الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

اتهامات للحوثيين بنهب الأدوية وتعطيل عمل مراكز المكافحة

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
TT

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)

يواجه آلاف المرضى بالسرطان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) خطر الموت نتيجة غياب الرعاية الصحية والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وغياب الدعم، في ظل اتهامات لقادة الجماعة الحوثية بالمتاجرة بالأدوية وتعطيل مراكز علاج ودعم الحالات المصابة بالمرض.

وأرجعت مصادر طبية في المحافظة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والتي كانت تقدم مجاناً من منظمات دولية وجهات خيرية، إلى مساعي الجماعة الحوثية للاستفادة من التمويل الموجه للمرضى، والحصول على إيرادات مالية من الأدوية والتدخل الدائم في العمل الإغاثي الطبي، وفرض قرارتها على الجهات الممولة، وإدارة شؤون المستشفيات والمراكز الصحية.

ووجّه فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب نداء استغاثة جديداً، هو الثالث خلال الأشهر القليلة الماضية، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع لها، ومدّه بالأدوية والمستلزمات التي يحتاجون إليها لعلاج المرضى.

أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

وأعلن فرع مؤسسة مكافحة السرطان، في بيان له، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في إب خلال العام الحالي، موضحاً أن معظم المرضى الذين يتوافدون حالياً على مركز الأمل لعلاج الأورام، وهم من الأسر الفقيرة والأشد فقراً، لا يتحصلون على الرعاية الطبية؛ بسبب شح الإمكانات.

زيادة في المصابين

واشتكى فرع المؤسسة في بيانه من أن التزايد المستمر في أعداد المصابين بالمرض يُحمّل المؤسسة ومركز الأورام تبعات كثيرة في الوقت الذي يعانيان قلة الإيرادات والافتقار للدعم الثابت؛ ما يجعلهما غير قادرين على توفير، ولو الحد الأدنى من الخدمات التشخيصية والصحية للمرضى.

وناشد البيان الجهات ذات العلاقة والمنظمات ورجال الأعمال، بإسنادهم بالدعم من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية للمرضى.

مبنى فرع مؤسسة مكافحة السرطان في إب (فيسبوك)

وذكرت مصادر طبية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، شهدت مئات الإصابات الجديدة بالمرض، بالتزامن مع معاناة كبيرة لأكثر من 6 آلاف مصاب من مختلف الأعمار.

موارد محدودة

اشتكى عدد من المرضى من انعدام العلاج وانقطاع الخدمات الطبية، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر الموت جراء فشل الجماعة الحوثية في إدارة المرافق الصحية وعبث قادة الجماعة بالموارد والمساعدات والإتجار بها في السوق السوداء.

وبيَّنوا لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يزالون يعانون مضاعفات كبيرة وظروفاً حرجة في ظل سياسات حوثية خاطئة تستهدف جميع مؤسسات ومراكز مكافحة السرطان في المحافظة وأثرت سلباً على تلقيهم الرعاية الطبية.

يقول عبد الله، وهو شاب من مدينة العدين غرب المحافظة، وقدِم إلى فرع مؤسسة مكافحة السرطان لعلاج والدته التي تعاني سرطاناً في الحلق، إنه تردد على فرع المؤسسة لأكثر من 3 أيام؛ أملاً في الحصول على الرعاية الطبية لوالدته، لكن دون جدوى.

قادة حوثيون يفرضون وجودهم في افتتاح مركز لمعالجة الأورام في إب اليمنية بتمويل من فاعلي خير (إعلام حوثي)

ويعبّر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالحزن والأسى وهو يرى والدته تصارع المرض، بينما يعجز حتى اللحظة عن تأمين جرعة العلاج الكيماوي لها وبعض الأدوية الأخرى؛ بسبب انعدامها في فرع المؤسسة، وارتفاع تكلفتها في العيادات الخارجية والصيدليات التي تتبع أغلبها قيادات حوثية.

ويشير عاملون في فرع المؤسسة المعنية بمكافحة السرطان في إب خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مركز الأمل لعلاج الأورام التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، لا يزال يُقدم كل ما يمكن من خدمات مجانية للمرضى، رغم تكرار الاستهداف الحوثي له ومنتسبيه، معتمداً على القليل جداً من التبرعات المقدمة من بعض الجهات وفاعلي الخير.

وطالب العاملون المنظمات الدولية والمعنيين بسرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت ويتجمعون يومياً بالعشرات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في المحافظة، أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

القطاع الصحي في اليمن يعيش وضعاً متردياً تحت سيطرة الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وأقرَّت الجماعة الحوثية سابقاً بارتفاع عدد مرضى السرطان بعموم مناطق سيطرتها إلى نحو 80 ألف مريض.

وأطلق فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، نداء استغاثة، بعد بلوغ أعداد المرضى المسجلين لدى فرع المؤسسة بالمحافظة وقتها 6060 حالة.

وقبل ذلك بأشهر أطلق الفرع نداء استغاثة مماثلاً، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع له، والذي يواجه الإغلاق الوشيك نتيجة نقص الدعم وغياب التمويل.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)
العالم العربي فعالية نسوية حوثية لجمع التبرعات الإلزامية واختبار الولاء للجماعة الحوثية (إعلام حوثي)

​جبايات الحوثيين تضاعف البطالة... ومخاوف من اتساعها بعد الضربات الإسرائيلية

تسببت الجبايات الحوثية بمزيد من معاناة السكان والتجار وضاعفت البطالة في وقت يخشى فيه التجار إلزامهم بالتبرع لإصلاح الأضرار الناجمة عن الغارات الإسرائيلية

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي قادة حوثيون ومسؤولون أمميون يتفقدون آثار الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)

نتنياهو يوجه الجيش بـ«تدمير البنى التحتية» للحوثيين

أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعضاء الكنيست، أمس، بأنه طلب من الجيش تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين بعدما أطلق انقلابيو اليمن صواريخ.

«الشرق الأوسط» (القدس)
العالم العربي منذ أكثر من عام بدأت الجماعة الحوثية هجماتها في البحر الأحمر وتصعيدها ضد إسرائيل (أ.ف.ب)

تطورات المنطقة وأوضاع الداخل تعزز خلافات الأجنحة الحوثية

تفاقمت الخلافات بين الأجنحة الحوثية على مستقبل الجماعة، بسبب المواجهة مع إسرائيل والغرب، بين المطالبة بتقديم تنازلات والإصرار على التصعيد.

وضاح الجليل (عدن)

مساعي مصر لتسلّم نجل القرضاوي... ما السيناريوهات المتوقعة؟

عبد الرحمن القرضاوي  (وسائل التواصل الاجتماعي)
عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

مساعي مصر لتسلّم نجل القرضاوي... ما السيناريوهات المتوقعة؟

عبد الرحمن القرضاوي  (وسائل التواصل الاجتماعي)
عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

أثار توقيف السلطات اللبنانية، عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، التابع لجماعة «الإخوان المسلمين»، على خلفية إدانته نهائياً في قضايا جنائية بمصر، تساؤلات بشأن إمكانية تسليمه للقاهرة في ظل جدل على منصات التواصل الاجتماعي.

ووفق الإجراءات القضائية الدولية، فإنه بعد التوقيف، تتحرك السلطات المصرية تلقائياً لتقديم ملف استرداد الموقوف القرضاوي، غير أن الحكومة اللبنانية هي التي تقرر في نهاية المطاف قبول أو رفض تسليم القرضاوي لمصر، وفق ما ذكره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

ومَثَل نجل القرضاوي أمام النيابة العامة التمييزية في لبنان، الاثنين، وخضع لاستجواب مطوَّل حول مذكرة «الإنتربول» الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب، التي تطلب توقيفه بناءً على حكم غيابي صادر بحقه عن القضاء المصري بالسجن 5 سنوات، وإدانته بجرائم «إذاعة أخبار كاذبة والتحريض على العنف والإرهاب والتحريض على قلب النظام».

وجرى إطلاع نجل القرضاوي على مضمون مذكرة «الإنتربول» الصادرة بحقّه، وأيضاً على برقية صادرة عن دولة الإمارات، تسلّمها النائب العام التمييزي في لبنان، القاضي جمال الحجار، الاثنين، وتطلب من لبنان توقيفه أيضاً، وتسليمه إياه لملاحقته بجرم «التحريض على زعزعة الأمن في دولة الإمارات».

ولدى انتهاء جلسة التحقيق، أعطى القاضي الحجار إشارة بإبقاء عبد الرحمن القرضاوي موقوفاً على ذمة التحقيق، وقرر «تسطير كتاب إلى السلطات المصرية يطلب فيه إيداع ملف استرداده لدراسته، واتخاذ القرار بشأنه»، وفق مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط».

مدير الإنتربول المصري السابق اللواء مجدي الشافعي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية بين مصر ولبنان بخصوص تسليم المجرمين، تستند على تقديم لبنان طلب الحصول على ملف استرداد من مصر على أن تقرر بعد وصوله مدى توافر شروط التسليم على الموقوف من عدمها»، مؤكداً أن «مصر ملزمة وفق الاتفاقية بشكل تلقائي أن تقدم طلب الاسترداد طالما تم توقيفه».

وحسب تقدير الشافعي، فإن «ملف الاسترداد تكون به الاتهامات والأحكام التي ستنظر فيها بيروت وترى بعدها إمكانية تسليمه للقاهرة من عدمه»، مشيراً إلى أن «الاتهامات التي تلاحقه جميعها جنائية وليست تهماً سياسية، التي تمنع الاتفاقات والقوانين الدولية تسليم أي دولة متهماً بها».

وفي حالة نجل القرضاوي، فإن الإدانة بحقه تتعلق بـ«تهم جنائية فقط، بالتالي وفق الورق المصري الذي سيرسل لبيروت، يجب تسليمه لمصر، لكن الأمر يخضع لظروف بيروت فهي صاحبة القرار في ذلك»، يضيف الشافعي.

مطالبات

ومنذ توقيفه، تصاعدت مطالب إعلامية وسوشيالية بتسليمه، كان بينها الإعلامي المصري أحمد موسى، الذي قال خلال تقديمه برنامج «على مسؤوليتي» عبر «صدى البلد»، السبت، إن سلطات لبنان أوقفت نجل القرضاوي، عقب عودته من سوريا إلى بيروت، وقيامه بـ«التحريض ضد مصر ودول خليجية في ساحة المسجد الأموي بدمشق».

وكشف موسى أن نجل القرضاوي «مطلوب للعدالة المصرية ومدرج على لائحة الإنتربول الدولي، حيث يواجه أحكاماً بالسجن لمدة 15 سنة في عدد من القضايا في المحاكم المصرية»، مؤكداً «ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسليمه إلى القاهرة».

وليس هناك وقت محدد لوصول ملف الاسترداد من مصر لبيروت، حسب الشافعي، مؤكداً أن القاهرة تقدم طلباً للإنتربول والأخير يخاطب مكتب التعاون الدولي بمكتب النائب العام المصري، الذي يجهز الملف كاملاً وتسلمه الخارجية المصرية بعد ذلك للجهات اللبنانية التي تحوله للجهات القضائية المختصة.

وليس هناك ما يمنع أن يبقى نجل القرضاوي رهن الحبس حتى يصل ملف الاسترداد من مصر، أو يطلق سراحه بضمانات بقائه بالبلاد لحين حسم موقفه، وهذا كله يخضع لتقديرات السلطات اللبنانية، وفق مدير الإنتربول المصري السابق.

وكان الإعلامي عمرو أديب خلال برنامجه «الحكاية» عبر فضائية «mbc مصر»، تحدث السبت عن احتمال أن «تركيا ستقوم بممارسة ضغوط كبيرة على لبنان لمنع تسليم عبد الرحمن القرضاوي الذي يحمل جنسيتها»، مطالباً بتسليمه لمصر.

غير أن النائب العام التمييزي في لبنان، القاضي الحجار، قال لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، إنه «لم تمارس أي دولة ضغوطاً على القضاء اللبناني الذي سينفِّذ القوانين في هذه القضية كما ينفِّذها في القضايا المماثلة كلها».

ولا تمنع الجنسية التركية لنجل القرضاوي أن يتم النظر في ملف استرداده الذي سيصل من مصر، ولا يمنع كذلك تسليم بيروت للموقوف بأي حال من الأحوال حتى ولو لم يكن يحمل الجنسية المصرية افتراضاً، وفق مدير الإنتربول المصري السابق اللواء مجدي الشافعي.

وفي المقابل، عقب توقيف سلطات لبنان نجل القرضاوي، ظهرت حملات مؤيدة لجماعة «الإخوان» المحظورة بمصر، بشكل مكثف تطالب بإطلاق سراحه، ونقلت مقطع فيديو لوكيله القانوني، محمد صبلوح، يطلب خلاله إطلاق سراح موكله.

بينما وصف الناشط المصري لؤي الخطيب ما تقوم به الجماعة المحظورة عقب توقيف نجل القرضاوي بأنه «رعب»، قائلاً في منشور عبر منصة «إكس»: «رعب المطاريد بعد اعتقال عبد الرحمن يوسف القرضاوي.. ده تمامكم.. تعيشوا حياة رخيصة مافيهاش أمان».

سيناريوهات

وفي ظل استمرار توقيف نجل القرضاوي، يضع أستاذ القانون الدولي، الدكتور أيمن سلامة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، سيناريوهات المستقبل قائلاً إن «لبنان الدولة المطلوب منها المتهم القرضاوي هي التي لها القول الفصل والحل والعقد وليس الإنتربول، وإن أصدر المذكرة الحمراء (المعنية بالتوقيف)»، موضحاً أن «الإنتربول بحسب الأمم المتحدة دوره تنسيق وتسهيل التعاون بين الدولة الطالبة تسليم المتهمين والدولة المطلوب منها التسليم».

وستعمل بيروت على تكييف طبيعة جريمة الملاحق والمطلوب تسليمه من مصر، فإن كيفتها سياسيةً، فمحظور تسليمه، كما تنص القوانين الدولية، فضلاً عن أن اتفاقية تسليم المتهمين بين البلدين يجب أن تكون مجددةً ليتم تنفيذ الأمر بالأساس، وفق سلامة.

وينبه أستاذ القانون الدولي إلى أن إيطاليا وألمانيا سبق أن رفضا تسليم الوزير السابق الإخواني محمد محسوب، والإعلامي أحمد منصور، رغم تقديم مصر ملف استرداد لهما، مؤكداً أن تقديم الملف لا يعني إطلاقاً حتمية استلام المطلوب، وستبقى الحكومة اللبنانية هي التي تقرر في نهاية المطاف قبول أو رفض تسليم نجل القرضاوي للقاهرة.