بطرس غالي من «الدفاتر القديمة» إلى المشهد الاقتصادي المصري

وزير مالية مبارك ينضم لهيئة استشارية رئاسية

بطرس غالي (رويترز)
بطرس غالي (رويترز)
TT

بطرس غالي من «الدفاتر القديمة» إلى المشهد الاقتصادي المصري

بطرس غالي (رويترز)
بطرس غالي (رويترز)

أثارت عودة يوسف بطرس غالي، وزير المالية في حقبة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وتعيينه ضمن هيئة استشارية تابعة لرئاسة الجمهورية، جدلاً بشأن جدوى الاستعانة بـ«الوجوه القديمة»، في وقت تعاني فيه مصر من أزمات تضخم وديون خارجية، وتذبذب في موارد الدولة الدولارية.

وعين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، غالي، عضواً في «المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية»، التابع للرئاسة، في قرار نشرته وسائل إعلام محلية، الثلاثاء، يقضي بإعادة تشكيل المجلس، وتولي الرئيس الأسبق للجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب (البرلمان) الدكتور حسين محمد أحمد عيسى منصب المنسق العام له.

وغالي، وهو نجل شقيق الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي. وعاد إلى مصر بعد تبرئته من عدة قضايا فساد، بعدما قضى نحو 13 عاماً في بريطانيا، في أعقاب أحداث «25 يناير» 2011.

كان غالي يتولى وزارات عدة خلال فترة حكم مبارك، آخرها المالية في حكومة أحمد نظيف، كما تولى وزارة الاقتصاد بين عامي 1997 و1999، ووزيراً للدولة للشؤون الاقتصادية من 1996 إلى 1997، كما تولى وزارات التعاون الدولي، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء.

وعقب إطاحة حكم مبارك، غادر غالي إلى لندن، واتُهم في قضايا فساد عدة، أبرزها القضية المعروفة إعلامياً بـ«فساد الجمارك»، التي واجه فيها اتهامات بـ«التربح واستغلال سلطته»، وصدر بحقه حكم «غيابي» بالسجن 15 عاماً، غير أنه عقب إعادة محاكمته أصدرت محكمة جنايات شمال القاهرة حكماً ببراءته في يوليو (تموز) 2023.

وصدرت أحكام أخرى بسجن غالي في قضايا أخرى، لكنه حصل على البراءة في مراحل استئناف الحكم، منها قضية «اللوحات المعدنية» التي حُوكم فيها مع وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وصدر بحقه حكم بالسجن 10 سنوات، لكنه استأنف الحكم وحصل على البراءة عام 2020.

وزير الداخلية المصري الأسبق حبيب العادلي خلال إحدى جلسات محاكمته (أرشيفية)

ولا يعول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور مصطفى كامل السيد، على عودة غالي، ويذهب إلى أنه «لن يكون له أي تأثير مباشر على السياسات الاقتصادية».

وقال السيد لـ«الشرق الأوسط» إن «البعد الشخصي الأهم في القرار هو إنهاء الخصومة بين الدولة وغالي بعد حصوله على أحكام بالبراءة، بما يمكنه من العودة لمصر».

وأشار السيد إلى أن «غالي، ومن كان يعمل في موقعه، لن يستطيعوا تقديم حلول للأزمة الاقتصادية الحالية التي تعاني منها البلاد، إذ إن بعض أفكارهم على نقيض السياسات الاقتصادية الحالية، كما أن الحكومة لديها التزامات مع صندوق النقد الدولي لا يمكن التراجع عنها، وهو ما يعني أن حدود حرية اقتراح حلول للأزمة ستكون محدودة»، حسب رأيه.

ويختص «المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية» بدراسة واقتراح السياسات الاقتصادية والإنتاجية في البلاد والخطط العلمية، بما يتضمن تنمية القدرة الإنتاجية، وحسن استخدام الموارد.

وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع عودة غالي إلى المشهد الاقتصادي المصري، وتباينت الآراء ما بين الانتقادات التي تستند إلى اتهامات سابقة بالفساد، ومن يفضل الاستعانة بخبرة اقتصادية معروفة.

بينما استغرب البعض عودة رموز حقبة مبارك.

وعد الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس عودة غالي والاستعانة بشخصيات من عصور سابقة «دلالة على أزمة في الوضع الاقتصادي الحالي»، متخوفاً من أن «يؤدي إلى تخبط وارتباك في السياسات الاقتصادية»، حسب رأيه.

وقال النحاس لـ«الشرق الأوسط» إن عودة غالي وبعض رموز النظام السابق إلى تشكيل المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية قد تؤدي أيضاً إلى تصادم بين مدارس اقتصادية مختلفة، رغم أن المجلس استشاري.

ومنذ مارس (آذار) الماضي، رفعت الحكومة المصرية في إطار خطتها التي اتفقت عليها مع صندوق النقد لتقليل الإنفاق على الدعم أسعار الكهرباء والوقود والمواصلات العامة (القطارات والمترو)، فضلاً عن زيادة أسعار الخبز لأول مرة منذ عقود.

ووفق تصريحات نائب محافظ البنك المركزي المصري، رامي أبو النجا، قبل يومين، فإن البنك المركزي ينفذ «رؤية متكاملة تشمل سياسات وبرامج لخفض معدل التضخم».


مقالات ذات صلة

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا صورة جماعية لقادة قمة «الدول الثماني النامية» داخل القصر بـ«العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)

مصر: «العاصمة الإدارية» تنفي بناء قصر الرئاسة الجديد على نفقة الدولة

أكد رئيس مجلس إدارة شركة «العاصمة الإدارية الجديدة» أن «خزانة الدولة لم تتحمل أي أعباء مالية عند بناء القصر الجديد».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس السيسي في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

صفقة سلاح أميركية جديدة لمصر تعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

أعلنت الحكومة الأميركية أنها وافقت على بيع معدات عسكرية لمصر تفوق قيمتها خمسة مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
TT

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد، عادّاً أن المسار الوحيد الممكن هو «وقف إطلاق النار والتفاوض».

وقال ماكرون خلال جولة في القرن الأفريقي، عقب اجتماع مع رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد: «ندعو طرفي النزاع إلى إلقاء السلاح، وكل الجهات الفاعلة الإقليمية التي يمكنها أن تلعب دوراً إلى القيام بذلك بطريقة إيجابية، لصالح الشعب الذي عانى كثيراً».

وأضاف وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «العملية الوحيدة الممكنة في السودان هي وقف إطلاق النار والتفاوض، وأن يستعيد المجتمع المدني الذي كان مثيراً للإعجاب خلال الثورة، مكانته» في إشارة إلى التحرك الشعبي الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، وأثار تفاؤلاً كبيراً.

ومنذ أبريل (نيسان) 2023 اندلعت حرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو؛ وأدى القتال إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 11 مليون شخص.

ويواجه نحو 26 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وفقاً للأمم المتحدة التي دقت ناقوس الخطر مجدداً، الخميس، بشأن الوضع في البلاد التي قد تواجه أخطر أزمة غذائية في التاريخ المعاصر.

وهناك حاجة إلى مساعدات بقيمة 4.2 مليار دولار لتلبية حاجات السودانيين عام 2025، بحسب إيديم ووسورنو، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.