انتخاب رئيس للبنان يتقدم على وقف النار في لقاءات هوكستين

واشنطن لا تسعى إلى تعديل القرار 1701... وتضغط للالتزام بتطبيقه كاملاً

هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)
هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)
TT

انتخاب رئيس للبنان يتقدم على وقف النار في لقاءات هوكستين

هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)
هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)

رغم تصدر وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل أجندة المحادثات التي يجريها، الاثنين، الوسيط الأميركي أموس هوكستين مع المسؤولين في بيروت، إلا أن دبلوماسيين غربيين شككوا في إمكانية التوصل إلى اتفاق، «ما يعني حكماً تقدم ملف انتخاب الرئيس».

وقال دبلوماسي غربي في بيروت لـ«الشرق الأوسط»، اليوم الأحد، إن «الظروف ليست ناضجة للتوصل إلى وقف النار ما لم يكن مشمولاً بتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل لإخلاء بعض النقاط التي تحتلها وتتبع السيادة اللبنانية، في مقابل إخلاء جنوب نهر الليطاني من أي سلاح غير شرعي يعود إلى (حزب الله) الذي لم يعد أمامه سوى الانكفاء إلى شمال الليطاني»، في تطبيق للقرار الأممي 1701.

ولفت إلى أن «المجتمع الدولي يلح على توفير الضمانات لتطبيق القرار 1701... وهذا ما تقع مسؤوليته على الحكومة اللبنانية، بالإنابة عن (حزب الله)، بوصفها صاحبة القرار الحصري في الجنوب، في موازاة المسؤولية الملقاة على إسرائيل لتماديها في خرقها الأجواء اللبنانية».

ورأى الدبلوماسي أن إجماع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، على الفصل بين جبهتي الجنوب وغزة «يلقى كل ترحيب ويؤسس، عندما تحين الفرصة، لتكثيف الجهود لإعادة الهدوء إلى الجنوب».

واعتبر أن موقفهم يشكل «خريطة طريق للتوصل إلى وقف النار تمهيداً لنشر الجيش شرطاً لتطبيق القرار 1701، جاءت متلازمة مع دعوتهم إلى التفاهم على رئيس توافقي لا يشكل تحدياً لأحد».

هوكستين وملف انتخاب الرئيس

وقال دبلوماسي غربي آخر في بيروت لـ«الشرق الأوسط» إن «الظروف ليست مواتية لوقف النار، وهذا يعني حكماً أن انتخاب الرئيس يمكن أن يتقدم على وقفها، وهو يلقى تأييد واشنطن».

ولم يستبعد أن يتصدر الملف لقاءات هوكستين مع ميقاتي وبري وقائد الجيش العماد جوزف عون، «بحكم أولوية إنهاء الشغور الرئاسي كشرط لانتظام المؤسسات الدستورية، ليكون في وسع الرئيس المنتخب تولي المفاوضات إلى جانب حكومة تصريف الأعمال لوقف النار ونشر الجيش لتطبيق القرار 1701، انطلاقاً من تنفيذه بكامل بنوده وعدم إخضاعه للاجتهادات التي حالت دون تطبيقه كما يجب».

وأشار الدبلوماسي إلى أن «سوء تطبيق القرار أدى إلى تشريع الخروق على جانبي الحدود، وأوجد حالة من التعايش بين سلاحي الشرعية و(حزب الله) الذي أتاح له بإسناده (حماس) التفرد بقرار الحرب والسلم الذي هو حصراً بيد الحكومة، واستدراج لبنان لمغامرة عسكرية غير محسوبة النتائج».

لا تعديلات على القرار 1701

لكن خلافاً لما نُقل عن هوكستين ونفته مصادر السفارة الأميركية، لن يسعى المبعوث الأميركي إلى تعديل القرار 1701، وإنما «الضغط لتحسين الشروط المؤدية إلى تطبيقه على نحو يعبد الطريق أمام تمكين الدولة اللبنانية من بسط سيادتها كاملة على منطقة جنوب الليطاني، ممثلة في الجيش اللبناني، بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل)»، كما يقول مصدر قريب من السفارة الأميركية في بيروت.

طائرة إطفاء إسرائيلية تحاول إخماد نيران اندلعت في شمال إسرائيل جراء قصف من جنوب لبنان (أ ف ب)

وأشار المصدر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «واشنطن ليست في وارد الانصياع، تحت أي ظرف كان، لرغبة إسرائيل بتعديل القرار 1701، وكل ما يهمها هو تطبيقه من دون شروط والالتزام بمضامينه، على أن يشمل كل مندرجاته الواردة أساساً في صلب اتفاق الطائف الذي نصّ صراحة على حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم سلاحها، وهذا ما حدث باستثناء (حزب الله) الذي احتفظ بسلاحه».

غير أن المصدر أكد ما تحدث عنه الدبلوماسيان الغربيان من تقدم ملف سد الفراغ الرئاسي على الجانب الميداني. وأوضح أن الوسيط الأميركي «يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس على وقف إطلاق النار، باعتبار أن الظروف في الميدان ليست ناضجة ومواتية لتحقيقه، وبالتالي هناك ضرورة للالتفات إلى وقف تعطيل الانتخاب».

تساؤلات عن تجاوب «حزب الله»

وتستغرب مصادر مقربة من رئيس مجلس النواب ما رُوّج عن وجود نية لتعديل القرار 1701، ونقلت عنه تأكيده أنه لم يسبق للوسيط الأميركي في اللقاءات التي عُقدت بينهما أن طرح إدخال أي تعديل على القرار. وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الموقف نفسه ينسحب على ما دار في الاتصال الذي تلقاه بري من وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، وخُصص لبحث وقف النار واستجابة الجانب اللبناني للنداء الأميركي - الفرنسي بالتوصل لهدنة لمدة 3 أسابيع، تمهيداً لبحث الآلية المطلوبة لتطبيق القرار.

وتنقل المصادر عن بري، بتفويض من «حزب الله»، تأكيده أن «تطبيق القرار يحظى بإجماع لبناني، ويلقى دعماً من القمة الروحية التي باركت الخطوات المؤدية لوقف الحرب».

عناصر من «يونيفيل» ينقلون المياه إلى مقر للبعثة الدولية في ميس الجبل (الأمم المتحدة)

غير أن الدبلوماسيَين الغربيَين تساءلا عن مدى تجاوب «حزب الله» مع مساعي تطبيق القرار 1701. وقال أحدهما: «ليس واضحاً ما إذا كان الحزب سينخرط في الجهود لإنهاء الحرب وإعادة الاستقرار إلى الجنوب، أم ان الحرب ستبقى مشتعلة لعلها تدفع بالمجتمع الدولي للتواصل مع إيران وطلب وساطتها لإقناع حليفها بالتجاوب مع الإجماع اللبناني على وقف النار».

ولفت إلى تناقض المسعى الأخير مع «إجماع الأطراف الدولية على اختلافها، على وجوب تقليص نفوذ إيران في المنطقة من خلال شلّ قدرة أذرعها على تهديد الاستقرار، خصوصاً أن إسناد الحزب غزة قوبل بمعارضة داخلياً ودولياً وعربياً، وهذا ما يجعله وحيداً في حربه».

تشديد على تمكين «يونيفيل»

وتؤكد المصادر الدبلوماسية أن تطبيق القرار «1701» بقي منقوصاً، لاستمرار خرقه على جانبي الحدود من قبل «حزب الله» وإسرائيل. وتقول إن توفير الشروط لتطبيقه كما يجب، يتطلب الاستجابة للملاحظات التي تدرجها الأمانة العامة للأمم المتحدة في تقريرها السنوي حول سير تطبيقه عند النظر في طلب الحكومة اللبنانية بالتجديد لـ«يونيفيل».

وتلفت إلى أن تحرير مهمة «يونيفيل» في مؤازرتها الجيش لبسط سيادة الدولة، يتطلب عدم تقييد الوحدات التابعة لها، وعدم منعها من التحرك في ملاحقتها التجاوزات التي تمنع تطبيقه على السواء بين لبنان وإسرائيل. وتؤكد أن قيادتها، وإن كانت تشكو من تعرّض «حزب الله» لوحداتها المنتشرة في جنوب الليطاني، «فهي أيضاً لا تصرف النظر عن استمرار إسرائيل في خرقها الأجواء اللبنانية، وبالتالي؛ فإن الطرفين يتساويان في تعطيل مهمتها الموكلة إليها من قبل الأمم المتحدة».


مقالات ذات صلة

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

المشرق العربي عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

تحاول المستشفيات في جنوب لبنان، النهوض مجدداً رغم الصعوبات، بعد انتهاء الحرب، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل.

حنان حمدان (بيروت)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
يوميات الشرق يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)

«النجوم تلمع أملاً» من أجل فنان لبنان المُلقى في النسيان

3 عقود في الإعلام والحوارات، جعلت اسم ريكاردو كرم اختزالاً للصدقية والشفافية. وبالتحاق الشغف والمحبة بالفضيلتَيْن المتراكمتَيْن، يضمن التجاوب وحماسة الخيِّرين.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

فكُّ عزلة «السيدة زينب» عن محيطها مع البلدات المجاورة

مقام «السيدة زينب» يعود إلى أهل المنطقة (الشرق الأوسط)
مقام «السيدة زينب» يعود إلى أهل المنطقة (الشرق الأوسط)
TT

فكُّ عزلة «السيدة زينب» عن محيطها مع البلدات المجاورة

مقام «السيدة زينب» يعود إلى أهل المنطقة (الشرق الأوسط)
مقام «السيدة زينب» يعود إلى أهل المنطقة (الشرق الأوسط)

العزلة المحكمة التي فرضها «الحرس الثوري» الإيراني على بلدة «السيدة زينب» جنوب دمشق انتهت. كل الطرق المؤدية إليها من دمشق باتت مفتوحة أمام الأهالي والزوار، مع انتهاء الوجود الإيراني وسقوط نظام الأسد.

الطريق إليها من أوتوستراد المتحلق الجنوبي، ومن ثم حي القزاز فبلدة ببيلا، وصولاً إلى بلدة حجيرة مدخل «السيدة زينب» الشمالي، خالٍ من جميع الحواجز. في حين أزيل الساتر الترابي الضخم الذي وضعته ميليشيات إيران وأجهزة الأمن السابقة، منذ سنوات الثورة الأولى، على مدخل حجيرة الواقعة على بعد كيلومتر واحد من مقام «السيدة زينب».

موقع الساتر الترابي السابق بين بلدتي ببيلا وحجيرة قبل الوصول إلى «السيدة زينب» (الشرق الأوسط)

كان الساتر يمنع دخول السيارات إلى حجيرة، في حين يتمكن الأفراد والدراجات الهوائية والنارية من تجاوزه عبر جانبيه للوصول إلى منازلهم، حيث ارتفاع الساتر أقل مما هو عليه في مناطق أخرى، وكان يوجد خلفه عناصر مسلحة يُعتقد أنها من أجهزة الأمن السورية و«حزب الله» اللبناني، تقوم بالتدقيق بشكل كبير في البطاقات الشخصية للمارّة.

كانت حجة عزل «مقام زينب»، وحصر الوصول إليه من طريق واحد هو مفرق المستقبل على الجهة الشرقية من مطار دمشق الدولي، حماية المقام من أهالي البلدات المجاورة (يلدا، وببيلا، وبيت سحم، وعقربا...) ذات الأغلبية السكانية السنية الموجودة تاريخياً هناك، بحجة وجود عداوة بين تلك البلدات التي كانت تسيطر عليها فصائل من «الجيش الحر» («جيش أبابيل»، و«لواء العز بن عبد السلام»، و«كتيبة ابن تيمية»، و«هيئة تحرير الشام»...)، وبين أهالي «السيدة زينب» التي أغرقتها إيران بالميليشيات (الطائفية) التابعة لها مع عوائلهم.

الطريق المؤدي من حي القزاز إلى بلدة ببيلا يشهد ازدحام السيارات مرة أخرى (الشرق الأوسط)

حالياً، الدخول من القزاز إلى ببيلا بات متاحاً للجميع، بعدما كان حاجز جيش النظام عند مدخل ناحية ببيلا الذي تمت إزالته، يدقق بالبطاقات الشخصية لركاب وسائل النقل وعموم السيارات، وبهويات المارّة، ويمنع الكثيرين من الدخول، ويعتقل العشرات من المتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، ومن كان يسميهم النظام «مطلوبين».

حاجز أمني للنظام السابق على طريق القزاز - ببيلا إلى «السيدة زينب» وقد خلا من المظاهر المسلحة (الشرق الأوسط)

في السياق ذاته، عادت الحيوية إلى طريق القزاز - ببيلا الذي بات يعج ذهاباً وإياباً بالسيارات الخاصة والعامة ووسائل نقل الركاب، في حين يغص دوار ببيلا بالسيارات والمارّة، وبدت المحال التجارية في أوج نشاطها، مزيّنة بعلَم سوريا الجديد على واجهاتها.

يقوم بحفظ الأمن في ببيلا مقاتلون من فصائل المعارضة المسلحة عادوا إليها بشكل فردي، إضافة إلى مجموعات من أهالي المنطقة، يتخذون من مبنى قسم شرطة ببيلا مقراً لهم.

مقاتل عرف نفسه بـ«أبو محمد»، يوضح وهو مفعم بالفرح، أنه «تمكن أخيراً من رؤية والديه»، بعد أكثر من ثماني سنوات على تهجيره إلى الشمال من قبل النظام.

منطقة «السيدة زينب» بعد إزالة حاجز «حزب الله» (الشرق الأوسط)

يقول المقاتل لـ«الشرق الأوسط»: «نقوم بتأمين الأمن للمواطنين، وحماية المؤسسات والدوائر الحكومية، وتنظيم السير، واستقبال شكاوى الأهالي ومتابعتها»، مشيراً إلى أن طبيعة الشكاوى التي تتضمن تهديدات بالانتقام «قليلة جداً».

رئيس المجلس المحلي في ببيلا محمد عنتر (الشرق الأوسط)

بدوره، رئيس المجلس المحلي في ببيلا، محمد عنتر، يصف الوضع في البلدة بأنه «جيد»، ويضيف: «في الساعات الأولى لسقوط النظام كان طاقم البلدية موجوداً في المقر، حميناه مع مقر المحكمة من الفوضى، وفي اليوم التالي تمت إزالة الحواجز».

ووفقاً لعنتر، فقد «جرى تشكيل لجان من المجتمع المحلي لضبط الأمن؛ لأن عدداً كبيراً من الناس كان بحوزتهم سلاح، وقد خصصنا لحماية كل جادة خمسة أشخاص. كما لدينا ضابط شرطة برتبة عقيد عرض خدماته، وقد تم تكليفه بتيسير الأمور بعد الاتفاق مع وجهاء البلدة لضبط مسألة السلاح والأمن، ريثما تصل (إدارة العمليات العسكرية) وتستلم الأمور»، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم يصل مقاتلون منها إلى ببيلا.

ازدحام السيارات على دوار بلدة ببيلا بريف دمشق (الشرق الأوسط)

ويلفت عنتر إلى أن الساتر الترابي الضخم الذي أقامته ميليشيات إيران والنظام بين آخر طريق البلدة من الجهة الجنوبية ومدخل حجيرة، تمت إزالته. ويقول: «وضعوه لمنع أهالي ببيلا ويلدا وبيت سحم وعقربا من الدخول إلى (السيدة زينب) بحجة المحافظة على أمنها».

مبنى المجلس المحلي في ببيلا والمحكمة في البلدة (الشرق الأوسط)

ويضيف: «بعد فتح الطريق لم تحصل أي مشكلة في ببيلا ولا في (السيدة زينب)، ولم تحصل عمليات ثأر، وأصلاً أهل (السيدة زينب) - الأصليون - قاموا بتنظيف المقام، وحالياً هم من يحميه، وهو مفتوح للجميع دون استثناء وبكل احترام».

ويؤكد عنتر أن الوضع «أفضل بكثير» بعد خروج إيران وميليشياتها وسقوط حكم الأسد، مضيفاً: «بوجود الإيرانيين كنا نعيش في رعب؛ يعتقل الأمن الأشخاص لأسباب لا نتوقعها، أما الآن فكل الناس مرتاحة».

دوار بلدة حجيرة باتجاه «السيدة زينب» (الشرق الأوسط)

عودة الحياة الطبيعية والحيوية التي تشهدها ببيلا تنسحب على بلدة حجيرة؛ فمع تجاوز مكان الساتر الترابي المزال تبدو ملامح التغيّر مع مواصلة وسائل النقل؛ «السرافيس» والسيارات الخاصة والعامة، طريقها دون أي إعاقات، إلى دوار حجيرة الذي تزدحم فيه السيارات عند مفترقات الطرق المتفرعة عنه.

وبينما تحاول السيارات شق طريقها بصعوبة وسط الازدحام، يقول شاب لـ«الشرق الأوسط» نزل عند دوار حجيرة من «سرفيس» قادم من وسط دمشق: «هيك أحسن بمليون مرة، بربع ساعة صرت بالحارة، بعد ما كنا نقضي ساعة ونص على طريق المطار (25 كم)، ويذلّونا على حاجز المستقبل، أو نمشي 3 كم من حجيرة لببيلا لنطلع بـ(السرفيس) ونروح على الدوام». في حين يعقّب صاحب محل تجاري على مغادرة إيران وميليشياتها المنطقة، قائلاً: «الله لا يردهم»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «عقّدونا على الحواجز؛ هذا مسموح له (بالدخول) وهذا ممنوع، وهذا اعتقلوه وهذا احتجزوه».

مقر مغلق لإحدى الحوزات الإيرانية الشيعية في «السيدة زينب» (الشرق الأوسط)

بعد تجاوز دوار حجيرة نحو الشمال تبدأ الحدود الإدارية لـ«السيدة زينب»، ويظهر مقامها وقد أزيلت من مدخله كافة بقايا مخلفات النظام وإيران؛ من حواجز وأعلام وصور الأسد ورموز إيران وميليشياتها وراياتها، مع وجود عدد من العناصر المسلحة لضبط الأمن بدا أنهم من أهالي المنطقة، في حين ينتشر في قلب المدينة مقاتلون من «إدارة العمليات العسكرية».

العلَم السوري الجديد يزيّن محلاً لبيع الخضراوات في ببيلا (الشرق الأوسط)

ولعل أكثر ما يريح أهالي المنطقة وزوارها، هو انتهاء عمليات المراقبة الطائفية اللصيقة التي كان يقوم بها مسلحو الميليشيات الإيرانية للأشخاص الذين يوضح مظهرهم الخارجي أنهم من سكان المنطقة لا طارئين عليها، حيث كانت تلك العناصر تتعقبهم بدقة، محاولة التنصت عليهم عند إجرائهم مكالمات هاتفية.