الأجور البريطانية تسجّل أبطأ نمو منذ عامين

وسط تراجع الوظائف الشاغرة وتوقعات بخفض الفائدة

أشخاص يسيرون بالقرب من مبنى «بنك إنجلترا» في لندن (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من مبنى «بنك إنجلترا» في لندن (رويترز)
TT

الأجور البريطانية تسجّل أبطأ نمو منذ عامين

أشخاص يسيرون بالقرب من مبنى «بنك إنجلترا» في لندن (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من مبنى «بنك إنجلترا» في لندن (رويترز)

نمت الأجور في بريطانيا بأبطأ وتيرة لها منذ أكثر من عامين خلال الأشهر الثلاثة حتى أغسطس (آب)، في حين انخفضت الوظائف الشاغرة مرة أخرى، وفقاً لبيانات رسمية من المرجح أن يرحّب بها «بنك إنجلترا»؛ إذ يفكر في موعد خفض أسعار الفائدة مجدداً.

وأوضح مكتب «الإحصاء الوطني» أن متوسط الدخل الأسبوعي، باستثناء المكافآت، ارتفع بنسبة 4.9 في المائة، مقارنة بالعام السابق في الأشهر الثلاثة المنتهية في أغسطس، وهو ما يتماشى مع توقعات خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم.

ولم يسجل الجنيه الإسترليني تغيراً يُذكر مقابل الدولار الأميركي بعد صدور هذه الأرقام، إذ لا يزال المستثمرون متشبثين برهاناتهم على خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل، مع توقعات تشير إلى فرصة بنسبة 80 في المائة لخفضها بمقدار ربع نقطة مئوية في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفّض «بنك إنجلترا» تكاليف الاقتراض في أغسطس، لكنه أبقى عليها دون تغيير في اجتماعه في سبتمبر (أيلول)، مشيراً إلى ضرورة رؤية مزيد من العلامات على انحسار ضغوط التضخم. ومن المتوقع أن تُظهر البيانات، المقرر صدورها يوم الأربعاء، انخفاض مؤشر أسعار المستهلك البريطاني إلى 1.9 في المائة في سبتمبر، وهو ما يقل عن هدف البنك البالغ 2 في المائة، رغم أن التضخم الأساسي من المرجح أن يكون أقوى، وفقاً لآراء الاقتصاديين.

وقال نائب كبير الاقتصاديين في شركة إدارة الأصول «أبردين»، لوك بارثولوميو: «في الوقت الحالي، يبدو أن خفض أسعار الفائدة مرة أخرى في نوفمبر (تشرين الثاني) أمر مؤكد، وسنرى كيف ستؤثر الموازنة في توقعات الأسعار من هناك».

ومن المقرر أن يصدر أول إعلان عن الضرائب والإنفاق من الحكومة الجديدة في 30 أكتوبر (تشرين الأول).

ورفضت وزيرة المالية راشيل ريفز، الاثنين، استبعاد إمكانية زيادة إسهامات الضمان الاجتماعي التي يدفعها أصحاب العمل، مما دفع حزب «المحافظين» المعارض إلى القول إنها تخطط لفرض «ضريبة على الوظائف».

وأظهرت بيانات مكتب «الإحصاء الوطني» أيضاً تهدئة الضغوط التضخمية في سوق العمل التي تفاقمت في أثناء جائحة «كوفيد- 19» وبعدها، عندما سارع أصحاب العمل في العثور على موظفين ورفع الأجور بشكل حاد. وباستثناء المكافآت، تباطأ نمو أجور القطاع الخاص -الذي يراقبه «بنك إنجلترا» من كثب- إلى 4.8 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى أغسطس، مما يجعله على المسار الصحيح لتلبية توقعات البنك بزيادة قدرها 4.8 في المائة للربع الثالث.

بالإضافة إلى علامات تباطؤ سوق العمل، انخفض العدد التقديري للوظائف الشاغرة في المملكة المتحدة بنحو 34 ألف وظيفة في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر إلى 841 ألف وظيفة، وهو ما يعادل تقريباً مستويات ما قبل الجائحة.

كما أظهرت أرقام مكتب «الإحصاء الوطني» انخفاضاً جديداً في معدل البطالة إلى 4 في المائة خلال الأشهر الثلاثة حتى أغسطس، وهو أدنى مستوى له هذا العام وأكبر زيادة في التوظيف على الإطلاق. ومع ذلك، حذّر المكتب من أن مسح القوى العاملة المستخدم لقياس معدل البطالة والتوظيف بحاجة إلى إصلاح بسبب انخفاض معدلات الاستجابة.

ولفت إلى أن «المصادر الخارجية تشير إلى أن الزيادات الأخيرة في مقاييس مسح القوى العاملة للتوظيف قد تكون مبالغاً فيها»، مضيفاً أن «البطالة ربما انخفضت بأقل مما أشارت إليه الأرقام الرئيسية».


مقالات ذات صلة

اقتصاد منطقة اليورو يظهر بعض علامات النمو

الاقتصاد رمز «اليورو» أمام المقر السابق لـ«المصرف المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

اقتصاد منطقة اليورو يظهر بعض علامات النمو

أظهر اقتصاد منطقة اليورو بعض علامات النمو يوم الثلاثاء، حيث برزت مجموعة من المؤشرات التي تُظهر نمواً فاتراً ولكنه إيجابي للمنطقة التي كانت على شفا الركود.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت (ألمانيا))
الاقتصاد يجلس الناس في مطعم بالهواء الطلق وسط الصراع المستمر بين «حماس» وإسرائيل في تل أبيب (رويترز)

تعديل نمو الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بالانخفاض نتيجة حرب غزة

أظهرت بيانات يوم الثلاثاء أن اقتصاد إسرائيل نما بوتيرة أبطأ من المتوقع في الربع الثاني، في ظل تأثير الحرب المستمرة ضد حركة «حماس» في غزة على النمو.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الاقتصاد يعبر الأشخاص الفارون من العنف في غرب دارفور الحدود إلى أدري بتشاد (رويترز)

البنك الدولي يخفض توقعات نمو أفريقيا جنوب الصحراء بسبب السودان

قال البنك الدولي، الاثنين، إنه خفض توقعاته لنمو الاقتصاد في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هذا العام إلى 3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (نيروبي )
الاقتصاد مقر «سلطة النقد» في سنغافورة (رويترز)

سنغافورة تُبقي السياسة النقدية ثابتة وسط انتعاش الاقتصاد

أبقى المصرف المركزي في سنغافورة، يوم الاثنين، إعدادات السياسة النقدية دون تغيير، كما كان متوقعاً، حيث أظهرت البيانات انتعاش الاقتصاد خلال الربع الثالث.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون لشراء الخضراوات والفواكه من سوق في يونتشنغ بمقاطعة شانشي شمال الصين (أ.ف.ب)

«غولدمان ساكس» يرفع توقعاته لنمو الصين بعد إعلانها عن حزمة تحفيز اقتصادية

رفع «غولدمان ساكس» توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 4.9 في المائة من 4.7 في المائة في 2024، وفقاً لمذكرة بحثية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

زيادة الرسوم الجمركية... العامل المشترك بين ترمب وهاريس

سفن شحن راسية محملة بحاويات في «بورت إليزابيث» بنيوجيرسي (رويترز)
سفن شحن راسية محملة بحاويات في «بورت إليزابيث» بنيوجيرسي (رويترز)
TT

زيادة الرسوم الجمركية... العامل المشترك بين ترمب وهاريس

سفن شحن راسية محملة بحاويات في «بورت إليزابيث» بنيوجيرسي (رويترز)
سفن شحن راسية محملة بحاويات في «بورت إليزابيث» بنيوجيرسي (رويترز)

مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في نوفمبر (تشرين الثاني)، يستعد كثير من الشركات في الولايات المتحدة لزيادة محتملة في الرسوم الجمركية، مع توقع حدوث اضطرابات اقتصادية.

ولم تعد الرسوم الجمركية من المحظورات في واشنطن، فإدارة نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، لم تحافظ فحسب على الرسوم التي فرضها منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب على السلع الصينية، وإنما أضافت إليها مزيداً من الرسوم.

أما ترمب فيعتزم، في حال فوزه، زيادة الرسوم الجمركية على مجمل الواردات بنسبة لا تقل عن 10 في المائة حسب المنتجات، وصولاً إلى 60 في المائة على الواردات الصينية.

وقال ترمب، في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، الأحد، إن الرسوم الجمركية «ستجعل بلادنا غنية من جديد»، مضيفاً أنه من دونها سيكون «لدينا بلد مترنح». لكن بالنسبة إلى رجال الأعمال، وبينهم روبرت أكتيس، فإن ذلك سيزيد الوضع تعقيداً.

فمنذ 2020، ومع فرض الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم، وجد أكتيس صعوبات متزايدة في العثور على موردين للمواد الخام، ولم يتحسّن الوضع مع تدابير جو بايدن الأخيرة.

وقال: «سوف يسرّني شراء منتجات أميركية، ولكن لا أحد يصنعها»، في إشارة إلى الشبكة المعدنية المستخدمة في البناء التي يتعيّن استيرادها.

وإن كان استفاد من الإعفاءات الجمركية حتى الآن، إلا أنه ينبغي تجديدها سنوياً من دون أي ضمانة، ما يحتم عليه -على حد قوله- تكاليف إضافية تسبّبت في ارتفاع أسعاره تدريجياً.

نقص في اليد العاملة

وانعكس ذلك على كثير من الصناعات، وقدّرت جمعية الملابس الأميركية أن أسعار التجزئة ارتفعت بشكل سنوي من 5 إلى 10 في المائة منذ 2020.

وأوضح نائب رئيس الجمعية نيت هيرمان، أنه «في البداية، خفض أعضاؤنا هوامش ربحهم»، لكن الصعوبات التي يواجهها القطاع لم تعد تسمح بذلك.

ولا تستفيد الصناعة المحلية بالضرورة من الرسوم الجمركية، فقد أغلقت 14 مصنع نسيج أبوابها في السنوات الأخيرة، ولم تعد بعض المنتجات تُصنع محلياً بسبب نقص اليد العاملة المؤهلة والآلات.

وأشار هيرمان إلى أن «متوسط العمر في المصانع الأميركية بلغ نحو 50 عاماً، لأننا لا نستطيع توظيف الأقل عمراً».

وقال المدير العام لشركة «ستريملايت» لتجهيزات الإضافة، راي شارا، إن الرسوم الجمركية المشددة تتسبّب بتكاليف إضافية «تُقدّر بملايين الدولارات لشركات صغيرة مثلنا».

وأضاف: «علينا أن ندفعها، وفي النهاية تقع على عاتق المستهلك، وهذه مشكلة أي رسوم جمركية».

ومع اقتراب الانتخابات في الخامس من نوفمبر، يزداد انعدام اليقين الذي يمثّل أسوأ كابوس يراود رجال الأعمال.

وأظهر مسح أجراه فرع «الاحتياطي الفيدرالي» في ريتشموند أن 30 في المائة من الشركات أعلنت إرجاء أو تقليص أو حتى إلغاء الاستثمارات المخطط لها بسبب الانتخابات.

التضخم سيعود

وأوضح شارا أن «هذا يعوق نشاطنا واستثماراتنا، ويخلق بشكل عام أثراً مخففاً للتنمية الاقتصادية».

وهو يحاول مع شركائه نقل تصنيع أحد المكونات الأساسية إلى الولايات المتحدة، لكن «الوقت الذي نقضيه في العمل على سلاسل التوريد يأتي على حساب تطوير شركتنا».

ويُضاف إلى ذلك البحث عن مصادر جديدة للإمدادات، وهو ليس بالأمر اليسير، حسب «جمعية الملابس الأميركية» التي تتوقع أن تستورد الشركات بشكل أكبر لتأمين مخزونها قبل الزيادة المحتملة في الرسوم الجمركية، كما حدث في 2018.

وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات، تتوقع الشركات الإبقاء على الرسوم الجمركية.

ورأى أكتيس أنه «لا يوجد أي احتمال بأن يتخلّى أي من المعسكرين عنها، فالاتجاه نحو الزيادة».

وعدّ رئيس شركة «كولونيال ميتال برودكتس»، ويل توماس، أن الشركات لا تستطيع أن تفعل كثيراً حيال ذلك؛ لأن «المرشحين يلعبان على العواطف. ولكن إذا لم تعد المنتجات متوفرة وكل ما تفعله هو زيادة تكاليف الإنتاج فماذا يحدث؟ عندها يعود التضخم».

وقال رئيس شركة «تريم إيلوجن» لاستيراد قطع غيار السيارات، كولبي ماكلولين: «أنا لست ضد الرسوم الجمركية، ما دام هناك خطة أو دعم لمساعدة الشركات على الإنتاج، لكنني لم أسمع شيئاً بهذا الصدد».

وبصفته ناخباً، يبدو منقسماً بين تطلعاته بوصفه رجل أعمال ورؤيته بوصفه مواطناً. وبانتظار أن تتضح الأمور ينوي تكثيف استثماراته لتسريع إيراداته.