تونس: حملات أمنية غير مسبوقة على كبار المهربين وإيقاف محكومين

إيقاف متهمين بـ«جرائم إلكترونية» عبر «إنستغرام» و«تيك توك»

الرئيس التونسي قيس سعيد في جلسة عمل مع كاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق بعد حملة أمنية غير مسبوقة وشاملة ضد كبار المهربين وتجار المخدرات (الرئاسة التونسية)
الرئيس التونسي قيس سعيد في جلسة عمل مع كاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق بعد حملة أمنية غير مسبوقة وشاملة ضد كبار المهربين وتجار المخدرات (الرئاسة التونسية)
TT

تونس: حملات أمنية غير مسبوقة على كبار المهربين وإيقاف محكومين

الرئيس التونسي قيس سعيد في جلسة عمل مع كاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق بعد حملة أمنية غير مسبوقة وشاملة ضد كبار المهربين وتجار المخدرات (الرئاسة التونسية)
الرئيس التونسي قيس سعيد في جلسة عمل مع كاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق بعد حملة أمنية غير مسبوقة وشاملة ضد كبار المهربين وتجار المخدرات (الرئاسة التونسية)

كشف القاضي فريد بن جحا، الناطق باسم محاكم محافظتي المنستير والمهدية الساحليتين، 150 كلم جنوبي شرقي العاصمة تونس، عن أن قوات حرس الخوافر اكتشفت مؤخراً نحو 20 جثة لفظها البحر نحو سواحل محافظة المهدية السياحية، يرجح أن يكون أصحابها حسب مصادر إعلامية من بين المهاجرين غير النظاميين.

وأوضح القاضي بن جحا أن حالة تلك الجثث لم تكن تسمح بتحديد هوياتهم وجنسياتهم والتثبت إن كانوا تونسيين أم أجانب، لذلك كلفت النيابة العمومية المصالح الطبية العدلية بتلك المهمة بعد التحاليل المعمقة المطلوبة.

«الحيتان الكبيرة»

من جهة أخرى، كشف الناطق باسم الحرس الوطني التونسي العميد حسام الدين الجبابلي، عن أن قوات الحرس الوطني ضاعفت مؤخراً حملاتها الأمنية ضد المشتبه فيهم في قضايا تهريب خطيرة، بينهم متهمون بتشكيل عصابات للتهريب وغيرها من الجرائم المنظمة الخطرة؛ مثل الاتجار في المخدرات وتوزيعها على المراهقين وعلى شباب المدارس والجامعات وفي مواقع مختلفة بينها بعض «الملاهي الليلية».

الرئيس التونسي قيس سعيد في جلسة عمل مع كاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق بعد حملة أمنية غير مسبوقة وشاملة ضد كبار المهربين وتجار المخدرات (الرئاسة التونسية)

وأسفرت تلك الحملات عن إجهاض عمليات تهريب وجرائم خطيرة في مناطق متفرقة من البلاد.

وكشفت مصادر أمنية وقضائية عن إيقافات شملت أكثر من مائتي متهم في هذه الجرائم الخطيرة، بينها الاتجار في «الكوكايين» و«حبوب الهلوسة» و«الأقراص الممنوعة» ومخدر «الزطلة»، وهو نوع من أنواع الحشيش المستخدم في بلدان شمال أفريقيا بكثافة، خاصة بين الشباب وبالقرب من المدارس والجامعات والمقاهي الشعبية.

القاضي فريد بن جحا الناطق الرسمي باسم محاكم محافظتي المنستير والمهدية بتونس «الإعلام التونسي»

وكشفت الإدارة العامة للحرس الوطني عن إيقاف مجموعة من كبار المهربين، ومن يعرفون بـ«الحيتان الكبيرة»، بينهم عدد من المتهمين والمحاكمين غيابياً في قضايا تهريب البشر والمخدرات والسلع غير المصرح بها، وبينها محركات السيارات القديمة، والملابس المستعملة الموردة.

كما أوضحت أن بعض هؤلاء المهربين الكبار متهمون كذلك بـ«تبييض الأموال» وبـ«تمرير المخدرات وبينها الكوكايين والأقراص الخطيرة» داخل «الحاويات» التي تنقل لهم عبر البحر السلع الموردة بطرق قانونية.

تدخل من رئاسة الجمهورية

وفي قصر قرطاج، عقد الرئيس التونسي قيس سعيد، الاثنين، جلسة عمل مع كل من وزيرة العدل ليلى جفال، وكاتب الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق، وأُورد بلاغان صدرا في أعقابهما ونشرا في الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية أن سعيد أمر في أعقابهما مسؤولي قطاعي الأمن الوطني والقضاء بالمضي بنسق أسرع في مكافحة التهريب والجريمة المنظمة والاتجار في المخدرات.

حركة مكثفة داخل محاكم تونس بعد العطلة القضائية (القضاء التونسي)

كما أعلنت وزارة الداخلية في بلاغ رسمي عن «عملية أمنية نوعية» قامت بها الوحدات الأمنية من سلكي الأمن والحرس الوطنيين تحت الإشراف المباشر للقيادات الأمنية العليا فجراً الأسبوع الماضي.

وأوضح المصدر نفسه أن تلك العملية الأمنية كانت «واسعة النطاق» و«متزامنة وموجهة»، وأنها استهدفت بالخصوص المهربين ومروجي المخدرات والعناصر الإجرامية الخطيرة بأقاليم تونس الكبرى، أي العاصمة تونس والمحافظات القريبة منها.

تلك العملية «النوعية» أسفرت عن إيقاف 205 عناصر خطيرة وحجز كميات متفاوتة من المواد المخدرة ومبالغ مالية وأسلحة بيضاء.

وجاء في بلاغ رئاسي ثان على هامش جلسة العمل بين رئيس الدولة ووزيرة العدل ليلى جفال أن قيس سعيد أصدر بالمناسبة أوامر للقضاء ليقوم بـ«محاسبة كل من أذنب في حقّ الشعب التونسي»، ودعا إلى تخفيف إجراءات التقاضي والتعجيل بالبت في القضايا.

إيقاف مدونين و«نشطاء»

في الأثناء، أكدت وزارة العدل ومصادر رسمية وحقوقية خبر فتح تحقيق قضائي وتسجيل إيقافات شملت كذلك مجموعة من بين صناع المحتوى «في عدد من شبكات التواصل الاجتماعي بينها (إنستغرام) و(تيك توك) بتهم ارتكاب جرائم إلكترونية (وقضايا فحش إلكتروني)».

وأوردت وزارة العدل التونسية في بلاغ رسمي أن التحقيقات والإيقافات تقررت بعد «انتشار ظاهرة تعمد بعض الأفراد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة (تيك توك) و(إنستغرام)، لعرض محتويات معلوماتية تتعارض مع الآداب العامة أو استعمال عبارات أو الظهور بوضعيات مخلة بالأخلاق الحميدة أو منافية للقيم الأخلاقية المجتمعية، من شأنها التأثير سلباً على سلوكيات الشباب الذين يتفاعلون مع المنصات الإلكترونية المذكورة».

وأورد البيان أن وزيرة العدل أمرت «النيابة العمومية باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للتصدي لهذه الممارسات، وفتح أبحاث جزائية ضد كل من يتعمّد إنتاج، أو عرض أو نشر بيانات معلوماتية أو بث صور أو مقاطع فيديو تحتوي على مضامين تمس القيم الأخلاقية».

وقد تحفظت أوساط إعلامية وحقوقية على الإجراءات الجديدة، وأوردت أنها تخشى أن توظف «الحملة باسم حماية القيم والأخلاق للنيل من الحريات الإعلامية، خاصة أن مجموعات من النشطاء والإعلاميين والمعارضين السياسيين أحيلوا خلال الأسابيع والأشهر الماضية على القضاء ضمن ملفات (التآمر على أمن الدولة) و(جرائم إلكترونية)، وشبهات انتهاك القوانين المنظمة لقطاع الإعلام والاتصال، وبينها (المرسوم 54)».

إحالة أكثر من مائتي متهم بالتهريب على المحاكم في تونس (القضاء التونسي)

لكن تلك التحفظات لم تؤد إلى تعطيل إصدار بطاقات إيداع في السجن ضد خمسة من «صناع المحتوى» وشخصيات متهمة بـ«الترويج لمشاهد جنسية إباحية» بما يتناقض مع القيم الأخلاقية للمجتمع.

وفي سياق متصل، أعلن عن غلق نحو خمسة من الملاهي الليلية المشهورة في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس وإيقاف مالكيها، بعضها بسبب شبهات تورط القائمين عليها مع عصابات ترويج المخدرات والممنوعات.


مقالات ذات صلة

تونس «جبهة الخلاص» المعارضة تطالب بالإفراج عن سجناء الرأي

شمال افريقيا نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة (إ.ب.أ)

تونس «جبهة الخلاص» المعارضة تطالب بالإفراج عن سجناء الرأي

دعت «جبهة الخلاص الوطني» المعارِضة في تونس السلطات إلى الإفراج عن سجناء الرأي، وفتح حوار وطني حول الإصلاحات.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس قيس سعيد (رويترز)

الرئيس سعيد يشدد على تعزيز أمن تونس «السيبراني»

أكد رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيد، على ضرورة تطهير وزارة «تكنولوجيات الاتصال» ممن «تسللوا إليها ووظّفوا التكنولوجيات الحديثة لخدمة بعض الجهات».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا سنية الدهماني عرفت بانتقادها الشديد للسلطات (الشرق الأوسط)

محكمة تونسية تقضي بسجن إحدى أبرز منتقدات الرئيس

أصدرت محكمة تونسية، الخميس، حكماً بسجن المحامية والمُعلِّقة بوسائل الإعلام سنية الدهماني لمدة عامين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس قيس سعيد يحتفل مع مؤيديه بعد الإعلان عن فوزه بولاية ثانية (أ.ف.ب)

هيئة الانتخابات التونسية تهدد بمتابعة من يتهمها بـ«التزوير»

أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية بلاغاً، أكدت فيه أنّ «كل اتهام مجاني لهيئة الانتخابات بتدليس أو تزوير النتائج، ستتم معاينته بصفة قانونية».

«الشرق الأوسط» (تونس)

هروب 6 آلاف سجين في موزمبيق وسط أعمال عنف عقب الانتخابات

جانب من الاحتجاجات التي قامت بها المعارضة عقب الإعلان عن فوز حزب فريليمو الحاكم في الانتخابات التي جرت في 9 أكتوبر (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي قامت بها المعارضة عقب الإعلان عن فوز حزب فريليمو الحاكم في الانتخابات التي جرت في 9 أكتوبر (رويترز)
TT

هروب 6 آلاف سجين في موزمبيق وسط أعمال عنف عقب الانتخابات

جانب من الاحتجاجات التي قامت بها المعارضة عقب الإعلان عن فوز حزب فريليمو الحاكم في الانتخابات التي جرت في 9 أكتوبر (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي قامت بها المعارضة عقب الإعلان عن فوز حزب فريليمو الحاكم في الانتخابات التي جرت في 9 أكتوبر (رويترز)

أعلن قائد شرطة موزمبيق هروب 6 آلاف سجين على الأقل من سجن شديد الحراسة في عاصمة البلاد يوم عيد الميلاد عقب حدوث حالة تمرد، في وقت لا تزال تشهد في البلاد أعمال الشغب والعنف واسعة النطاق بعد الانتخابات.

وأضاف قائد الشرطة برناردينو رافائيل أن 33 سجينا لاقوا حتفهم وأصيب 15 آخرون خلال مواجهة مع قوات الأمن. وفر السجناء خلال احتجاجات عنيفة، جرى خلالها تدمير سيارات تابعة للشرطة، ومحطات، وبنية تحتية عامة، بعد أن صادق المجلس الدستوري في البلاد على فوز حزب فريليمو الحاكم في الانتخابات التي جرت في 9 أكتوبر (تشرين الأول).

وقال رافائيل إن عملية الهروب من سجن مابوتو المركزي، الذي يقع على بعد 14 كيلومترا جنوب غرب العاصمة، بدأت حوالي ظهر أول أمس الأربعاء، بعد حدوث حالة «هياج» من جانب «مجموعة من المتظاهرين المخربين» في منطقة

مجاورة، مضيفا أن السجناء في المنشأة انتزعوا أسلحة من حراس السجن وشرعوا في تحرير سجناء آخرين. وأضاف رافائيل «هناك حقيقة لافتة للنظر وهي أنه في ذلك السجن كان لدينا 29 إرهابيا مدانا، تم إطلاق سراحهم، ونحن قلقون، كدولة وكمواطنين في موزمبيق، وكأفراد في قوات الدفاع والأمن».

وأضاف رافائيل «كانوا (المحتجون) يثيرون الضوضاء مطالبين بإخراج السجناء الذين يقضون عقوباتهم هناك»، مضيفا أن الاحتجاجات أدت إلى انهيار جدار، ما سمح للسجناء بالفرار. ودعا السجناء الهاربين إلى تسليم أنفسهم طواعية، وطالب السكان بالإبلاغ عن الهاربين.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه إزاء العنف، ودعا جميع القادة السياسيين والأطراف المعنية إلى «تخفيف التوترات بما في ذلك من خلال الحوار الجاد وسبل التعويض القانونية»، كما قالت المتحدثة باسم الأمم المتحدة، ستيفاني ترمبلاي، يوم الخميس. وأضافت أن الأمين العام دعا أيضا إلى وقف العنف ومضاعفة الجهود «للتوصل إلى حل سلمي للأزمة المستمرة».