما ستؤول إليه جلسة البرلمان الخميس 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية»، لافتة إلى أن «البحث يتركز حول إمكانية أن يقوم وزير الخارجية بزيارة إلى دمشق».

ولم تتضح حتى الساعة خلفية الإجراءات السورية الحدودية الجديدة، مع ترجيح عدد من المصادر أن تكون بسبب تراكمات مرتبطة بتعامل أجهزة الدولة اللبنانية مع سوريين، كما تأتي في إطار دفع الإدارة السورية الجديدة لتنسيق رسمي رفيع معها بعدما اقتصر التنسيق الرسمي في الأيام والأسابيع الماضية على الأمن العام اللبناني.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تعهد الشرع خلال استقباله الزعيم اللبناني وليد جنبلاط بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم «سيادة هذا البلد المجاور».

صيغة جديدة للتعاون

ويعد النائب السابق علي درويش، المقرب من رئيس الحكومة، أن «الموقف الرسمي اللبناني واضح ويقوم بالتعامل مع أي جهة تحكم سوريا، أما صيغة التواصل والتعاون والتنسيق، فسوف تتضح بشكل تدريجي، خاصة وأن تسلُّم الإدارة الجديدة بالكاد أتم شهره الأول، كما أن أجهزة الدولة السورية لم تتكوّن بعدُ بشكل كامل، لذلك كان التنسيق يتولاه بشكل أساسي الأمن العام اللبناني بصفتها يوجد يومياً على الحدود».

ويرجح درويش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون الشروط الجديدة المفروضة لدخول اللبنانيين «ردة فعل على التشدد اللبناني الطبيعي في الإجراءات المفروضة لدخول السوريين إلى لبنان»، لافتاً إلى أن «وزير الداخلية اللبناني كان قد أعلن أنه يتم العمل على حل المسألة».

وعما إذا كان ميقاتي سيزور سوريا قريباً، يشير درويش إلى أن «هذا الموضوع يقيّم من قبل الرئيس ميقاتي، علماً بأنه في القريب العاجل لا معطى بهذا الشأن، مع التأكيد على كل الإيجابية في التعاطي مع الحكم الجديد في سوريا».

وعن مصير الاتفاقيات والمعاهدات بين البلدين، يقول درويش: «ستتم إعادة النظر بها، ودراسة كل معاهدة على حدة؛ لضمان أن تكون كلها متوازنة، وتؤمن مصلحة البلدين».

مواطنون ينتظرون عند معبر المصنع إثر اتخاذ القرار بفرض القيود على دخول اللبنانيين إلى سوريا (أ.ف.ب)

وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائبة غادة أيوب أنه «عندما تدخل أي دولة في مرحلة جديدة يجب إعطاؤها حقها من الوقت؛ لأن الإسراع في الضغط للحصول على أجوبة يكون في غير محله، بالرغم من كل التساؤلات المشروعة المطروحة».

شبكة علاقات

ولفتت أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «يجب ألا ننسى أن هذه القيادة التي تسلمت السلطة في سوريا قد أتت بعد 60 عاماً من حكم حزب (البعث)، وبعد حرب متواصلة منذ 2011 أدت إلى دمار جزء كبير من سوريا، ووجود عدة ميليشيات على أرضها، أي هناك مرحلة انتقالية فرضت نفسها، لكي تستطيع السلطة الجديدة أن تستعيد زمام الأمور، وتضبط الأمن، وتنظم أمورها». وتضيف: «أما الوفود التي تزور سوريا، فيمكن وضعها في إطار التعارف، وشبكة العلاقات، وفتح خطوط، لكن لا يمكن رسم صورة واضحة لمستقبل العلاقة مع سوريا إلا بعد انتهاء الفترة الانتقالية، وتقوم السلطة الجديدة بالإمساك بزمام الأمور».

أما بالنسبة للدعوات لإعادة النظر بكل الاتفاقيات والمعاهدات بين الدولتين، فترى أيوب أنه «يفترض على الجانب اللبناني القيام بمراجعة شاملة لكل هذه الاتفاقيات، وإلغاء ما يضرّ منها بمصلحته، خاصة أنها عقدت بمعظمها في فترة الوصاية السورية، وذلك بانتظار أن تنشأ سلطة جديدة في سوريا يقابلها رئيس جمهورية في لبنان، تواكبه حكومة جديدة وفاعلة تعيد تنظيم العلاقة بين الدولتين».

ووقّع لبنان مع سوريا 42 اتفاقية، أغلبها بعد عام 1990، لكن لم تأخذ طريقها إلى التطبيق، وما طبّق منها صبّ في المصلحة السورية، أبرز هذه الاتفاقيات: «معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق»، و«اتفاقية الدفاع والأمن»، و«اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي»، و«اتفاق نقل الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية». ويرجح أن تكون هذه الاتفاقيات رهن الإلغاء أو التعديل.