صراع على الأغلبية في الكونغرس تزامناً مع السباق الرئاسي

الانتخابات التشريعية ترسم ملامح المرحلة المقبلة

بدء الانتخابات المبكرة في ولايات أميركية عدة (أ.ف.ب)
بدء الانتخابات المبكرة في ولايات أميركية عدة (أ.ف.ب)
TT

صراع على الأغلبية في الكونغرس تزامناً مع السباق الرئاسي

بدء الانتخابات المبكرة في ولايات أميركية عدة (أ.ف.ب)
بدء الانتخابات المبكرة في ولايات أميركية عدة (أ.ف.ب)

بينما تتركز الأنظار على الانتخابات الرئاسية التي تشهدها الولايات المتحدة في ظل المنافسة المحتدمة بين المرشح الجمهوري دونالد ترمب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس، يدور أيضاً سباق لا يقل أهمية وهو الاقتراع التشريعي لانتزاع الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب. فهذه الأغلبية ستحكم العلاقة بين البيت الأبيض والكونغرس، ليس على الصعيد الداخلي فحسب، حيث يتمتع المجلس التشريعي بصلاحيات واسعة، بل على الساحة الدولية كذلك؛ نظراً لدور السلطة التشريعية الأساسي في تسهيل أجندة الرئيس أو عرقلتها. حالياً، يتمتع الديمقراطيون بأغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ، وهم يحاولون الدفاع عنها بشراسة، فيما يتمتع الجمهوريون بأغلبية في مجلس النواب ويسعون للاحتفاظ بها، لكن أرقام الاستطلاعات أظهرت في الأيام الماضية سيناريو لم يحدث من قبل في التاريخ الأميركي: يقلب الحزبان المعادلة في كل مجلس على حدة، فينتزع الديمقراطيون الأغلبية في مجلس النواب، والجمهوريون الأغلبية في مجلس الشيوخ. وفي حال حصل ذلك، ستكون هذه المرة الأولى منذ 230 عاماً التي تشهد انقلاباً في الأغلبية الحزبية في المجلسين في الوقت نفسه.

مجلس النواب

رئيس مجلس النواب مايك جونسون في حدث انتخابي لترمب بنيويورك 27 أكتوبر (رويترز)

في هذا المجلس «الأدنى» المسؤول عن «قوة المحفظة»، أي سلطة البدء بمناقشة القوانين المالية وإقرارها، وحيث تبدأ إجراءات العزل التي عاشها ترمب مرتين في عهده، يخوض كل الأعضاء الـ435 السباق الانتخابي كل عامين، إذ إن ولاية كل نائب عامان فقط.

هذا العام، يتعين على الديمقراطيين الفوز بـ4 مقاعد فقط لضمان الأغلبية، إذ يتمتع الجمهوريون بـ220 مقعداً مقابل 212 للديمقراطيين في دورة المجلس الحالية. وفي ظل التنافس الشرس على 34 مقعداً قابلاً للخسارة، تتوجه الأنظار إلى ولاية نيويورك، حيث يأمل الديمقراطيون انتزاع 4 مقاعد من الجمهوريين في مقاطعات باتت تميل إليهم. ويقول البعض إن هذه من الأسباب التي دفعت ترمب إلى عقد نشاط انتخابي حافل في «الولاية الزرقاء» بامتياز، وهناك تباهى الرئيس السابق بأن لديه «سراً» سيساعد الجمهوريين على القيام بعمل جيد في مجلس النواب، من دون تحديد هذا السر. وقال لحشد كبير من مناصريه: «يجب أن نحرص على انتخاب النواب وأعضاء مجلس الشيوخ، فنحن سنتمكن من انتزاع الأغلبية في الشيوخ بسهولة، وأعتقد أنه بواسطة سرنا الصغير، سنقوم بعمل جيد في مجلس النواب... سرنا الصغير سيكون له تأثير كبير...».

بين الحضور، جلس رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون الناشط في دعم ترمب ومرافقته في أنشطته الانتخابية. وهو بدوره، أكد أهمية الفوز بالمقاعد الصعبة في نيويورك لإبقاء المجلس تحت سيطرة حزبه قائلاً للحشود في الولاية إن «مجلس النواب كان الحاجز الوحيد في واشنطن بين تشاك شومر والديمقراطيين في الشيوخ وكامالا هاريس وجو بايدن والشعب الأميركي...»، وذلك في إشارة إلى التوازن القائم بسبب الأغلبية التي يتمتع بها الجمهوريون في النواب مقابل أغلبية الديمقراطيين في الشيوخ.

مجلس الشيوخ

زعيم الأغلبية الديمقراطية السيناتور تشاك شومر في «حفل عشاء سميث» السنوي بنيويورك 17 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

في هذا المجلس «الأعلى» المعني بالمصادقة على كل التعيينات الرئاسية، وإقرار المعاهدات الدولية، و«خلع» الرؤساء في حال عزلهم في النواب، يخوض ثلث أعضاء المجلس المؤلف من 100 سيناتور السباق الانتخابي كل عامين، ففترة خدمة كل عضو في مجلس الشيوخ 6 أعوام، وهذا العام يحتاج الجمهوريون إلى انتزاع مقعد واحد فقط من الديمقراطيين في حال كان نائب الرئيس، الذي يخدم رئيساً للمجلس، جمهورياً، أو مقعدين في حال وصول ديمقراطي إلى مقعد نائب الرئيس الأميركي.

حالياً، يتمتع الديمقراطيون بالأغلبية بفضل المستقلين الـ3 الذين يُصوّتون معهم، إذ لديهم 51 صوتاً مقابل 49 للجمهوريين، ويعد صوت نائبة الرئيس كامالا هاريس الفاصل؛ نظراً لأنها رئيسة مجلس الشيوخ بحكم الدستور.

وحتى قبل الاقتراع، بدا أن الجمهوريين سينتزعون مقعدين بسهولة، في ولايتي مونتانا، حيث يواجه الديمقراطي الحالي جون تيستر سباقاً حامياً مع الجمهوري تيم شيهي، وفيرجينيا التي يُرجح أن تنقلب إلى «اللون الأحمر» بعد تقاعد السيناتور الديمقراطي المعتدل سابقاً، والمستقل حالياً جو مانشين. وهناك أيضاً أمام الجمهوريين فرصة انتزاع مقعد الديمقراطي شارود براون في ولاية أوهايو التي فاز بها ترمب مرتين. وبالإضافة إلى ذلك، يتمتع الحزب بفرص قلب المعادلة في ولايات: أريزونا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكنسن التي فاز بها ترمب في عام 2016.

ووفق «موقع 538» المعني بجمع الاستطلاعات الوطنية، فإن لدى الجمهوريين فرصة بنسبة 88 في المائة لانتزاع الأغلبية في الشيوخ، مقابل 12 في المائة فقط للديمقراطيين. ويشرح الموقع هذا التقييم بالتركيز على ولايتي ويسكنسن وأوهايو، حيث تشير الأرقام إلى أن حظوظ الجمهوريين مرتفعة بانتزاع المقعدين الديمقراطيين هناك.


مقالات ذات صلة

سيناتور أميركي «قلق للغاية» حيال حقوق الإنسان في عهد ترمب

الولايات المتحدة​ السيناتور الديمقراطي بن كاردين (رويترز)

سيناتور أميركي «قلق للغاية» حيال حقوق الإنسان في عهد ترمب

قال السيناتور الديمقراطي بن كاردين، إنه يشعر بالقلق حيال تراجع الاهتمام بملف حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، خلال الفترة الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الكونغرس الأميركي في واشنطن (أ.ف.ب)

أميركا تتجنب الإغلاق الحكومي بعد «مفاوضات ماراثونية» في الكونغرس

تجنّبت الولايات المتحدة إغلاقاً حكومياً بمصادقة مجلس الشيوخ في وقت مبكر، السبت، على مشروع قانون لتمويل الوكالات الفيدرالية حتى منتصف مارس (آذار).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز) play-circle 02:04

لغز المسيّرات الغامضة يربك أميركا

دحضت الإدارة الأميركية نظريات عدة حول «المسيّرات المجهولة»، وسعت جاهدة لاحتواء «الهستيريا» المحيطة بها في غياب أي تفسير لهذه الظاهرة.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيس مجلس النواب مايك جونسون متحدثاً للصحافة خارج مجلس النواب في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)

الخلافات تتفاقم داخل الكونغرس قبل ساعات من الإغلاق الحكومي

كشف تهديد الإغلاق الحكومي حجم الخلافات الجمهورية في مجلس النواب الأميركي، كما سلط الضوء على نفوذ الملياردير صاحب منصة «إكس» إيلون ماسك، على القرارات التشريعية.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ النائبة السابقة ليز تشيني خلال جلسة استماع للجنة التحقيق في هجوم 6 يناير 2021 على مبنى «الكابيتول» في واشنطن (أ.ب)

ترمب يهاجم ليز تشيني... والجمهوريون يهيئون الطريق لمحاكمتها

فيما بدا أنه استجابة لرغبة الرئيس المنتخب دونالد ترمب بالانتقام، أوصى نواب جمهوريون بمحاكمة زميلتهم السابقة ليز تشيني لدورها في تحقيقات الهجوم على «الكابيتول».

علي بردى (واشنطن)

ترمب يرسل التهنئة لـ«اليساريين المجانين» ويطالب بضم كندا

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يرسل التهنئة لـ«اليساريين المجانين» ويطالب بضم كندا

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

وجّه الرئيس الأميركي جو بايدن وخليفته دونالد ترمب، الأربعاء، رسائل متناقضة بمناسبة عيد الميلاد، ففي حين تمنى الأول عطلة سعيدة للأميركيين، ركّز ترمب على أفكار طرحها مؤخراً بينها ضم كندا والسيطرة على قناة بنما وشراء غرينلاند.

وأمضى ترمب يوم الميلاد في كتابة منشورات، على موقعه الإلكتروني «تروث سوشيال»، بلغ عددها نحو ثلاثين، وخصّ بالتهنئة بالعيد في إحداها «اليساريين المتطرفين المجانين الذين يحاولون باستمرار عرقلة نظام محاكمنا وانتخاباتنا»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وجاء فوز الجمهوريين في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) على خلفية استقطاب سياسي متزايد يقسم الأميركيين، وقد استغل ترمب ذلك في منشوراته.

ونشر ترمب صورة تظهره على أنه «رجل العام الوطني»، وأخرى يسخر فيها من الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وشملت منشوراته مقالات أشادت باختياراته الوزارية ورغبته في شراء غرينلاند وتذمره من الرسوم التي تدفعها السفن الأميركية خلال عبورها قناة بنما.

ومرة أخرى، وصف ترمب رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو بأنه «حاكم» كندا، قائلاً إنه في حال أصبحت كندا «ولايتنا رقم 51، فإن ضرائبها سوف تنخفض بأكثر من 60%» و«سوف تتضاعف أعمالها على الفور».

كما كرر ترمب مطالبته بسيطرة الولايات المتحدة على قناة بنما، مشيراً إلى أن الصين تمارس نفوذاً «غير قانوني» على الممر المائي المهم، بينما واشنطن تصرف مليارات الدولارات على «صيانة» القناة، دون أن يكون بإمكانها التدخل في «أي شيء» على الإطلاق.

وفي منشور، أعلن عن اختياره كيفن مارينو كابريرا سفيراً لدى بنما، «الدولة على قناة بنما التي تنهبنا أكثر مما يمكن أن تحلم به».