أكدت شركة «كي بي إم جي» العالمية على الدور المحوري الذي تلعبه السياسات الصناعية في السعودية لتحقيق أهداف «رؤية 2030»، وعلى أهمية الدور الحكومي في تعزيز الابتكار وجذب الاستثمارات ودعم نمو القطاعات الرئيسية؛ ومع تنويع المملكة لاقتصادها بعيداً عن قطاع النفط، ستكون هذه السياسات عوامل أساسية في وضع البلاد قائداً صناعياً عالمياً.
وأوضحت الشركة، في تقرير اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية «ندلب»، الذي تمَّ إطلاقه في عام 2019، هو حجر الزاوية في «رؤية 2030»، إذ يتمثل الهدف منه في تحويل السعودية إلى مركز لوجيستي عالمي ورائد في مجال الطاقة والتعدين والصناعة، ومن خلال خلق التكامل بين القطاعات وتحسين اللوائح؛ ويسعى إلى تعزيز بيئة الأعمال التنافسية.
تعزيز المحتوى المحلي
وبيّن التقرير أنَّ المبادرات الرئيسية لبرنامج «ندلب» تشمل استثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة، وتحديث لوائح التعدين، وبرنامج «صنع في السعودية»، الذي يعزّز المحتوى المحلي؛ ويكمل ذلك الاستراتيجية الصناعية الوطنية، التي أُطلقت في عام 2022؛ حيث تسعى إلى زيادة مساهمة القطاع الصناعي غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي من 88.26 مليار دولار في عام 2020 إلى 377.06 مليار دولار بحلول عام 2035، وخلق 2.1 مليون وظيفة بحلول عام 2030، ومضاعفة الصادرات الصناعية 3 مرات إلى 148 مليار دولار بحلول عام 2030، كما تستهدف الاستراتيجية 12 قطاعاً رئيسياً، بما في ذلك الكيماويات والطاقة المتجددة والطيران، مع التركيز على بناء سلاسل إمداد مرنة وتعزيز الابتكار لتعزيز القدرة التنافسية العالمية للمملكة.
وفي تعليق له، قال شريك ورئيس استشارات جذب الاستثمار في «كي بي إم جي»، غسان الشعراني، إنَّ السياسات الصناعية تلعب دوراً محورياً في التحول الاقتصادي، ومن خلال تعزيز الابتكار وجذب الاستثمارات الاستراتيجية؛ تعمل المملكة على خلق بيئة يمكن للصناعات الازدهار فيها، مع القدرة على الدفع بعجلة النمو المستدام بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية 2030».
التكيف مع التحديات العالمية
من جهته، يرى شريك ورئيس الاستشارات الاستراتيجية في «كي بي إم جي»، عمر الحلبي، أن نجاح الاستراتيجية الصناعية يكمن في قدرتها على التكيف مع التحديات العالمية المتطورة، كما أنَّ تصميم السياسات الفعّال، بدعم من القرارات القائمة على البيانات، سيضمن قدرة المملكة على المنافسة على الساحة العالمية مع خلق فرص كبيرة للصناعات المحلية.
ويشرح التقرير أنَّ الشراكات بين القطاعين العام والخاص تشكل عنصراً أساسياً في هذا النهج، وتعزز منصة «شارك»، التعاون وتشجع الاستثمار المحلي وتحدد فرص العمل الجديدة، كما تدعم مبادرة «صنع في السعودية»، الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم من خلال التدريب والتمويل وتسهيل الجمارك لتعزيز الإنتاج المحلي.
وفي سياق التحديات، بيّن التقرير أن توافر البيانات يعد أمراً ضرورياً لصياغة السياسات الفعالة، وهو ما يتطلب إطاراً إحصائياً قوياً لتوفير بيانات دقيقة وفي الوقت المناسب حول الأداء الصناعي واتجاهات سوق العمل. كما تشكل تنمية رأس المال البشري عاملاً حاسماً آخر؛ لذا يتعيّن على المملكة أن تزود قوتها العاملة بالمهارات اللازمة لتحقيق قطاع صناعي ديناميكي. من خلال تعزيز التدريب المهني، والتعلم المستمر، ومواءمة التعليم مع احتياجات الصناعة، كما ستكون الشراكات بين القطاعين العام والخاص حيوية في هذا الجهد.