إسرائيل تطبق «حرية التحرك» بغارات شمال الليطاني

تل أبيب و«حزب الله» يتبادلان الاتهامات بخرق اتفاق وقف النار

جنود من الجيش الإسرائيلي مع آلياتهم عند الحدود الشمالية مع لبنان (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الإسرائيلي مع آلياتهم عند الحدود الشمالية مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تطبق «حرية التحرك» بغارات شمال الليطاني

جنود من الجيش الإسرائيلي مع آلياتهم عند الحدود الشمالية مع لبنان (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الإسرائيلي مع آلياتهم عند الحدود الشمالية مع لبنان (أ.ف.ب)

واصلت إسرائيل محاولاتها لفرض مفهومها لوقف إطلاق النار، عبر تنفيذها غارات في منطقة شمال الليطاني التي لا يشملها القرار «1701»، في أحدث اختبار للاتفاق الذي أنهى حرباً عاتية بين تل أبيب و«حزب الله»، فيما تصدت قواتها للبنانيين حاولوا التوجه نحو قرى حدودية توجد قربها قوات إسرائيلية. وفي إشارة لافتة، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن بلاده «أبلغت الولايات المتحدة الأميركية مسبقاً بالضربة الجوية التي استهدفت (حزب الله)، في أول تطبيق لما تردد عن بند سري في الاتفاق يسمح لها بالتحرك في لبنان إذا رصدت مخاطر».

وقال الجيش اللبناني في بيان الخميس إنه «بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، أقدم العدو الإسرائيلي على خرق الاتفاق عدة مرات، من خلال الخروقات الجوية، واستهداف الأراضي اللبنانية بأسلحة مختلفة»، مشيراً إلى أن «قيادة الجيش تتابع هذه الخروقات بالتنسيق مع المراجع المختصة»، فيما اتهم النائب في كتلة «حزب الله»، حسن فضل الله، إسرائيل بأنها «تنتهك الاتفاق»، وقال بعد جلسة للبرلمان: «العدو الإسرائيلي يعتدي على العائدين إلى القرى الأمامية»، متحدثاً عن خروقات إسرائيلية.

وذكرت وسائل إعلام رسمية ومصادر أمنية لبنانية أن الدبابات الإسرائيلية قصفت 6 مناطق داخل الشريط الحدودي. وأصابت نيران الدبابات بلدات مركبا والوزاني وكفرشوبا والخيام والطيبة والسهول الزراعية حول مرجعيون، وجميعها تقع على بعد اثنين من الكيلومترات من الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل. وأوضح أحد المصادر الأمنية أن شخصين أصيبا في بلدة مركبا.

وحاولت عائلات لبنانية نازحة من منازلها قرب الحدود الجنوبية العودة للاطمئنان على ممتلكاتها. لكن القوات الإسرائيلية لا تزال متمركزة داخل الأراضي اللبنانية في بلدات على الحدود؛ حيث يسمع صوت طائرات مسيّرة استطلاعية تحلق فوق أجزاء من جنوب لبنان.

وقال الجيش الإسرائيلي، الخميس، إنه قصف جواً منشأة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان ببلدة العيساوية القريبة من صيدا، مؤكداً تواصل انتشاره في المنطقة غداة بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار. وقال إنه «رُصد نشاط في منشأة يستخدمها (حزب الله) لتخزين الصواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان، واُحبطَ التهديد بواسطة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي».

ولفت إلى أنه «جرى التعرف على عدد من المشتبه فيهم الذين وصلوا بمركباتهم إلى عدد من المناطق في جنوب لبنان، منتهكين شروط وقف إطلاق النار. وأطلق أفراد الجيش الإسرائيلي النار باتجاههم».

وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الهجوم وقع شمال نهر الليطاني في منطقة صيدا. ونقلت عن مصدر عسكري قوله إن «الحادث لم يتضمن أي استعداد فوري لإطلاق صواريخ على الأراضي الإسرائيلية». وقال المصدر إن النشاط الذي نفذه عناصر «حزب الله» داخل المنشأة المستهدفة يشكل «تهديداً غير مباشر يتطلب من الجيش الإسرائيلي اتخاذ إجراءات ضده». كما أعلن في بيان وجّهه إلى سكان جنوب لبنان حظر التجوال ليلاً. وقال: «يُمنع بتاتاً التنقل أو الانتقال جنوب نهر الليطاني ابتداء من الساعة الخامسة مساء».

وتقول إسرائيل إنها نفذت عبر قصفها بلدات جنوبية بنداً من بنود اتفاق وقف إطلاق النار، «الذي يتيح لها حق الدفاع عن النفس ومنع (العدو) من خرق وقف النار»، عادّةً أن «خرق الاتفاق وقع من (حزب الله) الذي أراد جس نبضنا وفحص مدى جديتنا في عدم التساهل مع وقف النار». وقال الجيش الإسرائيلي إن هذه العمليات أدت إلى «تصفية إحدى خلايا (حزب الله) واعتقال 4 أفراد من خلية أخرى، وقد نُفذت لتحافظ على وقف النار وتمنع (قوات الرضوان) من العودة إلى الجنوب»، وأوضح أنه لا يعترض على «وجود مدنيين في الجنوب اللبناني، بمن فيهم عناصر من (حزب الله) قرروا التوقف عن العمل المسلح. لكن أي مسلح ينوي النزوح جنوباً لإعادة بناء الوجود العسكري، سيمنع بالقوة وسيُطلق عليه الرصاص القاتل».

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان مقتضب، إنه «في الساعة الأخيرة، رُصد وصول مشتبه فيهم، بعضهم كان على مركبات، إلى مناطق عدة في جنوب لبنان، وهو ما يُعدّ خرقاً (لوقف إطلاق النار)»، وأضاف: «أطلقت القوات النار باتجاههم. ومن جهتنا، فإن الحدث قد انتهى».

آليات عسكرية إسرائيلية عند الحدود الشمالية مع لبنان (أ.ف.ب)

ووفق ما ذكرته إذاعة الجيش الإسرائيلي، فقد استهدفت طائرة مسيّرة منطقة مجاورة لسيارة في قرية مركبا جنوب لبنان، بهدف «إبعادها عن المنطقة المحظورة»، مما أدى إلى إصابة أشخاص بجراح متفاوتة الخطورة.

وكانت الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان قد بدأت بعد ساعات من إعلان وقف النار في الرابعة من فجر الأربعاء. فقد استهدفت القوات الإسرائيلية قرى وبلدات عدة في المنطقة، مما أسفر عن إصابات بين المدنيين.

وقال الجيش الإسرائيلي إن «حزب الله» هو الذي يخرق الاتفاق؛ «لأنه يرسل المسلحين إلى الجنوب كي يجسوا نبض إسرائيل ويفحصوا ما إذا كانت هناك يقظة إزاء خرق الاتفاق». وهدد بأنه سيطلق النار دون تردد على كل هدف مشتبه فيه.


مقالات ذات صلة

مقتل وإصابة 8 أشخاص بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان

المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يقومون بعملية البحث عن مفقودين تحت الأنقاض في بلدة الخيام (الوكالة الوطنية للإعلام)

مقتل وإصابة 8 أشخاص بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان

قُتل 6 أشخاص، وأصيب اثنان في جنوب لبنان بقصف إسرائيلي استهدف حافلة وسيارة، في أكبر حصيلة منذ اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي خلال عملية فرز أصوات النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (د.ب.أ)

مفاوضات ما بين الجولتين تضم «الثنائي الشيعي» إلى التوافق النيابي

لم يكن إخراج انتخاب الرئيس جوزيف عون سهلاً، بسبب العائق الدستوري المتمثل في نص «المادة 49»، الذي يمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى قبل مرور سنتين على استقالتهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص الرئيسان أمين الجميل وحافظ الأسد خلال قمة عدم الانحياز في نيودلهي عام 1983 (غيتي)

خاص حافظ الأسد لأمين الجميل: لهذه الأسباب باقون في لبنان

تنشر «الشرق الأوسط» فصلاً جديداً من كتاب وزير الخارجية اللبناني السابق إيلي سالم بعنوان «الفرص الضائعة».

المشرق العربي أحد أفراد قوات حفظ السلام الإسبانية التابعة لـ«اليونيفيل» يقف أمام أنقاض المباني المدمرة في قرية برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية عصر اليوم (الأربعاء) تفجيرات في بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان، عقب توغل قوة إسرائيلية باتجاه الأحراج الواقعة بين بلدتي عيتا الشعب ودبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة.

هدى علاء الدين (بيروت)

غموض مصير «الأونروا» يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل

موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)
موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)
TT

غموض مصير «الأونروا» يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل

موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)
موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)

تتجادل الأمم المتحدة وإسرائيل حول من سيملأ الفراغ إذا توقفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن العمل في قطاع غزة والضفة الغربية في وقت لاحق من هذا الشهر حين يُطبق قانون إسرائيلي.

وما زالت الأونروا تعمل في الأراضي الفلسطينية، لكن المستقبل مجهول أمام الوكالة التي يبلغ عمرها نحو 75 عاماً حين يدخل القانون الذي يحظر عملها في الأراضي الإسرائيلية واتصالها بالسلطات الإسرائيلية حيز التنفيذ.

كان الكنيست الإسرائيلي قد أقر القانون في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 الشهر الماضي على أن يدخل حيز التنفيذ نهاية يناير (كانون الثاني).

ومنذ إقرار القانون، تتبادل الأمم المتحدة وإسرائيل الرسائل. وبعد فترة وجيزة، أبلغت الأمم المتحدة إسرائيل أنه ليس من مسؤولية المنظمة الدولية طرح بديل للأونروا في الأراضي الفلسطينية، غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.

وفي رسالة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في وقت متأخر من يوم الخميس، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إنه إذا أُجبرت «الأونروا» على التوقف عن العمل، فسيتعين على إسرائيل «ضمان توفير مجموعة الخدمات والمساعدات التي كانت تقدمها الأونروا» بما يتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي.

وكتب غوتيريش أن وكالات الأمم المتحدة الأخرى مستعدة لمواصلة تقديم الخدمات والمساعدة للفلسطينيين بقدر ما تستطيع، لكن هذا «لا ينبغي النظر إليه على أنه إعفاء لإسرائيل من التزاماتها».

وتعدّ الأمم المتحدة غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، أراضي تحتلها إسرائيل. ويلزم القانون الدولي القوة المحتلة بالموافقة على برامج الإغاثة وتسهيلها وضمان توفير الغذاء والرعاية الطبية ومعايير النظافة والصحة العامة.

وفي رسالة إلى المنظمة الدولية في 18 ديسمبر (كانون الأول)، قال سفير إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون إن التشريع الجديد «لا يقوض بأي حال التزام إسرائيل الراسخ بالقانون الدولي». ورفض أيضاً مطالبة الأمم المتحدة بأن تتحمل إسرائيل مسؤولية سد أي فراغ قد تتركه «الأونروا».

وكتب يقول إن إسرائيل لا تمارس سيطرة فعلية على غزة ومن ثم فهي ليست قوة احتلال، وإن قانون الاحتلال العسكري لا ينطبق أيضاً. وقال إنه «لا يتعين إغفال» مسؤولية السلطة الفلسطينية عن الشؤون المدنية في الضفة الغربية.

وقال دانون: «في القدس، من حق جميع السكان الحصول على الخدمات الحكومية والبلدية بموجب القانون الإسرائيلي»، ويشمل ذلك خدمات الصحة والتعليم. وضمت إسرائيل القدس الشرقية في خطوة غير معترف بها دولياً.

الصحة والتعليم في خطر

لطالما انتقدت إسرائيل «الأونروا». وتقول إن موظفين في «الأونروا» شاركوا في هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. وقالت الأمم المتحدة إن تسعة من موظفي «الأونروا» ربما شاركوا وتم فصلهم. وتبين أن أحد قادة «حماس» في لبنان قتلته إسرائيل في سبتمبر (أيلول) كان يعمل في «الأونروا».

وقالت الولايات المتحدة إنه يتعين على حليفتها إسرائيل أن تضمن ألا يعيق القانون الجديد توصيل المساعدات وتقديم الخدمات الحيوية، ومنها تلك التي تقدمها «الأونروا»، في غزة التي تعاني من أزمة إنسانية منذ الحرب بين إسرائيل و«حماس».

لكنها أثارت أيضاً تساؤلات حول التخطيط للطوارئ الذي وضعته الأمم المتحدة.

وقال مسؤول أميركي إن مسؤولين من وزارة الخارجية اجتمعوا هذا الأسبوع مع الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولى منصبه في 20 يناير، وأثاروا مخاوف عن احتمال تفاقم الأزمة في غزة بمجرد تنفيذ القانون الإسرائيلي.

وتقدم «الأونروا» التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، المساعدات والخدمات الصحية والتعليمية لملايين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ولفلسطينيين في دول عربية مجاورة مثل سوريا ولبنان والأردن.

وقال غوتيريش إنه لا يمكن الاستعاضة عن «الأونروا» في الدور الفريد الذي تضطلع به. ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية التي تقدمها «الأونروا» في الأراضي الفلسطينية ستكون الأشد تضرراً من غيرها، لأن الوكالات الأخرى لا تستطيع أن تضاهي قدرتها على تقديم مثل هذه المساعدة.

وجادل دانون بأنه «ليس من المستحيل بالمرة إحلال بديل للأونروا يمتلك خطط إغاثة توفر المساعدات الأساسية الكافية للمدنيين الفلسطينيين». وأشار إلى عملية المساعدة في غزة التي قال إن وكالات أخرى للأمم المتحدة جاهزة لتوفير الدعم اللازم «كما تفعل في أماكن أخرى من العالم».

ومن بين الوكالات الأخرى العاملة في غزة والضفة الغربية منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. لكن مسؤولين بارزين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن يصفون «الأونروا» بأنها العمود الفقري لعمليات المساعدات الإنسانية الحالية في غزة.

وتقول إسرائيل إن 1200 شخص قتلوا، واقتيد نحو 250 رهينة في هجوم السابع من أكتوبر 2023 بقيادة «حماس» على جنوب إسرائيل. وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على غزة بعد الهجوم.

وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إن الحرب في غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 46 ألف شخص حتى الآن، فضلاً عن تحويل مساحات واسعة من القطاع إلى أطلال، ونزوح معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة مرات متعددة. ويحذر خبراء الأغذية من مجاعة وشيكة.