موريتانيا تتخوف من شبكات تهريب عالمية تستهدف أمنها

الشرطة أحبطت محاولة تسفير 125 مهاجراً باكستانياً نحو إسبانيا

مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)
مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)
TT

موريتانيا تتخوف من شبكات تهريب عالمية تستهدف أمنها

مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)
مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

أعلنت الشرطة الموريتانية أنها أحبطت محاولة تهريب 125 مهاجراً غير شرعي، جميعهم من الأجانب، كانوا يستعدون لركوب قارب من الشواطئ الموريتانية، متوجهين نحو شواطئ جزر الكناري الإسبانية، عبر المحيط الأطلسي.

وتزايدت مؤخراً أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى موريتانيا بوصفها محطة مهمة للوصول إلى إسبانيا، ومنها دخول الفضاء الأوروبي، ما دفع الحكومة الموريتانية لدق ناقوس الخطر، والتحذير من الضغط المتزايد على مصالحها الأمنية. وقالت السلطات الموريتانية، الشهر الماضي، إن نصف مليون مهاجر ولاجئ غير شرعي يوجدون داخل أراضيها، وهو ما يمثل 10 في المائة من إجمالي تعداد السكان، محذرة في الوقت ذاته من التداعيات الخطيرة التي يمثلها ذلك على أمنها الداخلي.

صورة نشرتها الشرطة الموريتانية للمهربين

وقالت الشرطة في بيان صحافي، اليوم (الأربعاء)، إنَّ العملية الأمنية أسفرت عن اعتقال جميع المرشحين للهجرة، بالإضافة إلى ثلاثة أشخاص ينتمون إلى «شبكة» تنشط في مجال تهريب المهاجرين الآسيويين نحو موريتانيا، ومنها إلى البلدان الأوروبية.

وأضافت الشرطة أن إحباط محاولة تهريب المهاجرين تم الأحد الماضي «بعد متابعات وتحريات دقيقة»، مشيرة إلى أنها تمت بإشراف من «المكتب المركزي لمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، وبالتعاون مع مفوضية الشرطة في تفرغ زينة رقم 3».

وقالت مصادر أمنية موريتانية إن جميع المعتقلين يحملون الجنسية الباكستانية، يعتقدُ أنهم دخلوا الأراضي الموريتانية بطريقة «غير شرعية» عبر الحدود مع دولة مالي، التي تشهد أوضاعاً أمنية صعبة، وحرباً طاحنة بين الجيش المدعوم من قوات «فاغنر» الروسية الخاصة من جهة، ومقاتلي «القاعدة» و«داعش» و«متمردي الطوارق»، من جهة أخرى.

مهاجرون أفارقة في العاصمة الموريتانية (الشرق الأوسط)

ولم تشر الشرطة الموريتانية إلى وجود أي موريتانيين متورطين في محاولة تهريب هؤلاء المهاجرين، مكتفية بالإشارة إلى أنها ضبطت معدات الرحلة في منزل بحي شعبي في العاصمة نواكشوط، بالقرب من شاطئ المحيط الأطلسي.

وبحسب الشرطة فإن المهربين جهزوا 62 حاوية من البنزين، وعدداً من سترات النجاة والملابس الخاصة بالبحارة، وكذلك حقائب سفر بها بعض المؤونة، حسب بيان الشرطة.

كما أعلنت الشرطة الموريتانية أن المكتب المركزي لمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر «فتح تحقيقاً مع أعضاء الشبكة من أجل إحالتهم إلى النيابة مع المحجوزات المضبوطة بحوزتهم»، دون أي إشارة إلى مصير المهاجرين.

وكانت السلطات الموريتانية قد أعلنت، قبل يومين، ترحيل عشرات المهاجرين الباكستانيين، الذين دخلوا موريتانيا بطريقة غير شرعية، وكانوا يحاولون عبور المحيط الأطلسي نحو شواطئ جزر الكناري الإسبانية.

وقبل ثلاثة أشهر، وقّعت موريتانيا وإسبانيا اتفاقية لمحاربة الهجرة، ستحصل بموجبها موريتانيا على دعم إسباني وأوروبي في إطار جهود محاربة الهجرة غير النظامية، بالإضافة إلى تعهد باستثمارات لصالح السكان المحليين، وتسهيل حصول الموريتانيين على التأشيرة الأوروبية، واستفادتهم من تأشيرات عمل موسمية، تسهم في الحد من البطالة في صفوف الشباب الموريتاني.

في غضون ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن جزر الكناري الإسبانية استقبلت خلال العام الحالي (2024) ما يزيد على 40 ألف مهاجر غير شرعي، على متن 593 قارباً، أغلبها مقبل من الشواطئ الموريتانية والسنغالية. ووصفت منظمات غير حكومية إسبانية هذا العدد بأنه «قياسي وغير مسبوق»، ويستدعي خطة جديدة لمحاربة شبكات تهريب المهاجرين التي تنشط بقوة في دول غرب أفريقيا.


مقالات ذات صلة

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق وقف إطلاق النار لا يمنع عودة «حزب الله» إلى ما كان عليه

تحليل إخباري سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق وقف إطلاق النار لا يمنع عودة «حزب الله» إلى ما كان عليه

هل الاتفاق، الذي يبدو أنه جُزّئ بين «حزب الله» و«إسرائيل»، يعني أن يدَ «الحزب» العسكرية ستبقى طليقة في لبنان.

إيلي يوسف (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)

زعيم المعارضة الموريتانية يبحث مع الوزير الأول تحضير «الحوار السياسي»

ناقش الوزير الأول الموريتاني، المختار ولد اجاي، ملف «الحوار السياسي» مع زعيم المعارضة الموريتانية، حمادي ولد سيدي المختار، خلال أول لقاء بينهما.

الشيخ محمد (نواكشوط)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد جانب من جلسات غرفة جدة حول ريادة الأعمال (الشرق الأوسط)

القطاعات الاقتصادية واللوجيستيات تدفع جدة السعودية لمنافسة المدن العالمية

تشهد مدينة جدة، غرب السعودية، حراكاً كبيراً في القطاعات الاقتصادية والسياحية كافة، فيما يدفع قطاع اللوجيستيات المدينة للوصول لمستويات عالية في تقديم هذه الخدمة.

سعيد الأبيض (جدة)

ليبيون يتساءلون حول جدوى «شرعنة» الميليشيات المسلحة

الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
TT

ليبيون يتساءلون حول جدوى «شرعنة» الميليشيات المسلحة

الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)

أثار وصف رئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، لوزير داخليته المكلف، عماد الطرابلسي، بكونه «زعيم ميليشيا سابق»، موجة من التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي على مدار الأسبوع الماضي، وفتحت الباب عن باقي التشكيلات والموقف الرسمي منها.

ورغم اتفاق آراء مراقبين للشأن الليبي على أن حديث الدبيبة عن الطرابلسي جاء في إطار محاولة التبرير والدفاع عن الأخير، عبر الإشارة لقدومه من خلفية ميليشياوية، تتسم بعدم الانضباط، فإن التساؤلات تجددت حول دعوات الدبيبة لدمج قادة الميليشيات في المؤسستين الأمنية والعسكرية.

من مخلفات اشتباكات ميليشيات مسلحة في طرابلس العام الماضي (أ.ف.ب)

في هذا السياق، يرى الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، أن تصريحات الدبيبة ودفاعه عن الطرابلسي «أثارت تساؤلات حول ضرورة مراجعة سياسة الاستعانة بشخصيات غير مؤهلة داخل مؤسسات الدولة، وذلك لتفادي حدوث الضجة الواسعة، التي فجرتها تصريحات الطرابلسي بخصوص الحجاب»، لافتاً إلى أنها تسببت مؤخراً في «تهديد بعض النساء غير المحجبات».

وأضاف القماطي موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن حديث الدبيبة «أثار تساؤلات حول عدم اقترابه من معضلة وجود الميليشيات في الساحة، أو البدء في معالجتها بتسريحها، وإعادة دمجها على أسس مهنية».

وكان الدبيبة قد صرح خلال حديثه عن الميليشيات بأن حكومته «لا تزال تعمل على معالجة الخلافات والاشتباكات بين المجموعات المسلحة»؛ مبرزاً أن «الضغط لا يزال متواصلاً لتأهيل أبنائنا من حملة السلاح حتى لو أعطيناهم رتباً، مع التأكيد على أن هدفهم هو حماية البلاد ومواجهة الجريمة، وهؤلاء الشباب منهم الآن وزراء»، في إشارة ضمناً إلى الطرابلسي.

وأثارت تصريحات الدبيبة، ودفاعه عن الطرابلسي وغيره من الميليشيات، موجة من الانتقادات لرئيس الحكومة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصفه بعضهم بأنه هو مَن عيّن الوزير «الميليشياوي»، فيما تساءل بعضهم الآخر عن كيفية منح رتب عسكرية ومسؤوليات مهمة في الدولة لشخصيات لا يزال يجري تأهيلها.

بهذا الخصوص، يعتقد الناشط السياسي، أحمد التواتي، أن الدبيبة بإلغائه مفعول تصريحات الطرابلسي الجدلية، «يعني استشعاره بوجود خطأ ما بها وبسياسات أخرى للوزير؛ وأنه لا يعتزم التراجع عن سياسة شرعنة الميليشيات وقادتها»، وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف حديث الدبيبة لم يكتفِ بالتعاطي مع تصريحات الطرابلسي عن الحجاب والأخلاق على أنها حديث عفوي؛ بل تضمن أيضاً مغازلة لقادة باقي الميليشيات بأن الفرصة متاحة أمامهم ليتحولوا بالمثل لوزراء مثل الطرابلسي».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية»، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، وتحظى بدعم القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.

وانتقد التواتي محاولة الدبيبة «التقليل من مخاطر وجود الميليشيات في العاصمة وبقية المدن، الواقعة تحت سيطرة حكومته بالمنطقة الغربية بالحديث عن قلة اشتباكاتها، وخلافاتها مع بعضها بعضاً، وأن مسار تأهيلها لا يزال مستمراً»، وقال إن السنوات الماضية شهدت اشتباكات حادة بين هذه المجموعات المسلحة، سقط خلالها عدد من المدنيين، ما بين قتيل وجريح، أو تمت محاصرة أحيائهم السكنية، مضيفاً أن الدبيية «يحاول تبرير عجز الطرابلسي عن الوفاء بتعهداته المتكررة منذ أشهر بإخراج تلك الميليشيات ومختلف الأجهزة الأمنية من العاصمة».

في سياق ذلك، حرصت عدة أصوات حقوقية وسياسية على تذكير الدبيبة بأن الطرابلسي ليس وحده الزعيم الميليشياوي السابق في حكومته، وأنه يوجد بجواره وكيل وزارة الدفاع العقيد عبد السلام الزوبي، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة للوزارة ذاتها، العميد محمود حمزة.

ليبيون طالبوا بشرعنة الميليشيات عبر دمجها في المؤسستين العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية (إ.ب.أ)

من جهته، استعرض مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، الشريف عبد الله، مراحل سابقة لشرعنة الميليشيات عبر دمجها في أجهزة الدولة، وخصوصاً المؤسستين العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن حكومة «الوفاق الوطني»، برئاسة فائز السراج السابقة، «هي مَن دشنت هذا المسار؛ وحكومة الدبيبة قطعت بدورها خطوات به»، عادّاً أن هذا القرار «لم يؤدِ لضبط سلوك تلك المجموعات أو خضوعها لأي تعليمات يصدرها أي مسؤول بالدولة، واقتصرت علاقتهم بها على ما منح لهم من شرعية ونفوذ ورواتب شهرية».

ويعتقد عبد الله أن الخطورة «لا تكمن فقط في تولي قيادات هذه الميليشيات مناصب رفيعة بالوزارات، مثل الطرابلسي والزوبي، وإنما في شرعنة كياناتهم المسلحة»، وقال إن «عبد الغني الككلي، وهو قائد ميليشياوي، صار يعرّف اليوم بكونه رئيس (جهاز الاستقرار) التابع للمجلس الرئاسي، وبات يتمتع بنفوذ كبير بالعاصمة وخارجها، بل ويردد أنه وغيره من قادة الأجهزة الأمنية يتم استطلاع رأيهم حيال تعيين المسؤولين».

وشدد عبد الله على أن ظاهرة تعيين قادة الميليشيات في أجهزة الدولة «ليست قاصرة على الغرب الليبي»، مشيراً في هذا السياق إلى أن وكيل وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من البرلمان، فرج أقعيم، كان قبل عام 2015 قائد مجموعة مسلحة، قبل أن تتم شرعنتها من قِبَل القيادة العامة لـ«الجيش الوطني».