إطلاق سجناء حماة يحيي أمل أهالي المفقودين اللبنانيين في سوريا

عائلة المحرر علي العلي تعرّفت عليه وتطالب بإعادته سالماً

مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في شوارع حماة بعد دخولهم المدينة (أ.ف.ب)
مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في شوارع حماة بعد دخولهم المدينة (أ.ف.ب)
TT
20

إطلاق سجناء حماة يحيي أمل أهالي المفقودين اللبنانيين في سوريا

مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في شوارع حماة بعد دخولهم المدينة (أ.ف.ب)
مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في شوارع حماة بعد دخولهم المدينة (أ.ف.ب)

انتعشت آمال أهالي اللبنانيين المفقودين في سوريا منذ عقود، إثر إعلان «هيئة تحرير الشام» عن إطلاق سراح جميع السجناء الذين يقبعون في سجن النظام داخل مدينة حماة، وتم التعرّف على هوية السجين اللبناني علي حسن العلي الذي اعتقله الجيش السوري في لبنان قبل 39 سنة واختفى أثره.

وأعلنت فصائل المعارضة السورية أنها «تمكنت من إخراج مئات السجناء من السجن المركزي الذي تم اقتحامه في مدينة حماة، وتم الكشف عن أسماء عدة معتقلين، بينهم سجناء لبنانيون، كما تم التأكد من اللبناني علي حسن العلي، الملقب بـ(در إسماعيل) من بلدة تاشع في محافظ عكّار (شمال لبنان)، وهو مفقود منذ 40 عاماً في منطقة التبانة بطرابلس، ليتم العثور عليه بين سجناء حماة الذين تم تحريرهم».

وتناقل ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي أسماء عدد من السجناء، يزعمون أنهم لبنانيون ممن جرى تحريرهم، إلّا أنه لم يتمّ التعرّف عليهم باستثناء علي العلي الذي نشرت صورته وتعرّفت عائلته عليه وتنتظر نقله إلى لبنان بطريقة تحفظ أمنه ولا تعرّضه للوقوع بالاعتقال مرة جديدة، وأعلن معمّر العلي، شقيق السجين المحرر، أن العائلة «تعرّفت عليه من خلال الصورة، بالنظر لتطابق الشبه بينه وبين أشقائه بنسبة 99 بالمائة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن شقيقه «من مواليد 1968 كان متوجهاً من مدينة طرابلس إلى بيروت للالتحاق بالجيش اللبناني كجندي متطوّع، ولدى وصوله إلى حاجر المدفون التابع للجيش السوري (الواقع في منتصف السريع بين طرابلس والعاصمة بيروت) تمّ إنزاله هناك، ومنذ ذلك الوقت لم نعرف عنه شيئاً». وأكد معمّر العلي أن شقيقه «لم يكن أتمّ عامه الـ18 عندما جرى اعتقاله ولم نعرف السبب، خصوصاً أنه لا ينتمي إلى أي حزب أو تنظيم لبناني وغير لبناني». وقال: «علمنا بعد شهر تقريباً أنه نُقل من لبنان إلى فرع التحقيق التابع للمخابرات العسكرية في دمشق، وقمنا بزيارة الفرع فاعترفوا أنه كان موجوداً لديهم وأطلقوا سراحه بعد انتهاء التحقيق، ثم تواترت لدينا معلومات عن نقله إلى سجن فلسطين ثمّ صيدنايا وسجون سورية أخرى وقمنا بزيارتها كلّها لكنهم أنكروا وجوده لديهم».

وبثّت هذه المعلومات روح التفاؤل مجدداً لدى مئات اللبنانيين الذين فقدوا أبناءهم في سوريا، وبدأت التحريات بحثاً عن لبنانيين آخرين، وأشار معمّر العلي إلى أن شقيقه «لا يزال في مدينة حماة، وموجود مع باقي السجناء المحررين وفي مكان آمن، وهناك معلومات عن وجود لبنانيين آخرين، لكنّ شقيقي علي وحده من التقطت صورته عند مدخل السجن أثناء خروجه»، لافتاً إلى أن «جمعيات ومؤسسات تعنى بحقوق الانسان اتصلت به وأبلغته أنها تتابع القضية مع السفارة التركية في بيروت».

من جهته، عدَّ مختار بلدة تاشع السابق، سمير خالد إبراهيم، أن «أشقاء علي وأبناء عمّه تعرفوا جميعهم عليه وتأكدوا من هويته». واعتبر أن «حال السجين يشبه حال مئات اللبنانيين الذين اعتقلهم الجيش السوري في لبنان من دون سبب ونقلهم إلى سوريا واختفت آثارهم». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «عائلة هذا الرجل عانت كافة أنواع العذاب، وعاشت على وقع معلومات وشائعات متضاربة، وتحدد اسم السجن الذي يقبع فيه في سوريا، ولم يقصّروا في زيارة كل هذه السجون لكن لم يصلوا إلى نتيجة»، مشيراً إلى أنه «عند اندلاع الحرب في سوريا فقدوا الأمل بالعثور عليه نهائياً». وقال إن «والدته عانت مرارة فقدان ابنها بدون سبب، وعانت بعدها من الأمراض الجسدية والنفسيّة».

وشكّلت الدولة اللبنانية لجنة أمنية قضائية في عام 2002 للتنسيق مع الجانب السوري لتقصّي المعلومات عن المفقودين اللبنانيين في سوريا، وسلّمت الجانب السوري قائمة بحوالي 560 شخصاً، بينهم عضو المكتب السياسي في حزب «الكتائب اللبنانية» بطرس خوند، أكد ذووهم أنهم مسجونون في سوريا، إلّا أن النظام السوري أفرج عن 98 سجيناً لبنانياً في نهاية عام 2003، وأبلغ الدولة اللبنانية أنه لم يبق أي لبناني في السجون السورية.

قصف لـ«هيئة تحرير الشام» على أطراف حماة (أ.ف.ب)
قصف لـ«هيئة تحرير الشام» على أطراف حماة (أ.ف.ب)

وأفاد رئيس «المركز الإنساني لحقوق الانسان» وديع الأسمر بأنه «استقى معلومات من ناشطين في حماة ومراسلين إعلاميين عن وجود عدد محدد للبنانيين بسجن حماة، لكنّ الاسم الوحيد علي حسن العلي تمّ التأكد منه، وهو فاقد الذاكرة، بالإضافة إلى شخص ثانٍ يتم التدقيق في هويته». وأكد الأسمر لـ«الشرق الأوسط» أن «الدولة اللبنانية غائبة تماماً عن متابعة هذه القضية الإنسانية، ولم تقد بأي تحرّك بعد ورود هذه المعلومات»، لافتاً إلى أنه «جرى تكليف السفير اللبناني لدى تركيا للتواصل مع المعارضة، والتأكد من هويات اللبنانيين الذين كانوا في سجن حماة، وتأمين عودتهم سالمين إلى بلادهم». وقال الأسمر: «قبل عام 2005 وثّقنا حوالي 260 اسماً يعتقد أهلهم أنهم في السجون السورية، تبيّن أن هناك أكثر من 600 معتقل لبناني في سوريا، أغلبهم في سجون المزة وتدمر وصيدنايا، ولم نعد نعرف ماذا حصل بعد 2011 واندلاع الحرب في سوريا».

وعقدت، السبت، لجنة «أهالي المخطوفين والمفقودين» في لبنان مؤتمراً صحافياً حول هذه القضية، مؤكدة أن مأساة الأهالي بدأت مع بداية الحرب في 1975 ولم تنته مع نهايتها في عام 1990 إنما تستمر حتى اليوم.

وأكدت اللجنة «استمرار متابعة الملفّ حتّى الوصول إلى الحقيقة»، مشددةً على أن «الدولة اللبنانية مسؤولة عن العثور على الضحايا وتحديد مصيرهم وعلى مجلس الوزراء اتخاذ الإجراءات الفورية من أجل التأكد من هوية المفرج عنهم من سجن حماة».

وعلى أثر نشر هذه الأخبار، طالب رئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل، الحكومة اللبنانية، بـ«إيلاء هذا الموضوع أقصى الاهتمام ومتابعته مع أجهزة الأمن وجمع المعلومات وصولاً إلى إرسال فرق خاصة للكشف عن مصير المعتقلين هناك، وعلى رأسهم عضو المكتب السياسي الكتائبي القائد بطرس خوند، واستعادة من تحرّر بأقصى سرعة». وأشار إلى أن «لبنان الرسمي ملزم بمعرفة مصير أبنائه وعدم تركهم للمجهول بعد كل هذه السنوات من الإهمال والخضوع للنظام السوري المجرم، وآن الأوان لإقفال هذا الملف احتراماً لهم ولعائلاتهم الصابرة على آلامها منذ عشرات السنين».

أما عضو «كتلة نواب التغيير» إبراهيم منيمنة، فكتب على حسابه على منصة «إكس»: «الأخبار المتداولة عن خروج مواطنين لبنانيين من سجن حماة هي في حقيقتها أخبار مؤلمة، تذكر الدولة والسلطات المتعاقبة بمسؤولياتها وتقصيرها». وقال «هذا السجن والإخفاء القسري كان خارج إطار القانون، ويمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، حيث تم احتجاز المعتقلين دون محاكمات أو معلومات عن أوضاعهم، ويحتمل أن النظام السوري قد لا يزال يحتجز الكثير من اللبنانيين الآخرين في سجونه». وطالب بـ«الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين اللبنانيين وكشف مصيرهم ومحاسبة كل من تورط في هذه الانتهاكات الجسيمة»، داعياً الحكومة اللبنانية إلى «التحرك فوراً بالتنسيق مع المنظمات الدولية لتبيان مصير اللبنانيين في السجون السورية في حماة أو في السجون التي لا تزال تحت سيطرة النظام».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقود مركبات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أمام مبان مدمرة أثناء دورية في قرية كفركلا جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: إصابة جندي بجروح خطيرة بمنطقة الحدود مع لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم السبت إصابة أحد جنوده بجروح خطيرة خلال «نشاط عملياتي» في منطقة الحدود مع لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مركبة للجيش اللبناني تسير في بلدة الخيام بالقرب من الحدود مع إسرائيل جنوب لبنان 12 يوليو 2023 (رويترز)

الجيش اللبناني يتصدى لقوة إسرائيلية عبرت الخط الأزرق ويجبرها على الانسحاب

تصدى الجيش اللبناني لقوة إسرائيلية عبرت الخط الأزرق عند الأطراف الحدودية لبلدة علما الشعب في جنوب لبنان، وأجبرها على الانسحاب باتجاه إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية يوم 1 أبريل الجاري (أ.ف.ب)

تحليل إخباري إعادة البناء وتجاوز الفساد... تحديان أمام «مجلس الإنماء والإعمار» في لبنان

يندرج إتمام التعيينات في «مجلس الإنماء والإعمار» ضمن الشروط التي يضعها البنك الدولي لدفع قرض بـ250 مليون دولار مخصَّص لإعادة الإعمار في لبنان.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) تمر أمام مبانٍ مدمرة في قرية كفركلا جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل في 6 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

«يونيفيل»: نرصد الوجود والضربات الإسرائيلية... ونعثر على أسلحة غير مصرَّح بها في لبنان

قالت قوات حفظ السلام (يونيفيل) في لبنان إنها ترصد استمرار الوجود الإسرائيلي والضربات الجوية داخل الأراضي اللبنانية، وتواصل العثور على أسلحة غير مصرح بها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

القوات الإسرائيلية تقتحم مستشفى جنين وتعتقل فتى فلسطينياً

جنود إسرائيليون في شوارع الضفة الغربية خلال العمليات العسكرية (الجيش الإسرائيلي)
جنود إسرائيليون في شوارع الضفة الغربية خلال العمليات العسكرية (الجيش الإسرائيلي)
TT
20

القوات الإسرائيلية تقتحم مستشفى جنين وتعتقل فتى فلسطينياً

جنود إسرائيليون في شوارع الضفة الغربية خلال العمليات العسكرية (الجيش الإسرائيلي)
جنود إسرائيليون في شوارع الضفة الغربية خلال العمليات العسكرية (الجيش الإسرائيلي)

اقتحمت القوات الإسرائيلية، الاثنين، «مستشفى جنين الحكومي» بالضفة الغربية؛ ما أدى إلى حالة من الرعب والهلع بين صفوف رواده والعاملين فيه.

ونقلت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)» الرسمية عن شهود عيان قولهم إن «عدداً من جنود جيش الاحتلال اقتحموا قسمَي الطوارئ والتسجيل في المستشفى خلال وجود عدد من المواطنين والمراجعين، واعتقلوا فتى لم تُعرف هويته، واحتجزوا أحد العاملين فترة من الزمن».

ووفق الوكالة، فإنه «يتواصل لليوم الـ84 عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها، مخلفاً 36 شهيداً، وعشرات الإصابات والمعتقلين».

كما شددت القوات الإسرائيلية، الاثنين، إغلاقها بلدة الظاهرية وكل طرق بلدات جنوب محافظة الخليل، وفق مصادر محلية.

ونقلت وكالة «وفا» عن المصادر قولها إن «قوات الاحتلال أغلقت الطرق المؤدية إلى بلدة الظاهرية، واقتحمت عدة أحياء فيها، بدعوى البحث عن منفذ عملية دهس قرب مستعمرة (عتنيئيل) المقامة على أراضي قرية كرمة جنوب الخليل».

وأشارت إلى «إغلاق قوات الاحتلال مدخل بلدة دورا الشرقي وكل الطرق المؤدية إلى الشارع الرئيسي الذي يربط بلدات الجنوب بمدينة الخليل».

وأفادت الإذاعة الإسرائيلية بإصابة مجندة في عملية دهس نفذها فلسطيني قرب الظاهرية جنوب الخليل قبل انسحابه من المكان، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وأكدت حركة «حماس» أن «عملية الدهس التي وقعت صباح اليوم في منطقة الظاهرية جنوب الخليل، هي دلالة واضحة على أن المقاومة مستمرة رغم بطش الاحتلال وكل محاولاته المستميتة لتحييدها في الضفة الغربية».

وقالت «حماس»، في بيان، إن «هذا العمل البطولي يأتي في سياق الرد الطبيعي على ما يرتكبه الاحتلال من عدوان غاشم وجرائم متواصلة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، خاصة في محافظاتها الشمالية، ومن استمرار عمليات التهويد ومحاولة السيطرة على المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي ومقدساتنا الإسلامية».

وشددت على أن «الضفة الغربية وكل أرض فلسطين ستبقى على عهد الوفاء للشهداء والأسرى، وضربات المقاومة ستبقى مستمرة حتى زوال الاحتلال ونيل شعبنا حريته وحقوقه».

ودعت الجماهير في الضفة إلى «مزيد من الصمود والثبات، وتصعيد المواجهة والتصدي للاحتلال ومستوطنيه، ومواصلة الاشتباك والتصدي لهذا الكيان الغاصب حتى دحره عن أرضنا ومقدساتنا».