تونس: احتجاجات جديدة ضد سعيد وسط تصاعد التوتر قبل الانتخابات

اتهامات للرئيس بتشديد القبضة الاستبدادية على الحكم

من الاحتجاجات ضد الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ)
من الاحتجاجات ضد الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ)
TT

تونس: احتجاجات جديدة ضد سعيد وسط تصاعد التوتر قبل الانتخابات

من الاحتجاجات ضد الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ)
من الاحتجاجات ضد الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ)

خرج المئات من التونسيين، اليوم الأحد، في مسيرة بالشارع الرئيسي في العاصمة تونس، في مواصلة للاحتجاجات ضد الرئيس قيس سعيد، للأسبوع الثاني على التوالي، متهمين إياه بتشديد القبضة الاستبدادية على الحكم، قبل الانتخابات الرئاسية المقررة بعد أسبوعين.

وردَّد المحتجون شعارات، من بينها «الشعب يريد إسقاط النظام»، و«قوانين عبثية انتخابات مسرحية»، و«ارحل»، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

ووسط حضور كثيف للشرطة، تجمّع المحتجّون، بدعوة من منظمات المجتمع المدني وأحزاب سياسية في شارع الحبيب بورقيبة، وهو نقطة محورية في احتجاجات عام 2011 التي فجّرت انتفاضات في أرجاء الشرق الأوسط آنذاك.

يأتي الاحتجاج بعد يومين من تقديم نواب بالبرلمان مشروع قانون لتجريد المحكمة الإدارية من سُلطة الفصل في النزاعات الانتخابية، وهي الخطوة التي تقول المعارضة إنها ستُسقط مشروعية ومصداقية انتخابات السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وتمهد الطريق أمام سعيد للفوز بفترة رئاسية أخرى.

ويُنظر إلى المحكمة الإدارية، على نطاق واسع، على أنها آخِر الهيئات المستقلة في البلاد منذ أن حلَّ سعيد المجلس الأعلى للقضاء، وعزَلَ العشرات من القضاة في عام 2022.

ويقول منتقدون إن مشروع القانون صادم ولم يسبق له مثيل، ويهدف إلى وأد آخر مؤسسة مستقلة في البلاد؛ وذلك بسبب ما قالوا إنه مخاوف نظام سعيد من أن تلغي المحكمة الإدارية نتائج الانتخابات إذا كانت هناك أي طعون من منافسي سعيد.

وقال نبيل حجي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، لـ«رويترز»: «خطوات سعيد تُظهر أنه يعي جيداً أنه لم يعد يتمتع بشعبية ويخشى خسارة الانتخابات».

من الاحتجاجات ضد الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ)

وأضاف، في أثناء الاحتجاج: «لم يعد أمام التونسيين، الآن، سوى خيار واحد؛ وهو الشارع السلمي للدفاع عن ديمقراطيتنا».

وتصاعد التوتر السياسي في تونس قبل الانتخابات، منذ أن استبعدت لجنة انتخابية ثلاثة مرشحين بارزين هم: منذر الزنايدي، وعبد اللطيف المكي، وعماد الدايمي، رافضة قرار المحكمة الإدارية إعادتهم للسباق الرئاسي.

وأبقت هيئة الانتخابات فقط ثلاثة مرشحين في السباق هم: قيس سعيد، وزهير المغزاوي، والعياشي زمال.

ويقبع أحد المرشحين، زمال، في السجن بعد أن حُكم عليه، يوم الأربعاء الماضي، بالسجن لمدة 20 شهراً بتهمة تزوير توقيعات شعبية فيما سماه قضية ذات دوافع سياسية تهدف لإقصائه من السباق.

وتقول المعارضة إن سعيد يستخدم اللجنة الانتخابية والقضاء لضمان الفوز، من خلال خنق المنافسة، وترهيب المرشحين.

وينفي سعيد الاتهامات، ويقول إنه يضمن الحريات، وردَّد كثيراً قول إنه يحارب خونة ومرتزقة وفاسدين، وإنه يخوض حرب تحرير.

وشدد سعيد، الذي انتُخب ديمقراطياً في عام 2019، قبضته على السلطة، وبدأ الحكم بمراسيم في عام 2021، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب.


مقالات ذات صلة

ترمب «غير متأكد» من أن برنامجه الاقتصادي سيفيد الجمهوريين انتخابات التجديد النصفي

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (د.ب.أ)

ترمب «غير متأكد» من أن برنامجه الاقتصادي سيفيد الجمهوريين انتخابات التجديد النصفي

قال الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إنه ليس واثقاً من أن الجمهوريين سيحتفظون بالسيطرة على مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي المقررة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مبعوثة الأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه (البعثة الأممية)

انطلاق «الحوار المهيكل» برعاية أممية يفجّر جدلاً حاداً في ليبيا

يترقب الليبيون، الأحد، في طرابلس، انطلاق أولى جلسات «الحوار المهيكل»، أحد أبرز مسارات خريطة الحل السياسي التي طرحتها المبعوثة الأممية، هانا تيتيه قبل 4 أشهر.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا  ليبية تدلي بصوتها في صندوق اقتراع بالانتخابات البلدية بشرق البلاد (المفوضية)

شرق ليبيا يصوّت في انتخابات 9 مجالس بلدية مؤجَّلة

أدلى ناخبون في شرق ليبيا بأصواتهم في صناديق الاقتراع، السبت، لاختيار ممثليهم في 9 مجالس بلدية مؤجلة تقع في نطاق سيطرة «الجيش الوطني الليبي»

علاء حموده (القاهرة)
أميركا اللاتينية ماريا كورينا ماتشادو تتحدث في أوسلو (رويترز)

زعيمة المعارضة الفنزويلية: أسعى إلى انتقال سلمي للسلطة بعد مادورو

قالت ماريا كورينا ماتشادو إن رئيس البلاد نيكولاس مادورو سيغادر السلطة، سواء جرى التوصل إلى اتفاق تفاوضي أم لا.

«الشرق الأوسط» (أوسلو )
المشرق العربي جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

واشنطن تضغط على «التنسيقي» العراقي بشأن الفصائل

تتجه مشاورات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة نحو مزيد من التعقيد، مع تمسك القوى المنضوية في «الإطار التنسيقي» باستكمال التفاهمات حول هوية رئيس الوزراء المقبل.

حمزة مصطفى (بغداد)

العثور على جثامين 12 مهاجراً قرب الحدود المغربية الجزائرية

مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء (أرشيفية - إ.ب.أ)
مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

العثور على جثامين 12 مهاجراً قرب الحدود المغربية الجزائرية

مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء (أرشيفية - إ.ب.أ)
مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء (أرشيفية - إ.ب.أ)

أفادت جمعية مغربية مختصة في مساعدة المهاجرين غير النظاميين، الاثنين، بأنه عُثر على جثامين 12 مهاجراً من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، في الفترة ما بين 6 و12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، توفي عدد منهم «بسبب البرد والجوع».

وقال رئيس «الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة» حسن عماري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «مندوب وزارة الصحة في جرادة (شمالي شرق) أكد لنا وجود 6 جثامين» في 6 ديسمبر. وفي زيارة ثانية لهذه المدينة يوم 12 ديسمبر «أكد لنا اكتشاف 6 جثث أخرى».

ونقل عماري عن مسؤولين في مستشفى بجرادة، التي تقع على الحدود المغربية الجزائرية، أن هؤلاء الضحايا يحتمل أن يكونوا توفوا «بسبب البرد والجوع».

ورجح أن الأمر يتعلق بمهاجرين كانوا يحاولون العبور نحو بلدان أخرى في شمال أفريقيا انطلاقاً من المغرب، أو أنهم قدموا حديثاً من الجزائر.

وأوضح أن من بينهم امرأة وشاباً (20 عاماً) من غينيا كوناكري، إضافة إلى شابة من نيجيريا (29 عاماً) وآخر من الكاميرون (26 عاماً).

وأضاف أن الجمعية «تسجل عاماً بعد آخر ارتفاع الوفيات في هذه المنطقة»، حيث تنخفض درجات الحرارة حتى ناقص 5 بين منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) ونهاية يناير (كانون الثاني)، بينما لا يملك معظم المهاجرين غير النظاميين إلا ملابس خفيفة.

وأشار إلى أن من الأسباب المحتملة الأخرى لوفاة هؤلاء المهاجرين خطورة ما سماه «خندق الموت»، وهو عبارة عن خندق على الجانب الجزائري للحدود (بعمق 4 أمتار وعرض 4.5 متر) تغمره المياه عندما تتساقط الأمطار، ويحاذيه سياج عالٍ من الجانب المغربي، وذلك لمنع المهاجرين من العبور.

وسجلت الجمعية وفاة 76 مهاجراً غير نظامي في هذه المنطقة منذ 2017.

وذكر عماري أن الجمعية، التي يوجد مقرها في مدينة وجدة (شمالي شرق)، سبق أن نبهت السلطات المغربية والجزائرية إلى «خطورة هذا الخندق»، ودعتها إلى احترام «الحق في الحياة».


صالح يقترح حواراً مع تركيا ومصر واليونان لترسيم الحدود البحرية الليبية

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (المكتب الإعلامي للمجلس)
رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (المكتب الإعلامي للمجلس)
TT

صالح يقترح حواراً مع تركيا ومصر واليونان لترسيم الحدود البحرية الليبية

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (المكتب الإعلامي للمجلس)
رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (المكتب الإعلامي للمجلس)

أطلق رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، يوم الاثنين، مقترحاً بعقد حوار «مباشر وشفاف» يضم ليبيا وتركيا ومصر واليونان، بهدف التوصل إلى إطار متوافق عليه لترسيم الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط، متمسكاً برفض أي اتفاقيات لا تُعرض على مجلس النواب والحكومة المكلفة من جانبه، التي وصفها بـ«الشرعية».

ويأتي طرح صالح في سياق جدل دبلوماسي وقانوني ممتد منذ أكثر من ست سنوات حول ملف الحدود البحرية، تفجّر عقب توقيع مذكرة ترسيم حدودي بين حكومة الوفاق السابقة، برئاسة فائز السراج، وتركيا في نوفمبر (تشرين الأول) 2019.

وقُوبلت هذه المذكرة، آنذاك، باعتراضات من البرلمان في شرق ليبيا، وكذلك من مصر واليونان، بوصفها تتجاوز حدودهما البحرية. غير أن تغيّر المعادلات الإقليمية والانفتاح التدريجي بين أنقرة وشرق ليبيا أعادا الملف إلى الواجهة، مع دعوات إلى إعادة صياغة مقاربة شاملة تراعي مصالح جميع الأطراف.

وبعد أقل من أسبوع من زيارة أجراها صالح إلى أثينا، ذهب مراقبون إلى أن هذا الملف تصدّر أجندتها. قال رئيس البرلمان، في حديث أدلى به إلى وكالة الأنباء الليبية (وال)، إن «الحوار المطلوب يجب أن يكون مباشراً وشفافاً، ويجلس فيه الفنيون قبل السياسيين من مصر واليونان وتركيا»، مشدداً على «الحاجة إلى خرائط وبيانات ودراسات جيولوجية وبحرية دقيقة».

جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي في مدينة درنة (إعلام المجلس)

وكشف صالح عن تشكيل لجنة خبراء لمراجعة ملف الحدود البحرية، على أن تُعد تقريراً شاملاً للجوانب الفنية والجيوسياسية مع الدول المعنية، مقترحاً ثلاثة مستويات للحوار مع الدول الثلاث: «فني تقوده لجان مختصة لترسيم حدودنا كاملة، وقانوني لدراسة الاتفاقيات والمعايير الدولية، وسياسي لضمان مصالح الدول وتوازناتها»، مؤكداً أن «تنفيذ ذلك بشكل صحيح سيؤدي إلى اتفاق عادل وطويل المدى».

وشدّد رئيس مجلس النواب على أن «أي اتفاقية لا تمر عبر البرلمان لا تُلزم الدولة الليبية»، مضيفاً: «الدول تتغير والحكومات تتغير، لكن الشرعية الدستورية ثابتة». وأضاف: «أخبرت الجميع أن أي اتفاق يجب أن يكون عبر الحكومة الشرعية المنبثقة عن مجلس النواب، وعلى الدول المعنية الجلوس معها على طاولة المفاوضات، على أن تُقدَّم الاتفاقية في شكلها النهائي إلى مجلس النواب للمصادقة عليها وفق السياق الدستوري».

واستعرض صالح تقييمه لمواقف الدول المعنية، لافتاً إلى أن «اليونان تعاملت بحدة في البداية؛ لأنها رأت أن الاتفاق يضر بمصالحها، لكنها اليوم تبدي استعداداً للحوار». أما مصر فقال إن «موقفها كان واضحاً ومتيناً منذ البداية، وأكدت أن الاتفاق لا يحقق استقرار المنطقة».

وتوجهت الأنظار مجدداً إلى هذا الملف في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على وقع مذكرة احتجاج أودعتها القاهرة لدى الأمم المتحدة، رفضت فيها مذكرة ترسيم الحدود البحرية الموقعة بين طرابلس وأنقرة عام 2019، وعدّتها «باطلة» وتنتهك حقوقها البحرية.

وتزايدت التساؤلات حول مصير الاتفاقية في ظل تحسّن العلاقات بين شرق ليبيا وأنقرة بعد سنوات من الخصومة، حيث تُوّج هذا الانفتاح بزيارة رئيس الاستخبارات التركية إلى بنغازي في صيف العام الحالي، ما غذّى تكهنات برلمانية، ولا سيما في يوليو (تموز) الماضي، بشأن مراجعة محتملة للاتفاق تمهيداً لإعادة طرحه.

وأكد صالح موقفه قائلاً: «أنا شخصياً لست ضد الاتفاق مع تركيا، لكن الأمر يتطلب درسه عبر خبراء يقدمونه إلى الحكومة الشرعية، ثم تحيله هذه الحكومة إلى مجلس النواب للإقرار»، مضيفاً: «لا يتأتى ذلك إلا بعد حصر حدودنا وضمان عدم الاعتداء عليها من أي دولة من دول الجوار». وأضاف أن تركيا قالت إنها مستعدة للدخول في تفاوض شامل مع ليبيا.

واستبعد رئيس مجلس النواب الانحياز إلى أي محاور إقليمية في مسألة ترسيم الحدود البحرية، قائلاً: «ليبيا ليست طرفاً تابعاً لأحد. نحن دولة مستقلة ولنا علاقات مع الجميع، لكننا لا نقبل أن نكون أداة في تنافس إقليمي. مصلحتنا هي الأساس، وأي تفاوض يجب أن ينطلق من موقع الدولة ذات السيادة، لا من موقع الاصطفاف». وأضاف: «الحوار مع مصر مهم، لأنها دولة جوار وشريك أساسي في الأمن الإقليمي، واليونان دولة متوسطية لها مصالح مباشرة، وتركيا دولة ذات وزن وحضور تاريخي في المنطقة. لكن ليبيا ليست ملزمة بانحياز كامل لأي طرف، نحن نبحث عن توازن يحمي حقوقنا، ويضمن علاقات مستقرة مع الجميع».

وتوجه صالح إلى رفض قاطع لأي «تنازلات عندما يتعلق الأمر بالسيادة»، قائلاً: «السيادة خط أحمر»، وموضحاً: «قد تكون هناك ترتيبات فنية أو تعديلات بروتوكولية أو تنسيق مع الدول، وهذا ممكن»، لكنه عاد ليقول: «التفريط في حدود ليبيا البحرية غير وارد ولا ممكن ولا نقاش فيه».

وتسعى ليبيا، وفق مراقبين، إلى تثبيت حقوقها في حدودها البحرية الغنية بالنفط والغاز، وتعزيز موقعها في شرق المتوسط، في ظل تنافس إقليمي محتدم على النفوذ وموارد الطاقة، وهو ما يجعل ملف ترسيم الحدود «معضلة مركبة» تتطلّب مقاربة قانونية وسياسية متوازنة.

ويرى قانونيون، من بينهم أستاذ القانون الدولي الدكتور محمد الزبيدي، أن الموقف الليبي الأخير يمثّل خطوة مهمة نحو حسم ملف الحدود البحرية، بالنظر إلى «اتساع نطاقه ليشمل عدداً من الدول المتشاطئة في شرق المتوسط»، مؤكداً ضرورة اعتماده من مجلس النواب؛ إذ إن غياب هذا الاعتماد يجعله فاقداً لأي أثر قانوني، وفق ما صرّح به لـ«الشرق الأوسط».


مباحثات سودانية - جنوب سودانية حول الطاقة والبترول عقب الاتفاق الثلاثي

عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)
عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)
TT

مباحثات سودانية - جنوب سودانية حول الطاقة والبترول عقب الاتفاق الثلاثي

عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)
عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)

شهدت العاصمة السودانية المؤقتة، بورتسودان، مباحثات بين السودان وجنوب السودان، تناولت النفط والطاقة والتجارة، والعلاقات السياسية، وذلك بعد أيام من استيلاء «قوات الدعم السريع» على منطقة هجليج النفطية، والاتفاق الثلاثي على حماية المنشآت النفطية بواسطة جيش جنوب السودان. في حين تصاعدت حدة هجمات بالطائرات المسيّرة على مدينتَي كادوقلي والدلنج.

وتسلم رئيس «مجلس السيادة» القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، رسالة خطية من الرئيس سلفاكير ميارديت، حملها مستشاره للشؤون الأمنية، توت قلواك، المقرب من النظام السابق و«الإسلاميين»، والذي وصل إلى البلاد على رأس وفد رفيع المستوى. وجرى خلال اللقاء مشاورات تركزت على الجوانب الاقتصادية والنفطية.

وتأتي زيارة قلواك بعد عدة أيام من سيطرة «قوات الدعم السريع» على ولاية غرب كردفان بما فيها منطقة هجليج النفطية، التي يمر عبرها بترول جنوب السودان إلى ميناء بشاير على البحر الأحمر، وتضم محطات المعالجة والضخ، وغيرها من أعمال تصدير نفط الدولة الجنوبية.

سودانيون يشاركون باحتفال دعم للجيش ضد «قوات الدعم السريع» في مروى على بعد نحو 300 كيلومتر شمال الخرطوم السبت الماضي (إ.ب.أ)

وأعلنت دولة جنوب السودان عن اتفاق سياسي ثلاثي بين ميارديت والبرهان وقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، وقضى بإيكال عملية تأمين المنشآت النفطية في هجليج لجيش جنوب السودان.

ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)، الأحد، عن وكيل وزارة الخارجية معاوية عثمان خالد، أن البرهان وجّه أجهزة الدولة للانخراط مع نظرائهم من دولة جنوب السودان في بحث القضايا المشتركة، لا سيما قطاعات الطاقة والنفط والتجارة والعلاقات السياسية.

وقال وزير خارجية جنوب السودان، ماندي سيمايا، المرافق لقلواك، بحسب «سونا»، إن رسالة ميارديت للبرهان تناولت تبادل وجهات النظر في القضايا المشتركة، انطلاقاً من متانة العلاقات الثنائية، وإن الجانبين اتفقا على القضايا المشتركة.

عمال صيانة يعملون بمنشأة هجليج النفطية في 2 مايو 2012 (أ.ف.ب)

وكان وزير إعلام جنوب السودان، أتينغ ويك أتينغ، قد ذكر في تصريحات إعلامية، الأحد، أن الاتفاق بين القادة الثلاثة نصّ على أن تبقى منطقة هجليج محايدة بين طرفَي الحرب، وأن يتوقف القتال في آبار النفط، وأن تكون قوات جنوب السودان هي المسؤولة عن تأمين حقول البترول ومنشآته، وانسحاب الجيش السوداني و«الدعم السريع» من المنطقة، من دون تحديد زمن لانسحاب القوات الجنوبية من الأراضي السودانية.

وحتى اللحظة، لم يصدر تعليق من الجيش السوداني أو «الدعم السريع» على التصريحات الجنوبية، كما لم يصدر نفي من أي من الطرفين المتقاتلين في المنطقة.

وجاءت هذه المتغيرات الدراماتيكية عقب استيلاء «الدعم السريع» في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي على منطقة هجليج النفطية.

كادوقلي والدلنج

من جهة أخرى، تصاعدت حدة التوتر في ولاية جنوب كردفان مع «الدعم السريع» التي تحكم الحصار على المدن الرئيسية في الولاية، بما فيها العاصمة كادوقلي والدلنج، وتسيطر على الأجزاء الشمالية منها، بالشراكة مع حليفتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز الحلو.

مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (أرشيفية - متداولة)

وقالت شبكة أطباء السودان (موالية للجيش) إن 9 أشخاص قُتلوا وأصيب 17 شخصاً بقصف مكثف شنته مسيّرات يرجح أنها تابعة لـ«الدعم السريع» على مدينة الدلنج التي تعد ثاني أكبر مدن جنوب كردفان، استهدف المستشفى العسكري في البلدة، وقيادة «اللواء 54 مشاة» التابع للجيش، ومواقع أخرى بالقرب من سوق المدينة.

بيد أن مصادر موالية لـ«الدعم السريع» في الدلنج قالت لـ«الشرق الأوسط» إن المسيّرات استهدفت محيط المستشفى العسكري، حيث تستخدم مبانٍ مجاورة لتخزين الذخائر والأسلحة من قبل الجيش.

كما ذكرت أن قوات «الحركة الشعبية» بمساندة «الدعم السريع» شنت هجوماً مكثفاً بالطائرات المسيّرة على مدينة كادوقلي عاصمة الولاية، الأحد، استهدف سوق المدينة، من دون أن تتحدث عن خسائر.

وقال شهود إن «الدعم السريع» و«الحركة الشعبية» تحشدان قوات كبيرة حول المدينتين، استعداداً للهجوم عليهما، بعد أن كانتا قد طالبتا في وقت سابق بانسحاب الجيش منهما لتجنيب المدنيين والمنشآت المدنية والعسكرية ويلات القتال.

ووفقاً للشهود، فإن «الدعم السريع» و«الحركة الشعبية» قصفتا بكثافة كادوقلي والدلنج، واستهدفتا الأحياء الشرقية لكادوقلي، وإن 5 قذائف صاروخية استهدفت أجزاء من المدينة، من دون خسائر في المواطنين، وسط انقطاع للاتصالات وخدمة الإنترنت.

والسبت، نسبت تقارير صحافية إلى بعثة حفظ السلام بمنطقة أبيي «يونيسفا»، أن 6 من جنود الأمم المتحدة من بنغلاديش قُتلوا، في حين أصيب آخرون، جراء قصف بالمسيّرات على معسكر البعثة في مدينة كادوقلي، من دون أن تحدد الجهة المسؤولة عن القصف الذي نفذته 3 طائرات مسيّرة ضربت محطة الوقود في المعسكر الأممي.

وكانت «الحركة الشعبية» ناشدت الأسبوع الماضي قيادة «الفرقة 14 مشاة» بكادوقلي، والميليشيات العسكرية الموالية لها، الانسحاب من مدينتَي كادوقلي والدلنج والتسليم من دون خسائر.