​عمالقة التكنولوجيا يتنافسون على كسب ود ترمب

في إشارة إلى احتمال عودته للبيت الأبيض

إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)
إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)
TT

​عمالقة التكنولوجيا يتنافسون على كسب ود ترمب

إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)
إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

مشاركة الأغنياء وكبار رجال الأعمال في دعم مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ليست ظاهرة جديدة أو غريبة في الانتخابات الأميركية، وغالباً ما كانت تعبّر عن طموحات، إما سياسية أو خدمة لأعمالهم، حيث شهدت الإدارات الجديدة انضمام شخصيات منهم إلى الحكومة.

حتى وقت قريب، كان من السيئ للغاية بالنسبة للشخصيات العامة الناجحة أن تعلن عن المرشحين المفضلين بشكل واضح للغاية، أو التعبير عن مصالحهم. غير أنه مع سباق متقارب بشكل حاد، مثل الذي تشهده انتخابات هذا العام، بين المرشح الجمهوري دونالد ترمب ومنافسته الديمقراطية كمالا هاريس، كان لافتاً أيضاً حجم الانزياح الذي طرأ على تموضع بعض كبار أصحاب الملايين، خصوصاً من عمالقة التكنولوجيا. ومع تحول صناعاتهم إلى عنصر أساسي في الصناعات العسكرية، بدا أن مخاوفهم من احتمال خسارة العقود المجزية مع الحكومة الأميركية، قد لعبت دوراً أساسياً في تغيير دعمهم لطرفي السباق.

الملياردير جيف بيزوس (رويترز)

ماسك يدعم ترمب

هذا العام، انحاز إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، وصاحب أكبر شركة خاصة للصواريخ الفضائية ورئيس شركة «تسلا» للسيارات الكهربائية، إلى ترمب، متخلياً عن دعمه للديمقراطيين. وتحوّل إلى أكبر متبرع لحملته ومشارك رئيسي في أنشطته الانتخابية، موظفاً منصة «إكس» التي يملكها وحسابه فيها الذي يتابعه الملايين، للترويج له. في المقابل لم يخف ترمب وعده لماسك بمنصب حكومي كبير في حال فوزه.

ومع تاريخه الطويل في الترويج لمعلومات كاذبة ومضللة حول الانتخابات، يطبق ماسك رهانه على «الفوز بكل شيء أو لا شيء». حتى أنه باشر في الترويج المبكر للتشكيك بنزاهة الانتخابات في حال خسر ترمب السباق. وفي الأيام الأخيرة قبل الانتخابات في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدر سلسلة من التوقعات السياسية، استناداً إلى ما عدّه أداءً قوياً للجمهوريين في بيانات المشاركة المبكرة في التصويت. وقال إن ترمب «يتجه نحو نصر ساحق» في بنسلفانيا وحتى الولايات المتأرجحة السبع كلها، وإن على هاريس أن تقلق من خسارة نيوجيرسي وفرجينيا أيضاً.

باتريك سون شيونغ (أ.ب)

وهو ما أثار مخاوف كثير من الخبراء الذين حذروا من أن توقعات ماسك «غير المبنية على أرقام حقيقية»، قد تؤدي في ولايات متقاربة، إلى تحفيز أنصار ترمب المتحمسين للتشكيك في شرعية النتائج إذا خسر السباق.

بيزوس يعيد حساباته

لكن ماسك لم يكن وحيداً في تغيير دعمه، فقد انضم إليه، عملياً، جيف بيزوس رئيس شركة «أمازون»، ومالك صحيفة «واشنطن بوست»، وباتريك سون شيونغ قطب الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية، ومالك صحيفة «لوس أنجليس تايمز». ورغم أنهما لم يعلنا دعمهما لترمب، فإنهما أعلنا أن صحيفتيهما لن تدعما أي مرشح رئاسي هذا العام.

مقر «واشنطن بوست» (أ.ب)

لكن ترمب لم ير موقفهما على هذا النحو. وقال في تجمع انتخابي في ولاية نورث كارولاينا، مؤخراً، إن عدم تأييد الصحف هو في الواقع موافقة على حملته. وقال: «(واشنطن بوست) و(لوس أنجليس تايمز) وغيرهما من الصحف لا تؤيد أي شخص. أنت تعرف ما تقوله هذه الصحف حقاً، تقول إن هذا الديمقراطي ليس جيداً. هم ليسوا جيدين. وتعتقد بأنني أقوم بعمل رائع. إنها لا تريد قول ذلك فقط». وأضاف: «(واشنطن بوست)، و(يو إس إيه توداي)، تهانينا. سمعت للتو أن (يو إس إيه توداي) لم تؤيد. قالت إنها لن نؤيد. وهذا يعني أنها تعتقد بأنها ليست جيدة»، في إشارة إلى هاريس.

وبعد قرار الصحيفتين، استقال كثير من الموظفين فيهما احتجاجاً، من بينهم مارييل غارزا، رئيسة تحرير «لوس أنجليس تايمز»، أكبر صحيفة في كاليفورنيا. وكان كثير من الصحافيين الحاليين والسابقين في الصحيفتين قد توقعوا أن يقول ترمب تماماً ما قاله يوم الأربعاء، بأن عدم التأييد يعني الموافقة عليه. وأعرب آخرون عن خوفهم من أن جزءاً من الأساس المنطقي وراء قرار عدم التأييد كان حماية المصالح التجارية لأصحابها في حالة فوز ترمب بإعادة انتخابه، على الرغم من أن بيزوس نفى وجود مقايضة مباشرة. لكن صحيفته، تلقت ضربة مباشرة من القراء، حيث ألغى أكثر من 250 ألف شخص اشتراكاتهم، وهو رقم أكدته الصحيفة نفسها، ويمثل نحو 10 في المائة من إجمالي الاشتراكات فيها. كما تحدثت أوساط إعلامية أخرى أن أكثر من 7 آلاف مشترك ألغوا اشتراكاتهم أيضاً لأسباب تحريرية. وقال كثير من الذين ألغوا اشتراكاتهم إن بيزوس كان يحاول كسب ود ترمب.

مقر «لوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

ازدياد عدد الأغنياء

لقد كان هناك دائماً مال في السياسة، وأثرياء سعوا إلى مناصب في واشنطن. وبحسب بعض التقارير فإن كثيراً من المليارديرات ينشطون الآن. وأحد الأسباب هو ازدياد أعدادهم، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن نسبتهم قد ازدادت في الولايات المتحدة بنسبة 38 في المائة، منذ تولي ترمب منصب الرئاسة عام 2016، كما أن سوق الأوراق المالية في «وول ستريت» عند أعلى مستوياتها القياسية بشكل شبه دائم.

ومع تحرك أجهزة الرقابة على مكافحة الاحتكار والفساد والتنظيم، كانت مصالح الأغنياء عرضة بشكل دائم أيضاً للملاحقات. وهو ما قد يفسر في جانب منه، اندفاعهم لتولي مناصب حكومية، تلغي أو تخفف من تلك الملاحقات.

إغلاق ملفات قضائية

وفي حديثه في تجمع انتخابي مع ترمب في «ماديسون سكوير غاردن» بنيويورك مؤخراً، قال ماسك للحشد: «سنزيل الحكومة من ظهركم ومن جيوبكم». ولا شك أن ماسك يرغب في إبعاد الحكومة عنه. فقد وجدت دراسة أجرتها صحيفة «نيويورك تايمز» أن شركاته، بما في ذلك «تيسلا» و«سبيس إكس»، تخضع لأكثر من 20 تحقيقاً أو مراجعة، وتشاجر ماسك بانتظام مع لجنة الأوراق المالية والبورصة. وتحقق اللجنة في شرائه شركة «تويتر» التي أصبح اسمها «إكس» عام 2022، ولم يحضر ماسك للإدلاء بشهادته في سبتمبر (أيلول)، مما أدى إلى طلب اللجنة فرض عقوبات عليه.

إيلون ماسك يشارك في فعالية انتخابية لدعم المرشح الرئاسي دونالد ترمب خلال تجمع يوم 5 أكتوبر (أ.ب)

الخوف على عقود بالمليارات

كما يرتبط ماسك بعقود كبيرة مع الحكومة، حيث أعلنت وكالة ناسا في يونيو (حزيران) أن «سبيس إكس» حصلت على عقد بقيمة 843 مليون دولار لإخراج محطة الفضاء من مدارها عندما تتقاعد في غضون بضع سنوات. ولدى «سبيس إكس» عقود لإطلاق أقمار اصطناعية عسكرية وتجسسية. كما حصلت على عقود في عامي 2021 و2022 بقيمة إجمالية تبلغ 4 مليارات دولار لنقل رواد إلى القمر، وتعمل على كثير من المشاريع الحكومية الأخرى.

في المقابل لدى جيف بيزوس أيضاً أعمال مع الحكومة، كما أن وزارة العدل الأميركية قدمت شركة «أمازون» إلى المحكمة، متهمة إياها بانتهاكات مكافحة الاحتكار. وعندما كان ترمب في البيت الأبيض، كان بيزوس و«أمازون» عرضة لانتقاداته في بعض الأحيان. وقدمت «أمازون» عرضاً للحصول على عقد حوسبة سحابية بقيمة 10 مليارات دولار لمصلحة وزارة الدفاع (البنتاغون) مقابل شركة «مايكروسوفت». ورفعت «أمازون» دعوى قضائية، قائلة إن ترمب قوّض عرضها، وهو ما أدى إلى إلغاء العقد، لتحصل 4 شركات تكنولوجيا في النهاية، بما في ذلك «أمازون» و«مايكروسوفت»، على جزء من الصفقة.

وقد يكون خوف بيزوس من خسارة شركاته كثيراً من العقود، وخصوصاً شركته الخاصة بإطلاق الصواريخ الفضائية «بلو أوريجين»، التي ربما تكون عُرضة للخطر في إدارة ترمب الجديدة، وهي التي يهتم بها كثيراً. كما أنها ستتنافس مع شركة ماسك «سبيس إكس»، وشركة ثالثة لتقديم خدمات إطلاق الصواريخ على مدى السنوات الخمس المقبلة. وبعدما أعلنت صحيفة «واشنطن بوست» مؤخراً أنها لن تؤيد مرشحاً رئاسياً، عقد الرئيس التنفيذي لشركة «بلو أوريجين»، ديف ليمب، اجتماعاً قصيراً مع ترمب في تكساس!


مقالات ذات صلة

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

المشرق العربي إردوغان تعهد بدفن مسلحي الوحدات الكردية أحياء (الرئاسة التركية)

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

كشف الرئيس رجب طيب إردوغان عن استعدادات بلاده لفتح قنصلية لها في مدينة حلب قريباً، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ صواريخ يمكنها حمل أقمار اصطناعية بقاعدة فضائية في شيتشانغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)

تزايد المخاوف بشأن اصطدام الأقمار الاصطناعية في الفضاء مع كثرة أعدادها

لم يسلم الفضاء من تزايد التنافس الاقتصادي والتكنولوجي والجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، وسط تحذيرات من الخبراء من التعقيدات التي يسببها الازدحام الفضائي

«الشرق الأوسط» (بكين)
رياضة عالمية ويندل سمولود (الشرق الأوسط)

نجم كرة القدم الأميركية جونيور يعترف بالاحتيال

اعترف اللاعب السابق في فريق "فيلادلفيا إيغلز" لكرة القدم الأميركية ويندل سمولود جونيور بأنه مذنب في جرائم احتيال اتحادية بعد أن تم اتهامه بتقديم إقرارات ضريبية.

«الشرق الأوسط» (بنسلفانيا)
أوروبا لقطة تُظهر المنازل بعد غروب الشمس في تاسيلاك بغرينلاند (أ.ب)

بعد تأكيد ترمب رغبته بالسيطرة عليها... الدنمارك تعزز دفاعاتها في غرينلاند

أعلنت الحكومة الدنماركية عن زيادة ضخمة في الإنفاق الدفاعي على غرينلاند، بعد ساعات من تكرار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب رغبته في شراء المنطقة القطبية.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون (أ.ب)

الرئيس الأميركي الأسبق كلينتون يغادر المستشفى بعد علاجه من الإنفلونزا

قال أنجيل أورينا نائب كبير موظفي الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون إن كلينتون غادر مستشفى في واشنطن اليوم الثلاثاء بعد خضوعه للعلاج من الإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يرسل التهنئة لـ«اليساريين المجانين» ويطالب بضم كندا

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يرسل التهنئة لـ«اليساريين المجانين» ويطالب بضم كندا

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

وجّه الرئيس الأميركي جو بايدن وخليفته دونالد ترمب، الأربعاء، رسائل متناقضة بمناسبة عيد الميلاد، ففي حين تمنى الأول عطلة سعيدة للأميركيين، ركّز ترمب على أفكار طرحها مؤخراً بينها ضم كندا والسيطرة على قناة بنما وشراء غرينلاند.

وأمضى ترمب يوم الميلاد في كتابة منشورات، على موقعه الإلكتروني «تروث سوشيال»، بلغ عددها نحو ثلاثين، وخصّ بالتهنئة بالعيد في إحداها «اليساريين المتطرفين المجانين الذين يحاولون باستمرار عرقلة نظام محاكمنا وانتخاباتنا»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وجاء فوز الجمهوريين في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) على خلفية استقطاب سياسي متزايد يقسم الأميركيين، وقد استغل ترمب ذلك في منشوراته.

ونشر ترمب صورة تظهره على أنه «رجل العام الوطني»، وأخرى يسخر فيها من الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وشملت منشوراته مقالات أشادت باختياراته الوزارية ورغبته في شراء غرينلاند وتذمره من الرسوم التي تدفعها السفن الأميركية خلال عبورها قناة بنما.

ومرة أخرى، وصف ترمب رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو بأنه «حاكم» كندا، قائلاً إنه في حال أصبحت كندا «ولايتنا رقم 51، فإن ضرائبها سوف تنخفض بأكثر من 60%» و«سوف تتضاعف أعمالها على الفور».

كما كرر ترمب مطالبته بسيطرة الولايات المتحدة على قناة بنما، مشيراً إلى أن الصين تمارس نفوذاً «غير قانوني» على الممر المائي المهم، بينما واشنطن تصرف مليارات الدولارات على «صيانة» القناة، دون أن يكون بإمكانها التدخل في «أي شيء» على الإطلاق.

وفي منشور، أعلن عن اختياره كيفن مارينو كابريرا سفيراً لدى بنما، «الدولة على قناة بنما التي تنهبنا أكثر مما يمكن أن تحلم به».