وزيرة المالية البريطانية تستعد لإعادة توجيه الاقتصاد الأسبوع المقبل

من خلال زيادة الإنفاق والضرائب

وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تغادر اجتماع مجموعة الـ20 خلال الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين في واشنطن (أب)
وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تغادر اجتماع مجموعة الـ20 خلال الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين في واشنطن (أب)
TT

وزيرة المالية البريطانية تستعد لإعادة توجيه الاقتصاد الأسبوع المقبل

وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تغادر اجتماع مجموعة الـ20 خلال الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين في واشنطن (أب)
وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تغادر اجتماع مجموعة الـ20 خلال الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين في واشنطن (أب)

ستسعى وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، إلى تحويل سادس أكبر اقتصاد في العالم، وحكومة رئيس الوزراء كير ستارمر، إلى مسار جديد الأسبوع المقبل من خلال زيادات كبيرة في الإنفاق العام والضرائب.

وستنهي أول موازنة لحزب العمال منذ 14 عاماً أشهراً من التكهنات حول مقدار الاقتراض الذي ستقوم به ريفز وستارمر للاستثمار في البنية التحتية وتأثير ذلك على دافعي الضرائب، وفق «رويترز».

وأكدت ريفز، الخبيرة الاقتصادية السابقة في بنك إنجلترا، أنها لن تسمح بزيادة الدين العام، وهي واعية لكيفية تأثير خطط خفض الضرائب غير الممولة التي قدمتها رئيسة الوزراء السابقة، ليز تروس، على سوق السندات قبل عامين.

ومن المرجح أن تتضمن موازنة ريفز، المزمع إعلانها يوم الأربعاء، مجموعة من التغييرات لزيادة الإيرادات، مما أثار قلق الأسر والشركات التي كانت بالفعل متوترة بشأن خطة حزب العمال لمنح العمال مزيداً من الحماية في وظائفهم.

وقالت الرئيسة العالمية للسياسة الضريبية والقانونية في شركة المحاسبة «ديلويت»، أماندا تيكل: «لم نشهد قط هذا المستوى من الاهتمام بالموازنة».

وأضافت: «إنها حكومة جديدة قد تضطر إلى توسيع خياراتها، ويجب أن نأخذ في الاعتبار حجم التحديات التي تواجهنا. يمكننا أن نتوقع انحرافاً كبيراً عن الماضي».

وتوجه الناخبون نحو حزب العمال في انتخابات يوليو (تموز) بشكل كبير بسبب تعهده بإصلاح الخدمات العامة، بدءاً من السجون المكتظة والإسكان العام المتهالك وصولاً إلى الخدمة الصحية المرهقة. لكن دعم الحزب في استطلاعات الرأي تضرر نتيجة تحذيرات الحكومة من موازنة مؤلمة، بينما أغضبت تخفيضات دعم الوقود للمتقاعدين الناخبين، في وقت كانت فيه عناوين الأخبار تركز على قبول ستارمر هدايا باهظة من المانحين.

وتخطط ريفز لتدابير مالية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني (52 مليار دولار) وفقاً لمصادر حكومية، معظمها من زيادات ضريبية بالإضافة إلى تخفيضات في بعض الخدمات العامة، لتحقيق تعهدها بتغطية النفقات اليومية دون اقتراض.

وعلى الرغم من وعود ستارمر بإعفاء «العمال»، لم تستبعد ريفز جعل الشركات تدفع المزيد من مساهمات الضمان الاجتماعي، وهو تغيير قد يؤثر سلباً على الأجور والتوظيف ويزيد عدد الأشخاص الذين يدفعون معدلات ضريبة الدخل الأساسية والعالية.

وتتضمن الخيارات أيضاً فرض ضرائب على مكاسب رأس المال والأرباح، والميراث، والسكان غير المقيمين، والوقود، وربما المعاشات التقاعدية الخاصة، حتى مع بلوغ عبء الضرائب في بريطانيا أعلى مستوى له منذ فترة وجيزة بعد الحرب العالمية الثانية.

المزيد من الضرائب... وزيادة الاستثمار أيضاً

في الوقت الذي يتم فيه تشديد الضرائب، من المرجح أن تخفف ريفز وستارمر القواعد التي فرضتها الحكومة على الاقتراض من أجل زيادة الاستثمار. ويأمل الثنائي أن يجذب إنفاق المزيد من الأموال العامة على شبكات الطاقة والنقل والبنية التحتية الاستثمار الخاص اللازم لتحقيق وعدهما بتحويل الاقتصاد البريطاني البطيء إلى أسرع اقتصاد نمواً في مجموعة السبع، متجاوزاً حتى الولايات المتحدة.

وقالت ريفز يوم الخميس: «نحن بحاجة إلى زيادة الاستثمار لتنمية اقتصادنا واستغلال الفرص الهائلة في المجال الرقمي، والتكنولوجيا، وعلوم الحياة، والطاقة النظيفة. لكننا لن نتمكن من القيام بذلك إلا إذا غيرنا الطريقة التي نقيس بها الديون».

وأضافت ريفز للصحافيين في واشنطن، حيث تحضر الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي: «سنجعل الدين ينخفض كنسبة من اقتصادنا خلال هذه الدورة البرلمانية، لكن التغييرات التي سنجريها على قاعدة الاستثمار ستتيح لنا تخصيص أموال للاستثمار في أشياء تحقق عائداً طويل الأمد».

وتأتي هذه التصريحات جزءا من سلسلة من الإشارات من ريفز حول رغبتها في الحصول على مزيد من المرونة في الاقتراض لتمويل الاستثمار ضمن قواعد الميزانية الحكومية، مع ضمانات مناسبة لتجنب إثارة قلق الأسواق. ومع ذلك، لم تكشف ريفز عن المقياس الذي سيحل محل الهدف الحالي المتمثل في صافي ديون القطاع العام باستثناء بنك إنجلترا، الذي تم تقديمه في عام 2022.

وذكرت صحيفة «الغارديان» يوم الأربعاء أن ريفز تخطط لاستهداف مقياس يعرف باسم «الالتزامات المالية الصافية للقطاع العام»، ليحل محل الهدف الحالي المتمثل في «صافي ديون القطاع العام».

ولو تم استخدام هذا النهج في الموازنة الأخيرة في مارس (آذار)، لكان قد أعطى الحكومة المحافظة آنذاك 53 مليار جنيه إسترليني إضافية (69 مليار دولار) للاقتراض، وهو ما يعادل حوالي 1.5 في المائة من الناتج الاقتصادي السنوي لبريطانيا، وفقاً لمعهد الدراسات المالية، وهو مؤسسة بحثية.

وأكدت ريفز أن القواعد ستتغير دون تقديم تفاصيل، وقالت إنها لن تستخدم كل المساحة الإضافية، لكن أسعار سندات الحكومة البريطانية انخفضت يوم الخميس استجابةً للاحتمالات المرتفعة للاقتراض وكيف قد يؤثر ذلك على تخفيضات أسعار الفائدة في بنك إنجلترا في المستقبل.

وقال وزير المالية السابق جيريمي هانت إن ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول قد يعاقب الأسر التي لديها قروض عقارية، وأشار إلى أن «الأسواق تراقب ذلك».

وذكر رئيس أسعار الفائدة الدولية في «فاندغارد»، ثاني أكبر مدير أصول في العالم، أليس كوتني، أن ريفز بدت مدركة لحدودها، خاصة بعد أزمة «الموازنة المصغرة» التي أطلقتها تروس في عام 2022.

وأضاف كوتني: «هذه المرة يبدو أن الخطاب أكثر وعياً بالسوق، مما يعني أننا لسنا متوترين للغاية بشأنه».


مقالات ذات صلة

بريطانيا في 2025... عام الاختبار الاقتصادي لستارمر

الاقتصاد رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر خلال اجتماع مع سلطان بروناي حسن البلقية في 10 داونينغ ستريت بلندن (وكالة حماية البيئة)

بريطانيا في 2025... عام الاختبار الاقتصادي لستارمر

من المتوقع أن يواجه الاقتصاد البريطاني تحديات جسيمة في عام 2025، حيث تشهد مؤشراته الاقتصادية تراجعات ملحوظة وسط تطورات سياسية واقتصادية معقدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سكان محليون يشترون طعاماً من سوق أمام مبنى سكني تضرر ببلدة بوردينكا في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تتلقى 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

أعلن رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، أن بلاده تلقت دفعة جديدة بقيمة 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ستخصَّص لتغطية النفقات الحيوية في الموازنة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الاقتصاد الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)

النمو الصفري للاقتصاد البريطاني يقوّض تعهدات ستارمر بالانتعاش

سجل الاقتصاد البريطاني نمواً صفرياً بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، ومن المتوقع أن يظل راكداً خلال النصف الثاني من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شخص يحمل صندوق «أمازون» بجوار أحد المتاجر في شارع أكسفورد بلندن (رويترز)

مبيعات التجزئة البريطانية ترتفع 0.2 % في نوفمبر

ارتفعت مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة بنسبة 0.2 في المائة في نوفمبر، وهو ما جاء أقل من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شاشة ضخمة تعرض مؤشرات الأسهم في شنغهاي (رويترز)

تهديدات ترمب تدفع المستثمرين الأجانب للهروب من الأسواق الصينية

سجلت تدفقات أسواق رأس المال الصينية إلى الخارج مستوى قياسياً مرتفعاً بلغ 45.7 مليار دولار في نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (بكين)

التضخم في روسيا يبلغ 9.5 % خلال 2024

متسوقة في أحد المتاجر الكبرى بمدينة تارا السيبيرية بمنطقة أومسك الروسية (رويترز)
متسوقة في أحد المتاجر الكبرى بمدينة تارا السيبيرية بمنطقة أومسك الروسية (رويترز)
TT

التضخم في روسيا يبلغ 9.5 % خلال 2024

متسوقة في أحد المتاجر الكبرى بمدينة تارا السيبيرية بمنطقة أومسك الروسية (رويترز)
متسوقة في أحد المتاجر الكبرى بمدينة تارا السيبيرية بمنطقة أومسك الروسية (رويترز)

ذكرت وكالة الإحصاء الروسية (روستات)، اليوم (الأربعاء)، أن متوسط معدل التضخم السنوي في روسيا بلغ 9.5 في المائة خلال العام الجاري، وفقاً لبيانات أسبوعية أظهرت أيضاً أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.33 في المائة خلال الأسبوع المنتهي في 22 ديسمبر (كانون الأول).

وتأتي البيانات بعد قرار غير متوقَّع اتخذه البنك المركزي الأسبوع الماضي، بالإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 21 في المائة. وقال البنك إن تشديد السياسة النقدية وفر ظروفاً مواتية لخفض التضخم نحو هدفه البالغ 4 في المائة.

وأشارت وكالة الإحصاء إلى أن أسعار الفواكه والخضراوات الأكثر تقلباً، أسهمت بشكل كبير في الزيادة الإجمالية، إذ ارتفعت أسعار الخيار 8.3 في المائة والبندورة (الطماطم) 1.9 في المائة في أسبوع واحد فقط.

ومن بين الأطعمة الأقل تقلباً في أسعارها، ارتفع البيض 1.7 في المائة، والأسماك المجمدة 1.4 في المائة.

كان البنك المركزي قد توقع، في تقديرات سابقة، أن يصل معدل التضخم خلال العام الجاري إلى 8.5 في المائة حداً أقصى.

وقال رئيس قطاع السياسة النقدية بالبنك المركزي أندري جانجان، لوكالة «إنترفاكس» للأنباء، أمس (الثلاثاء)، إن معدل التضخم للعام بأكمله سيتراوح بين 9.6 و9.8 في المائة.