التدخين الإلكتروني يعرّض ركاب الطائرات للخطر... ما العلاقة؟

السجائر الإلكترونية تأتي في المرتبة الثانية فيما يرتبط بحوادث بطاريات الليثيوم على متن الطائرات (رويترز)
السجائر الإلكترونية تأتي في المرتبة الثانية فيما يرتبط بحوادث بطاريات الليثيوم على متن الطائرات (رويترز)
TT

التدخين الإلكتروني يعرّض ركاب الطائرات للخطر... ما العلاقة؟

السجائر الإلكترونية تأتي في المرتبة الثانية فيما يرتبط بحوادث بطاريات الليثيوم على متن الطائرات (رويترز)
السجائر الإلكترونية تأتي في المرتبة الثانية فيما يرتبط بحوادث بطاريات الليثيوم على متن الطائرات (رويترز)

أصبح التدخين الإلكتروني رائجاً بين الناس، بحيث يستخدم المزيد من المدخنين هذه الأجهزة في السنوات الأخيرة. في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2013، أفاد 1.3 في المائة فقط من سكان المملكة المتحدة باستخدامها بانتظام. وبحلول عام 2023، ارتفع الرقم إلى 10 في المائة، وفقاً لتقرير المجلة الطبية البريطانية، بحسب صحيفة «التليغراف».

يجلب الاستخدام المتزايد مشكلة جديدة لركاب الطائرات والموظفين؛ إذ يمكن للأجهزة التي تعمل ببطاريات ليثيوم أيون - بما في ذلك السجائر الإلكترونية وأجهزة الكومبيوتر المحمولة والهواتف - أن تسخن. في أسوأ السيناريوهات، يمكن أن يتسبب ذلك في نشوب حرائق أو انفجارات، حيث أصبحت أجهزة التدخين الإلكتروني مشكلة بشكل خاص - كما ثبت يوم الثلاثاء، عندما انفجرت حقيبة تضم سجائر إلكترونية، مما تسبب في إخلاء رحلة «إيزي جيت» من جزيرة كريت إلى لندن.

يشير تقرير جديد من «UL Standards and Engagement (ULSE)»، وهي منظمة أميركية غير ربحية، إلى أن السجائر الإلكترونية كانت مسؤولة عن 35 في المائة من جميع الحوادث الخاصة بارتفاع حرارة الأجهزة ضمن الرحلات الأميركية المبلَّغ عنها من خلال نظامها عام 2023.

وارتفعت هذه الحوادث بنسبة 28 في المائة بين عامي 2019 و2023، وفقاً للتقرير. ومع تزايد شعبية أجهزة التدخين الإلكتروني، فإن فرص ارتفاع درجة حرارة أحدها أثناء الرحلات تزيد أيضاً.

ولكن هناك عاملاً مساهماً آخر، قد يكون الافتقار المستمر إلى الوعي بمخاطر بطاريات الليثيوم أيون، على الرغم من المعلومات الصادرة عن شركات الطيران عند شراء التذاكر، وعند تسجيل الوصول وأثناء إعلانات السلامة على متن الطائرة.

قال ديفيد روث، مدير التكنولوجيا والأنظمة في «ULSE»: «غالباً ما يجهل الركاب أن العديد من الأجهزة التي يحملونها على متن الطائرة تعمل ببطاريات الليثيوم أيون، ناهيك بالمخاطر التي تحملها، ومن الصعب جداً حل مشكلة لا يعرفون أنها موجودة».

لماذا ترتفع حرارة بطاريات الليثيوم أيون؟

يمكن أن يعني الفشل في خلية الليثيوم أيون ارتفاع درجة حرارتها، مما يؤدي إلى إطلاق عملية تسمى الهروب الحراري. مع ارتفاع درجة حرارة البطارية أثناء العملية، يمكن أن تطلق غازات قابلة للاشتعال أو تشتعل فيها النيران أو تنفجر. ولأن هذه البطاريات تحترق عند درجات حرارة عالية (تصل إلى 900 درجة مئوية)، فقد يكون من الصعب احتواء المشكلات الناتجة.

تزداد المخاطر مع الأجهزة الرخيصة، بسبب معايير التصنيع المنخفضة. يقول ريتشارد بيلي، المدير الإداري لشركة «Environmental Defence Systems»، الذي صمَّم حقيبة احتواء الحرائق «AvSax»، التي تستخدمها أكثر من 100 شركة طيران: «من الأفضل دائماً إنفاق المزيد واستخدام الشاحن الصحيح، وعلامة تجارية تلبي لوائح السلامة، وفقاً لتوصيات الشركة المصنعة للجهاز».

يقول أندرو ماكونيل، المتحدث باسم هيئة الطيران المدني في بريطانيا (CAA): «التعامل الصحيح يقلل من المخاطر... يجب وضع بطاريات الليثيوم في أمتعتك المحمولة. ويجب أيضاً وضع بنوك الطاقة والبطاريات الاحتياطية في حقيبة المقصورة، وإيقاف تشغيلها تماماً».

مخاطر السجائر الإلكترونية بالتحديد

تأتي السجائر الإلكترونية في المرتبة الثانية بعد شواحن الطاقة فيما يرتبط بحوادث بطاريات الليثيوم على متن الطائرات، على الرغم من أن الناس لا يستطيعون استخدامها هناك. لا يمكننا إلا أن نعتقد أن هذا يرجع إلى أن بعض السجائر الإلكترونية يمكن التخلص منها وتعمل ببطاريات رخيصة، وفقاً لبيلي.

يقول جون دون، المدير العام لجمعية صناعة السجائر الإلكترونية في المملكة المتحدة: «من الممكن أن يلقي بعض الأشخاص أجهزتهم في أمتعتهم المحمولة باليد. وبذلك، قد يحفزون الأمر. نوصي دائماً بأن يحتفظ الناس بأجهزتهم في حقائب صلبة مناسبة تتوفر في المتاجر المتخصصة، وأن يزيلوا البطاريات من الأجهزة قبل السفر حيثما أمكن، حتى لا يتمكن الجهاز من التنشيط أثناء الرحلة».

احتفظ بالأجهزة في متناول اليد، بدلاً من وضعها في أسفل الحقيبة حيث يمكن تشغيلها عن غير قصد. وإذا بدا الجهاز ساخناً بشكل غير طبيعي عند الاستخدام، فتخلص منه بأمان قبل الذهاب في إجازة.

يقول دون: «بعض المستخدمين لا يدركون أن هذه البطاريات لها عمر محدود. لذا يتعين عليهم التأكد من عدم تعرضها للتلف بأي شكل من الأشكال واستبدالها بشكل منتظم. كما يتعين عليهم التحقق من وجود أي ضرر خارجي، مثل الأغلفة المتشققة».

ماذا تفعل إذا ارتفعت حرارة جهازك على متن الطائرة؟

يشرح بيلي: «إذا ارتفعت حرارة جهاز إلكتروني فيجب على الأشخاص تنبيه الطاقم على الفور. إذا حرك الركاب مقاعدهم لمحاولة استعادته، فقد يسحقونه، مما يؤدي إلى تسرب حراري».

تم تدريب طاقم المقصورة على تقنيات مكافحة الحرائق المتعلقة بهذه الأجهزة، ويستخدم البعض أكياس إخماد الحرائق مثل «AvSax» لاحتواء الأجهزة ومساعدة البطاريات على التبريد.

يوضح بيلي: «كل ما يجب على طاقم المقصورة فعله هو صب لترين على الأقل من الماء في كيس احتواء بطارية الليثيوم (AvSax) ثم إسقاط الجهاز الذي يسخن فيه. ينشِّط الماء هلام البوليمر داخل الكيس مما يجعله يتمدد حول الجهاز. إذا استمر الجهاز في التهوية، أو حتى انفجر، فإن كيس تخفيف الحرائق (AvSax) قوي بما يكفي لامتصاص الصدمة».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

الولايات المتحدة​ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)

تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

أوردت وكالة «بلومبرغ» أن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز سيبدأ غدا السبت جولة في الشرق الأوسط تستمر أربعة أيام تشمل إسرائيل والأردن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز) play-circle

تحليل إخباري انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

يتعاظم القلق الأوروبي من النهج الأميركي في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

استراتيجية ترمب الجديدة تقوم على تعديل الحضور الأميركي في العالم

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي ترمب في استراتيجية جديدة أن دور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي سينتقل إلى التركيز أكثر على أميركا اللاتينية ومكافحة الهجرة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)

اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

ألقت سلطات الهجرة الأميركية القبض على أستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد هذا الأسبوع، بعد أن اعترف باستخدامه بندقية خرطوش خارج كنيس يهودي في ماساتشوستس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.