«السوشي»... شارة اجتماعية أم أكلة محبوبة؟

اتساع جمهوره في مصر من المطاعم الفخمة إلى العربات المتنقلة

«السوشي»... شارة اجتماعية أم أكلة محبوبة؟
TT

«السوشي»... شارة اجتماعية أم أكلة محبوبة؟

«السوشي»... شارة اجتماعية أم أكلة محبوبة؟

«جربت السوشي؟»... سؤال يبدو عادياً، لكن الإجابة عنه قد تحمل دلالات اجتماعية أكثر منها تفضيلات شخصية لطبق آسيوي عابر من ثقافات بعيدة. وأمام اتساع جمهوره وتنوعه من المطاعم الفخمة إلى العربات المتنقلة، تزايدت الأسئلة بشأن ما إذا كانت شهرة هذا النوع من الطعام ناتجة عن رغبة حقيقية أم أنها للتباهي فقط.

لم يكن السوشي معروفاً على نطاق واسع في مصر حتى العقود الأخيرة، غير أن شهرته بدأت تتسلل في أواخر التسعينات ومطلع الألفية، على خلفية زيادة انتشار المطاعم اليابانية في مصر، ومع تصاعد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ذاع صيته بدافع المغامرة وتجربة غير التقليدي.

تعود جذور السوشي إلى مناطق متعددة من آسيا، خصوصاً في اليابان، وحسب كتاب «قصة السوشي» الصادر عام 2007 للكاتب تريفور كورسون، لم يكن السوشي طبقاً يؤكل، ولكن كان مجرد عملية تعتمد على الأرز المخمر لحفظ الأسماك، نشأت تحديداً في القرن الرابع الميلادي، وكانت تعرف بـ«ناريزوشي».

مع مرور الوقت، طوّر اليابانيون طريقة الحفظ وأضافوا بعض التغييرات مثل تقليل مدة تخمير الأرز حتى أصبح يُؤكل مع السمك. ثم مرّ بعدّة مراحل للتطوير.

وحسب كورسون، كان النصف الثاني من القرن العشرين هو بداية عبور السوشي خارج حدود الثقافة الآسيوية، حيث بدأ ينتشر في الولايات المتحدة الأميركية، ومنها إلى العالم الذي احتضنه وصنّفه كطبق فاخر يعكس الانفتاح الثقافي لعشاقه.

السوشي في مصر

يرى مدير تسويق شركة «موري إنترناشيونال» المالكة لمطعم «موري سوشي»، أحد أقدم مطاعم السوشي في مصر، محمود سعيد، أن هذا الصنف ارتبط في البداية «بطبقات اجتماعية معينة، وهم المصريون العائدون من الخارج، الذين يتوقون إلى تجربة أكلات تنتمي لثقافات بعيدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الرغبة قد تزول بعد الزيارة الأولى للمطعم، أمام الحرص على تناول هذا الصنف؛ واستمرارية مطعمنا في العمل خلال السنوات الماضية تعكس أن السوشي طبق مميز ذو مذاق جذاب».

وافتتح مطعم «موري سوشي» أبوابه للجمهور عام 2007 بعد تجارب محدودة لتقديم الطبق الآسيوي.

وتطرق سعيد إلى اتساع جمهور الراغبين في السوشي، بـ«ظهور العربات المتنقلة لبيعه في الميادين الرئيسية»، وهذا يدل، حسب رأيه، على أنه «بات طبقاً محبوباً من قبل شرائح مصرية عديدة؛ متجاوزاً بذلك ثقافة (الترند)».

طريقة التحضير

السوشي يُحضَّر بطرق متنوعة تضم السمك النيئ ومضافاً إليه مجموعة من الصلصات، وهناك بعض الأطباق المدخنة والمقلية والمطهوة على البخار، كل طريقة لها مجموعة من الصلصات المميزة لها وشهرتها تتنوع حسب المذاق الشخصي.

من بين الأطباق المميزة في قائمة طعام السوشي أطباق النيغيري النيئة، ولفائف الـ«ماكي» المكونة من مزيج الأرز وورق نوري (نوع من الطحالب البحرية)، أما عشاق السوشي المطهوّ بطريقة القلي فربما يفضلون طبق تمبورا رول المكون من لفائف الجمبري المقلي.

أكثر ما يميز أطباق السوشي هي توليفة الصلصات مثل الواسابي، وهي صلصة تشبه المعجون ذات مذاق حار مجهزة من جذور نبات الواسابي القريب في المذاق من الفجل، أيضاً الصويا الصوص الأساسي الذي يُقدّم مع معظم أنواع السوشي، عبارة عن صوص مالح مصنوع من فول الصويا المخمر، بالإضافة إلى صلصة ترياكي المجهزة من الصويا والسكر والزنجبيل.

تجارب المصريين

تقول المصرية خلود عمر (35 عاماً) من سكان القاهرة الجديدة (حي راقٍ في شرق القاهرة)، وهي من عشاق السوشي، إن التجربة الأولى لها مع الطبق الياباني الشهير كانت بدافع ركوب موجة الـ«ترند»، وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أنها في أول مرة تناولت بها السوشي «لم ينل إعجابها»، متابعة: «غير أني كررت التجربة مع صديقة كانت تعيش في الخارج وعلى دراية بأطباق السوشي، وتناولت وقتها ترشيحاتها التي كانت تميل إلى الأنواع المطهوّة سواء بالقلي أو البخار، منذ هذا الوقت وبات طبقي المفضل».

بيد أن خلود لا تعشق السوشي بالدرجة نفسها مثل صديقتها فرح فؤاد، التي تقطن في مجمع سكني راقٍ في القاهرة الجديدة أيضاً، والتي قالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ 10 سنوات وأنا أجرّب جميع مطاعم السوشي في مصر، فهو ليس طبقاً عادياً بينما تجربة غنية تشعرك بأنك تجلس على المحيط بصحبة أصدقاء آسيويين». وأضافت: «عشقي للسوشي دفعني لتشجيع أصدقائي على تجربته، ولذلك أقمت العام الماضي حفل عشاء خاص في منزلي وكانت الطاولة بالكامل من أصناف السوشي، وقام الطاهي المتخصص بتحضير أطباق السوشي أمام المدعوين، التجربة كانت ممتعة والمذاق ساحراً».

الأسعار

أسعار أطباق السوشي متفاوتة حسب المطعم، غير أنه ينتمي لقائمة الأطباق الغالية، مثلاً طبق مكون من 40 قطعة صغيرة سعره يتجاوز 1200 جنيه مصري (الدولار يساوي 48.4 جنيه) داخل مطعم متوسط، ويرتفع السعر كلما ارتفعت جودة المكان.

تضيف خلود عن الأسعار: «لا أعدّ السوشي طبقاً باهظ الثمن لأن الأسماك بشكل عام أسعارها مرتفعة، فبجانب أنه طبق ذو مذاق طيب يُعد حالة من الترفيه والمتعة».

ويرى محمد عبد العليم، مدير مطاعم في «فورسيزونز» أن السوشي وجبة مفضّلة لدى جيل الشباب، أما الجيل الأكبر سناً ربما لم يلقَ السوشي لديه القبول عينه، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن تصنيف السوشي في مصر كشارة على طبقة اجتماعية تميل إلى الترف، بينما هو طعام له عشّاقه ومحبوه، والدليل أنه إذا كانت المسألة تتعلق بالوجاهة الاجتماعية، فهناك بالتأكيد أطعمة أغلى وأرفع شأناً منه».

ويتابع عبد العليم قوله: «في مصر نميل لتفضيل السوشي المقلي، أكثر من السوشي النيئ، كما أن الزبون المصري يفضل اللفائف التي تحتوي على الجمبري المقلي أو الجبن».


مقالات ذات صلة

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
TT

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام في أهم المطاعم، حيث قدم مطعم «سباغو» و«كت» بالتعاون مع «روح السعودية» أطباقاً مبتكرة للشيف باك والطهاة التنفيذيين معه.

وقدم مطعم «سباغو الرياض» تجربة غير مسبوقة لتذوق أشهى أنواع «الستيك» تحت إشراف الشيف براين بيكير (Brian Becker)، الشيف التنفيذي الإقليمي لمجموعة الشيف ولفغانغ باك الحاصلة على نجوم «ميشلان»، في حين قدم مطعم «كت» تشكيلة متنوعة من الأطباق الشهية، حيث تتلاقى نكهات «كت» مع لمسة محلية أصيلة.

وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الشيف دانيال أيرفاين (Daniel Irvine) الشيف التنفيذي في «سباغو»: «نقوم هنا في السعودية بتقديم تجربة طعام حصرية لضيوف المطعم المميزين، ضمن العمل على إعادة تعريف مشهد المطاعم الراقي في (ڤيا الرياض)، في ظل فعاليات (موسم الرياض) و(روح السعودية)، وأتوقع أن تصبح الرياض عاصمة الأكلات العصرية».

وتوقع الشيف دانيال أن تشهد السعودية عامة والرياض خاصة، نقلة نوعية في عالم الضيافة الفاخرة وأسلوب الحياة، في ظل المقومات التي تتمتع بها من حيث قدرتها على جذب الذوّاقة، بما يساهم في تطوير مشهد الطعام.

وقال الشيف الأميركي براين بيكير لـ«الشرق الأوسط» إن الرياض تسعى بقوة لتعزيز ثقافة طعام محلية وعالمية، بشكل متناغم. وأضاف: «نقدم من خلال استضافة (سباغو) لمطعم (كت)، تجربة مميزة للضيوف بأجواء راقية، مع تقديم الطعام بأسلوب فني وخدمة سريعة ودقيقة ونسيج مريح من الموسيقى الراقية، تصنع شكلاً من الإبداع الترفيهي».

وأضاف الشيف براين: «نعمل على تقديم قائمة طعام تشمل مجموعة مختارة من أشهى أنواع اللحوم والمأكولات البحرية الفاخرة بلمسات محلية مميزة، ومن أبرز الأطباق (تارتار ستيك برايم) مع خبز ريفي مشوي، وقطعة لحم (آنغوس بورترهاوس) مشوية على الفحم».

وشدد الشيف براين على أن «ڤيا الرياض» مناسبة جميلة تحمّس العاملين في «سباغو» و«كت» للإبداع والابتكار في مجال المأكولات الراقية في الرياض، ضمن مكونات موسمية طازجة، مع إعداد قائمة متنوعة من الأطباق الشهية، مثل «تارتار التونة» (بلو فِن تونة تارتار) الحارة، و«شنيتزل» لحم العجل، و«بيتزا» السلمون المدخن.

ولفت إلى أن التصميم الداخلي للمطعم يجمع بين طراز كاليفورنيا وعناصر من الثقافة السعودية، مع لمسة من الفن المحلي، مؤكداً الاستمرار في تقديم تجربة طعام استثنائية مع إطلالات مفتوحة على المطبخ الرئيس.

وتوقع أن تصبح الرياض عاصمة الطعام، بشكل يعكس مقومات جاذبية المملكة، وقدرتها على الجمع بين الروح الريادية المحلية، وأفضل المهارات العالمية الثرية، والقدرة على قيادة التحول في سوق الرفاهية والضيافة على مستوى المنطقة.