بينها «عزل مؤقت»... ما مسارات قضية «فساد» نتنياهو؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)
TT

بينها «عزل مؤقت»... ما مسارات قضية «فساد» نتنياهو؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)

بعد يوم من رد المحكمة المركزية في القدس لطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأجيل شهادته في المحكمة التي بدأت قبل أكثر من أربع سنوات وتتعلق باتهامه بـ«الفساد»، قالت مصادر في النيابة العامة إنها تقترب جداً من التقدم بطلب إخراجه إلى «عزل قسري مؤقت» من مهامه كرئيس حكومة.

وقالت هذه المصادر لوسائل إعلام عبرية، إن نتنياهو كان قد أعلن أمام المحكمة العليا، السنة الماضية، أنه يستطيع إدارة شؤون الدولة جنباً إلى جنب مع إدارة قضية دفاعه عن نفسه في «محاكمة الفساد».

وفي حينه رُفعت قضية من جمعية «طهارة الحكم» تطالب بعزله، وفق قانون «رئيس وزراء تحت لائحة اتهام»؛ لأنه «من غير الممكن أن يدير قضية كهذه وهو يتولى مسؤولية قيادة دولة في ظل التحديات»، وفق تقديرهم. لكن نتنياهو صرح أمام المحكمة، آنذاك، بأنه يستطيع إدارة الدولة تحت المحاكمة من دون مشكلة؛ لذلك قرر القضاة قبول حجته وإتاحة الفرصة له للاستمرار في عمله كرئيس حكومة. ولكن نتنياهو غيّر رأيه راهناً رغم أن إسرائيل تخوض حرباً قاسية، هي الأطول والأكثر تعقيداً بين حروب إسرائيل، وقال طاقم الدفاع عنه إنه بخلاف الوضع العادي، فلا يمكن إدارة الدولة في الحرب، جنباً إلى جنب مع إدارة المحاكمة؛ ولذلك تقدموا بطلب تأجيل الإدلاء بإفادته من 2 ديسمبر (كانون الأول) القادم إلى شهر فبراير (شباط) من السنة القادمة.

احتجاجات إسرائيلية أمام سكن نتنياهو ضد خطته بشأن القضاء في سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)

وتساءلت المصادر القريبة من أوساط النيابة العامة باستنكار: «إذا كان نتنياهو يعترف بذلك (أي صعوبة الجمع بين المحاكمة وإدارة الدولة)، فمن سيدير الدولة في الوقت الذي يدلي فيه بشهادته؟».

الاحتمالات الأربعة

وقرر القضاة، الأربعاء، رفض طلب نتنياهو تأجيل الإدلاء بإفادته، مؤكدين: «لم نقتنع بأنه طرأ تغيير جوهري كفيل بأن يبرر تغيير موعد الشهادة»، وقد أدخل هذا القرار نتنياهو في مأزق، وأصبحت أمامه أربعة احتمالات، كلها صعبة، هي:

  • أولاً: أن يتنازل عن الإدلاء بشهادة؛ فهذا من حق المتهم، غير أنه من ناحية قضائية يكون التنازل عن الشهادة في غير صالح المتهم، وهو أيضاً تفويت فرصة تقديم دفاع، وهذا سيقصّر المحاكمة ويُسيء لوضع نتنياهو القضائي، ويعرضه لخطر الإدانة.
  • ثانياً: مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يمكن الاستئناف على «قرار مرحلي» من ناحية قضائية، لكن في حالات شاذة يمكن رفع التماس إلى محكمة العدل العليا ضد «المركزية»، وحتى لو قررت محكمة العدل البحث في مثل هذا الالتماس، فمن شبه اليقين أنها ستضطر إلى رده؛ لأن طلب تأجيل شهادة نتنياهو كان طلباً هزيلاً للغاية من صفحة واحدة؛ إذ إن حججاً كثيرة كان يمكنه أن يطرحها في «المركزية» ولم يطرحها - لا يمكن طرحها لأول مرة في محكمة العدل العليا - وقد تنازل نتنياهو عن هذه الإمكانية، وأعلن أنه سيمتثل إلى الجلسة القادمة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث خلال مراسم تذكارية في أكتوبر الماضي (رويترز)

  • الاحتمال الثالث: يبدو عملياً للغاية من ناحية نتنياهو؛ إذ يمكن أن يتقدم إلى المحكمة بطلب إضافي، فيدعي بأنه في القانون توجد مادة بموجبها يمكن بدء «قضية الدفاع» في المرحلة الحالية بشهادات الدفاع، وليس شهادة المتهم. غير أنه كان لمثل هذه الخطوة أن تُقبل لو أنها طُرحت قبل رفض المحكمة التماس نتنياهو؛ فمسألة شهادته بُحثت منذ الآن، وتقرر أن يشهد في ديسمبر.
  • الإمكانية الرابعة: إمكانية عملية أخرى، وتتمثل في رفع طلب إلى المحكمة المركزية يقول إنه بعد أن «تقرر لنتنياهو أن يشهد لاعتبارات مصلحة الدولة يجب تغيير مواعيد الشهادة؛ بدلاً من أن تُجرى ثلاثة أيام في الأسبوع على مدى سبع ساعات كل يوم، تُجرى مثلاً مرة في الأسبوع ولثلاث ساعات فقط»، وهذا هو الطلب الوحيد الذي سيوافق القضاة على البحث فيه على الإطلاق، غير أن فرصه أيضاً ليست عالية؛ كون القضاة شددوا على أهمية الدفع قدماً بالمحاكمة، فتقليص مواعيد وأزمنة الشهادة سيطيل شهادة نتنياهو من شهرين إلى أكثر من نصف سنة. وما هو ممكن في هذه الحالة، هو أن يتفقوا على حل وسط.

ماذا في جعبة نتنياهو؟

لكنْ هناك خوف لدى مناوئي نتنياهو من أن يلتف على المحكمة، فيحضر الجلسة ويخبر القضاة بأن لديه اجتماعاً مع شخصية مهمة، أو يتذرع بحدث حربي استثنائي يضطره إلى دخول غرفة العمليات في قيادة الحرب، أو القول إن معلومات جديدة وصلت مفادها أن «حزب الله» أو غيره يريد اغتياله... فلا يكون أمامها سوى السماح له بذلك، وفي هذه الحالة يمطّ في حبل المحاكمة بقرار من المحكمة.

صورة بثها الإعلام الإسرائيلي لمنزل نتنياهو بعد تعرضه لمسيّرة أطلقها «حزب الله»

وتقول مصادر النيابة الإسرائيلية إن الاحتمال السابق «وارد جداً، وينطوي على خداع للمحكمة؛ ولذلك فلا بد من أن تتوجه من جديد بطلب لعزل نتنياهو عن الحكم حتى ولو بشكل مؤقت، يتم فيه تكليف وزير آخر يحل محله في رئاسة الحكومة، كما يحصل عندما يدخل إلى علاج في المستشفى، أو أن يسافر إلى الخارج».

وبحسب مصدر في النيابة، فإن قرار القضاة الجديد رفض إرجاء شهادة نتنياهو ذو مغزى كبير؛ إذ إنه لأول مرة يصبح موضوع «عجز رئيس الوزراء عن أداء مهامه»، متعلقاً باحتمالات حقيقية، ولشدة المفارقة بسبب حجج نتنياهو أساساً.


مقالات ذات صلة

«حماس»: جاهزون لاتفاق لوقف النار فوراً لكن لم نتلقّ أي مقترحات جادة من إسرائيل

العالم العربي حركة «حماس» تقول إنها جاهزة للتوصل فوراً إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)

«حماس»: جاهزون لاتفاق لوقف النار فوراً لكن لم نتلقّ أي مقترحات جادة من إسرائيل

قال القيادي في حركة «حماس»، باسم نعيم، لشبكة «سكاي نيوز»، الخميس، إن الحركة جاهزة للتوصل فوراً إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية نتنياهو يزعم أن التهم ضده ملفقة في حملة تقودها الشرطة والنيابة العامة (أ.ف.ب)

المحكمة ترد طلب نتنياهو تأجيل محاكمته... وعليه المثول أمامها بداية الشهر المقبل

بدأت محاكمة بنيامين نتنياهو منذ أكثر من 4 سنوات، في ملفات عدة، وهو متهم بالاحتيال وخيانة الأمانة في قضيتين والرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في قضية ثالثة.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في 8 يونيو 2024 (د.ب.أ)

محكمة إسرائيلية ترفض طلب نتنياهو تأجيل الإدلاء بشهادته في محاكمته المرتبطة بقضايا فساد

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم (الأربعاء)، أن محكمة في القدس رفضت طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأجيل الإدلاء بشهادته في محاكمته بقضايا فساد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

إسرائيل تدفع بـ«خطة الضم»... وتنديد واسع

دفعت إسرائيل قدماً بخططها لضم مستوطنات يهودية في الضفة الغربية إلى سيادتها، مراهنة على وجود إدارة جديدة مساندة لها في البيت الأبيض بداية العام المقبل.

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في قاعدة كرياه العسكرية في تل أبيب بإسرائيل في 28 أكتوبر 2023 (رويترز)

نتنياهو للإيرانيين: نظام خامنئي يخشاكم أكثر من إسرائيل

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، في رسالة مباشرة للإيرانيين، إن نظام المرشد الإيراني علي خامنئي يخشى الشعب الإيراني أكثر من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

واشنطن تنتظر تغييراً في «سلوك» إيران بعد تصريحات بزشكيان بشأن النووي

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل (رويترز)
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل (رويترز)
TT

واشنطن تنتظر تغييراً في «سلوك» إيران بعد تصريحات بزشكيان بشأن النووي

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل (رويترز)
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل (رويترز)

أكدت الولايات المتحدة، اليوم الخميس، أنها تنتظر تغييراً في «سلوك» طهران لا مجرد أقوال، بعدما أعرب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عن رغبة بلاده في «إزالة الغموض والشكوك» بشأن برنامجها النووي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل: «في نهاية المطاف، ما نريد أن نراه من إيران هو تغيير فعلي في السلوك والخطوات، لا مجرد مؤشرات أو تلميحات إلى أمر ما».

وأضاف للصحافيين: «نريد ضمان ألا تمتلك إيران أبداً سلاحاً نووياً، وسنواصل استخدام مجموعة متنوعة من الأدوات لتحقيق هذا الهدف، وكل الخيارات مطروحة على الطاولة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأدلى بزشكيان بتصريحاته خلال استقباله المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران، في وقت سابق الخميس، والتي تأتي قبيل أسابيع من عودة الجمهوري دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وقال بزشكيان: «نحن مستعدون للتعاون والتقارب مع هذه المنظمة الدولية من أجل إزالة جوانب الغموض والشكوك المزعومة حول الأنشطة النووية السلمية لبلادنا»، وفق الرئاسة الإيرانية.

وسعى ترمب خلال ولايته الأولى إلى ممارسة «ضغوط قصوى» على إيران وانسحب من الاتفاق النووي الذي أُبرم خلال ولاية سلفه باراك أوباما، رغم إعلانه مؤخراً انفتاحه على مسار دبلوماسي مع طهران.

وصعدت إسرائيل من ضغوطها على إيران، بما في ذلك من خلال الضربات العسكرية المباشرة، حيث حذّر وزير الدفاع يسرائيل كاتس مؤخراً من أن إيران «أكثر عرضة من أي وقت مضى لضربات على منشآتها النووية».