​اشتباكات عنيفة حول عين العرب ومخاوف من تفاقم الوضع الإنساني

ألمانيا تحذر من حرب بين تركيا والأكراد في سوريا

عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)
TT

​اشتباكات عنيفة حول عين العرب ومخاوف من تفاقم الوضع الإنساني

عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)

اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا، بعد هجومين متزامنين نفذتهما الفصائل على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق في ريف حلب الشرقي.

واستمرت الاشتباكات لساعات وسط معلومات عن وقوع خسائر بشرية في صفوف الجانبين، وتعرضت القرى القريبة من جسر قره قوزاق لقصف مدفعي وصاروخي مكثف من القوات التركية.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، بأن التوتر يسيطر على المنطقة، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية.

وأضاف أن قوات «مجلس منبج العسكري»، التابعة لـ«قسد»، تمكنت من التقدم في 3 قرى بمحيط سد تشرين، ذلك بعد أكثر من 12 يوماً من الاشتباكات المسلحة المستمرة مع الفصائل الموالية لتركيا.

تحذير ألماني

في الوقت ذاته، حذّرت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، من نشوب حرب بين تركيا والأكراد في سوريا.

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك (د.ب.أ)

وقالت بيربوك في تصريحات لمحطة «دويتشلاند فونك» نقلتها «وكالة الأنباء الألمانية»: «هذا بالضبط ما لا ينبغي أن يحدث»، مضيفة أنه لن يكون من المفيد لأحد أن يكون الطرف الثالث «المسرور» في الصراع مع الأكراد، «تنظيم داعش». وشدّدت على أن هذا من شأنه أن يشكل تهديداً أمنياً لسوريا وتركيا وأوروبا.

كانت بيربوك أكدت، في إفادة صحافية بمقر السفارة الألمانية في أنقرة عقب مباحثاتها مع نظيرها التركي هاكان فيدان الجمعة، أن «الأمن، خصوصاً للأكراد، ضروري لمستقبل حر وآمن لسوريا، لكن يتعين أيضاً معالجة المخاوف الأمنية التركية لضمان الاستقرار»، محذرة من مخاطر أي «تصعيد» ضد القوات الكردية في سوريا.

ولفتت إلى أن آلاف الأكراد من منبج وأماكن أخرى نزحوا في سوريا أو يخشون اندلاع أعمال عنف جديدة، و«أصبحت كوباني (عين العرب) رمزاً للمقاومة ضد إرهاب (داعش)، ليس فقط للأكراد، بل للعالم أجمع»، مضيفة أن «الأكراد، الذين يعملون جنباً إلى جنب مع التحالف الدولي ضد (داعش)، دافعوا ليس فقط عن سوريا ولكن أيضاً عن أمن أوروبا».

وأبلغ فيدان نظيرته الألمانية، أنه يتعين على حزب «العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» إلقاء السلاح وحل نفسيهما.

جانب من مباحثات فيدان وبيربوك في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

ولفت الوزير التركي، الذي زار دمشق الأحد والتقى القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، إلى أن تركيا تؤكد ضرورة حماية حقوق جميع الأقليات في سوريا، وأن الفهم الذي يعد تنظيم «حزب العمال الكردستاني»، و«وحدات حماية الشعب» ممثلين للأكراد في سوريا، هو فهم خاطئ.

وشدّد على أن تركيا تنتظر من جميع حلفائها أن يحترموا مخاوفها الأمنية في هذا الصدد، وأنه يجب على الإدارة السورية الجديدة أن تعمل على إنهاء وجود التنظيمات الانفصالية التي تسعى لتقسيم البلاد.

وتخطط تركيا بالاستعانة بالفصائل الموالية لها في سوريا، لهجوم على مدينة عين العرب (كوباني) الحدودية في شرق حلب، التي تقع على الضفة الشرقية من نهر الفرات.

وزير الدفاع التركي يشار غولر يلقي التحية العسكرية على جنود بإحدى الوحدات على الحدود مع سوريا خلال تفقده لها الأحد (وزارة الدفاع التركية)

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، خلال تفقده، الأحد، المناطق الحدودية التركية السورية، ولقائه قادة الوحدات العسكرية المنتشرة هناك، إن تركيا تنتظر من حكام سوريا الجدد، بما في ذلك الجيش الوطني السوري، طرد مسلحي «وحدات حماية الشعب» الكردية (أكبر مكونات قسد) من جميع الأراضي التي يسيطرون عليها في شمال شرقي سوريا.

فصائل الجيش الوطني السوري تواصل قصفها على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق حول عين العرب (المرصد السوري)

ونفذت تركيا عمليات عسكرية في شمال وشمال شرقي سوريا بين عامي 2016 و2019 استهدفت «وحدات حماية الشعب» الكردية. وقد سيطرت الفصائل الموالية لها من خلالها على مناطق حدودية، مبررة ذلك بـ«الحرب على الإرهاب».

وتعد أميركا القوات الكردية شريكاً مهماً لها في الحرب على «تنظيم داعش» في سوريا، كما تحظى بدعم غربي، بينما تعدها تركيا امتداداً لتنظيم حزب «العمال الكردستاني» المصنف لديها، وكذلك لدى حلفائها الغربيين «منظمة إرهابية».

وقالت بيربوك إن الأكراد، على وجه الخصوص، هم الذين دحروا «داعش»،

وإن تركيا «بالطبع» لديها مصالح أمنية مشروعة، ومثل أي بلد آخر، تريد أن تكون خالية من الإرهاب، لكن لا ينبغي استغلال ذلك في «طرد الأكراد واندلاع العنف مرة أخرى».

عناصر من «قسد» في عين العرب (أ.ف.ب)

في السياق، قررت محكمة تركية تمديد توقيف 9 أشخاص، بينهم 7 صحافيين لمشاركتهم في احتجاج على مقتل اثنين من الصحافيين الأتراك من أصل كردي في ضربات بطائرة مسيرة تركية في شمال سوريا.

وأوقفت الشرطة التركية السبت 59 شخصاً بعد أن منعت المظاهرة الاحتجاجية على مقتل الصحافيين في سوريا، وأفرجت عن 50 منهم يومي السبت والأحد، فيما أحيل 9 إلى المحكمة التي قررت لاحقاً تمديد توقيفهم.

وأكدت «جمعية صحافيي دجلة والفرات» التركية أن الصحافيين ناظم داشتان (32 عاماً)، وجيهان بلكين (29 عاماً) اللذين كانا يعملان في وسائل إعلام كردية، قُتلا الخميس قرب سد تشرين على بُعد نحو 100 كيلومتر شرق مدينة حلب السورية بعدما تعرضت سيارتهما لانفجار.


مقالات ذات صلة

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

المشرق العربي مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مقابل الحشد التركي ضد المسلحين الأكراد يعول «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للإدارة الذاتية على وساطة أميركية - فرنسية لنزع فتيل الحرب مع أنقرة.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (أ.ف.ب) play-circle 00:49

الشرع يتعهد حل الفصائل المسلحة وإنشاء جيش سوري موحد

أكد القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، اليوم (الأحد)، أن كل الأسلحة في البلاد ستخضع لسيطرة الدولة بما فيها سلاح القوات التي يقودها الأكراد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز) play-circle 00:32

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي جولة تفقدية على الحدود.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقطة من فيديو لعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» تطلق طائرة مسيّرة تحمل قذيفة مضادة للدبابات

الجماعات الكردية السورية في موقف دفاعي مع تغير ميزان القوى

مع حشد جماعات معادية مدعومة من تركيا ضدها في شمال سوريا، وسيطرة جماعة صديقة لأنقرة على دمشق، تقف الفصائل الكردية الرئيسية في سوريا في موقف دفاعي.

«الشرق الأوسط» (القامشلي - بيروت - أنقرة )
المشرق العربي مسلحان من «قسد» عند مدخل مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا (رويترز)

تركيا: «تحرير الشام» لعبت دوراً في مكافحة «داعش» و«القاعدة»

أبدت تركيا تمسكاً بتصفية «الوحدات» الكردية، في وقت تواجه فيه احتمالات التعرض لعقوبات أميركية نتيجة هجماتها على مواقع «قسد» في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

غسان سلامة لـ «الشرق الأوسط»: العالم مُقبِل على حروب أوسع

غسان سلامة
غسان سلامة
TT

غسان سلامة لـ «الشرق الأوسط»: العالم مُقبِل على حروب أوسع

غسان سلامة
غسان سلامة

مع انقضاء الربع الأول من الألفية الثالثة، يرجّح غسان سلامة، الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة، «حروباً أوسع» في مناطق من العالم، وأن تلجأ «دول قادرة» إلى إنتاج سلاح نووي.

وقال سلامة، في حوار لـ«الشرق الأوسط»، إن «العالم بدأ يسجل عودة ارتفاع الميزانيات العسكرية تدريجياً، وإن الدول النووية راحت توسِّع ترسانتها؛ سواء أكانت روسيا أو الولايات المتحدة أو فرنسا».

وقال إن الحرب في أوكرانيا ودعوات وزراء إسرائيليين لضرب غزة نووياً «يمكن أن تنتقل إلى مناطق أخرى في العالم، وهو أمر بالغ الخطورة».

ومع ما يجري في سوريا الآن، أوضح سلامة أن «4 عناصر لعدم الاستقرار» تجتمع في هذا البلد، وهي «التصحُّر، وفقدان المياه، بالتوازي مع الانفجار السكاني والترييف».

ولا يستبعد سلامة جائحة وبائية جديدة؛ ما يستدعي من وجهة نظره «ردم الهوة بين القارات والبلدان في قدرات الرعاية الاجتماعية».