الشتاء يفاقم معاناة النازحين في لبنان

مع نقص المستلزمات الأساسية من الثياب والتدفئة

نازحون لجأوا إلى دير الأحمر من بعلبك بعد اشتداد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
نازحون لجأوا إلى دير الأحمر من بعلبك بعد اشتداد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

الشتاء يفاقم معاناة النازحين في لبنان

نازحون لجأوا إلى دير الأحمر من بعلبك بعد اشتداد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
نازحون لجأوا إلى دير الأحمر من بعلبك بعد اشتداد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

تتفاقم معاناة النازحين، كلما انخفضت درجات الحرارة أكثر؛ إذ إن غالبية مراكز الإيواء، تفتقد للوازم التدفئة الضروريّة من أجل مواجهة الطقس البارد في لبنان، لا سيّما المدفأة، في حين تتوافر في بعض المراكز مستلزمات أساسية مثل البطانيات والسجاد والملابس الشتوية.

تقول زينة، النازحة إلى مدرسة الشالوحي الرسميّة في قرية دار بعشتار (الكورة شمال لبنان): «أصبح البرد قاسياً؛ ما أصابني أنا وابني البالغ سنتين من العمر بالرشح، وأنا حامل في شهري السابع. لا تدفئة لدينا ولا ملابس شتوية ولا سجاد نفترش به الأرض، وأغطية الشتاء التي أحضرتها لنا وزارة الشؤون رقيقة ولا تفي بالغرض».

لم نعتد طقساً مشابهاً

وتتحدث زينة عن الاختلاف بالطقس بين الجنوب والشمال قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «لم نتأقلم بعد مع مثل هذا الطقس؛ ففي مدينتي النبطية لم نعتد طقساً مشابهاً، عادة ما تكون درجات الحرارة مقبولة، الآن تتدنى الحرارة إلى حدود الـ15 درجة. والأسوأ أنه حين نزحنا لم نحضر معنا ثياباً سميكة، كان الطقس حاراً».

ومع الأزمة المادية التي يعانيها معظم النازحين بسبب توقف معظمهم عن العمل، تقول زينة: «خرجنا من منازلنا قبل 40 يوماً صرفنا كل الأموال التي كانت بحوزتنا، ولا يمكننا العمل، فمن أين سنأتي بالمال؟».

وعن الأيام المقبلة ودخول فصل الشتاء واشتداد البرد، تقول: «نحن الكبار يمكن أن نتحمل، لكن كل الخوف على الأطفال، كيف يمكن أن نحميهم؟ يقولون لنا إن الأمر سيحل، وبأنه سيتمّ منحنا مستلزمات تقينا هذا البرد، لكن حتّى الساعة، لم يحضروا لنا أيّ شيء. وُعدنا بإحضار السجاد، لكن لا نزال ننتظر».

المعاناة واحدة

ومثل زينة نازحون كثر، يعانون اليوم برد الشتاء القارس، الذي زاد هماً إضافياً على همومهم الأساسيّة، لا سيّما وأن غالبيّة المراكز غير مجهزة بما يحتاج إليه الناس في فصل الشتاء، ومن توافر لديهم وسائل التدفئة الأساسية، لم تتوفر مادتا المازوت والحطب من أجل تشغيلها.

يقول هاني، وهو نازح إلى أحد مراكز عين عنوب (قضاء عاليه) لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا صوبة (مدفأة) في كل غرفة داخل المدرسة، تمّ فحصها بالأمس وتسجيل الأسماء من أجل دعمنا بأموال لشراء المازوت، لكننا لا نعلم إن كان سيحصل ذلك أم لا».

ويضيف: «هي خطوة مهمة للغاية، نتمنى أن تكتمل ويتمّ تأمين اللازم؛ فالحرارة منخفضة جداً هنا، تصبح في الليل 10 درجات، لكنها تعود وترتفع قليلاً خلال ساعات النهار، فنتفقد الشمس ونلاحقها».

وعما يملكه النازحون في المركز راهناً، يقول: «لا نملك سوى بطانيات جيدة نوعاً ما، لكن السجاد غير متوفر ولا نملك ثياباً مناسبة لمثل هذا الطقس الشديد البرودة».

لا نرغب في ترك لبنان

في عاصمة الشمال طرابلس، «لا يزال الطقس مقبولاً»، حسبما تقول جيهان، وهي لبنانية - فرنسية نزحت من منطقة الحوش في صور (جنوب لبنان).

وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «نزحت أنا وأمي وأبي، منذ اليوم الأول للعدوان من الحوش إلى أحد مراكز الإيواء في صور وبقيت 9 أيام هناك، انتقلنا بعدها إلى هنا، حيث نقيم في مركز المسرح الوطني اللبناني في طرابلس منذ شهر تقريباً».

وعن العيش في المسرح تقول: «لدينا بعض المستلزمات التي تكفينا راهناً؛ كون الطقس لم يتحول بعد شديد البرودة، لكن أعتقد أننا سنحتاج إلى مدفأة في وقت قريب»، وتختم: «كان يمكن لي أن أنتقل للعيش في فرنسا، وكثر مثلي، لكني وعائلتي، لا نرغب في ترك لبنان، كما أن كلفة العيش هناك مرتفعة وخارجة عن مقدورنا راهناً».

في بيروت : الطقس مقبول والخوف من الغرق بالمياه

وهكذا، يختلف الحال كلما اقتربنا من الساحل، فبيروت لا يزال الطقس فيها مقبولاً، علماً أن غرق الشوارع وطوفانها ودخول المياه إلى مراكز الإيواء، يشكل قلقاً لدى كثيرين.

«حتّى الآن لم نغرق بالمياه والبرد مقبول، يمكن لنا أن نرتدي ملابس سميكة وتحل المشكلة»، يقول محمد، نازح إلى مدرسة راهبات المحبة في منطقة كليمنصو (بيروت) لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «لكننا نعاني أزمة عدم توافر المياه الساخنة في الحمامات، بدأنا نلتمس أثرها أكثر خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب تبدل الطقس وتدني الحرارة، تضاف إلى أزمة انقطاع الكهرباء شبه الدائم، والعتمة التي تطغى على حياتنا ليلاً، إذ تتوفر التغذية الكهربائيّة في الفترة الممتدة من الساعة الـ6 وحتّى الـ10 ليلاً ليس أكثر، وكذلك الازدحام في الغرف؛ إذ تعيش 4 عائلات في غرفة واحدة».

مع العلم أن اللبنانيين يعيشون أساساً ظروفاً صعبة داخل مراكز الإيواء، وهو ما يتحدث عنه محمد قائلاً: «تنقصنا الكثير من المستلزمات المعيشية، التدفئة ليست سوى واحدة منها. لكن بالطبع هناك خوف من أن يبرد الطقس أكثر، ونكون بلا تدفئة في الأيام المقبلة».

نازحة لبنانية تقيم في مركز إيواء مؤقت بالعازارية بوسط بيروت (إ.ب.أ)

سعي لتأمين التدفئة والمازوت

ويشتكي رؤساء المراكز، الذين تتوافر لديهم تدفئة مركزية، من عدم توافر مادة المازوت، يقول رئيس مركز ثانوية برالياس الرسميّة محمد شاهين لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا تدفئة مركزية هنا، المدرسة مجهزة لهذه الغاية، لكن نريد مادة المازوت لتشغيلها، ولم توفر لنا أيّ جمعية مساعدة بهذا الخصوص، علماً أننا دخلنا شهر نوفمبر (تشرين الثاني) ولم يلتفت أحد إلى هذا الموضوع، رغم طلبنا المتكرر له».

وفي المركز، حيث لجأ 139 شخصاً منذ أن اشتد القصف على مناطق عدّة في البقاع، يقول شاهين: «هؤلاء جميعهم يحتاجون أيضاً إلى البطانيات والملابس الشتوية، لا سيّما لتغطية وتعويض غياب التدفئة لدينا. لكن ليس باليد حيلة، كل رئيس مركز هنا يسعى لتوفير حاجيات الناس بالمتاح والمتوفر الذي تقدمه الجمعيات والمانحين ليس أكثر، وحتّى الساعة الجمعيات شبه غائبة عن مسألة التدفئة».

وفي جبيل (شمال محافظة جبل لبنان)، وتحديداً مركز جمعية المبرات الخيرية، وهو الأكبر في منطقتي جبيل وكسروان، يقول مدير المدرسة (المركز) محمد سليم لـ«الشرق الأوسط»: «إلى الآن لسنا في حاجة ماسة إلى التدفئة، لكننا نسعى مع أهل الخير من أجل تأمينها كونها ستكون ضرورة عندما يشتد البرد، خصوصاً في القاعات الكبرى، التي لا تتوافر فيها المدفأة».

ويضيف: «لدينا 330 شخصاً، من بينهم ما يقارب 70 طفلاً، تتكفل جمعيات أهلية بتأمين احتياجاتهم الأساسية». واللافت هنا، أن المدرسة نجحت في تجربة فصل الطلاب عن النازحين، في مبانٍ مختلفة، وبدء العام الدراسيّ، حضورياً وعبر الإنترنت.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
يوميات الشرق يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)

«النجوم تلمع أملاً» من أجل فنان لبنان المُلقى في النسيان

3 عقود في الإعلام والحوارات، جعلت اسم ريكاردو كرم اختزالاً للصدقية والشفافية. وبالتحاق الشغف والمحبة بالفضيلتَيْن المتراكمتَيْن، يضمن التجاوب وحماسة الخيِّرين.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رجل ينصب شجرة عيد الميلاد وسط أنقاض كنيسة ضربتها غارة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: لبنان بدأت «رحلة التعافي الشاقة» وإعادة البناء

قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، الجمعة، إن رحلة التعافي الشاقة وإعادة البناء في لبنان قد بدأت، مشيرة إلى استمرار وقوف الأمم المتحدة إلى جانب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
TT

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

أخذت الاشتباكات الداخلية الفلسطينية في مخيم جنين بمدينة جنين شمال الضفة الغربية، منحى خطيراً، بعدما قتل مسلحون عنصراً في الحرس الرئاسي الفلسطيني، وأصابوا ضحايا آخرين في هجوم داخل المخيم، ما يذكّر بفترة الاقتتال الداخلي في قطاع غزة الذي راح ضحيته مئات الفلسطينيين برصاص فلسطيني.

وقتل مسلحون في المخيم في اشتباكات ضارية، الأحد، مساعد أول، ساهر فاروق جمعة أرحيل، أحد عناصر الحرس الرئاسي، وأصابوا 2 آخرين، في ذروة المواجهات التي تشتد يوماً بعد يوم، كلما تعمّقت السلطة داخل المخيم الذي تحول منذ سنوات الانتفاضة الثانية إلى مركز للمسلحين الفلسطينيين، ورمزاً للمقاومة والصمود.

وتستخدم السلطة قوات مدربة وآليات مجهزة ومدرعات مسلحة برشاشات وأسلحة حديثة وكلاباً بوليسية لكشف المتفجرات وقناصة، بينما يستخدم المسلحون أسلحة رشاشة وعبوات ناسفة وسيارات مفخخة، في مشهد لا يحبّذه الفلسطينيون، ويُشعرهم بالأسوأ.

 

آثار طلقات نار على برج مراقبة تابع للسلطة الفلسطينية بعد الاشتباكات بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين في مخيم جنين (د.ب.أ)

«رفض الانفلات»

شدد مسؤولون في حركة «فتح» على أهمية الوحدة الوطنية، وتجنُّب الفتن وضرب السلم الأهلي. وقال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح إن الوحدة الوطنية والتماسك الشعبي ضروريان لمواجهة مخططات الاحتلال وكل الأجندات الخارجية، داعياً الفلسطينيين إلى الابتعاد عن الفتن، وحماية المشروع الوطني الفلسطيني من التهديد الوجودي لشعبنا فوق أرض وطنه. ودعا عضو مجلس ثوري «فتح» عبد الله كميل «الجميع إلى اتخاذ موقف وطني مشرِّف في رفض الانفلات». وحذر عضو مجلس ثوري «فتح» تيسير نصر الله من استمرار الجهات الخارجة على القانون في ضرب السلم الأهلي، واتهم آخرون الجماعات المسلحة بمحاولة تنفيذ انقلاب في مناطق السلطة.

وبدأت السلطة قبل أكثر من أسبوعين عملية واسعة في جنين ضد مسلحين في المخيم الشهير، في بداية تحرُّك هو الأقوى والأوسع من سنوات طويلة، ويُفترض أن يطول مناطق أخرى، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة. وأكد الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب، الأحد، أن الأجهزة الأمنية ستُطبِّق القانون في مختلف أنحاء المحافظات الشمالية (الضفة الغربية)، وستلاحق الخارجين على القانون، لفرض النظام والأمن. ونعى رجب، خلال لقاء مفتوح مع عدد من الإعلاميين والصحافيين، في جنين المساعد أول أرحيل الذي قُتل في جنين، وقال إن قتله لن يزيد السلطة إلا إصراراً على على ملاحقة الخارجين على القانون. ووصف رجب قتلة عنصر الأمن بأنهم فئة ضالة، يتبعون جهات لم تجلب لفلسطين إلا الدمار والخراب والقتل، حيث وظفتهم لخدمة مصالحها وأجندتها الحزبية. وأضاف: «نحن مستمرون، ولا نلتفت إلى إسرائيل وأميركا والمحاور ولا للشائعات. ماضون ودون هواة حتى فرض السيادة على كل سنتيمتر تحت ولاية السلطة».

وجاءت تصريحات رجب لتأكيد خطاب بدأته السلطة قبل العملية، باعتبار المسلحين داخل المخيم وكثير منهم يتبع حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» «متطرفين وداعشيين يتبعون أجندات خارجية»، لكن المسلحين ينفون ذلك، ويقولون إنهم «مقاتلون ضد إسرائيل»، ولذلك تريد السلطة كبح جماحهم باعتبارها «متعاونة مع إسرائيل». وقتلت السلطة خلال العملية مسلحين، واعتقلت آخرين، بينما تواجه سيلاً من الاتهامات «بالاستقواء على المسلحين، بدلاً من إسرائيل ومستوطنيها».

وتجري الاشتباكات في حارات وشوارع المخيم وعبر القناصة على أسطح المنازل، ما حوّل المخيم إلى ساحة قتال حقيقي.

وأطلقت السلطة حملتها على قاعدة أن ثمة مخططاً لنشر الفوضى في الضفة الغربية وصولاً إلى تقويض السلطة، وإعادة احتلال المنطقة. وخلال عام الحرب على غزة، هاجمت الرئاسة وحركة «فتح»، إيران أكثر من مرة، واتهمتها بالتدخل في الشأن الفلسطيني، ومحاولة جلب حروب وفتن وفوضى.

تأثير التطورات في سوريا

بدأت الحملة الفلسطينية في جنين بعد أيام من تحذيرات إسرائيلية من احتمال تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، تحت تأثير التطورات الحاصلة في سوريا (انهيار نظام الأسد) ضمن وضع تعرفه الأجهزة بأنه «تدحرج حجارة الدومينو». وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) أمر شخصياً بتنفيذ العملية الواسعة، بعد سقوط النظام في سوريا. وبحسب «تايمز أوف إسرائيل»، أدركت السلطة الفلسطينية أن مشهد سيارات التندر وبنادق «الكلاشينكوف» التي خرجت من إدلب ودخلت دمشق بعد أيام يمكن أن ينعكس بشكل خطير على الوضع في الضفة الغربية.

وتعد إسرائيل ما يحدث في جنين «اختباراً مهماً لعباس»، ويقولون إنه يعكس كذلك قدرة السلطة على حكم قطاع غزة المعقّد في وقت لاحق. وقال مسؤول أمني إسرائيلي: «كل دول المنطقة والمنظمات الإرهابية تنظر إلى جنين. إذا لم يتمكن أبو مازن من التغلب على 50 مسلحاً في جنين، فسيكون هناك من سيقول دعونا نقم بانقلاب. الوضع خطير الآن».

ونشر الجيش الإسرائيلي قبل أيام قليلة، قوات قائلاً إنه يدعم توصيات سياسية بتقوية السلطة. وقال مسؤولون إن الجيش الإسرائيلي يدعم الجهود الرامية إلى زيادة التنسيق والتعاون مع السلطة الفلسطينية، ويأمل الجيش في تشجيع السلطة الفلسطينية على مواصلة تنفيذ عمليتها في جنين وفي مناطق أخرى في الضفة، لكن السلطة الفلسطينية ترفض ربط العملية في جنين، بأي توجيهات إسرائيلية أو أميركية، أو أي مصالح مشتركة.

«حملة فلسطينية خالصة»

قال رجب إن الطلبات الأميركية بدعم السلطة قديمة، وهو حق مشروع وليس مرتبطا أبداً بما يجري في جنين. وأضاف أن حملة «حماية وطن» التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في جنين ومخيمها، هي فلسطينية خالصة، وتستند إلى رؤية أمنية وسياسية فلسطينية، لحماية مصالح شعبنا وقضيتنا الوطنية. وتابع: «ندرك التحولات في المنطقة وما يشهده قطاع غزة من حرب إبادة إسرائيلية، ومحاولة إعادة رسم الوضع الجغرافي والديموغرافي في القطاع بما يخدم الاحتلال، ومن هنا كانت رؤية القيادة لعدم الوصول إلى ما يريده الاحتلال من جرِّنا لمربع المواجهة الشاملة، وهو ما يستدعي فرض النظام والقانون، وبسط السيادة الفلسطينية».