«قرار متسرع وغير مسؤول»... غضب في إسرائيل تجاه اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان

إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
TT

«قرار متسرع وغير مسؤول»... غضب في إسرائيل تجاه اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان

إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)

دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية حيز التنفيذ، في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء، بعد أن وافق الجانبان على اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، في انتصار نادر للمساعي الدبلوماسية في منطقة تعصف بها الحرب منذ أكثر من عام.

وقد قدَّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق، في سياق ما قال إنها «إنجازات غير مسبوقة» حققتها إسرائيل، على مدار العام الماضي، من حرب على سبع جبهات.

وقال إن إسرائيل أعادت «حزب الله» عشرات السنين إلى الوراء، وأنه لم يعد الجماعة نفسها التي كان عليها من قبل، وفق شبكة «بي بي سي» البريطانية.

وأشار نتنياهو إلى أن وقف إطلاق النار أيضاً سيسمح لإسرائيل «بالتركيز على التهديد الإيراني»، مؤكداً أن بلاده ستحتفظ بالحرية العسكرية الكاملة لمواجهة أي تهديد جديد من «حزب الله».

ولا يريد أي من الجانبين أن يُنظَر إلى اتفاق وقف إطلاق النار هذا بوصفه استسلاماً منهما.

إلا أن منافسي نتنياهو السياسيين، بل بعض حلفائه أيضاً، ينظرون إلى الاتفاق على أنه «استسلام بالفعل».

وأشار استطلاع للرأي، أُجريَ أمس، إلى أن أكثر من 80 في المائة من قاعدة دعم نتنياهو تُعارض الاتفاق، وأن السكان في شمال إسرائيل، الذين جرى إجلاء أعداد كبيرة منهم من منازلهم بسبب الضربات التي شنها «حزب الله» بالمنطقة، غاضبون أيضاً.

وعلى المستوى الداخلي في إسرائيل، كان هناك انقسام شديد بشأن الاتفاق. فقد أظهر أحد استطلاعات الرأي أن 37 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار، و32 في المائة يعارضونه، و31 في المائة لا يعرفون أن هناك اتفاقاً من الأساس.

وقالت شيلي، وهي معلمة لغة إنجليزية في بلدة شلومي، إن وقف إطلاق النار كان «قراراً سياسياً غير مسؤول، ومتسرعاً».

من جهتها، قالت رونا فالينسي، التي جرى إجلاؤها من كيبوتس كفار جلعادي بشمال إسرائيل، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، إنها تريد العودة إلى ديارها، وأن وقف إطلاق النار ضروري، لكن فكرة عودة السكان اللبنانيين إلى القرى القريبة من كفار جلعادي، مثل قرية العديسة اللبنانية، أعطتها «شعوراً بالقلق والخوف».

وأضافت: «الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أتمناه هو ألا يتسلل (حزب الله) إلى مثل هذه القرى القريبة ويبني شبكة جديدة له هناك».

وتابعت: «لا يوجد شيء مادي حقيقي يمكن أن يجعلني أشعر بالأمان إلا محو هذه القرى تماماً، وعدم وجود أي شخص هناك».

وقالت «بي بي سي» إنها تحدثت إلى كثير من سكان إسرائيل يرون أن على نتنياهو مواصلة الحرب في لبنان، ويتساءلون: لماذا يوقّع رئيس الوزراء، الذي تعهّد بمواصلة القتال في غزة حتى «النصر الكامل»، على وقف لإطلاق النار في لبنان؟!

وعارض وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الاتفاق، ووصفه بأنه «خطأ تاريخي».

وكتب بن غفير، في منشور على موقع «إكس» يشرح فيه معارضته الاتفاق: «هذا ليس وقف إطلاق نار، إنه عودة إلى مفهوم الهدوء مقابل الهدوء، وقد رأينا بالفعل إلى أين يقود هذا». وتوقَّع أنه «في النهاية سنحتاج مرة أخرى إلى العودة للبنان».

وعلى النقيض، أكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن «هذا الاتفاق ربما يضمن أمن إسرائيل للأبد».


مقالات ذات صلة

عشرات آلاف اللبنانيين يتهافتون إلى بلداتهم الجنوبية

المشرق العربي نازحون عائدون إلى البقاع في شرق لبنان بعد إعلان وقف إطلاق النار (أ.ب) play-circle 01:37

عشرات آلاف اللبنانيين يتهافتون إلى بلداتهم الجنوبية

لم ينتظر آلاف الجنوبيين بزوغ الفجر ليتوجهوا إلى بلداتهم وقراهم التي تركوها مرغمين نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي النائب عن «حزب الله» حسن فضل الله يزور بنت جبيل بعد سريان وقف إطلاق النار (رويترز)

نائب في «حزب الله»: تعاون كامل مع الجيش لتعزيز انتشاره جنوب لبنان

أكّد النائب حسن فضل الله، المنتمي إلى «حزب الله»، اليوم (الأربعاء)، أن هناك «تعاوناً كاملاً» مع الدولة اللبنانية لتعزيز انتشار الجيش في جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي «حزب الله» يستعد لتشييع شعبي لأمينه العام السابق حسن نصر الله (رويترز)

«حزب الله» يُعدّ تشييعاً «شعبياً» لأمينه العام السابق حسن نصر الله

يُحضّر «حزب الله» لإقامة تشييع «شعبي» لأمينه العام السابق حسن نصر الله الذي قُتل في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية، أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون بعد دخول وقف إطلاق النار مع إسرائيل حيز التنفيذ في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)

«حزب الله»: إذا هاجمتنا إسرائيل فمن حق الجماعة الدفاع عن نفسها

قال النائب عن جماعة «حزب الله» اللبنانية حسن فضل الله، اليوم الأربعاء، إن الجماعة تحتفظ بحق الدفاع عن نفسها إذا هاجمتها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي بالقصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز) play-circle 00:50

ميقاتي: متمسكون بسيادة لبنان على كل أراضيه براً وبحراً وجواً

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الأربعاء، التمسك بسيادة لبنان على كل أراضيه براً وبحراً وجواً

«الشرق الأوسط» (بيروت )

عشرات آلاف اللبنانيين يتهافتون إلى بلداتهم الجنوبية

TT

عشرات آلاف اللبنانيين يتهافتون إلى بلداتهم الجنوبية

نازحون عائدون إلى البقاع في شرق لبنان بعد إعلان وقف إطلاق النار (أ.ب)
نازحون عائدون إلى البقاع في شرق لبنان بعد إعلان وقف إطلاق النار (أ.ب)

لم ينتظر آلاف الجنوبيين بزوغ الفجر ليتوجهوا إلى بلداتهم وقراهم التي تركوها مرغمين نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي دخل مَنْحى تصعيدياً غير مسبوق، في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي.

المشهد في ذلك اليوم على أوتوستراد بيروت - الجنوب بعد عشرات إنذارات الإخلاء التي وجهها الجيش الإسرائيلي بدا معاكساً تماماً لمشهد 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، اليوم الأول لوقف إطلاق النار.

وحدها زحمة السير الخانقة كانت عنصراً مشتركاً بين المشهدين. في يوم «النزوح الكبير»، علق عشرات الآلاف وقد اعتصرت قلوبهم الحسرة والحزن أكثر من 8 ساعات على الطريق بحثاً عن مأوى. أما في يوم «العودة الكبير»، فهؤلاء أنفسهم عادوا مبتهجين رغم قناعة قسم كبير منهم بأن منزله دمر بالكامل، وأن رحلة الإعمار قد تكون طويلة.

لبنانيون يحملون صور رئيس البرلمان نبيه بري وأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله في جنوب لبنان (أ.ب)

وبدأت قوافل السيارات تتجه نحو الجنوب مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الساعة الرابعة من فجر الأربعاء، وكانت الزحمة تزداد مع تقدم ساعات النهار. بعض الوافدين إلى الجنوب توجه حصراً للاطمئنان إلى حال منزله ليحدد بعد ذلك ما إذا كان سيعود مع عائلته خلال الساعات اللاحقة، أما القسم الأكبر فصعد وكامل أفراد عائلته إلى سيارته التي حمّلها ما استطاع من أغراض، ولسان حاله: «حتى ولو كانت منازلنا مدمرة فسننصب الخيم في قرانا وبلداتنا ونعيد إعمارها».

وبينما وضع المئات الفرش على أسطح السيارات، ورفع آخرون مبتهجين أعلام «حزب الله» و«حركة أمل» وشارات النصر، أقفل آخرون شبابيكهم أمام الكاميرات، وبدت وجوههم مرهقة وحزينة، الأرجح لفقدانهم أحبة ونتيجة رحلة التهجير الصعبة التي استمرت لمعظمهم شهرين وأسبوعاً، ولقسم منهم أكثر من عام.

وأصرّ أحد العائدين على الحديث إلى إحدى الكاميرات قائلاً: «ها نحن نعود إلى أرضنا صامدين منتصرين رغم أنوف كل من عولوا على تهجيرنا. لا همّ إذا كان منزلنا صامداً أو مدمّراً، فكل البيوت في الجنوب بيوتنا، وسنعيد بناء بلداتنا وقرانا أجمل مما كانت».

لبنانيون يحتفلون بالعودة إلى ديارهم بعد إعلان وقف إطلاق النار (أ.ب)

وشهدت طريق الأوتوستراد الساحلي بين صيدا وبيروت، وتحديداً عند مدخل صيدا الشمالي على ساحل إقليم الخروب - المسرب الغربي، زحمة كبيرة للسيارات المتجهة إلى الجنوب، في حين رصدت «الوكالة الوطنية للإعلام» قوافل النازحين العائدة منذ الرابعة فجراً إلى النبطية، حيث غصت الطرق من صيدا إلى الزهراني، وصعوداً نحو النبطية، وهي ترفع الأعلام اللبنانية وأعلام «حزب الله».

وأقام عدد من المواطنين على طريق العودة نقاطاً وزعوا فيها الحلوى والمياه، ووضعوا أغاني وطنية وحزبية صدحت في الأرجاء عبر مكبرات للصوت.

وانتشر أكثر من فيديو صوّره جنوبيون عائدون إلى قراهم لدبابات وجنود إسرائيليين موجودين فيها، إذ إن قرار وقف إطلاق النار لم ينص على خروج إسرائيلي فوري منها، وإنما أعطى مهلة 60 يوماً لإتمام الانسحاب. وسمعت طلقات نارية خلال محاولات لجنود إسرائيليين إبعاد العائدين إلى القرى من مواقع ونقاط وجودهم.

وظهر شبان وصلوا إلى بلداتهم وهم ينزعون أعلام إسرائيلية رُفِعت على أعمدة وأبنية، على وقع هتافات «النصر».

واستبقت قيادة الجيش عودة المواطنين بدعوتهم إلى التريّث في العودة إلى القرى والبلدات الأمامية التي توغّلت فيها قوات العدو الإسرائيلي بانتظار انسحابها وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وشددت على أهمية الالتزام بتوجيهات الوحدات العسكرية المنتشرة في المنطقة حفاظاً على سلامتهم.

كما دعت الأهالي العائدين إلى سائر المناطق لتوخي الحيطة والحذر من الذخائر غير المنفجرة والأجسام المشبوهة من مخلّفات العدو الإسرائيلي، والاتصال بغرفة عمليات قيادة الجيش على الرقم (١١٧) للإفادة عنها، أو إبلاغ أقرب مركز للجيش أو للقوى الأمنية الأخرى.