حالة استنفار تشهدها مصر أخيراً لمواجهة انتشار «الشائعات»، تصاعدت مع إعلان «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، الثلاثاء، عزمه إطلاق موقع «امسك مزيف» للحد من انتشار المعلومات المضللة، مهدداً باللجوء إلى النيابة العامة حال مساس تلك الشائعات بالأمن القومي للبلاد.
ونظَّم «المجلس الأعلى»، الثلاثاء، ندوةً موسعةً حول «دور الإعلام في مكافحة الشائعات»، بحضور أساتذة جامعات، ومتخصصين، ورؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف ومواقع إلكترونية، وإعلاميين.
وقال رئيس المجلس الكاتب الصحافي كرم جبر، في كلمته خلال الندوة، إن «موقع (امسك مزيف) المزمع إطلاقه، يتيح للمواطن الدخول والإبلاغ عن المواقع والصفحات المزيفة، تمهيداً لحذفها».
وأضاف جبر أن «الأخبار الكاذبة والمضللة انتشرت بشكل واسع خلال الفترة الماضية، وأن القانون منح المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الحقَّ في التعامل مع الصفحات التي تنشر معلومات مزيفة».
ولفت إلى أن «المجلس يمكنه حجب تلك الصفحات، كما يستطيع إخطار النيابة العامة بشأنها». وقال: «حال أخذت المسألة منحى التصعيد أو هددت أمن المجتمع، فإن الأمر يتطلب تدخلا رسمياً»، مؤكداً أنه «يتخذ إجراءات مماثلة بالفعل منذ فترة».
وأشار جبر إلى أن «المجلس الأعلى للإعلام أغلق نحو 10 صفحات مزيفة، تحمل اسم الرئيس المصري السابق عدلي منصور».
ووفقاً لقانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، يختص المجلس الأعلى للإعلام بـ«وضع القواعد والمعايير الضابطة للأداء الإعلامي، وضمان التزام المؤسسات الإعلامية بها».
وشدَّد رئيس المجلس، على «أهمية وجود آلية لمكافحة الشائعات، وتبني خطاب إعلامي لنشر الوعي بين المواطنين»، وتساءل عن «دور وسائل الإعلام في التأثير وقيادة دفة مواقع التواصل الاجتماعي». وقال: «عدد المشتركين بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) في مصر يقترب من 50 مليوناً، بينهم بالتأكيد صفحات مزيفة لا بد من فلتاتها».
وتشكو السلطات المصرية منذ أكثر من 10 سنوات من انتشار الشائعات، وسبق أن حذَّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من مخاطرها مراراً. وقال، خلال احتفالية وزارة الأوقاف المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: «الشائعات جريمة ضد أمن المجتمع، وصاحبها آثم في حق نفسه ودينه ومجتمعه، ساعياً إلى الاضطراب والفوضى».
وفي يوليو (تموز) عام 2018، قال السيسي إن «حكومته رصدت 21 ألف شائعة خلال 3 أشهر»، ليصدر مجلس الوزراء، بعد أيام من هذا التصريح قراراً بإنشاء مركز إعلامي تكون مهمته «توضيح الحقائق والرد على الشائعات».
وخلال ندوة الثلاثاء، قال عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين أيمن عبد المجيد، إن «الشائعات قضية عالمية، لا بد من العمل على مواجهاتها»، مطالباً بـ«تدريب المتحدثين الإعلاميين للرد على الشائعات، لا سيما تلك التي تمس الأمن القومي».
وشددت مداخلات الحضور في الندوة على «ضرورة التعاطي الفعال مع الشائعات من خلال التنبؤ بالموسمي منها، ورصدها والرد عليها سريعاً لإحباط أهدافها». وأوصت الندوة بـ«ضرورة تنمية الوعي الرقمي، وتعزيز دور وسائل الإعلام في تدقيق المعلومات، وتوعية الجماهير بخطورة الشائعات».
بدورها، أكدت أستاذة التشريعات الإعلامية في جامعة القاهرة، الدكتورة ليلى عبد المجيد، «خطورة الشائعات لما تُشكِّله من تهديد للأمن القومي والاقتصادي وحتى الشخصي»، مشيرة إلى أن «الشائعات ليست ظاهرة جديدة، لكن التقدم التكنولوجي زاد من سرعة وسهولة انتشارها وتأثيرها».
وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «البعض يسهم في ترويج الشائعات عبر مشاركة وإبداء الإعجاب بالمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي دون تحقق من صحتها».
وبينما رحّبت عبد المجيد بمبادرة «امسك مزيف» بوصفها جزءاً من «الردع القانوني لمروجي الشائعات»، أكدت أن مواجهة انتشار المعلومات المضللة يجب أن تسير في محاور عدة، من بينها «نشر الوعي بين المواطنين، والردع القانوني، وسرعة الرد على المعلومات الكاذبة، والأهم من ذلك كله إتاحة حرية تداول المعلومات».
وانتشار الشائعات ظاهرة عالمية، ففي نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، حذَّرت منظمة «اليونيسكو» من مخاطر «التضليل المعلوماتي»، ونهاية شهر يونيو (حزيران) 2023 نشرت الأمم المتحدة مجموعة مبادئ لمكافحة المعلومات «المضلّلة» التي تُنشَر عبر الإنترنت. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان صحافي في حينه، إن «المعلومات المضلّلة التي تُنشَر عبر الإنترنت، تشكّل خطراً وجودياً على البشرية».