ابنة محمد عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»: الأسرة تعمل على ترميم أفلامه وأغانيه

عبّرت عن امتنانها لتكريم «موسيقار الأجيال» في «موسم الرياض»

مع أبنائه محمد وأحمد وعائشة وعفت وعصمت (من أرشيف أسرة الفنان لـ«الشرق الأوسط»)
مع أبنائه محمد وأحمد وعائشة وعفت وعصمت (من أرشيف أسرة الفنان لـ«الشرق الأوسط»)
TT

ابنة محمد عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»: الأسرة تعمل على ترميم أفلامه وأغانيه

مع أبنائه محمد وأحمد وعائشة وعفت وعصمت (من أرشيف أسرة الفنان لـ«الشرق الأوسط»)
مع أبنائه محمد وأحمد وعائشة وعفت وعصمت (من أرشيف أسرة الفنان لـ«الشرق الأوسط»)

أبدت ابنةُ «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب امتنانها لتكريم والدها في «موسم الرياض»، عبر حفل خاص تقيمه هيئة الترفيه السعودية تحت عنوان «ليلة الطرب لروائع موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

وقالت عفّت محمد عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الاحتفالية تُعبّر عن حب الشعوب وتقديرهم لوالدي بتكريمه رغم مرور 33 عاماً على رحيله أوائل تسعينات القرن الماضي».

وأضافت أن الأُسرة تعمل على ترميم أفلام وأغنيات موسيقار الأجيال التي أنتجها بهدف الحفاظ عليها، وعرضها للناس لتعريف الأجيال الجديدة بأعماله.

وأعلنت ترحيبها بحضور الاحتفالية لاستلام تكريم والدها، بصحبة عدد من أحفاده، من بينهم نجلها هاشم، وعمر نجل شقيقتها عصمت، وياسمينا ابنة شقيقها محمد.

موسيقار الأجيال وبناته (من أرشيف أسرة الفنان لـ«الشرق الأوسط»)

ونشر المستشار تركي آل الشيخ، رئيس «هيئة الترفيه» في السعودية، عبر حسابه الرسمي بموقع «فيسبوك»، الملصق الترويجي للحفل، الذي يشارك فيه الفنانون محمد ثروت، وصابر الرباعي، وماجد المهندس، ومي فاروق، ونور مهنا، وقيادة المايسترو وليد فايد.

وترى عفت أنه «رغم الاحتفاء باسم والدي عربياً، فإن تكريمه في بلده مصر منذ وفاته لم يحدث بالشكل الكافي، بما يلائم عطاءه الفني الكبير».

وتضيف: «والدي قضى أكثر من 70 عاماً في تقديم إبداعات فنية راقية، لذلك أطالب بتكثيف حفلات الأوبرا المصرية لأعمال عبد الوهاب، والاهتمام بتكريم اسمه بالفعاليات الفنية الراقية بمصر».

وذكرت عفت أن والدها كان عاشقاً للفن، وحريصاً على سرد مشواره عبر البرنامج الإذاعي «حياتي»، وكذلك برنامج «النهر الخالد»، للحديث عن أبرز المحطات في مسيرته التي بدأها بعمر العاشرة، لافتة إلى أنه كان حريصاً على الحديث عن نفسه لسرد الأحداث الحقيقية وعدم إلصاق أي معلومات أخرى غير موثقة عن حياته.

الموسيقار محمد عبد الوهاب وابنته عفت (من أرشيف أسرة الفنان لـ«الشرق الأوسط»)

كما أعلنت عفّت عن ترحيب الأسرة بتقديم سيرة عبد الوهاب درامياً والتحضير بشكل فعلي من قبل الأحفاد لعمل فني يحكي مسيرة «موسيقار الأجيال» منذ بدايته حتى رحيله.

وأوضحت أن «الأسرة لن ترضى سوى بعمل متكامل يليق باسم عبد الوهاب، كما أن لديهم (فرمانات) خاصة بظهور شخصياتهم في العمل الدرامي، تنفيذاً لرغبة والدهم الذي حرص على عدم إظهارهم لوسائل الإعلام».

وعن أكثر فنان جسّد شخصية والدها بمسلسلات «السير الذاتية»، قالت عفت إن «الفنان عبد العزيز مخيون هو أفضل من جسدها، رغم عدم تواصله مع الأسرة لمعرفة صفات وسمات وأسلوب حياة والدي عن قرب».

وأشارت ابنة موسيقار الأجيال إلى أن والدها لم يتهاون في عمله حتى آخر يوم في حياته، مضيفة أن الدليل على ذلك تقديمه أغنية «من غير ليه»، وهو يقترب من عمر الـ90 عاماً، كما أن أبناءه وزوجته السيدة نهلة القدسي هم أكثر الأشخاص تأثيراً في حياته، حتى إن ابنته عائشة توفيت عقب رحيله بـ14 يوماً بسبب مضاعفات صحية جراء حزنها عليه.

وأبدت عفّت حزنها لعدم عرض أعمال والدها، خصوصاً الأوبريتات الفنية الوطنية مثل «صوت الجماهير»، و«الوطن الأكبر»، و«الجيل الصاعد»، على القنوات المصرية.

موسيقار الأجيال والمذيعة المصرية ليلى رستم في لقاء تلفزيوني (من أرشيف أسرة الفنان لـ«الشرق الأوسط»)

وعن البلدان التي كان يروق للموسيقار قضاء إجازته الصيفية بها، قالت عفت إن والدها كان عاشقاً للبنان، وكان يحب السفر إلى بلودان في سوريا، وكذلك العاصمة الفرنسية باريس.

وعن أهم الأصوات التي كان يفضلها عبد الوهاب، قالت: «كان يمنح ألحانه لمن يثق في قدراته الصوتية، في مقدمتهم بالتأكيد أم كلثوم، وفيروز التي وصفها بـ(الصوت الملائكي)، بجانب الفنانات وردة وصباح ونجاة وفايزة أحمد».

وأعربت عفّت عن استيائها من مغالطات تُلصق باسم والدها، من بينها تقديمه لأغنية «هان الود عليك» لزوجته نهلة القدسي بعد مغادرتها لمصر، مؤكدة أنها سافرت من أجل الوجود بجانب والدتها لمرضها، وليس بسبب خلافات بينهما كما أُشيع.

وأوضحت أيضاً أن أغنية «مش أنا اللي أبكي»، لم يقدمها بعد الانفصال عن والدتها السيدة إقبال نصار، مؤكدة أن والدها عندما سمع هذه الأقاويل لم يعلّق ولم يعطِ الأمر اهتماماً.

ويصف الناقد والمؤرخ الفني المصري محمد شوقي الفنان الراحل محمد عبد الوهاب، بأنه «من الموسيقيين العباقرة»، ويرى أنه «فنان مجدِّد يتمتع بذكاء في عمله، فقد مزج بين التجديد والمحافظة على الموسيقى الشرقية، كما أنه بدأ في صناعه المقدمات الموسيقية في الثلاثينات رغم ندرتها في ذلك الحين».

ويضيف شوقي لـ«الشرق الأوسط» أن عبد الوهاب هو مؤسس الأغنية المصرية بشكلها الدارج حالياً، فقد قدّم المقطوعات الموسيقية، والجمل بنقلات مختلفة، ورغم اعتراف عبد الوهاب بالاقتباس اللحني، لكنه استطاع تقديم أغنيات ما زالت موجودة ومحتفظة بطابعها الشرقي.

وقدم عبد الوهاب خلال مسيرته الفنية التي بدأت في عشرينات القرن الماضي أعمالاً فنية كثيرة تنوّعت بين التمثيل في السينما وتقديم أفلام غنائية، وأوبريتات وطنية، وألحان قدمها لغيره من الفنانين، ومن بين أبرز أفلامه «الوردة البيضاء»، و«يحيا الحب»، و«يوم سعيد»، و«رصاصة في القلب»، و«لست ملاكاً»، و«غزل البنات».

وقبل تكريم عبد الوهاب، كرّمت «هيئة الترفيه» في السعودية الموسيقيين المصريين بليغ حمدي، ورياض السنباطي، وهاني شنودة، وصلاح الشرنوبي، ومحمد الموجي، في حفلات غنائية جماهيرية.


مقالات ذات صلة

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق فيروز في صورة غير مؤرّخة من أيام الصبا (أرشيف محمود الزيباوي)

فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

منذ سنوات، تحوّل الاحتفال بعيد ميلاد فيروز إلى تقليد راسخ يتجدّد يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تنشغل وسائل الإعلام بمختلف فروعها بهذه المناسبة، بالتزامن

محمود الزيباوي ( بيروت)
خاص فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

عشية عيدها الـ90 تلقي «الشرق الأوسط» بعض الأضواء غير المعروفة على تلك الصبية الخجولة والمجهولة التي كانت تدعى نهاد وديع حداد قبل أن يعرفها الناس باسم فيروز.

محمود الزيباوي (بيروت)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.