وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

سياستها تحظر ملاحقة رئيس حالي… وسميث يستبق الإقالة بالاستقالة

الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

تحرّك المستشار القانوني الخاص المُعين من وزارة العدل الأم، جاك سميث، لإسقاط القضيتين الجنائيتين ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، منهياً تحقيقات تاريخية نشأت بسبب محاولة ترمب إلغاء هزيمته أمام الرئيس جو بايدن في انتخابات 2020، وكذلك الاحتفاظ بوثائق سريّة بعد خروجه من البيت الأبيض.

وحصل سميث على موافقة من القاضية الفيدرالية في واشنطن، تانيا تشوتكان، الاثنين، لإسقاط التهم الموجهة إلى ترمب بأنه حاول منع فوز بايدن، بعدما استشهد بإرشادات وزارة العدل بأنه لا يمكن المضي في القضية، لأن ترمب رئيس حالي. ووافقت تانيا تشوتكان بسرعة على التخلّي عن القضية من دون تحيز. وهذا ما يترك الباب مفتوحاً أمام احتمال توجيه اتهامات مرة أخرى بمجرد مغادرة ترمب منصبه. ومن خلال موافقتها على رفض القضية، أوضحت تانيا تشوتكان أنها ستترك فرصة لمحكمة مستقبلية لإحيائها. وكتبت أن «الفصل دون تحيز يتوافق أيضاً مع فهم الحكومة أن الحصانة الممنوحة للرئيس الحالي مؤقتة، وتنتهي عندما يغادر منصبه».

وبعد فترة وجيزة، قدّم سميث طلباً للتخلّي عن استئناف قدّمه هذا الصيف بشأن رفض القاضية، آيلين كانون، في فلوريدا، القرار الاتهامي الخاص بالوثائق السرية التي اتُهم فيها ترمب بالاحتفاظ بمواد سريّة بشكل غير قانوني، وعرقلة جهود الحكومة لاستعادتها.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لدى مغادرته المحكمة في نيويورك (أرشيفية - أ.ب)

«ثابرت... وانتصرت»

ويُمثل ذلك خاتمة بالغة الأهمية لفصل غير مسبوق في التاريخ السياسي وتاريخ تنفيذ القانون في الولايات المتحدة؛ حيث حاول المسؤولون الفيدراليون محاسبة الرئيس السابق، بينما كان مرشحاً في الوقت نفسه لولاية أخرى. وخرج ترمب منتصراً، بعدما نجح في تأخير التحقيقات عبر مناورات قانونية، ثم فاز بإعادة انتخابه، رغم القرارات الاتهامية التي وصفت أفعاله بأنها تهديد للأسس الدستورية للبلاد.

وكتب ترمب في منشور على موقعه «تروث سوشيال» ومنصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «ثابرت رغم كل الصعاب، وانتصرت». وقال إن «هذه القضايا، مثل كل القضايا الأخرى التي اضطررت إلى المرور بها، فارغة وخارجة عن القانون، وما كان ينبغي رفعها مطلقاً».

صورة مركبة تجمع بين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والمستشار القانوني الخاص لوزارة العدل جاك سميث (رويترز)

وخلال إعداد هاتين الدعويين بدا أن ترمب يدرك أن أفضل أمل له لتجنُّب المحاكمات هو الفوز بالرئاسة مرة أخرى، وهي حقيقة أكدها نائب الرئيس المنتخب، جاي دي فانس، الذي كتب على منصة «إكس» أنه «لو خسر دونالد ترمب الانتخابات، لربما أمضى بقية حياته في السجن». وأضاف: «كانت هذه الملاحقات القضائية دائماً سياسية. والآن حان الوقت لضمان عدم تكرار ما حدث للرئيس ترمب في هذا البلد مرة أخرى».

دور المستشار القانوني

وكان وزير العدل الأميركي، ميريك غارلاند، قد عيّن سميث، وهو مدعٍ عام سابق للفساد حقق في جرائم حرب في لاهاي، لتولي تحقيقات ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، بعد أيام من إعلان كل من ترمب وبايدن أنهما سيترشحان للرئاسة مرة أخرى. وعدّ غارلاند أن هناك حاجة إلى مستشار قانوني خاص يتمتع باستقلالية أكبر من المدعي العام التقليدي لوزارة العدل لضمان ثقة الجمهور في التحقيقات.

وفي الدعوى المرفوعة في واشنطن العاصمة، واجه ترمب 4 تهم تتعلّق بالتآمر لعرقلة نتائج انتخابات 2020. واتُهم باستخدام مزاعم كاذبة عن تزوير الناخبين للضغط على المسؤولين الفيدراليين في الولايات لتغيير نتائج الانتخابات، وحرمان الشعب الأميركي من حقه في احترام أصواته.

وبدأ التحقيق في الوثائق السرية خلال ربيع 2022، بعد أشهر من الخلاف بين ترمب وإدارة المحفوظات والسجلات الوطنية حول صناديق الوثائق التي تبعت ترمب من البيت الأبيض إلى مارالاغو؛ منزله في فلوريدا وناديه الخاص.

وتقول أوراق المحكمة إن أكثر من 300 وثيقة مصنفة بأنها سرية عثر عليها في منزل ترمب، بما في ذلك بعض الوثائق ردّاً على أمر استدعاء، وأكثر من 100 وثيقة أثناء تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» للممتلكات بتفويض من المحكمة. وجرى تخزين الوثائق بشكل عشوائي.

رسم توضيحي للمدعية سوزان هوفينغر ستورمي دانيلز أمام القاضي خوان ميرشان خلال محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في محكمة ولاية مانهاتن 7 مايو 2024 (رويترز)

«دوافع سياسية»

وحاول فريق الدفاع عن ترمب مراراً تأطير القضايا المرفوعة ضده على أنها محاولات ذات دوافع سياسية لإضعاف فرصه في الانتخابات، علماً بأنه لا دليل على تورط بايدن في التحقيقات. ومنذ انتخابه، اختار ترمب عدداً من محامي الدفاع الجنائيين الشخصيين في هذه القضايا للعمل في مناصب عليا في وزارة العدل في إدارته. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست»، الجمعة، أن ترمب يخطط لطرد سميث وكل الفريق الذي يعمل معه، بمن في ذلك المحامون المهنيون الذين يتمتعون عادة بالحماية من الانتقام السياسي.

وأصدرت القرارات الاتهامية الفيدرالية بحق ترمب في غضون أشهر من توجيه الاتهام إليه في نيويورك بتهم تزوير سجلات أعمال للتغطية على دفع أموال مقابل الصمت عام 2016، وفي جورجيا بتهم محاولة عرقلة نتائج الانتخابات في تلك الولاية.

وأجريت المحاكمة فقط في قضية نيويورك؛ حيث أدين ترمب بـ34 تهمة جنائية، لكن النطق بالحكم عليه تأجَّل مرتين منذ هذا الصيف. ويتوقع أن يقرر قاضي المحاكمة الشهر المقبل ما إذا كان سيُؤجل الأمر إلى ما بعد الولاية الثانية لترمب.

نسخ من صحيفة «نيويورك تايمز» بعد إعلان إدانة الرئيس السابق دونالد ترمب في قضية «أموال الصمت» (أرشيفية - رويترز)

ونفى ترمب ارتكاب أي مخالفات في كل هذه القضايا، واستأنف الحكم الصادر في نيويورك. وأصبحت الملاحقات القضائية محوراً رئيساً لحملته الرئاسية؛ حيث حشد ترمب وحلفاؤه المؤيدين الذين اعتقدوا أنه مستهدف بشكل غير عادل.

وبمجرد فوز ترمب في الانتخابات، لم يكن أمام سميث سوى خيارات قليلة لإبقاء القضيتين الفيدراليتين. وقال أشخاص مطلعون على خططه إنه يعتزم الاستقالة قبل أن يصير ترمب رئيساً، ما يمنع ترمب من الوفاء بوعده بإقالته.

وقبل ذلك، يمكن أن يسلم سميث إلى غارلاند تقريراً يوضح نتائج التحقيقات. وسيكون الأمر متروكاً لغارلاند، الذي قال بشكل عام إن مثل هذه التقارير يجب نشرها علناً، ليُقرر مقدار المواد التي سينشرها سميث.


مقالات ذات صلة

زوكربيرغ يتناول العشاء مع ترمب في فلوريدا

الولايات المتحدة​ صورة تجمع بين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة ميتا (أ.ف.ب)

زوكربيرغ يتناول العشاء مع ترمب في فلوريدا

تناول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب العشاء، الأربعاء، مع مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة ميتا في نادي مار إيه لاغو الذي يملكه ترمب في ولاية فلوريدا.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
الاقتصاد ترمب يستمع إلى سكوت بيسنت وهو يتحدث عن الاقتصاد في أشفيل في أثناء الحملة الانتخابية (أ.ب)

سكوت بيسنت... من «كسر» بنك إنجلترا إلى إدارة وزارة الخزانة الأميركية

يُلقي هذا التقرير الضوء على مسيرة سكوت بيسنت المرشح لوزارة الخزانة الأميركية الذي ساهم ذات يوم في «كسر» بنك إنجلترا.

نيويورك تايمز (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل الرئيس المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض في 13 نوفمبر 2024 (أ.ب)

لن يرد بالمثل... بايدن يحضر حفل تنصيب ترمب

أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أنّ الرئيس جو بايدن سيحضر حفل تنصيب دونالد ترمب في يناير، على الرغم من أنّ الأخير تغيّب قبل 4 سنوات عن مراسم أداء القسم الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب: القضايا المرفوعة ضدي «فارغة ولا أسس قانونية لها»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، على منصته «تروث سوشيال»، إن القضايا القانونية ضده «فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي «حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

قال القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان اليوم الاثنين إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض، مؤكدا أن الحركة معنية في الوقت نفسه بوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)

بايدن يحذّر من الإضرار بالعلاقات مع كندا والمكسيك

الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)
الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)
TT

بايدن يحذّر من الإضرار بالعلاقات مع كندا والمكسيك

الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)
الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، من الإضرار بالعلاقات مع كندا والمكسيك، وذلك بعد تصريحات لخليفته المنتخب دونالد ترمب بشأن فرض رسوم جمركية على البلدين الجارين للولايات المتحدة.

وقال بايدن للصحافيين رداً على سؤال بشأن خطة ترمب: «أعتقد أنه أمر سيأتي بنتائج عكسية... آخر ما نحتاج إليه هو البدء بإفساد تلك العلاقات».

وأعرب الرئيس الديمقراطي عن أمله في أن يعيد خليفته الجمهوري «النظر» في تعهّده فرض رسوم تجارية باهظة على البلدين «الحليفين» للولايات المتحدة.

بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)

وأثار ترمب قلق الأسواق العالمية، الاثنين، بإعلانه عبر منصات التواصل الاجتماعي أنّ من أولى إجراءاته بعد تسلّمه مهامه في يناير (كانون الثاني) المقبل ستكون فرض رسوم جمركية نسبتها 25 بالمائة على المكسيك وكندا، اللتين تربطهما بالولايات المتحدة اتفاقية للتجارة الحرة، إضافة إلى رسوم نسبتها 10 بالمائة على الصين.

وتعهّد ترمب عدم رفع هذه الرسوم عن البلدين الجارين للولايات المتحدة قبل توقف الهجرة غير النظامية وتهريب المخدرات، مؤكداً أن التجارة ستكون من أساليب الضغط على الحلفاء والخصوم.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

وبعدما أعربت عن معارضتها لتهديدات ترمب، أجرت رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي المنتخب الأربعاء، تطرقت إلى تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى الولايات المتحدة عبر حدود البلدين ومكافحة تهريب المخدرات.

وأعلن ترمب أنّ شينباوم «وافقت» على «وقف الهجرة» غير الشرعية، بينما سارعت الزعيمة اليسارية إلى التوضيح بأنّ موقف بلادها «ليس إغلاق الحدود».

ورداً على سؤال بشأن التباين في الموقفين، قالت الرئيسة المكسيكية، في مؤتمرها الصحافي اليومي، الخميس: «يمكنني أن أؤكد لكم... أننا لن نقوم أبداً، ولن نكون قادرين أبداً، على اقتراح أن نغلق الحدود».

وحذّر وزير الاقتصاد المكسيكي مارسيلو إبرار، الأربعاء، من أنّ مضيّ ترمب في فرض الرسوم التجارية على المكسيك سيؤدي إلى فقدان نحو 400 ألف وظيفة.

وأكدت شينباوم، الخميس، أنّ أيّ «حرب رسوم تجارية» بين البلدين لن تحصل.

وأوضحت أنّ «المهم كان التعامل مع النهج الذي اعتمده»، في إشارة إلى ترمب، معربة عن اعتقادها أن الحوار مع الرئيس الجمهوري سيكون بنّاء.

إلى ذلك، شدّد بايدن في تصريحاته للصحافيين في نانتاكت، حيث يمضي عطلة عيد الشكر مع عائلته، على أهمية الإبقاء على خطوط تواصل مع الصين.

وقال: «لقد أقمت خط تواصل ساخناً مع الرئيس شي (جينبينغ)، إضافة إلى خط مباشر بين جيشينا»، معرباً عن ثقته بأنّ نظيره الصيني لا «يريد ارتكاب أيّ خطأ» في العلاقة مع الولايات المتحدة.

وتابع: «لا أقول إنه أفضل أصدقائنا، لكنه يدرك ما هو على المحك».