قائد فصيل سوري يروي لـ«الشرق الأوسط» رحلة «ردع العدوان»

أعلن عن تشكيل «مجلس عسكري» في دوما

TT

قائد فصيل سوري يروي لـ«الشرق الأوسط» رحلة «ردع العدوان»

مسلحون من الفصائل يحتفلون بسقوط دمشق الأحد (أ.ب)
مسلحون من الفصائل يحتفلون بسقوط دمشق الأحد (أ.ب)

أعلن قائد أركان «جيش الإسلام»، علي عبد الباقي، من مقرّه في مدينة دوما، أكبر مدن غوطة دمشق الشرقية، عن تشكيل «مجلس عسكري» في المدينة، وذلك بعد سقوط حكم بشار الأسد وسيطرة فصائل المعارضة السورية المسلحة على البلاد.

وروى عبد الباقي المكنى بـ«أبو معروف» لـ«الشرق الأوسط»، بعض تفاصيل العملية العسكرية التي سُميت «عملية ردع العدوان» بقيادة «هيئة تحرير الشام»، وشارك جيشه فيها، قائلاً: نحن دخلنا باسم (ثوار الشام)، في غرفة (عملية ردع العدوان) وشاركنا فيها عسكرياً، وقد رتبنا تجمعاً في مناطق الباب وأعزاز وعفرين بمنطقة (غصن الزيتون) بريف حلب (شمال سوريا)، حيث جمعنا كل أهل الشام (دمشق) من (جيش الإسلام) ومن خارجه، واخترنا هذا الاسم لأننا سنقاتل عل جبهة دمشق وريفها».

قائد أركان «جيش الإسلام» علي عبد الباقي المكنى بـ«أبو معروف» في مقرّه في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية (الشرق الأوسط)

معركة دمشق

وأوضح عبد الباقي أنه نسَّق مع غرفة «ردع العدوان» قبل يومين من معركة دمشق، حيث تم إسناد مهمة القتال على محور ريف دمشق ودمشق إلى «ثوار الشام»، الذين امتد خط سيرهم من بلدة عقيربات بريف حماة إلى تدمر والقريتين والبادية بريف حمص، ومن ثمّ الغوطة الشرقية، وصولاً إلى دمشق.

قائد أركان «جيش الإسلام» علي عبد الباقي المكنى بـ«أبو معروف» مع عدد من المقاتلين في مقرّه في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية (الشرق الأوسط)

وذكر أن رتل «ثوار الشام» الذي قدِم من الشمال، كان يضم مقاتلين من دمشق وريفها من مكونات الثورة، يقدر عددهم بأكثر من 10 آلاف مقاتل، عدا عن مقاتلي «غرفة عمليات الجنوب»، لافتاً إلى أن مقاتلي «ثوار الشام» منتشرون حالياً في كل دمشق وريفها، بينما أرسلت «إدارة العمليات المشتركة» أرتالاً أخرى إلى دمشق وريفها، في الأيام التي تلت دخولنا إليها. وأشار عبد الباقي إلى أن هناك مقاتلين من أهل الشام من خارج «جيش الإسلام» ولا يتبعون لفصائل أخرى، انضموا إلى الرتل بشكل فردي.

ضبط الفوضى

وقال: «مع وصولنا إلى دمشق فوراً سقط النظام، وصارت فوضى، حيث حصلت عمليات سرقة وغير ذلك... فقام المقاتلون بالعمل على ضبط الأمن في المدينة، إلى أن شكلنا (المجلس العسكري) من (جيش الإسلام) و(القوة المشتركة) (التي سبق أن تشكلت في الشمال)»، موضحاً أن قيادة المجلس تضم كلاً من علي عبد الباقي من «جيش الإسلام»، وأبو خالد الأجوة من «القوة المشتركة»، وأبو صبحي طه من «أهل الشام».

النظام وحيداً

ولفت عبد الباقي إلى أنه على مدى سني الثورة كانت تساند النظام وتقاتل معه دول حليفة وميليشيات، في إشارة إلى روسيا وإيران وميليشياتها، موضحاً أن دور هذه الدول تراجع (في سوريا)، خصوصاً روسيا المشغولة بحربها في أوكرانيا، «فتقاتلنا نحن والنظام وكانت هذه أول عملية بيننا وبينه وهو وحيد بعد أن كانت ميليشيات إيران تقاتل معه».

معلومات الداخل

وذكر أنه عندما حصل الانهيار ووصلنا إلى مشارف مدينة حمص، كان هو يبث أخباراً بأنه يحشد في العاصمة وأن المعركة الكبرى ستكون بدمشق، لكن جيشه كان يهرب وفق «المعلومات التي كانت لدينا من أبنائنا في الداخل والتي تؤكد عدم تجهيز عسكري ولا شيء من هذا فعرفنا أنه سيسقط؛ إذ هرب الضباط وصف الضباط والعناصر؛ لأنهم شاهدوا المحافظات كلها كيف سقطت وهو فوراً فرّ وحده، فصار هذا السقوط دون قتال».

دوار بلدية مدينة دوما الذي يؤدي إلى عدد من الأحياء بغوطة دمشق الشرقية (الشرق الأوسط)

وأشار قائد أركان «جيش الإسلام» إلى أنه ليس لديه إحصائية للمعتقلين من أهالي دوما الذين تم تحريرهم من سجون النظام، وقال: «خرجت أعداد منهم، وقابلنا بعضهم، لكن لم يخرج ولا 5 في المائة من المعتقلين». وأضاف: «يقال إنه كان يوجد 50 ألفاً أو أكثر من أهالي دوما في المعتقلات».

دولة مدنية

وعن عدم وجود مقاتلين على مداخل دوما، قال: «نحن قررنا ألا نضع حواجز وهم منتشرون في محيط المدينة، ونحاول تخفيف المظاهر المسلحة حتى نقلب إلى دولة مدنية».

وأضاف: «نحن لا نريد إعادة الوجود العسكري داخل المدن، نريده بعيداً عن المدنيين في الجبال والصحراء ومحيط المدن، ونحاول الانتقال من الحالة الفصائلية إلى الدولة».

ويعدّ «جيش الإسلام» من أهم الفصائل التي كانت تسيطر على مساحات واسعة من غوطة دمشق الشرقية بعد خروجها عن سيطرة نظام الأسد المخلوع في السنة الثانية للثورة التي اندلعت في عام 2011، قبل أن يسيطر عليها النظام في عام 2018 ويهجر أهلها إلى الشمال السوري.

ومدينة دوما هي أكبر وأهم مدن الغوطة الشرقية ومسقط راس قائد ومؤسس «جيش الإسلام» زهران علوش الذي لقي حتفه بغارات روسية أواخر عام 2015. وتم الإعلان عن تشكيله في عام 2013 عبر اتحاد أكثر من 45 فصيلاً من «الجيش الحر»، وكان عدد مقاتليه يقدر ما بين 10 و15 ألف مقاتل.

وشارك «جيش الإسلام» في الكثير من العمليات العسكرية في مختلف المدن السورية، خصوصاً في ريف دمشق، حيث اتخذ من مدينة دوما منطلقاً لعملياته العسكرية وتمكن من توسيع رقعة عملياته والسيطرة خلال فترة قصيرة على عدد كبير من المواقع المهمة للنظام.

مؤسس «جيش الإسلام» (المرصد السوري)

ويرتبط اسم الغوطة الشرقية وخصوصاً دوما بالموت؛ بسبب كثافة وشدة القصف الذي تعرضت له من قِبل النظام وحلفائه والمجازر التي تم ارتكابها فيها والحصار والتجويع الذي فرضه عليها؛ ما خلّف آلاف القتلى من المدنيين.

كما قصف النظام مدينة دوما بالأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً في أبريل (نيسان) عام 2018؛ ما أدى إلى سقوط أكثر من 100 قتيل وإصابة الآلاف، بعدما كان شن هجوماً مماثلاً على الغوطة الشرقية في 21 أغسطس (آب) 2013، وأدى إلى مقتل كان أكثر من 1400 شخص وإصابة الآلاف أيضاً.


مقالات ذات صلة

الشرع يناقش مع قادة الفصائل المسلحة «شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»

المشرق العربي القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع خلال لقائه عدداً من قادة الفصائل العسكرية في دمشق (القيادة العامة في سوريا على تلغرام)

الشرع يناقش مع قادة الفصائل المسلحة «شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»

قالت القيادة العامة، السبت، إن أحمد الشرع، القائد العام للإدارة السورية الجديدة، ناقش مع قادة من الفصائل العسكرية شكل الجيش الجديد في سوريا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أحمد الشرع زعيم «هيئة تحرير الشام» (وسط) وعلى يساره بالزي العسكري مرهف أبو قصرة المعروف باسم «أبو حسن الحموي» خلال اجتماع بدمشق في 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024 (تلغرام)

الشرع يعين أبو قصرة وزيراً للدفاع في سوريا

قال مصدر رسمي، لوكالة «رويترز» للأنباء، السبت، إن الإدارة الجديدة في سوريا عينت مرهف أبو قصرة المعروف باسم «أبو حسن الحموي» وزيرا للدفاع في حكومة تصريف الأعمال.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقطة من فيديو لعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» تطلق طائرة مسيّرة تحمل قذيفة مضادة للدبابات

الجماعات الكردية السورية في موقف دفاعي مع تغير ميزان القوى

مع حشد جماعات معادية مدعومة من تركيا ضدها في شمال سوريا، وسيطرة جماعة صديقة لأنقرة على دمشق، تقف الفصائل الكردية الرئيسية في سوريا في موقف دفاعي.

«الشرق الأوسط» (القامشلي - بيروت - أنقرة )
المشرق العربي اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

تحاول الحكومة الإيرانية استعادة بعض نفوذها مع القادة الجدد في سوريا، حيث تواجه طهران صدمة فقدان سلطتها المفاجئ في دمشق عقب انهيار نظام بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي متطوع سوري يساعد الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)

مدنيون سوريون يتطوعون لتنظيم ازدحام السير في دمشق بعد سقوط النظام

عند تقاطع مروري في منطقة أبو رمانة بدمشق، يبذل متطوعون شباب بلباس مدني كلّ ما في وسعهم؛ لتنظيم السير في مدينتهم التي تختنق بازدحام السيارات والفوضى المرورية.


مقتل 17 فلسطينياً في غارات إسرائيلية على غزة

رجل أمام جثمان أحد ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)
رجل أمام جثمان أحد ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)
TT

مقتل 17 فلسطينياً في غارات إسرائيلية على غزة

رجل أمام جثمان أحد ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)
رجل أمام جثمان أحد ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)

قال مسعفون إن ضربات نفذها الجيش الإسرائيلي على أنحاء قطاع غزة، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 17 فلسطينياً، منهم 8 قتلوا في مدرسة تؤوي عائلات نازحة بمدينة غزة. جاء ذلك في وقت أمر فيه الجيش الإسرائيلي بإخلاء مستشفى كمال عدوان بشمال القطاع. وذكر مسعفون فلسطينيون أن 8 بينهم أطفال قتلوا في مدرسة موسى بن النصير التي تؤوي عائلات نازحة في مدينة غزة، حسبما أوردت وكالة «رويترز» للأنباء.

مواطنون يبحثون عن الأحياء في موقع تعرض لغارة إسرائيلية بدير البلح بغزة (أ.ف.ب)

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن الضربة استهدفت مسلحين من حركة «حماس» يعملون من مركز قيادة داخل المدرسة. وأضاف أن مسلحين من «حماس» استخدموا المكان للتخطيط لهجمات ضد القوات الإسرائيلية وتنفيذها.

وفي مدينة غزة أيضاً، قال مسعفون إن 4 فلسطينيين قتلوا عندما ضربت غارة جوية إسرائيلية إحدى السيارات. وقتل ما لا يقل عن 5 فلسطينيين في غارتين جويتين منفصلتين على رفح وخان يونس جنوب القطاع.

الجيش يأمر بإخلاء مستشفى كمال عدوان

وفي بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، حيث يواصل الجيش العمليات منذ أكتوبر (تشرين الأول)، قال حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان، إن الجيش أمر العاملين بالمستشفى بالإخلاء ونقل المرضى والجرحى إلى مستشفى آخر في المنطقة.

وقال أبو صفية إن المهمة شبه مستحيلة لأن العاملين لم يكن لديهم سيارات إسعاف لنقل المرضى. ويواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات في بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون بشمال قطاع غزة، وكذلك في مخيم جباليا القريب منهما منذ 3 أشهر تقريباً.

أجساد ضحايا غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات أمس خارج مستشفى شهداء الأقصى (أ.ب)

ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بتنفيذ «تطهير عرقي» لإخلاء تلك المناطق من السكان لإنشاء منطقة عازلة. وتنفي إسرائيل ذلك وتقول إن الحملة العسكرية في المنطقة تهدف إلى محاربة مسلحين من «حماس»، ومنعهم من إعادة تنظيم صفوفهم. وقالت إن قواتها قتلت مئات المسلحين وفككت بنية تحتية عسكرية منذ بدء العمليات هناك. وقال الجناحان العسكريان لحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إنهما قتلا كثيراً من الجنود الإسرائيليين في كمائن خلال الفترة نفسها.

نقاط عالقة في اتفاق وقف إطلاق النار

ولم يتمكن الوسطاء بعد من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس». وقالت مصادر قريبة من المناقشات لـ«رويترز» يوم الخميس، إن قطر ومصر تمكنتا من حل بعض نقاط الخلاف التي تعوق الاتفاق بين طرفي القتال، لكن لا تزال هناك نقاط عالقة.

مواطنون يبحثون عن متاعهم في موقع تعرض لغارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)

وشنت إسرائيل حربها على غزة بعد أن اقتحم مقاتلون بقيادة «حماس» بلدات إسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، في هجوم تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة. وتقول إسرائيل إن نحو 100 رهينة ما زالوا محتجزين، لكن من غير الواضح عدد من لا يزالون على قيد الحياة منهم، وفق وكالة «رويترز» للأنباء. ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حرباً واسعة النطاق ضد حركة «حماس» في غزة، أدت إلى مقتل أكثر من 45 ألف شخص ودمار كبير في المنازل والبنية التحتية، وأسفرت الحرب عن نزوح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتدمير أغلب القطاع الساحلي.