بانيتا من «المركزي الأوروبي» يدعو إلى نهج استشرافي في السياسة النقدية

مع تراجع صدمات ما بعد الجائحة والتضخم

لافتة أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
لافتة أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

بانيتا من «المركزي الأوروبي» يدعو إلى نهج استشرافي في السياسة النقدية

لافتة أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
لافتة أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

دعا عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي ومحافظ بنك إيطاليا، إلى العودة إلى نهج أكثر استشرافاً في تحديد السياسة النقدية وتقديم مزيد من التوجيه بشأن التحركات المستقبلية، خصوصاً مع تراجع صدمات ما بعد الجائحة وبدء التضخم في العودة إلى مستوياته الطبيعية.

وقال بانيتا، في تصريحات يوم الثلاثاء، إن اقتصاد منطقة اليورو بدأ يعود إلى «أراضٍ مألوفة» بعد «الصدمات الاستثنائية» التي شهدتها المنطقة في عامي 2022 و2023، وإن الأخطاء في تقديرات التضخم بدأت تتقلص، مما يتيح للبنك المركزي الأوروبي فرصة لتعديل استراتيجياته، وفق «رويترز».

وأضاف أنه في الوقت الراهن، ينبغي للبنك المركزي الأوروبي أن يركز على «تباطؤ الاقتصاد الحقيقي»، وأن يقوم بتحريك أسعار الفائدة الرسمية نحو «المستوى المحايد أو حتى التوسعي»، مشيراً إلى أن «مع اقتراب التضخم من الهدف، واستمرار الركود في الطلب المحلي، لم تعد الظروف النقدية التقييدية ضرورية».

وتابع: «إذا لم يحدث انتعاش مستدام، فقد ينخفض التضخم إلى ما دون الهدف، وهو سيناريو سيكون من الصعب على السياسة النقدية مواجهته، وبالتالي يجب تجنبه».

وكان البنك المركزي الأوروبي قد خفض أسعار الفائدة 3 مرات منذ يونيو (حزيران)، بعد أن شهد انخفاض التضخم، الذي كان قد بلغ مستويات مرتفعة في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، إلى هدفه المستهدف البالغ 2 في المائة. وتم خفض سعر الفائدة على الودائع بآخر تعديل له في أكتوبر (تشرين الأول)، حيث تم خفضه بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 3.25 في المائة.

وقال بانيتا أيضاً: «نحن ربما لا نزال بعيدين عن المعدل المحايد». ويُعرّف الاقتصاديون المعدل المحايد بأنه السعر الذي لا يعوق النمو الاقتصادي ولا يعززه، ويُقدّر هذا المعدل في منطقة اليورو بين 2 و2.5 في المائة، على الرغم من أن بعض التقديرات يصل إلى 3 في المائة أو ينخفض إلى 1.75 في المائة.

ويُتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة أخرى باجتماعه المقبل في 12 ديسمبر (كانون الأول)، يليه مزيد من الخفض في الربيع. وفي هذه الحالة، سيصل سعر الفائدة على الودائع إلى ما بين 1.75 في المائة و2 في المائة.

وأشار بانيتا إلى أنه بعد نجاح البنك المركزي الأوروبي في توجيه اقتصاد منطقة اليورو خلال فترة غير مسبوقة، ينبغي على البنك أن يُغيّر نهجه الذي كان يعتمد على «الاجتماع تلو الآخر» في تحديد السياسة النقدية، وهو النهج الذي فرضته الظروف الاستثنائية في العامين الماضيين، والذي كان يتطلب تقليص الاعتماد على التوقعات الاقتصادية.

وقال: «يمكننا الآن العودة إلى نهج أكثر تقليدية واستشرافاً للمستقبل في السياسة النقدية بما يتماشى مع توجهنا في الأمد المتوسط».

كما دعا بانيتا البنك المركزي الأوروبي إلى «تقديم مزيد من التوجيه بشأن تطور سياستنا في المستقبل، وهو ما سيكون مفيداً بشكل خاص في مساعدتنا على تشكيل رؤى الشركات والأسر بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة، مما سيدعم الطلب ويسهم في انتعاش الاقتصاد الحقيقي».

وبعد التأثر الكبير الذي لحق بالبنك المركزي الأوروبي جراء الزيادة المفاجئة في التضخم في 2021 - 2022، تراجع البنك عن عادة تقديم توجيه رسمي بشأن المسار المستقبلي للسياسة النقدية. وبدلاً من ذلك، كان البنك يعتمد على اتخاذ قرارات «اجتماعاً تلو الآخر» بناءً على البيانات المتاحة، رغم أنه كان في بعض الأحيان يقدم تلميحات حول ما يمكن توقعه.

وفي ختام حديثه، قال بانيتا إن السياسة الحالية القائمة على الاجتماعات المتتالية والقرارات المبنية على البيانات لا تتماشى مع النهج الاستشرافي الذي دعا إليه.


مقالات ذات صلة

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي تُرفرف أمام مقر البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي»: خفض الفائدة خطوة تأمينية وسط انقسام حول مخاطر التضخم

أظهرت حسابات اجتماع البنك المركزي الأوروبي يومي 16 و17 أكتوبر (تشرين الأول) أن خفض أسعار الفائدة الشهر الماضي كان خطوة تأمينية ضد تراجع التضخم بشكل غير متوقع.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

نائب رئيس «المركزي الأوروبي»: التضخم المتراجع يدفع نحو تخفيضات في الفائدة

أعلن نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، لويس دي غيندوس، يوم الخميس، أن البنك في طريقه لخفض أسعار الفائدة بشكل إضافي، في ظل بيانات التضخم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (مدريد )
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي خارج مقر المفوضية في بروكسل (رويترز)

تسارع التضخم في منطقة اليورو يعزّز الحاجة إلى الحذر بخفض الفائدة

تسارع التضخم في منطقة اليورو أكثر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، وقد يرتفع أكثر في الأشهر المقبلة؛ مما يعزّز من الحاجة إلى توخي الحذر في خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد لوحة تذكارية تحمل نقش البنك المركزي الأوروبي تتألق في ضوء النهار أمام مقره (د.ب.أ)

«المركزي الأوروبي» يخفض الفائدة الرئيسية إلى 3.25 % للمرة الثالثة هذا العام

خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي إلى 3.25%، في ثالث خفض هذا العام.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)

السعودية تناقش في «كوب 29» تحدي إدارة الكربون

متحدثان خلال جلسة نقاش في الجناح السعودي ضمن «كوب 29» (الشرق الأوسط)
متحدثان خلال جلسة نقاش في الجناح السعودي ضمن «كوب 29» (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تناقش في «كوب 29» تحدي إدارة الكربون

متحدثان خلال جلسة نقاش في الجناح السعودي ضمن «كوب 29» (الشرق الأوسط)
متحدثان خلال جلسة نقاش في الجناح السعودي ضمن «كوب 29» (الشرق الأوسط)

أكد متحدثون خلال جلسة نقاش بعنوان «تحدي إدارة الكربون: زيادة قدرة إدارة الكربون إلى مستويات الغيغا طن» في الجناح السعودي بمؤتمر «كوب 29»، على دور التعاون الدولي في تطوير تقنيات جديدة لاحتجاز الكربون، مبرزين استراتيجية المملكة الطموحة لتحقيق الحياد الصفري بحلول 2060.

وخلال الجلسة تناول المتحدثون اعتماد المملكة على إطار الاقتصاد الدائري للكربون، الذي يركز على أربعة عناصر أساسية: تقليل الانبعاثات، وإعادة الاستخدام، وإعادة التدوير، والإزالة، حيث تُدمج إدارة الكربون بشكل رئيسي في جميع هذه المجالات.

وأكد المتحدثون في الجلسة على أهمية التعاون الدولي في تطوير تقنيات جديدة لاحتجاز الكربون، بالإضافة إلى مشروعات نقل وتخزين الكربون بشكل مستقل. مبيّنين أن التقارير تشير إلى أن وجود أكثر من 50 مشروعاً في مراحل متقدمة لالتقاط وتخزين الكربون، خلال الوقت الحالي، وبإجمالي سعة يصل إلى 50 مليون طن. كما تم اتخاذ قرارات استثمارية في 44 مشروعاً آخر يتم تطويرها حالياً في مختلف أنحاء العالم.

وتضمن النقاش التقدم الذي أُحرز في قطاعات متعددة مثل الأسمنت، حيث سجلت دول مثل اليابان والصين وأوروبا تقدماً كبيراً في تقنيات التقاط الكربون، بالإضافة إلى الجهود المشتركة بين الاقتصادات الناشئة مثل كندا وتايلاند التي تعمل على تمويل إزالة الكربون من قطاع الأسمنت.

جانب من حضور جلسة النقاش في الجناح السعودي ضمن «كوب 29» (الشرق الأوسط)

كما تم التأكيد على الدور الحيوي للحكومات في تمكين هذه المشروعات عبر اتخاذ قرارات الاستثمار المالي وتطوير البنى التحتية اللازمة. في حين، أوضح المتحدثون أن السياسات الحكومية تعد أحد العوامل الأساسية في دعم هذه المشروعات وتسهيل تبادل الخبرات بين الحكومات والقطاع الخاص، وفقاً للاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة الذي يركز على تطوير السياسات المتعلقة بتقنيات التقاط واستخدام وتخزين الكربون.

وفي الختام، أكد المشاركون في الجلسة على أن التعاون الدولي وتطوير السياسات وتبادل الخبرات بين مختلف الجهات الفاعلة يعد أمراً حيوياً لتحقيق الأهداف العالمية لتقليل الانبعاثات والحد من آثار التغير المناخي.