دمشق ترفع الغطاء عن «دوائر الظل المالية»

«مجلس الشعب» منح الإذن بالملاحقة القضائية لنائبين مقرّبين من النظام

مجاهد إسماعيل رجل الأعمال والنائب وقائد «كتائب البعث»
مجاهد إسماعيل رجل الأعمال والنائب وقائد «كتائب البعث»
TT

دمشق ترفع الغطاء عن «دوائر الظل المالية»

مجاهد إسماعيل رجل الأعمال والنائب وقائد «كتائب البعث»
مجاهد إسماعيل رجل الأعمال والنائب وقائد «كتائب البعث»

في مفاجأة أخرى من العيار الثقيل، كشفت وسائل الإعلام المحلية عن تصويت مجلس الشعب السوري، الأربعاء، على منح الإذن بالملاحقة القضائية بحق عضوَي مجلس الشعب، قائد «كتائب البعث» مجاهد إسماعيل، ورئيس مجلس الأعمال السوري - الجزائري خالد زبيدي، أحد أبرز رموز القطاع العقاري.

جاء ذلك بعد أقل من 24 ساعة على تصويت المجلس بالإجماع، على إسقاط عضوية رجل الأعمال محمد حمشو، أحد أكثر رجال الأعمال السوريين قرباً إلى عائلة الرئيس السوري وشقيقه ماهر الأسد. وكان رجل الأعمال الثاني الذي أُسقطت عضويته في مجلس الشعب السوري لحمله الجنسية التركية، في أقل من شهر، حيث أُسقطت عضوية النائب عن حلب، شادي دبسي، في العاشر من الشهر الحالي.

رجل الأعمال السوري محمد حمشو

وفي خبر مقتضب، قالت صحيفة «الوطن» المحلية إن «مجلس الشعب يصوّت على منح الإذن بالملاحقة القضائية بحق عضو مجلس الشعب مجاهد إسماعيل، وعضو مجلس الشعب خالد زبيدي»، دون توضيح أسباب الملاحقة القضائية والقضايا الملاحقين بسببها.

المفاجئ في التطورات الأخيرة، أن ما يشهده مجلس الشعب، يعدّ سابقة في تاريخه منذ تسلم الرئيس حافظ الأسد السلطة في سوريا أوائل سبعينات القرن الماضي، حيث ترسخت تقاليد انتخابية تفترض أن ينال عضو المجلس قبولاً من دوائر القرار بناءً على إضبارته الأمنية، وفق ما شرحت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، ولفتت، إلى أنه رغم عدم الكشف بعد عن نتائج التصويت، فإن تسريب الإعلام المحلي «غير الرسمي» لطرح الإذن بالملاحقة القضائية لشخصيات ذات ثقل مالي محسوبة على النظام، يشير إلى رفع الغطاء عن تلك الشخصيات واستبعادها من «الدوائر الظل المالية».

الرئيس السوري بشار الأسد اجتمع مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في دمشق الاثنين الماضي (سانا)

المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» قرأت في تلك الإجراءات «رسائل لتأكيد جدية دمشق» بإجراء تغييرات تهدف إلى إعادة ترتيب «البيت الداخلي»، في مواجهة ضغوط عربية لتحقيق تقدم في مسار تطبيع العلاقات العربية مع دمشق، والتي تشترط معالجة ملف المخدرات وعودة اللاجئين والدفع نحو حل سياسي للأزمة في سوريا، مع الإشارة إلى أن تلك الملفات كانت محور مباحثات الوزير الأردني أيمن الصفدي في دمشق، الأحد الماضي.

ولم تستبعد المصادر احتمال إجراء النظام، بمعنى «عائلة الأسد»، إعادة هيكلة لواجهتها الاقتصادية التي أدرجت بمعظمها على قائمة العقوبات الدولية، في وقت بات معظم ممثلي هذه الواجهة عرضة للاستهداف الإسرائيلي مع تواصل التصعيد ضد «حزب الله» في لبنان.

مصرع رجل الأعمال محمد براء قاطرجي جراء تعرّضه لغارة إسرائيلية قرب الحدود السورية - اللبنانية يوليو الماضي (رويترز)

واستهدفت إسرائيل في يوليو (تموز) الماضي رجل الأعمال السوري محمد براء قاطرجي (48 عاماً) في غارة بالقرب من الحدود اللبنانية - السورية، ومع أن إسرائيل لم تعلق على هذا الاغتيال، إلا أن الجيش الإسرائيلي نشر تقريراً عن دور شركة «بي إس» المملوكة لعائلة القاطرجي في سوريا، في تحويل ملايين الدولارات عن طريق تجارة النفط مع «فيلق القدس»، لصالح تمويل «حزب الله».

وجاء تصويت مجلس الشعب السوري على منح الإذن بملاحقة مجاهد إسماعيل، بعد أقل من أسبوعين على تعيينه من قبل القيادة المركزية لحزب البعث «قائداً لـ(كتائب البعث)» الرديفة للقوات الحكومية.

ومجاهد إسماعيل الملقب بـ«أبي حافظ»، عضو اللجنة المركزية لحزب البعث وكان نائباً لقائد «كتائب البعث» وقائدها في ريف دمشق، فاز في الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب، رغم إدراج اسمه على قوائم العقوبات الدولية، لدوره الكبير في الانتهاكات بحق السوريين، وقمع المظاهرات عام 2011 في دمشق وريفها.

مجاهد إسماعيل قائد «كتائب البعث» (متداولة)

ويستمد مجاهد إسماعيل نفوذه من عائلته المعروفة في القرداحة بمحافظة اللاذقية، عدا عن كونه نجل الضابط ماجد إسماعيل قائد اللواء (21 الميكانيكي) والذي لعب دوراً بارزاً في الثمانينات خلال المواجهات مع «الإخوان المسلمين».

خالد زبيدي رئيس مجلس الأعمال السوري - الجزائري

أما خالد زبيدي، فقد سُمي رئيساً لمجلس الأعمال السوري - الجزائري، الذي تأسس عام 2022 لتفعيل دور القطاع الخاص في تطوير التعاون الاقتصادي السوري - الجزائري، في المجالات التجارية، والصناعية، والزراعية، والسياحية وتطوير التعاون في المجال الاستثماري.

ويعد الزبيدي من حيتان القطاع العقاري في سوريا، وقد برز اسمه بعد ارتباطه بصفته شريكاً، برجل الأعمال الراحل نادر قلعي، شريك رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري الذي كان يمثل الواجهة الاقتصادية للنظام. وبعد استبعاد مخلوف ووفاة قلعي، صعد اسم خالد زبيدي (48 عاماً) المنحدر من ريف دمشق، شريكاً مؤسساً ومدير عام في الكثير من شركات القطاع الخاص التي وسّعت نشاطها في إطلاق مشروعات سكنية وسياحية في محيط مطار دمشق الدولي، وفي العاصمة دمشق وريفها، بحسب مواقع سورية. وقد أدرج أكبر مشروعاته السياحية على طريق مطار دمشق، على قائمة «عقوبات قيصر»، في 17 يونيو (حزيران) 2020؛ كونه يسعى للاستفادة بشكل فاسد من التهجير وإعادة الإعمار، بحسب بيان وزارة الخزانة الأميركية، وذلك بعد عام من إدراج اسمه على قائمة العقوبات الأوروبية.

اقرأ أيضاً

اقرأ أيضاً

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

إدارة العمليات العسكرية في سوريا تطلق عملية أمنية بطرطوس

المشرق العربي جندي سوري يسير عبر مدخل ميناء طرطوس في غرب سوريا (أ.ف.ب)

إدارة العمليات العسكرية في سوريا تطلق عملية أمنية بطرطوس

ذكرت «الوكالة العربية السورية للأنباء» أن إدارة العمليات العسكرية أطلقت، اليوم (الخميس)، عمليةً لملاحقة فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ريف محافظة طرطوس.

المشرق العربي قوات الأمن التابعة للحكومة السورية الجديدة تؤمن المنطقة المحيطة بمجموعة من المتظاهرين العلويين في حي المزة بدمشق (أ.ب)

آلاف العلويين يتظاهرون في سوريا

تظاهر آلاف السوريين العلويين، أمس (الأربعاء)، في عدد من المدن بعد تداول مقطع فيديو يظهر اعتداءً مفترضاً على مقام للطائفة في حلب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إردوغان تعهد بدفن مسلحي الوحدات الكردية أحياء (الرئاسة التركية)

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

كشف الرئيس رجب طيب إردوغان عن استعدادات بلاده لفتح قنصلية لها في مدينة حلب قريباً، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ملصقات ممزقة لحسن نصر الله وقاسم سليماني على جدار السفارة الإيرانية في سوريا (رويترز) play-circle 02:17

طهران: إعادة فتح سفارتنا تعتمد على «سلوك» حكام سوريا

قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، إن طهران «ستتخذ قرارها بشأن إعادة فتح سفارتها لدى دمشق بناء على سلوك وأداء حكام سوريا».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران : )
المشرق العربي طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)

«سوريو مصر»... مخاوف متصاعدة بشأن «الإقامات» و«فرص العودة»

فرضت السلطات المصرية، أخيراً، «اشتراطات جديدة»، على دخول السوريين القادمين من دول أخرى إلى أراضيها، تتضمن الحصول على «موافقة أمنية» مسبقة، إلى جانب التأشيرة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

«اليونيفيل»: قلقون إزاء استمرار تدمير إسرائيل للمناطق السكنية جنوب لبنان

آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«اليونيفيل»: قلقون إزاء استمرار تدمير إسرائيل للمناطق السكنية جنوب لبنان

آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

أكدت قيادة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، اليوم الخميس، أن «أي أعمال تهدد وقف الأعمال العدائية الهش يجب أن تتوقف».

وقالت «اليونيفيل»، في بيان، «تستمر (اليونيفيل) في حثّ الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد، ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان والتنفيذ الكامل للقرار 1701 بوصفه مساراً شاملاً نحو السلام»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وأضافت: «هناك قلق إزاء استمرار التدمير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي في المناطق السكنية والأراضي الزراعية وشبكات الطرق في جنوب لبنان، وهذا يشكل انتهاكاً للقرار 1701»، مشيرة إلى أن «(اليونيفيل) تعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بينما تقوم بتسريع جهود التجنيد وإعادة نشر القوات إلى الجنوب».

وأكدت «اليونفيل» أن البعثة مستعدة للقيام بدورها في دعم البلدين في الوفاء بالتزاماتهما وفي مراقبة التقدّم، ويشمل ذلك «ضمان خلو المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني من أي أفراد مسلحين أو أصول أو أسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان و(اليونيفيل)، فضلاً عن احترام الخط الأزرق».

ودخل قرار وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ فجر 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتخرق إسرائيل الاتفاق منذ سريانه بشكل يومي.