الدبلوماسية تتراجع لصالح الميدان والكلمة الفصل للنتائج

خبير: إسرائيل تستثمر الفرصة لتحقيق أهدافها ولبنان منصة مكشوفة للأجندة الإيرانية

عَلم «حزب الله» مرفوع على أحد الأعمدة في ضاحية بيروت الجنوبية حيث الأبنية المُدمَّرة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
عَلم «حزب الله» مرفوع على أحد الأعمدة في ضاحية بيروت الجنوبية حيث الأبنية المُدمَّرة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

الدبلوماسية تتراجع لصالح الميدان والكلمة الفصل للنتائج

عَلم «حزب الله» مرفوع على أحد الأعمدة في ضاحية بيروت الجنوبية حيث الأبنية المُدمَّرة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
عَلم «حزب الله» مرفوع على أحد الأعمدة في ضاحية بيروت الجنوبية حيث الأبنية المُدمَّرة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

يكاد يغيب الحديث عن مبادرات جدية لوقف إطلاق النار في لبنان الذي يعيش حرباً مفتوحة على كل الاحتمالات مع التصعيد العسكري المتواصل ومحاولة إسرائيل رفع سقف شروطها وأهدافها التي وصلت إلى حد القضاء على «حزب الله».

وتعكس مواقف الأفرقاء بأن الكلمة اليوم باتت للميدان، حيث لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، لا سيما البرية الدائرة في الجنوب التي يعوّل عليها الطرفان، أي «حزب الله» وإسرائيل، وهو ما أشارت إليه أيضاً الخارجية الأميركية أخيراً، معتبرة أن «الضغط العسكري» قد يساعد في تحقيق أهداف الدبلوماسية.

وفي حين اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن «حزب الله» أصبح الآن «منهكاً ومدمّراً»، قال نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم الثلاثاء إنه «إذا تابع العدو حربه فالميدان يحسم ونحن أهل الميدان ولن نستجدي حلاً. اعلموا أن هذه الحرب هي حرب من يصرخ أولاً. نحن لن نصرخ...».

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم خلال كلمة له في مناسبة مرور ذكرى عام على انطلاق «جبهة الإسناد»

ورغم تأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن الاتصالات الديبلوماسية تكثفت قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي؛ بهدف السعي مجدداً إلى وقف إطلاق النار، يرى كل من السفير السابق لدى واشنطن رياض طبارة وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت عماد سلامة بأن الحرب ستبقى مستمرة على حساب الدبلوماسية، لا سيما في ظل «الانتصارات» التي تحققها إسرائيل وسيطرة «حزب الله» من جهة أخرى على القرار اللبناني.

وبعد أسبوع على انطلاق العمليات البرية، يعزو سلامة غياب المبادرات الجدية لوقف إطلاق النار إلى عوامل مترابطة تعطي إسرائيل الضوء الأخضر للمضي قُدُماً في حربها على لبنان، منها، «إبقاء لبنان منصةً عسكرية مكشوفة للأجندات الإيرانية».

ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «أولاً، الظروف الإقليمية والدولية الحالية تصبّ في مصلحة إسرائيل، التي ترى أن إنجازاتها العسكرية على الأرض تجعل من الصعب إيقاف تقدمها. هذه الإنجازات تضعف (حزب الله) وتمنع إعادة بناء قدراته؛ ما يجعل إسرائيل تميل نحو استثمار هذا الزخم العسكري لتحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى». ويضيف: «على الصعيد الدولي، العالم منشغل بقضايا أخرى، مثل الانتخابات الأميركية والحرب في أوكرانيا؛ ما يخلق فراغاً دبلوماسياً يحُول دون تفعيل جهود الوساطة لوقف القتال في لبنان. والأهم من ذلك، انكشاف لبنان السياسي في ظل غياب دعم عربي ودولي واضح؛ بسبب سيطرة (حزب الله) على القرار اللبناني وتقديم الحكومة اللبنانية نفسها مُنفذاً للإملاءات الإيرانية، وإبقاء البلاد منصةً عسكرية مكشوفة للأجندات الإيرانية. كما أن عدم انتخاب رئيس للجمهورية يعمّق هذا الانكشاف، ويزيد من عزلة لبنان على الساحة الدولية؛ ما يجعل أي مبادرة لوقف إطلاق النار غير مجدية».

والعامل الثاني، بحسب سلامة، هو أن «كل المؤشرات تدل على أن الحل العسكري سيستمر على حساب أي تسوية سياسية؛ نظراً لتشابك المسارات وتعقيداتها التي يصعب فصلها أو حلها دون توافق دولي وإقليمي شامل». ويضيف: «الأزمة اللبنانية مرتبطة بشكل وثيق بالصراع الأوسع في المنطقة؛ مما يعني أن أي وقف لإطلاق النار يتطلب توافقاً دولياً على إطار حل شامل للأزمات الإقليمية، يشمل تحديد دور إيران و(حزب الله) في المنطقة ومستقبل العلاقات اللبنانية مع محيطيها العربي والدولي. في ظل غياب هذا التوافق، ستظل الحرب هي الخيار الذي يُفضِّله الأطراف المؤثرة في المشهد، مع استمرار إسرائيل في محاولاتها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية طويلة الأمد في لبنان».

في المقابل، وعلى رغم اعتبار طبارة أن هناك جهوداً مستمرة تبذل لوقف إطلاق النار، لكنه يرى أن هذا الأمر لن يتحقق في المدى المنظور لأسباب مرتبطة بأهداف إسرائيل بالدرجة الأولى.

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الكلمة اليوم للميدان رغم الضغوط التي تمارَس من قِبل بعض الدول، لا سيما أميركا وفرنسا، لكنها تقابَل بعدم تجاوب من قِبل إسرائيل، وبالتالي ستبقى الأمور معلّقة بانتظار نتائج الميدان؛ وهذا يعني أن الحرب ستكون طويلة، والدليل على ذلك ما حصل في غزة».

عائلات نازحة في محيط مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (رويترز)

وعن تبدّل الأهداف الإسرائيلية التي بدأت بالمطالبة بتطبيق القرار 1701 وتحولت اليوم إلى نزع سلاح «حزب الله»، يقول طبارة: «رفع سقف الشروط على وقع المعركة هو لرفع سقف التفاوض، وإن كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يعتبر أن هذه فرصة لتحقيق هدف تل أبيب بإنشاء (إسرائيل الكبرى) الذي لا يمكن تنفيذه لمعارضة أطراف عدة له، لا سيما أميركا التي تعتبر أن ذلك سيدخلنا في حرب لمائة سنة».


مقالات ذات صلة

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

المشرق العربي عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

تحاول المستشفيات في جنوب لبنان، النهوض مجدداً رغم الصعوبات، بعد انتهاء الحرب، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل.

حنان حمدان (بيروت)
شؤون إقليمية جنود من قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يُسلّم «اليونيفيل» 7 لبنانيين كان يحتجزهم

سلّم الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) 7 لبنانيين كان يحتجزهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

في زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق بعد سقوط النظام، التقى رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (بيروت - دمشق)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)

«النجوم تلمع أملاً» من أجل فنان لبنان المُلقى في النسيان

3 عقود في الإعلام والحوارات، جعلت اسم ريكاردو كرم اختزالاً للصدقية والشفافية. وبالتحاق الشغف والمحبة بالفضيلتَيْن المتراكمتَيْن، يضمن التجاوب وحماسة الخيِّرين.

فاطمة عبد الله (بيروت)

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

قتل سبعة فلسطينيين وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف عدة خيام للنازحين بالقرب من المستشفى البريطاني.

وأفاد شهود عيان بأن القصف تسبب في اشتعال حرائق ضخمة في الخيام التي كانت تؤوي عائلات نازحة، وسط صراخ واستغاثة السكان.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان، يوم أمس (الأحد)، أن سلاح الجو نفذ غارة استندت إلى معلومات استخباراتية استهدفت عنصراً من حركة حماس يعمل في منطقة إنسانية في خان يونس.

وتعد منطقة المواصي، التي تمتد على طول الساحل المتوسطي من غرب رفح إلى مشارف النصيرات، منطقة آمنة للسكان وفقاً لما حدده الجيش الإسرائيلي.

وتواصل القوات الإسرائيلية هجماتها على قطاع غزة، براً وبحراً وجواً، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ما أسفر عن مقتل أكثر من 45 ألفاً و259 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 107 آلاف و627.