وكيل «البيئة»: السعودية تقود جهوداً عالمية لمكافحة التصحر في مؤتمر «كوب 16»

قال لـ«الشرق الأوسط» إن المملكة تتبنى أجندة بيئية طموحة نحو مستقبل مستدام للأرض

المملكة ترسّخ مبدأ مكافحة التصحر ومقاومة الجفاف (واس)
المملكة ترسّخ مبدأ مكافحة التصحر ومقاومة الجفاف (واس)
TT

وكيل «البيئة»: السعودية تقود جهوداً عالمية لمكافحة التصحر في مؤتمر «كوب 16»

المملكة ترسّخ مبدأ مكافحة التصحر ومقاومة الجفاف (واس)
المملكة ترسّخ مبدأ مكافحة التصحر ومقاومة الجفاف (واس)

تقود المملكة العربية السعودية جهوداً بيئية دولية تسعى من خلالها لتغيير معادلة التصحر وانعكاساتها السلبية على دول العالم اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً؛ ويأتي ذلك استعداداً لاستضافتها مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

في هذا الإطار، حرصت المملكة على تعزيز العمل المشترك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة أثناء مشاركتها بوفد رفيع المستوى للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79 والتي ترأسها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وقد تكللت بمبادرة نوعية بين رئاسات النسخ الثلاث المقبلة من مؤتمر الأطراف «كوب» المتعلقة بالاتفاقيات الثلاث لـ«مبادرة ريو» البيئية (المناخ والتنوع البيولوجي والتصحر)؛ للخروج بحلول شاملة تعظّم نتائج هذه الاتفاقيات التي انطلقت مسيرتها منذ ثلاثين عاماً لتحسين الحياة على الأرض وحفظ مواردها الطبيعية واستدامتها.

ولإلقاء الضوء على هذه الاجتماعات وما دار خلالها من نقاشات، حاورت «الشرق الأوسط»، الدكتور أسامة بن إبراهيم فقيها، وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة للبيئة في المملكة، مستشار رئاسة مؤتمر «كوب 16» في الرياض، الذي تحدث عن أهم المحاور التي شهدتها تلك اللقاءات، إلى جانب تسليط الضوء على التحديات الناجمة عن التصحر وتدهور الأراضي، فضلاً عن استعدادات المملكة وجهودها الحثيثة لاستضافة حدث عالمي ناجح بكل المقاييس.

* تعزّز جهود مكافحة التصحر وتغير المناخ

عن أبرز المحاور التي تمت مناقشتها بمقر الأمم المتحدة مع رئاسات النسخ الثلاث المقبلة من مؤتمر الأطراف للتنوع البيولوجي والتغير المناخي، بالإضافة إلى تدهور الأراضي، قال فقيها إن الاجتماعات الأخيرة في مقر الأمم المتحدة هي استمرار لعمل دؤوب بدأ منذ إعلان استضافة المملكة قبل عام لأحد أكبر المؤتمرات البيئية العالمية في العالم والتي تعكس مدى الثقة الدولية في قيادة المملكة لنجاح هذا الملف الذي يمثل أحد التحديات الكبيرة للأرض والتغير المناخي والتنوع البيولوجي، وآخر مسارات التحرك الدبلوماسي كان النداء الذي وجّهته المملكة لحكومات الدول المجتمعة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومطالبتها بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة في مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» الذي ستستضيفه الرياض مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

د. أسامة بن إبراهيم فقيها وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة للبيئة في السعودية

وأضاف: «خلال ذلك حرصنا على دعم (مبادرة ريو) الثلاثية (التنوع البيولوجي والتغير المناخي والتصحر) لإيجاد حلول شاملة ضمن إطار التعاون بين مستضيفي الاتفاقيات الثلاث؛ ولأن السعودية تترأس مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر (كوب 16) فقد كان دورها يتمثل في تسليط الضوء على أهمّية استصلاح الأراضي وتقديم الدعم المطلوب لإيجاد الحلول المبتكرة في الوقت المناسب لتحسين الحياة على الأرض حفاظاً على صحتها. وركّزنا أيضاً على التأثير الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المدمّر نتيجة تدهور الأراضي والجفاف، وأثرهما في تهديد التنوع البيولوجي وزيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري؛ ما يؤدي بالتالي إلى تفاقم تحديات الأمن الغذائي والمائي، والذي يكلف العالم ستة تريليونات دولار من الخدمات الإيكولوجية المفقودة، يتأثر منها نحو 3 مليارات نسمة سنوياً بتدهور الأراضي».

وتابع قائلاً: «وبما أن التغيّر المناخي وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور الأراضي تعتبر مجتمعة تحديات مترابطة للأزمة ذاتها التي يواجهها الكوكب، وتتعين معالجتها بشكل متكامل وأكثر فاعلية، أقرّ المشاركون بأنه ينبغي على دول العالم قاطبة العمل وفق أجندة مشتركة وتطبيقها على أرض الواقع على أسس التنسيق والتعاون، لتفادي تدهور النظم البيئية الطبيعية وإلحاق الضرر بها. وقد أجمعت الرئاسات الثلاث على أهمية تضافر الجهود للدول المستضيفة لـ(اتفاقات ريو) الثلاث (المملكة وأذربيجان وكولومبيا) والعمل على تعزيز كفاءة الإجراءات، وتحقيق نتائج ملموسة؛ نظراً للترابط الجوهري بين أهداف الاتفاقيات المعنية، ما يعني أنّ التقدّم في مجال واحد يمكن أن يحفّز التقدم في مجالات أخرى من أجل استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق عالم خالٍ من تدهور الأراضي». كما نبّه إلى «ضرورة التحرك قبل أن تضرب حالات الجفاف بقوة أكبر في جميع أنحاء العالم، والتي ارتفعت فعلياً بمقدار 29 في المائة منذ عام 2000، بسبب تغير المناخ، وكذلك بالطريقة التي ندير بها أراضينا».

* أجندة بيئية قوية ومبادرات مستدامة

أما فيما يتعلق بالمؤهلات التي تتمتع بها المملكة لاستضافة مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16»، فقد أشار فقيها إلى أن المملكة تنطلق من أجندة بيئية قوية حازت إعجاب الوكالات الدولية المتخصصة بهذا المجال ومنظمات المجتمع المدني حول العالم. وتأتي استضافتها لهذا الحدث في إطار اهتمامها بحماية البيئة على المستوى الوطني والإقليمي والدّولي.

ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر «مبادرة السعودية الخضراء التي سينتج منها زراعة 10 مليارات شجرة بما يعادل تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي، وحماية 30 في المائة من المناطق البرية والبحرية في المملكة بحلول عام 2030. فضلاً عن تصدي المملكة لتداعيات تغير المناخ من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن بحلول عام 2030، وصولاً لتحقيق طموح المملكة المتمثل في تحقيق هدف الحياد الصفري بحلول عام 2060، عبر تبنّي نموذج الاقتصاد الدائري للكربون.

ونوّه فقيها إلى أنه منذ الإعلان عن مبادرة السعودية الخضراء، تم إطلاق 77 برنامجاً مختلفاً لدعم هذه الأهداف ودفع عجلة النمو المستدام، باستثمارات تتجاوز قيمتها 700 مليار ريال سعودي (186.50 مليار دولار). وسيدعم المؤتمر أهداف المملكة في تعزيز التعاون الدولي لاستصلاح الأراضي الزراعية وإعادة تأهيل المتدهورة، وتحقيق الاعتراف بظاهرة الجفاف؛ إذ من المتوقع أن تصل مساحة الأراضي المتدهورة إلى ما بين 5 و6 مليارات هكتار في 2050 على مستوى العالم.

من المتوقع أن تصل مساحة الأراضي المتدهورة إلى ما بين 5 و6 مليارات هكتار في 2050 على مستوى العالم (واس)

* جهود المملكة لمؤتمر «كوب 16»

ونظراً لأن هذا الحدث يحمل صبغة عالمية بامتياز؛ فإن للمملكة دوراً في هذا المجال على المستويين الإقليمي والعالمي للحصول على حق استضافة هذا المؤتمر على أرضها. وهذا ما يؤكده فقيها بقوله: «لقد تبنّت المملكة مبادرة إقليمية مهمة فريدة من نوعها تحمل اسم مبادرة (الشرق الأوسط الأخضر)، وهي تحالف إقليمي يعدّ الأول من نوعه من حيث أهدافه لمواجهة تغير المناخ، وذلك من خلال تحفيز التعاون الإقليمي؛ لضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة، والإسهام في دفع عجلة التنويع الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، واستقطاب الاستثمارات من القطاع الخاص. وتقدم هذه المبادرة خريطة طريق طَموحة وواضحة لتسريع العمل المناخي الإقليمي، كما أنها ترتكز إلى هدفين أساسيين يتمثلان في التشجير وخفض الانبعاثات الكربونية على مستوى المنطقة. ليس هذا فحسب، بل تؤدي المملكة دوراً رائداً في تأسيس مراكز وبرامج إقليمية من شأنها أن تسهم بشكل كبير في تحقيق أهداف المبادرة واستقطاب الاستثمارات في مجالين رئيسيين، وهما الاقتصاد الدائري للكربون والتشجير».

خلال توقيع اتفاقية بين السعودية والأمم المتحدة والتي مهَّدت الطريق لعقد «كوب 16» في الرياض (واس)

وأضاف فقيها: «ولأن جهود وأعمال المملكة تحظى بثقة دول العالم نتيجة المبادرات والدعم المتواصل للقضايا الإنسانية والبيئية كافة وغيرها من الملفات الدولية فقد كانت هي الخيار الأمثل لاستضافة هذا المؤتمر، خصوصاً وأنها استبقت دول العالم خلال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين. إذ تم حينها إطلاق (مبادرة الأراضي العالمية) في عام 2020 وغيرها من الأعمال الدبلوماسية لتوحيد الرأي العالمي على إيجاد الحلول المبتكرة لاستصلاح الأراضي وبناء قدرتها على التكيف مع الجفاف، باعتبارها حجر الزاوية في الأمن الغذائي والمياه، استعداداً لأسوأ السيناريوهات، قبل أن يعاني ربع سكان العالم بالفعل موجات الجفاف، والتي يتوقع أن يتأثر منها ثلاثة من كل أربعة أشخاص في جميع أنحاء العالم ندرة المياه بحلول عام 2050».

ولناحية الاستعدادات المتخذة في هذا المجال، خصوصاً وأن مؤتمر الأطراف سيسهم في إبراز الجهود التي تبذلها المملكة في مجال مواجهة آثار تغير المناخ وتوظيف أفضل الحلول للحد من تدهور الأراضي، يشير فقيها إلى أن المملكة تبنَّت الكثير من الحلول الاستباقية التي أصبحت مثالاً يحتذى به. كما أعادت صياغة التشريعات والقوانين البيئية، في سبيل تأكيد التزامها بالاتفاقيات الدولية كافة، و«عملنا جاهدين على جمع أعظم العقول وحشد الإمكانات في العالم تحت سقف واحد حتى تكون الرياض الانطلاقة الحقيقية لرسم ملامح مستقبل مستدام للأرض». وعطفاً على ما تم التحضير له منذ قرار استضافة المملكة هذا المؤتمر في دورته السادسة عشرة وفي عامه الثلاثين بعد إعلان الأمم المتحدة اتفاقية مكافحة التصحر وتدهور الأراضي، «سنعرض أمام الوفود المشاركة الكثير من الأدلة التي تشير إلى إمكانية تحقيق عوائد مالية مجزية ستعود على العالم أجمع، ناهيك عن الفوائد الحقيقية التي تعمّ مختلف فئات المجتمع، بما يتوافق مع أهداف التنمية العالمية».

* التحديات العالمية لتدهور الأراضي والتصحر

يتناول مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» عدداً من المشاكل المتعلقة بتدهور الأراضي والتصحر، مما يسلط الضوء على تحديات تواجه البشرية. وبحسب فقيها، لا يمكن اختزال الأرض بأنها مجرد اليابسة التي نعيش عليها البالغة مساحتها قرابة 30 في المائة من سطح كوكب الأرض؛ لأنها أكثر من ذلك بكثير؛ فالأرض تقدم 44 تريليون دولار ناتجاً اقتصادياً، كما أن ما يزيد على 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي العالمي يعتمد على ما تنبته الأرض. ليس هذا فحسب، بل إن 95 في المائة من الغذاء حول العالم مصدره من الأرض التي تأوي أيضاً 85 في المائة من إجمالي النباتات والحيوانات. وأضاف: «عندما يتعلق الأمر بصحة البشر، نجد أن 25 في المائة من الأدوية الحديثة يتم استخلاصها من النباتات، في حين يعتمد 80 في المائة من سكان الدول النامية على النباتات الطبية. وتعدّ الأرض منبع التراث الثقافي والإنساني، كما أنها رمز الهوية والتاريخ والمقدسات للمجتمعات البشرية».

ويرى فقيها أن مشكلة تدهور الأراضي تمثل تحدياً يهدد البشرية جمعاء، ويقصد بذلك تدهور قدرة الأرض الإنتاجية بسبب عمليات طبيعية أو نشاطات وسلوكيات يُقدِم عليها البشر. ونتيجة لذلك؛ تتكبّد خدمات النظم البيئية سنوياً خسائر يتراوح حجمها ما بين 6.3 و10.6 تريليون دولار. وبسبب تعرُّض 52 في المائة من الأراضي الزراعية للتدهور، «يقع أمننا الغذائي تحت طائلة التهديد»، يقول فقيها. ونَجَم عن ذلك أيضاً معاناة 2.3 مليار نسمة (أي ما يعادل 29.3 من سكان العالم) من انعدام الأمن الغذائي في عام 2021. وخسرت الأرض 70 في المائة من تنوعها البيولوجي بسبب تجاوزات البشر وأنشطتهم المختلفة. وأدت الزراعة غير المستدامة إلى مفاقمة مشكلة التغير المناخي وفقدان الأرض 32 مليار طن من الكربون خلال الفترة من 2015 إلى 2030.

* سبل مواجهة أزمة الجفاف العالمية

وعن السبل التي يتعين على الدول الأطراف اتباعها لإيجاد الحلول المناسبة لمواجهة أزمة الجفاف التي تهدد العالم بأسره، يرى فقيها أن مواجهة أزمة الجفاف يجب أن تكون أولوية لدول العالم قاطبة، حيث إن التأثيرات السلبية للجفاف والتصحر لا تقتصر على المناطق المتأثرة بشكل مباشر بها، بل يمتد أثرها الاقتصادي خارج حدود تلك الدول التي تعانيها. واستناداً إلى بيانات قدّمتها 101 دولة من الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر خلال عام 2023، يتبيّن أن هناك 1.84 مليار شخص يعانون الجفاف، بينهم 4.7 في المائة - أي أكثر من 86 مليون شخص - معرّضون للجفاف الشديد. وإضافة إلى ذلك، أدّى الجفاف إلى 650 ألف حالة وفاة على مدى 50 سنة، بين عامي 1970 و2019.

ويتابع قائلاً: «ليس هذا فحسب، بل إنّ الجفاف يؤدّي إلى الهجرة القسرية، حيث تبين أنّ 98 في المائة من حالات النزوح الجديدة الناجمة عن الكوارث والتي بلغت 32.6 مليون حالة في عام 2022، كانت نتيجة للمخاطر المرتبطة بالطقس، مثل العواصف والفيضانات والجفاف، وذلك وفق موقع بيانات الهجرة في عام 2023. ونعتقد يقيناً أن مؤتمر (كوب 16) في الرياض سيكون فرصة مثالية لتفعيل الدعم المطلوب لمواصلة التعاون بين مختلف الأطراف لتحقيق نتائج ملموسة يلمس أثرها كل من يعاني تدهور الأراضي».

* استصلاح الأراضي... أرقام وتحديات عالمية

ومع تحديد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر هدفاً لاستصلاح 1.5 مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030، فإن مساعي الرئاسة السعودية لمؤتمر الأطراف «كوب 16» تتجه نحو تعزيز التعهدات الملموسة لتحقيق هذه الغاية. وفي هذا السياق، قدم فقيها تشخيصاً دقيقاً للواقع الحالي، حيث أكد أهمية استعراض بعض الأرقام والإحصاءات الصادرة عن المنظمات الدولية لفهم أبعاد التحديات المرتبطة بتدهور الأراضي بشكل شامل.

وتشير التقديرات إلى أن هذه المشكلة تؤثر على 40 في المائة من سطح الأرض عالمياً. وفي كل ثانية يتدهور ما يعادل أربعة ملاعب كرة قدم من الأراضي السليمة؛ ما يعني إضافة 100 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة في كل عام. ويبدو جلياً أن حالات الجفاف تتزايد بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000. ويترتب على ذلك تداعيات وخيمة تطال مناخنا وسبل عيشنا وعلى التنوع البيولوجي.

وتشير التقديرات أيضاً إلى أن استصلاح الأراضي المتدهورة يمكن أن يساعد في تخزين 3 مليارات طن من الكربون سنوياً. ويترك التصحر تأثيرات مدمّرة على الغلاف الجوي بسبب دخول ملياري طن من الغبار والرمال، ويطال تأثيرها 334 مليون نسمة حول العالم، تبلغ نسبة الأطفال منهم 14 في المائة. وقد أدى تفاقم موجات الجفاف، وزيادة المساحات المتدهورة من الأراضي حول العالم في السنوات الأخيرة، إلى تحديات بيئية كبيرة، حيث تجاوزت الخسائر السنوية الناجمة عن تدهور الأراضي حول العالم ستة تريليونات دولار، فضلاً عن فقدان التنوع الأحيائي، وانبعاثات الغازات؛ مما تسبب في نزوح الملايين من البشر على مستوى العالم. وأضاف: «إذا استمر تعامل العالم مع الأرض بهذه الطريقة، سيكون لزاماً علينا استصلاح 1.5 مليار هكتار بحلول عام 2030، وهذا ما حددته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر لبلوغ أهداف تحييد تدهور الأراضي. ومن هنا تنبع أهمية استصلاح الأراضي ومنع تدهورها، لا سيما وأن إعادة الحياة إلى الأرض تعود بفوائد لا حصر لها على الناس والطبيعة؛ فكل دولار يتم استثماره في جهود استعادة الأراضي المتدهورة يولّد ما بين 7 دولارات و30 دولاراً على هيئة عوائد اقتصادية، وتسهم مثل هذه الاستثمارات في توفير حلول فعالة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الحاسمة».

* نحو مستقبل مستدام للأراضي وحماية البيئة

وعن النتائج المتوقعة من مؤتمر الأطراف «كوب 16» الذي يترقبه العالم والمملكة على وجه الخصوص باهتمام كبير، يشير فقيها إلى أن مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» سيعقد في الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر 2024 في الرياض، وسيكون هذا المؤتمر الأكبر والأكثر شمولاً في تاريخ مؤتمرات الأطراف التابعة للاتفاقية، حيث سيوفر مساحة للتعاون الدولي على مستوى عالمي، وسيتيح الفرصة أمام القطاع الخاص والمجتمع المدني والمجتمع العلمي لتبادل الحلول المتعلقة بتدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

وقال في هذا الإطار: «يتولى المؤتمر أيضاً إدارة ومراقبة تنفيذ بنود الاتفاقية للاحتياجات ذات العلاقة على الصعيد العالمي لتسريع وتيرة العمل بشأن الأراضي والتصدي للجفاف، وذلك من خلال اتباع نهج يكون الإنسان مرتكزه ومحوره الأساسي، والتخطيط الفاعل لاستخدام الأراضي بواسطة مشاركة فئة الشباب، ودعم المبادرات الهادفة إلى تأمين حقوق الأراضي، وتعزيز مبادرات ملكية الأراضي العالمية التي تراعي حقوق الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية. أما الهدف الثاني، فهو تنفيذ إطار عالمي جديد لتعزيز القدرة على الصمود في سبيل التصدي للجفاف، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق إقامة الشراكات وبناء منصة موحدة، وإنشاء مرصد دولي للتصدي للجفاف. ونتطلع من خلال الهدف الثالث إلى تعزيز النظم الزراعية ووضع أهداف طويلة الأمد للمحافظة على الأراضي».

وختم: «نأمل في عام 2024 أن تتحد الدول لمعالجة كيفية استخدام الأراضي، والمساهمة في تحقيق أهداف المناخ، وسد فجوة الغذاء، وحماية البيئات الطبيعية، حيث يمكن للأراضي الصحية أن تساعد على تسريع وتيرة تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر».


مقالات ذات صلة

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

بيئة عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق نفايات القهوة تعزز قوة الخرسانة وتقلل البصمة الكربونية (معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا)

نفايات القهوة تصنع خرسانة أقل انبعاثاً للكربون

تكشف الدراسة عن إمكانية تحويل مخلفات القهوة إلى مادة بناء مستدامة تعزز صلابة الخرسانة وتخفض بصمتها الكربونية، مما يدعم التوجه نحو اقتصاد دائري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
ثقافة وفنون عالمة الرئيسيات والناشطة البيئية جين غودال

جين غودال وإرث البشرية المضطرب

غيابها ليس مجرد فقدانٍ لعالمةِ رئيسياتٍ أو ناشطةِ بيئةٍ، بل هو إغلاق للنافذة التي فتحتها بنفسها بقوةٍ وصبرٍ في غابات غومبي التنزانية قبل أكثر من ستة عقود.

ندى حطيط (لندن)
آسيا فيضانات في تايلاند (أ.ب)

ارتفاع عدد الوفيات جراء الفيضانات في تايلاند وسريلانكا

ذكر بيان حكومي أن حصيلة الوفيات جراء الفيضانات في جنوب تايلاند ارتفعت إلى 87 اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
يوميات الشرق يعكس ظهور النسر ضمن المحمية أهميتها المتزايدة بوصفها ملاذاً للطيور المهاجرة (واس)

رصد أول ظهور للنسر أبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاماً

رصدت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ظهوراً نادراً للنسر أبيض الذيل، أحد الطيور المهاجرة، وهو الرصد المؤكد الأول لهذا النوع في السعودية منذ أكثر من 20 عاماً.

«الشرق الأوسط» (تبوك)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.