الرد الإسرائيلي على إيران «قاس ويمكن ابتلاعه»

بايدن «المجبر» اتفق مع نتنياهو على مبادئ لا تشمل «احتلال لبنان»

نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)
نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)
TT

الرد الإسرائيلي على إيران «قاس ويمكن ابتلاعه»

نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)
نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)

رغم التصنع الذي خيم على المكالمة الهاتفية التي جمعتهما، الأربعاء، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن اتفقا على ترك قرار مهاجمة إيران لأجهزة الأمن في البلدين، إلى جانب «مبادئ أساسية» بشأن التصعيد في لبنان وغزة.

وكُشف في تل أبيب، الخميس، عن أجواء المكالمة بين الرجلين، حيث اختلفا حول عدد غير قليل من القضايا، بعد قطيعة دامت نحو شهر ونصف شهر.

وكان البيت الأبيض قد صرح بأن المكالمة دامت 30 دقيقة، بعد أن أعلن الإسرائيليون أنها استمرت 50 دقيقة، في إشارة هامشية على الخلافات بين الطرفين.

وتفاهم نتنياهو وبايدن على «تكليف أجهزة الأمن في البلدين بتحديد طابع الرد الإسرائيلي على الهجمة الصاروخية الإيرانية»، وأقرا عدداً من «المبادئ والأسس» لهذا الرد.

أهم هذه المبادئ أن يكون ضرب إيران محسوباً؛ حتى تستطيع الولايات المتحدة العمل على مساعدة طهران في ابتلاع الضربة دون الرد عليها.

كما جرى الاتفاق على أن تواصل واشنطن دعمها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في لبنان ضد «حزب الله»، بما في ذلك الاجتياح البري، بشرط ألا يتحول إلى احتلال، أو أن يكون لبنان غزة ثانية.

وفي مقابل مواصلة الولايات المتحدة جهودها لإبرام صفقة شاملة لوقف النار على كل الجبهات وإبرام صفقة تبادل أسرى دفعة واحدة وليس على مراحل، تلتزم إسرائيل بتوضيح خطتها لليوم التالي في لبنان، وكذلك بمواصلة المساعدات الإنسانية في غزة.

صورة وزّعها مكتب نتنياهو خلال المكالمة التي أُجريت مع الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء

بايدن مجبر على نتنياهو

لكن الإعلام في إسرائيل يؤكد أيضاً أن بايدن توجه إلى هذه المكالمة مجبراً، بعد قطيعة مع نتنياهو منذ شهر ونصف شهر.

وقد أقدم بايدن على مهاتفة نتنياهو بعد نحو 24 ساعة من وضع الأخير شروطاً قبل الموافقة على زيارة وزير الدفاع يوآف غالانت، إلى واشنطن؛ لضمان الحصول على دعم أميركي للرد الإسرائيلي المتوقع على إيران.

ومن أسباب رضوخ بايدن لإملاءات نتنياهو، في إجراء المكالمة أولاً، أنه لم يرغب في أن ينفلت رئيس الوزراء الإسرائيلي فيضرب إيران بشكل غير مدروس، وترد إيران بقوة فتضطر أميركا إلى الانجرار.

إلا أن هناك سبباً آخر، فقد كان بايدن على موعد مع قيادات يهودية بشأن الانتخابات. وتوقع أن يطرح قسم منهم موضوع امتناع الرئيس عن مكالمة نتنياهو، ولم يرد أن يشوب هذا الاجتماع أي طابع سلبي. بالفعل، عقد هذا الاجتماع وراح بايدن يوضح لليهود الأميركيين كم كانت المكالمة إيجابية، وما هي المحاذير الأميركية التي تصب في مصلحة إسرائيل وأمنها وتعزيز تحالفها مع الولايات المتحدة.

وذكرت «القناة الـ12» الإسرائيلية، نقلاً عن مصدر إسرائيلي مطلع، أن «المكالمة جرت في أجواء إيجابية، بشأن شروط الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني».

وذكرت «القناة الـ13» أن الرسالة التي نقلها الجانب الأميركي لإسرائيل هي ألا تهاجم المنشآت النووية والنفطية في إيران، ولفتت القناة إلى تقديرات تشير إلى أن «الرد الإسرائيلي سيحدث فقط بعد مرور (يوم الغفران) الذي يصادف يوم السبت القريب.

ونقلت القناة عن مصادر إسرائيلية أن تل أبيب مستعدة لوقف إطلاق النار في لبنان، بشرط الالتزام بتطبيق القرار 1701، بالإضافة إلى «شروط إضافية تضمن منع (حزب الله) من الاقتراب من المنطقة الحدودية» في جنوب لبنان.

وبحسب التقارير، فإن إسرائيل تواصل استعداداتها للرد على الهجوم الإيراني في مداولات أمنية مكثفة يعقدها نتنياهو بمشاركة كبار الوزراء في الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية.

وكان نتنياهو قد استدعى الوزراء إلى مشاورات أمنية مغلقة في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، مساء الأربعاء، استمرت نحو خمس ساعات.

بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء في البيت الأبيض 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

أزمة ثقة

وحذر خبراء عسكريون مقربون من قيادة الجيش الإسرائيلي من أن ينكث نتنياهو وعوده للرئيس الأميركي، وأشاروا إلى «مشكلة ثقة كبيرة بين الطرفين يمكن أن تفجر الخلافات بشكل كبير، عندما يبدأ الرد الإسرائيلي».

وكتب يوآف ليمور، المراسل العسكري لصحيفة اليمين «يسرائيل هيوم»، أن «النجاحات في الأسابيع الأخيرة في الحرب في الشمال وحالة النشوة المبالغ فيها في المستوى السياسي، دفعت كثيرين للتفكير بأن (حزب الله) قد هزم. وهذا خطأ، بالطبع».

وتابع ليمور: «صحيح أن منظمة الإرهاب تلقت ضربات قاسية لكنها لم تنكسر. (حزب الله) يجد صعوبة كبيرة في أن يخرج خطته الحربية إلى حيز التنفيذ، لكنه لا يزال قادراً على أن يلحق بإسرائيل خسائر وأضرار، كما شهدنا أخيراً في الهجوم الذي قتل فيه مواطنان في كريات شمونة».

وقال ليمور إن «على القيادة الإسرائيلية أن تأخذ في الحسبان ليس فقط اعتبارات الردع، بل أيضاً الرد الإيراني المحتمل الذي من شأنه أن يجرنا إلى حرب استنزاف، وأن تأخذ بالاعتبار الموقف الأميركي الذي تحتاج إسرائيل إلى دعمه في أثناء الهجوم (في المجال الجوي والاستخباري) وبعده (في الساحة الدبلوماسية)، وبالطبع في مسألة الذخائر التي ستلقى أهمية إذا ما علقت إسرائيل في معركة تلزمها بتعميق أعمالها في إيران».

وقال الجنرال عمر بار ليف، وزير الأمن الداخلي السابق، إن «هناك شبه إجماع في الأوساط العسكرية على أن إلحاق ضرر ذي مغزى بالقدرة النووية لإيران يتطلب تعاوناً وثيقاً مع الولايات المتحدة»، لكنه أشار إلى أن مثل هذا التعاون «غير ممكن مع اقتراب الانتخابات الأميركية، وقد يكون ممكناً بعدها».

وتابع بار ليف: «لقد شهد النظام في طهران قوة إسرائيل العسكرية في الدفاع، وذاق مرارة قدرتها الهجومية في غزة ولبنان واليمن، حيث تجتث إسرائيل أذرع إيران الطويلة (...) على إسرائيل أن تنظر إلى الأمام، إلى التهديد الحقيقي».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف منصات صواريخ لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

المشرق العربي تصاعد دخان بعد قصف إسرائيلي في جنوب لبنان يوم 11 أكتوبر 2023 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف منصات صواريخ لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

أكد الجيش الإسرائيلي أن طائراته المقاتلة نفّذت غارة جوية في جنوب لبنان قبل قليل، وقال إنها استهدفت منصات إطلاق صواريخ متوسطة المدى في موقع لجماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

تفاؤل لبناني بإنجاز الاستحقاق الرئاسي الأسبوع المقبل

قبل أسبوع من موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المحددة في 9 يناير، ما زال التكتم يسود مواقف الأفرقاء اللبنانيين لجهة أسماء مرشحيهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيس لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (رئاسة البرلمان)

الخروقات الإسرائيلية تتواصل جنوب لبنان... وترقب للانسحاب من الناقورة

تتواصل الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار مع توغل الجيش الإسرائيلي إلى بلدات إضافية في جنوب لبنان لم ينجح بالدخول إليها خلال الحرب.

لينا صالح (بيروت)
المشرق العربي آليات تابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية في بلدة الخيام جنوب البلاد (أ.ف.ب)

قصف وتوغل إسرائيلي في جنوب لبنان

توغلت دورية إسرائيلية معززة بدبابات «الميركافا» وآليات وجرافة، اليوم (الخميس)، في أطراف بلدة بيت ليف في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي النواب اللبنانيون في جلسة تشريعية العام الماضي (الوكالة الوطنية للإعلام)

حراك نيابي للمعارضة والوسطيين لا يحسم اسم المرشح للرئاسة اللبنانية

تفضّل الكتل النيابية اللبنانية التريث قبل أن تحسم موقفها في اختيار مرشحها لرئاسة الجمهورية، رغم أنها تقف على مسافة أسبوع من انعقاد الجلسة المخصصة لانتخابه في…

محمد شقير (بيروت)

القضاء الإسرائيلي يحبط محاولة توسيع صلاحيات وزير الأمن القومي

وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير (حسابه عبر منصة إكس)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير (حسابه عبر منصة إكس)
TT

القضاء الإسرائيلي يحبط محاولة توسيع صلاحيات وزير الأمن القومي

وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير (حسابه عبر منصة إكس)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير (حسابه عبر منصة إكس)

أحبطت المحكمة العليا الإسرائيلية، الخميس، محاولة لتوسيع صلاحيات وزير الأمن القومي اليميني إيتمار بن غفير، في مواجهة أخرى بين كبار القضاة في البلاد والحكومة.

وألغت المحكمة بنداً في تشريع مثير للجدل كان يستهدف منح بن غفير نفوذاً كبيراً على تحقيقات الشرطة، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية.

ودفع المدعون، ومن بينهم منظمات المجتمع المدني، بأن الفقرات التي تم إلغاؤها كانت ستمنح الوزير سلطات واسعة على عمل الشرطة، وهو ما من شأنه «تسييس إنفاذ القانون، وتعريض الديمقراطية للخطر»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

يشار إلى أن هناك صراعاً يدور منذ سنوات بين حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية والسلطة القضائية. ويتعلق الأمر بمسألة: إلى أي مدى سيسمح للقضاء بفرض قيود على حكومة منتخبة ديمقراطياً؟

وأبدى بن غفير غضبه من قرار المحكمة، وقال إن المؤسسة قررت مرة أخرى تجاهل إرادة الناخبين.