تسارع التضخم في منطقة اليورو في نوفمبر

«المركزي الأوروبي» يواجه ضغوطاً لخفض أسعار الفائدة

متسوق يدفع باليورو في إحدى الأسواق في نيس بفرنسا (رويترز)
متسوق يدفع باليورو في إحدى الأسواق في نيس بفرنسا (رويترز)
TT

تسارع التضخم في منطقة اليورو في نوفمبر

متسوق يدفع باليورو في إحدى الأسواق في نيس بفرنسا (رويترز)
متسوق يدفع باليورو في إحدى الأسواق في نيس بفرنسا (رويترز)

تسارَع التضخم في منطقة اليورو في نوفمبر (تشرين الثاني)، في حين ظلّت مكوناته الأكثر مراقبة من كثب مرتفعة، مما يعزز الحجة لصالح خفض حذر لأسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي الشهر المقبل.

وبلغ معدل التضخم في أسعار المستهلك في الدول العشرين التي تستخدم اليورو 2.3 في المائة في نوفمبر، ارتفاعاً من 2 في المائة في الشهر السابق، وفوق هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة، وفقاً لبيانات «يوروستات». وقد ظلَّ الرقم متماشياً مع التوقعات.

ويعود ارتفاع التضخم بشكل رئيس إلى تأثير القاعدة الإحصائية، حيث تمت إزالة الأرقام المنخفضة بشكل استثنائي من العام الماضي من السلسلة الزمنية واستبدال أرقام مرتفعة نسبياً بها، ولكنها لا تزال معتدلة؛ مما أدى إلى انخفاض شهري في الأسعار بنسبة 0.3 في المائة، وفق «رويترز».

واستقرَّ التضخم الأساسي، وهو المحور الرئيس للبنك المركزي الأوروبي عند تحديد أسعار الفائدة، عند 2.7 في المائة، حيث تم تعويض التباطؤ الطفيف في تكاليف الخدمات من خلال ارتفاع التضخم في السلع.

وظلت أسعار الخدمات، وهي المكون الأبرز في سلة أسعار المستهلك، تدور حول 4 في المائة طوال العام الماضي، وانخفضت إلى 3.9 في المائة هذا الشهر من 4 في المائة في الشهر السابق. ورغم أن أسعار الخدمات عادة ما تكون أعلى من المتوسط ​​الإجمالي، فإن صُنَّاع السياسات يرون أن الهدف أقرب إلى 3 في المائة، مع توقع أن يتلاشى تأثير الطاقة والسلع المستوردة بمرور الوقت.

لكن قراءة يوم الجمعة لا تغير بشكل كبير الصورة العامة التي تشير إلى أن التضخم يتحرك تدريجياً نحو هدف البنك المركزي الأوروبي بطريقة أكثر استدامة في العام المقبل. وبناء على ذلك، تظل هناك ضرورة لإجراء مزيد من التخفيضات على سعر الفائدة على الودائع، البالغ 3.25 في المائة.

والسؤال الرئيس الآن هو ما إذا كان خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) سيكون كافياً، أو ما إذا كان ينبغي للبنك المركزي الأوروبي أن يختار خفضاً أكبر بمقدار 50 نقطة أساس.

ويؤكد أنصار خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أن أسعار الخدمات لا تزال مرتفعةً بشكل مقلق، وأن الأجور لا تزال تتوسع بسرعة، بدعم من معدلات البطالة المنخفضة تاريخياً. وحتى مع انخفاض النمو، فإن هذا يتسق مع سيناريو «الهبوط الناعم» الذي كان البنك المركزي الأوروبي يستهدفه منذ بداية هذه الدورة.

من ناحية أخرى، يزعم أنصار خفض أكبر للفائدة أن الاقتصاد لا يزال يتجنب الركود، وبالتالي هناك حاجة إلى مزيد من التحفيز لحماية الوظائف. كما أن زيادة عمليات تسريح العمال قد تؤدي إلى ضعف الطلب، مما يخلق حلقة مفرغة من عمليات تسريح العمال وركود الطلب.

ورغم أنه من غير المرجح أن يتم حل هذا النقاش قبل أن يتلقى صُنَّاع السياسات التوقعات الاقتصادية الجديدة للبنك المركزي الأوروبي في اجتماعهم في الثاني عشر من ديسمبر، فإن حتى صناع السياسات التوسعيين أشاروا إلى أنهم قد يوافقون على خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.

وقد تكون هناك أيضاً حجج لصالح البقاء حذرين إلى أن تتولى الإدارة الأميركية الجديدة السلطة وتحول أفكار السياسة إلى سياسات فعلية، وهو ما قد يكون له تأثير كبير في الاقتصاد العالمي.

وتشير توقعات السوق إلى خفض أقل، لكنها تقدر أن فرص خفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس في الوقت الحاضر أقل من 10 في المائة. ومع ذلك، كانت التوقعات مختلطة، إذ وصل معدل التسعير إلى 50 في المائة الأسبوع الماضي، بعد مسح تجاري ضعيف بشكل خاص. ويراهن المستثمرون على سلسلة ثابتة من تخفيضات أسعار الفائدة، مع توقع تخفيف السياسة النقدية في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل.

ومن المتوقع أن ينخفض ​​سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة بحلول نهاية عام 2025، وهو مستوى منخفض بما يكفي لتحفيز النمو مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع توقعات التضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مقر البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)

مخاوف التضخم والتوترات السياسية تضغط على عائدات سندات اليورو

اتجهت عائدات سندات حكومات منطقة اليورو طويلة الأجل إلى الانخفاض للأسبوع الرابع على التوالي، يوم الجمعة، وسط بيانات تشير إلى آفاق اقتصادية قاتمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

دي غالو من «المركزي الأوروبي»: يجب إبقاء خيارات خفض الفائدة أكبر في ديسمبر

أكد عضو البنك المركزي الأوروبي، فرانسوا فيليروي دي غالو، الخميس، أن البنك يجب أن يبقي خياراته مفتوحة لخفض أكبر لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (باريس - فرانكفورت )
الاقتصاد متسوق ينظر إلى رف من منتجات الألبان بمتجر «ريوي» في بوتسدام (رويترز)

التضخم في ألمانيا يستقر عند 2.4 % خلال نوفمبر

ظل التضخم في ألمانيا مستقراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، على الرغم من توقعات بارتفاعه للمرة الثانية على التوالي، مما أوقف الاتجاه التنازلي بأكبر اقتصاد في أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد منظر عام للعاصمة المنامة (رويترز)

صندوق النقد الدولي يشيد بمرونة الاقتصاد البحريني رغم التحديات المالية

شهد الاقتصاد البحريني نمواً ملحوظاً؛ حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة 3 في المائة عام 2023.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
TT

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع تراجع التضخم.

وأكد البنك في تقرير الاستقرار المالي للربع الثالث من العام أنه «في واقع الأمر، مع مساهمة الإطار الاحترازي الكلي الذي قمنا بتعزيزه، يتحرك نمو الائتمان بما يتماشى مع تراجع التضخم».

وأضاف التقرير، الذي أعلنه البنك، الجمعة، أنه بينما يتم تعزيز آلية التحويل النقدي، يتم تشكيل التسعير في الأسواق المالية بما يتماشى مع سياسة سعر الفائدة والتوقعات.

وفي تقييمه للسياسة الاقتصادية الحالية، قال رئيس البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان في التقرير، إن «أسعار الفائدة على الودائع ستبقى عند مستويات داعمة لمدخرات الليرة التركية».

وأضاف كاراهان أن «استمرار عملية خفض التضخم يزيد من الاهتمام والثقة في أصول الليرة التركية، وأن الزيادة المطردة في حصة ودائع الليرة التركية مستمرة، وأدى الانخفاض الكبير في رصيد الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف إلى تعزيز قوة العملة التركية».

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان (موقع البنك)

وتابع كاراهان أن «مزيج السياسات الحالي يدعم تحسين تصور المخاطر تجاه الاقتصاد التركي وانخفاض علاوة المخاطر، وانعكاساً لذلك؛ تعززت قدرة الاقتراض الأجنبي للشركات والبنوك».

وأوضح أنه بمساهمة انخفاض مستوى ديون الشركات، كان انعكاس تشديد الأوضاع المالية على مؤشرات جودة الأصول محدوداً، بالإضافة إلى التدابير الحكيمة وسياسات توفير البنوك والاحتياطيات القوية لرأس المال والسيولة بقيت المخاطر عند مستوى يمكن التحكم فيه.

كان كاراهان أكد، في كلمة خلال الاجتماع العادي لجمعية غرفة صناعة إسطنبول، الخميس، أهمية سياسات البنك المركزي بالنسبة للصناعة والإنتاج والاستقرار المالي، مشيراً إلى أن القدرة على التنبؤ ستزداد فيما يتعلق باستمرار عملية تباطؤ التضخم وما يتبعها من استقرار الأسعار.

وأضاف: «وبالتالي، يمكن اتخاذ قرارات الاستثمار والإنتاج والاستهلاك من منظور طويل الأجل».

وفي معرض تأكيده على أن عملية خفض التضخم مستمرة، قال كاراهان: «انخفض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 48.6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو انخفاض كبير مقارنة بذروته في مايو (أيار)، ونتوقع أن ينخفض ​إلى 44 في المائة في نهاية العام.

وأضاف أن الاتجاه الرئيس للتضخم يتحسن التضخم، على الرغم من أنه أبطأ مما توقعنا في أشهر الصيف، وسيستمر التضخم، الذي انخفض بسرعة بسبب التأثير الأساسي، في الانخفاض مع تحسن التضخم الشهري في الفترة المقبلة، ونهدف إلى خفض التضخم إلى 21 في المائة بحلول نهاية عام 2025.

مسار التضخم الأساسي وتوقعاته تدفع «المركزي التركي» للحفاظ على سياسته النقدية المتشددة (إعلام تركي)

وتابع: «موقفنا الحازم في سياستنا النقدية سيستمر في خفض الاتجاه الرئيس للتضخم الشهري من خلال موازنة الطلب المحلي، وارتفاع قيمة الليرة التركية الحقيقية، وتحسن توقعات التضخم، لقد حافظنا على سعر الفائدة الذي رفعناه إلى 50 في المائة في مارس (آذار)، ثابتاً لمدة 8 أشهر، وسنواصل موقف سياستنا النقدية المتشددة حتى يتحقق الانخفاض وتتقارب توقعات التضخم مع النطاق المتوقع على المدى المتوسط (5 في المائة)».

بالتوازي، أعلن معهد الإحصاء التركي أن اقتصاد تركيا سجَّل نمواً بنسبة 2.1 في المائة في الربع الثالث من العام على أساس سنوي.

وكان اقتصاد تركيا سجل نمواً في الربع الأول من العام بنسبة 5.3 في المائة، وفي الربع الثاني بنسبة 2.4 في المائة.

وظلت توقعات النمو للعام الحالي ثابتة عند 3.1 في المائة، بحسب نتائج استطلاع المشاركين في السوق لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي نشره البنك المركزي التركي، الأربعاء، في حين تراجعت التوقعات من 3.3 في المائة إلى 3.2 في المائة لعام 2025.