الجيش الإسرائيلي بوجهين متناقضين... مع صفقة تنهي الحرب ومع تثبيت الاحتلال

من جهة يسرّب أنه يحث نتنياهو على إبرام اتفاق مع «حماس» ومن جهة ثانية ينفّذ خططاً توحي بأنه باقٍ طويلاً في غزة.

مواطنون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على شارع الجلاء بوسط مدينة غزة (أ.ف.ب)
مواطنون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على شارع الجلاء بوسط مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي بوجهين متناقضين... مع صفقة تنهي الحرب ومع تثبيت الاحتلال

مواطنون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على شارع الجلاء بوسط مدينة غزة (أ.ف.ب)
مواطنون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على شارع الجلاء بوسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

منذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، تسرّب عناصر من الجيش الإسرائيلي وبقية الأجهزة الأمنية معلومات تقول إن الحرب في قطاع غزة قد استنفدت نفسها، وإن على القيادة السياسية أن تستثمر المكاسب التي حققها بالقضاء على معظم قوة «حماس» واغتيال رئيسي مكتبها السياسي، إسماعيل هنية ويحيى السنوار، والجنوح إلى اتفاق سياسي، لكن الجيش يواصل، من جهة ثانية، تنفيذ عمليات القتل الجماعي والتدمير الشامل ويبني معسكرات وقواعد، ويشق طرقاً ويعبّدها، ويقيم حواجز، مكرساً اعتقاداً بأنه يعد للبقاء طويلاً في غزة، وربما حتى نهاية عام 2026.

ومن آخر صرعات هذا التناقض ما ورد من معلومات، الاثنين. فمن جهة، توجّه الجيش إلى سكان بيت لاهيا في شمال القطاع يأمرهم بالرحيل جنوباً، وفي الوقت نفسه اجتمع رؤساء الأجهزة الأمنية، وتوجهوا معاً إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لإبلاغه بأن «حركة (حماس) لم تتراجع عن شروطها للتوصّل إلى اتفاق تبادُل أسرى، ووقف لإطلاق النار في قطاع غزة، ومن دون مرونة إسرائيليّة، لن يتمّ التوصّل لاتفاق»، مؤكدين بالطبع أنهم يؤيدون الاتفاق.

وبحسب ما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية كثيرة، بينها موقع «واللا» الإلكترونيّ، والقناتان «12» و«13» للتلفزيون، فإن كلّا من رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ (الشاباك)، رونين بار، ورئيس «الموساد» دافيد برنياع، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، والمسؤول عن ملف الأسرى والرهائن الإسرائيليين في رئاسة الأركان، نتسان ألون، يرون أن «مصلحة إسرائيل الاستراتيجية تقضي بإنهاء الحرب، والانسحاب من غزة».

وأكدت مصادر سياسية أن برنياع، الذي يتولى مسؤولية إدارة فريق المفاوضات، وضع «خطة جديدة» لـ«تحريك» المفاوضات مع حركة «حماس»، وعرضها على نتنياهو من جهة وعلى وزير الدفاع الجديد، يسرائيل كاتس، من جهة ثانية. وحرص القادة الأمنيون على الإشارة إلى أن «القرار في النهاية يعود إلى المستوى السياسيّ فقط، وفي يديه ما إذا كان سيُتيح مرونة في الموقف الإسرائيلي». وذكر تقرير «واللا» نقلاً عن مصدرين، قال إنهما مطّلعان على الموضوع، أنه «إذا كانت الحكومة الإسرائيلية مهتمّة باتفاق لإطلاق سراح الرهائن، فعليها أن تبدي مرونة بشأن مواقفها الحالية».

موقع لتوزيع المياه وسط أبنية مدمرة في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح رؤساء الأجهزة الأمنية المذكورون أن «(حماس) تريد التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، ولكن ليس بثمن الرضوخ والاستسلام. فعلى الرغم من اغتيال زعيمها، يحيى السنوار، والضربات الإضافية التي تلقّتها، لم تغير (الحركة) مطلبيْها الأساسييْن؛ وقف الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيليّ من قطاع غزة». وبحسب «القناة 12»، فإن رؤساء أجهزة الأمن قالوا للحكومة إن «(حماس) لن تتخلى عن مطالبتها بمخطط ينهي الحرب والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي، ولا توجد طريقة أخرى لإعادة المختَطفين إلى ديارهم»، مشدّدين على أن «عدم اتباع هذا المسار يعني الوصول إلى طريق مسدود، والتخلّي عنهم».

وتطرّق التقرير إلى احتمال تنفيذ مرحلة أولى من مقترح تم التفاوض بشأنه، قبل بضعة أشهر، ينصّ على إطلاق سراح ما يصل إلى 33 من الرهائن الإسرائيليين، مقابل وقف إطلاق النار لمدة 42 يوماً، وذكر أن «التقديرات تشير إلى أن (حماس) لن توافق على الدخول في هذه الخطوة، إذا لم تحصل على ضمانات بأن إسرائيل ستنسحب في المراحل التالية من الاتفاق من محور فيلادلفيا».

ونقل التقرير عن مسؤول إسرائيليّ وصفه برفيع المستوى، القول إن «رسالة رؤساء الأجهزة الأمنيّة، هي أن هذه النقاط، إلى جانب آخر تطوّرات الحرب في غزة ولبنان، والصراع مع إيران، ونتائج الانتخابات الأميركية؛ تتطلّب إعادة التفكير، ومرونة في موقف إسرائيل، إذا كانت ترغب في التوصّل إلى اتفاق».

ويؤكد مصدر مطلع على لقاءات رؤساء الأجهزة الأمنية أنهم حذروا من مغبة الاستمرار في الوضع القائم وتأثيره الخطير في حياة المحتجزين من جهة، وفي الأجواء السائدة في الجيش من جراء ذلك من جهة ثانية؛ فالضباط الميدانيون يواجَهون بأسئلة محرجة من جنودهم، مثل: «هل حقاً سيكون مصير الجندي الأسير الإهمال التام من الحكومة، كما هو حاصل لـ101 رهينة، مر على احتجازهم أكثر من 400 يوم والشعور السائد هو أن الحكومة قررت التفريط بهم والتضحية بهم لأسباب سياسية وشخصية تتعلق برئيس الحكومة ومحاكمته بتهم الفساد؟».

بيد أن تصرفات الجيش الأمنية في قطاع غزة توحي بأنه شريك فعال في سياسة الحكومة التي تهمل الرهائن، بحسب ما يقول منتقدون للسياسات المعتمدة حالياً. ويتساءل هؤلاء عما إذا كان ما يحدث عبارة عن لعبة بوجهين أو توزيع أدوار بين السياسيين والعسكريين.


مقالات ذات صلة

«حماس»: 20 قتيلاً في عملية أمنية ضد عصابات لصوص شاحنات المساعدات

المشرق العربي شاحنة مساعدات في رفح (د.ب.أ)

«حماس»: 20 قتيلاً في عملية أمنية ضد عصابات لصوص شاحنات المساعدات

أعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «حماس» في قطاع غزة اليوم الاثنين مقتل 20 شخصاً على الأقل من «عصابات لصوص شاحنات المساعدات».

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي مجلس الأمن الدولي يحذر من تردي الأوضاع في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مجلس الأمن الدولي يدعو لزيادة المساعدات المقدمة لغزة

دعت الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين إلى زيادة المساعدات التي تصل للمحتاجين في قطاع غزة وحذرت من تردي الأوضاع في القطاع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي نزوح سكان شمال غزة في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية (أ.ف.ب)

المنسق الأممي للسلام: الوضع في غزة «كارثي» مع بداية الشتاء ونزوح سكان الشمال

قال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند اليوم الاثنين إن الوضع في قطاع غزة «كارثي» مع بداية فصل الشتاء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو في الكنيست الاثنين (رويترز)

مساعد لنتنياهو يُشتبه بتسريبه وثائق «خطط للانتحار في المعتقل»

كشفت مصادر بإدارة مصلحة السجون عن أن كبير مستشاري بنيامين نتنياهو، إليعازر فلدشتاين، الذي تولى مهمة «المتحدث باسم رئيس الحكومة»، خطط للانتحار في زنزانته بالسجن.

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم العربي طائرة مقاتلة من طراز «إف 35» (رويترز)

دعوى فلسطينية تطالب بريطانيا بمنع تصدير قطع غيار طائرات «إف 35» لإسرائيل

قال محامو منظمة حقوقية فلسطينية لمحكمة في لندن، الاثنين، إن بريطانيا تسمح بتصدير قطع غيار طائرات «إف 35» المقاتلة إلى إسرائيل، وتقبل باحتمال استخدامها في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ظريف ينتقد دور نتنياهو في تعطيل الاتفاق النووي

ظريف يخاطب «اليهود في العالم» عبر فيديو نشره على حسابه في منصة «إكس»
ظريف يخاطب «اليهود في العالم» عبر فيديو نشره على حسابه في منصة «إكس»
TT

ظريف ينتقد دور نتنياهو في تعطيل الاتفاق النووي

ظريف يخاطب «اليهود في العالم» عبر فيديو نشره على حسابه في منصة «إكس»
ظريف يخاطب «اليهود في العالم» عبر فيديو نشره على حسابه في منصة «إكس»

انتقد محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدوره في تعطيل الاتفاق الدولي بشأن برنامج طهران النووي، وانسحاب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب من الاتفاق في 2018.

وأشار ظريف، في رسالة عبر الفيديو تخاطب «اليهود في العالم»، إلى أن إيران «كانت قد أسهمت في التوصل إلى اتفاق نووي متعدد الأطراف لحل الأزمة النووية بشكل سلمي، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عارض هذا الاتفاق ونجح في تعطيله».

وأضاف ظريف أن «الاتفاق كان من الممكن أن يكون أساساً لعصر جديد من السلام والتعاون الإقليمي»، لكنه أشار إلى أن إسرائيل وداعميها الغربيين «سحبوا هذه الفرصة التاريخية»، ما أدى إلى تصعيد التوترات في المنطقة.

وسحب دونالد ترمب بلاده من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، وفرض استراتيجية «الضغوط القصوى»، بهدف إجبار إيران على اتفاق جديد يتناول أنشطتها الإقليمية وبرنامجها الصاروخي.

وقبل انسحاب ترمب بأسبوعين، كشف نتنياهو، في مؤتمر صحافي، عن وثائق «الأرشيف النووي» الإيراني، معلناً عن عملية قام بها جهاز الموساد في طهران يناير (كانون الثاني) 2018، لمصادرة الأرشيف النووي الإيراني.

وحينها، اتهم نتنياهو إيران بإخفاء أنشطة ومواقع مرتبطة ببرنامج التسلح النووي الذي قالت طهران إنها تخلت عنه في 2003.