«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لـ«تجاوز مرحلة التفاصيل» وإبرام الاتفاق

وسط مطالب فلسطينية بتخلي إسرائيل عن «الشروط الجديدة»

مدنيون داخل مبنى مهدم عقب غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
مدنيون داخل مبنى مهدم عقب غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لـ«تجاوز مرحلة التفاصيل» وإبرام الاتفاق

مدنيون داخل مبنى مهدم عقب غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
مدنيون داخل مبنى مهدم عقب غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

اتهامات متبادلة لطرفي الحرب في قطاع غزة بـ«وضع شروط جديدة» جعلت المفاوضات تراوح مكانها وسط مساعٍ لا تتوقف من الوسطاء لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، ودعوات فلسطينية بـ«أهمية تخلي» إسرائيل عن أي مطالب تؤخر إبرام الاتفاق.

المفاوضات المستمرة في نقاش تفاصيل الاتفاق «تنتظر رداً من إسرائيل عقب عودة وفدها قبل أيام من الدوحة للتشاور، لتجاوز تلك المرحلة والدخول في الترتيبات الفنية الأخيرة للتنفيذ والإعلان»، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدين أنه «لا مفر عن تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن شروطه المرتبطة بالحصول على قائمة الرهائن الأحياء كاملة أو إضافة أسماء جديدة لنظيرتها التي ستطلق بالمرحلة الأولى من (الصفقة) ليتم إنجازها».

وتضع التقديرات احتمال تعمد نتنياهو وضع هذه الشروط، لتأخير إعلان الاتفاق لوصول حليفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلطة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، لعدم منح إدارة جو بايدن هذا المكسب.

ووفق نائب الأمين العام لـ«حركة الجهاد»، محمد الهندي، في تصريحات الخميس، فإنه «لا يمكن القول إن مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة فشلت حتى الآن»، مشيراً إلى أن «المحادثات كانت جدية وتم بحث كل تفاصيل مقترح الصفقة».

وما يؤخر الانتقال من مرحلة التفاصيل لمرحلة التنفيذ «طلب المفاوض الإسرائيلي أسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء، وهذا يستغرق وقتاً طويلاً»، حسب الهندي، الذي أشار إلى أن «المفاوض الإسرائيلي وضع أسماء جديدة لا ينطبق عليها شروط المرحلة الأولى من المقترح».

وبرأي الهندي فإن «المفاوضات جادة ودخلت في التفاصيل وأبدينا مرونة، ووافقت على وقف العدوان على 3 مراحل»، مضيفاً: «على الاحتلال التخلي عن أسماء الأسرى الجديدة التي طرحها وأن يكف نتنياهو في المماطلة في إبرام الصفقة لحسابات سياسية».

وتمتلك «(حماس) ورقة الجنود الأسرى إذا لم يلتزم الاحتلال بمراحل الاتفاق»، وفق القيادي الفلسطيني، معتقداً أن «هناك علاقة بين نجاح اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتوقيت تسلُّم ترمب للسلطة»؛ إذ يرى أن ترمب «جاد بإيقاف الحرب بغزة مع الحفاظ على المصالح الإسرائيلية».

وفي ظل غموض موقف نتنياهو، كشفت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤول مطلع على المفاوضات، أن «المحادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مستمرة، لكن المفاوضين ينتظرون التحديث بعد مغادرة الفريق الإسرائيلي قطر للتشاور في وقت سابق»، لافتة إلى أنه «لا تزال هناك بعض الثغرات التي تحتاج إلى تسوية».

اندلع عمود دخان فوق خان يونس من رفح في جنوب قطاع غزة خلال القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

ونقل موقع «والا» الإسرائيلي، عن نتنياهو، قوله إنه «لا يمكن التوصل لصفقة دون الحصول على قائمة بأسماء الأسرى الأحياء».

وبتقدير مسؤولين إسرائيليين للموقع ذاته، فإنه «لا تزال هناك فجوات كبيرة رغم إحراز بعض التقدم في مفاوضات الدوحة»، مؤكدين أن «المفاوضات لم تنهَر، لكنها عالقة».

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور خالد سعيد، أن الإعلام الإسرائيلي يمهد لموقف نتنياهو المنتظر بشأن المفاوضات بعد عودة فريقه من الدوحة، وبدأ الحديث بكثافة عن التفاصيل بعدما كان مقتصراً على الإشارة لوجود تقدم أو فجوات فقط، لافتاً إلى أنه من الواضح أن «الشروط الجديدة متعمدة من نتنياهو لتأخير الاتفاق».

ويعتقد سعيد أن «الطرف الفلسطيني قدم مرونة كافية، ولن يقدم على أي تنازلات جديدة، وستبقى الكرة في ملعب نتنياهو مع استمرار الوسطاء في مساعي تذليل الفجوات».

فلسطينيون يتفقدون أضرار غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

وحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن المفاوضات في مرحلة تفاصيل «أكثر صعوبة» و«عض أصابع»، موضحاً أن الجانب الفلسطيني حتماً لن يسلّم نتنياهو قائمة الرهائن الأحياء المتبقين بعد المرحلة الأولى، لأسباب مرتبطة بأهمية وجود هدوء لمزيد من التقصي وجمع المعلومات، فضلاً عن أن تسليم القائمة سيتبعه نتنياهو بمطالب جديدة كعادته.

ويرجّح أن تستمر جهود الوسطاء لتذليل الفجوات، مستبعداً رداً حاسماً من نتنياهو إلا بعد انتهاء العيد اليهودي الحالي، وغالباً قد يحدث مطلع الشهر المقبل. ونقل موقع «تايمز أوف إسرائيل»، الجمعة، تقديرات مفادها أن «مسؤولين إسرائيليين وأميركيين يقولون إن احتمالات التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن قبل تنصيب ترمب ضئيلة»، وأشار الموقع إلى تقارير عربية تتحدث عن استمرار الخلافات.

ونقلت تلك التقارير عن مسؤول في «حماس»، الخميس، أن الحركة «قدمت قائمة جزئية بأسماء الرهائن الأحياء للمفاوضين، لكنها غير قادرة على التواصل مع كل المجموعات التي تحتجز الرهائن»، لافتاً إلى أنها «ستكون في وضع أفضل لتقديم معلومات عن الرهائن بمجرد بدء وقف إطلاق النار وتسهيل الاتصالات في غزة».

وبينما يتوقع سعيد أن الاتفاق قد يتأخر حسمه إلى تنصيب ترمب، وليس قبله في ظل «عراقيل نتنياهو»، يرجح الرقب أن نتنياهو لا يريد منح مكافأة لإدارة جو بايدن في نهاية ولايته بإبرام اتفاق، وسيؤجله لمنح ذلك المكسب لترمب، معتقداً أن «ما يحدث هو تأجيلات إعلامية فقط لتأخير موعد الحسم لوصول الرئيس الأميركي، ويتم الإعلان عنه عشية أو غداة التنصيب».


مقالات ذات صلة

غزة: غارة إسرائيلية تُخرج «مستشفى كمال عدوان» عن الخدمة

المشرق العربي مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

غزة: غارة إسرائيلية تُخرج «مستشفى كمال عدوان» عن الخدمة

أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ العملية العسكرية التي شنّتها إسرائيل قرب مستشفى كمال عدوان أدّت إلى خروج آخر مرفق صحي رئيس شمالي القطاع عن الخدمة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة  (أ.ف.ب) play-circle 02:02

الجيش الإسرائيلي يقتحم مستشفى بشمال غزة... ووزارة الصحة تفقد الاتصال مع الطاقم الطبي

قال مسؤولون إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مستشفى كمال عدوان، أحد المرافق الطبية الثلاثة الواقعة شمال قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، وأمرت العشرات من المرضى بإخلائه.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

حديث إسرائيلي رسمي عن إنشاء «مناطق عازلة» في قطاع غزة، أثار تساؤلات بشأن مدى تأثيراتها على اتفاق الهدنة المحتمل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي تسبب القصف الإسرائيلي على غزة في استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني أكثر من نصفهم نساء وأطفال (رويترز)

تجمدوا حتى الموت... البرد يودي بحياة 3 أطفال في غزة

توفي 3 أطفال فلسطينيين في الساعات الـ48 الماضية بسبب البرد الشديد، حيث قال الأطباء إنهم تجمدوا حتى الموت أثناء وجودهم في مخيمات غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يدخل نفقاً بُني لدعم المحتجزين ويرمز إلى أنفاق «حماس» خلال تجمع جماهيري في تل أبيب (رويترز)

إسرائيل و«حماس» تتبادلان اتهامات «عرقلة صفقة غزة»

بدَّدت إسرائيل وحركة «حماس»، أمس الأربعاء، أجواء التفاؤل بقرب عقد صفقة في قطاع غزة، تشمل هدنة مؤقتة وتبادلاً للأسرى، وتراشقتا بالاتهامات حول مسؤولية عرقلة.

كفاح زبون (رام الله)

زيارة وزير الخارجية المصري لسوريا «ما زالت مستبعدة»

وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اجتماع «لجنة الاتصال العربية» بشأن سوريا (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اجتماع «لجنة الاتصال العربية» بشأن سوريا (الخارجية المصرية)
TT

زيارة وزير الخارجية المصري لسوريا «ما زالت مستبعدة»

وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اجتماع «لجنة الاتصال العربية» بشأن سوريا (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اجتماع «لجنة الاتصال العربية» بشأن سوريا (الخارجية المصرية)

بينما امتنعت المصادر الرسمية المصرية عن توضيح حقيقة الأنباء التي ترددت عن زيارة مفترضة لوزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى دمشق، أبلغت مصادر مطلعة «الشرق الأوسط» استبعادها حدوث مثل هذه الزيارة في التوقيت الحالي.

وقال مصدران مطلعان، مصري وعربي، إن «ما تردد بشأن زيارة قريبة لوزير الخارجية المصري إلى سوريا غير صحيح». وأكدا أن القاهرة «ما زالت في مرحلة ترقب لتطورات الأوضاع في الداخل السوري، وتقييم رؤية الإدارة الجديدة تجاه القضايا الإقليمية والدولية».

ولم تعلن مصر حتى الآن عن أي تواصل رسمي مع القيادة الجديدة في سوريا، منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وحسب المصدر المصري المطلع، فإن موقف بلاده تجاه التطورات التي تشهدها سوريا «ما زال في مرحلة الانتظار». وأشار إلى الاتصالات التي أجرتها وزارة الخارجية المصرية على مدار الأسبوعين الماضيين، والتي أكدت محددات الرؤية المصرية، المتمثلة في «دعم سيادة ووحدة سوريا، ورفض الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية».

وأبلغ مصدر عربي مطلع «الشرق الأوسط» أنه «لا صحة لما تردد، وهذا الحديث سابق لأوانه».

وكان عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، الإعلامي مصطفى بكري، قد نفى، اليوم (السبت)، ما تردد عن «زيارة مقترحة لوزير الخارجية المصري لدمشق»، ونقل عن مصدر - لم يسمه - في وزارة الخارجية المصرية، قوله إن الحديث في هذا الأمر «سابق لأوانه، ولا صحة لما تردد».

ومنذ سقوط نظام الأسد، أجرى الوزير عبد العاطي اتصالات مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية لمناقشة تطورات الأوضاع في سوريا، وأكد حينها على موقف بلاده، الذي يستند إلى «دعم استقرار سوريا، ورفض المساس بسيادتها أو تقسيمها»، وكذا «أهمية تدشين عملية سياسية شاملة تضم مكونات وأطياف المجتمع السوري كافة؛ لتحقيق مصالحة وطنية، تضمن نجاح العملية الانتقالية».

وأدانت القاهرة بشدة الاعتداءات الإسرائيلية داخل المنطقة العازلة في سوريا، وعدّت ذلك «خرقاً للقانون الدولي، وانتهاكاً لاتفاق فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل الموقع عام 1974»، حسب «الخارجية المصرية».

جانب من اجتماع "لجنة الاتصال العربية" بشأن سوريا (الخارجية المصرية)

وحسب مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، خالد عكاشة، فإن «القاهرة تنتظر وضوح ملامح الفترة الانتقالية، ومنهج عمل محدد تعلنه الإدارة السورية الجديدة، حتى تتفاعل معها». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مصر «تستهدف عبور الشعب السوري هذه المرحلة الدقيقة بشكل سريع، وبصيغة تحفظ وحدة الأراضي السورية»، موضحاً أن النظرة المصرية تجاه التغيير في سوريا «قائمة على رؤية استراتيجية تستهدف حماية الدولة السورية، وعدم التدخل في شؤونها».

في سياق ذلك، يفرق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، طارق فهمي، بين الاتصالات مع الإدارة السورية الجديدة، والاعتراف الرسمي بها، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مصر «ليس لديها أي قيود أو عائق في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة»، مشيراً إلى أن القاهرة «ليست بعيدة عما يجري في سوريا، وتنخرط بشكل مباشر وغير مباشر مع التطورات الداخلية».

ويستشهد فهمي بـ«اتصالات الخارجية المصرية مع الأطراف المعنية، ومشاركة القاهرة في اجتماعات لجنة الاتصال العربية بالأردن، للتنسيق مع الدول العربية بشأن المستقبل السوري»، لافتاً إلى أن قوى أوروبية وغربية لم تعترف رسمياً بالإدارة السورية الجديدة، رغم إجراء اتصالات عاجلة مع السلطة الانتقالية في دمشق.