«هدنة غزة»: «خطة الجنرالات» الإسرائيلية تهدد مسار المفاوضات

رغم تأكيد واشنطن العمل للتوصل إلى اتفاق

جنود إسرائيليون يمرون أمام المباني المدمرة في رفح بقطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يمرون أمام المباني المدمرة في رفح بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: «خطة الجنرالات» الإسرائيلية تهدد مسار المفاوضات

جنود إسرائيليون يمرون أمام المباني المدمرة في رفح بقطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يمرون أمام المباني المدمرة في رفح بقطاع غزة (أ.ف.ب)

تزامناً مع دعوات دولية وأممية تتصاعد نحو إبرام هدنة في قطاع غزة، ظهرت للعلن خطة إسرائيلية من داخل الحزب الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أُطلق عليها «خطة الجنرالات» تستهدف تهجير سكان شمال القطاع كمرحلة أولى، رغم تأكيد واشنطن مواصلة عملها للتوصل لصفقة تبادل أسرى.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الخطة «جسّ نبض وبالون اختبار» جديد للعرب والوسطاء والعالم للعودة لسيناريو التهجير المرفوض تماماً، و«تهديد مبكر لأي جهود تتم في مسار المفاوضات». وأشاروا إلى أن واشنطن باستطاعتها فرض اتفاق خلال 24 ساعة «إذا أرادت وضغطت بشكل جاد على نتنياهو»، أو فالصفقة المحتملة ستنتظر ما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ووسط انتظار لمقترح أميركي لتذليل عقبات المفاوضات، يتحرك حزب «الليكود» الحاكم بإسرائيل لتوقيع عريضة موجهة إلى نتنياهو، يطالبونه فيها بتنفيذ «خطة الجنرالات» الرامية إلى تهجير سكان شمال قطاع غزة مبدئياً، بمبادرة من عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أفيحاي بوروان، وفقاً لتقرير نُشر على موقع «واي نت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الجمعة.

بوروان قال إن ثلثَي أعضاء الكنيست سيوقعون على تلك الخطة التي جاءت لمساعدة نتنياهو على تثبيت سياسة حزب «الليكود» إزاء غزة، وصد الضغوط الدولية عليه. ووفق الموقع الإسرائيلي نُشرت تلك الخطة التي تُعرف باسم «خطة الجنرالات»، ويؤيدها عشرات الضباط، لأول مرة في 4 سبتمبر (أيلول) الجاري، وتتكون من مرحلتين، يتم خلالها تهجير السكان المتبقين في شمال قطاع غزة والإعلان عنه «منطقة عسكرية مغلقة»، ثم تنفيذ الخطة ذاتها لاحقاً في بقية أنحاء القطاع.

ووفق «واي نت»، فإنه تم استعراض هذه الخطة أمام أعضاء «الكابينيت» (المجلس الوزاري الأمني المصغر)، في الأيام الأخيرة، وإن واضعي الخطة يأملون أن يوعز المستوى السياسي للمستوى العسكري بالعمل بموجبها في أقرب وقت ممكن.

وجاء ذلك الطرح الإسرائيلي متزامناً مع تحركات دولية تدعم إبرام هدنة ووقف إطلاق النار بغزة الذي دخل شهره الـ12. ودعا الاجتماع الوزاري حول القضية الفلسطينية، الذي انعقد بمدينة مدريد، الجمعة، إلى انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية المحتلة من غزة ومن بينها «محور فيلادلفيا»، وإعادة السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح وبقية الحدود. وأكد «الدعم الكامل لجهود الوساطة الجارية التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة، ورفض جميع الإجراءات التي تهدف إلى عرقلة عملية الوساطة».

وجدد بيان الاجتماع «الدعوة لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن والمعتقلين»، وحذر من «التصعيد الخطير في الضفة الغربية»، داعياً إلى «وقف جميع الإجراءات التي تؤدي إلى التصعيد الإقليمي».

رد فعل نساء فلسطينيات عقب غارة إسرائيلية في ضاحية الشجاعية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب)

تلك التحركات الإسرائيلية التي تتزامن مع الجهود الدولية، وفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، تعد «بالون اختبار وجس نبض لاستطلاع رد الفعل الأميركي والعربي والفلسطيني»، لافتاً إلى أن هذا الطرح يتوافق مع سياسات إسرائيل بالنسبة للقطاع، والذي يخالف أي حديث عن المفاوضات غير الموجودة على أرض الواقع بسبب تلك السياسات.

ويعتقد أن مخرجات اجتماع مدريد «تذكّر بثوابت المجتمع الدولي وتعطي قوة معنوية للفلسطينيين وللسلطة»، مستبعداً أن يكون لها تأثير على الأرض في ظل الخطط الإسرائيلية التي تهدد أي سلام.

وتلك الخطط «ممنهجة ولا تضع في بالها تهديدها المبكر للمفاوضات الجارية، وأيضاً تأثيرها السلبي على التحركات الدولية وسط مساعٍ إسرائيلية مستمرة لإنهاء الدولة الفلسطينية»، وفق تقدير نائب رئيس «المركز العربي للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي.

وباعتقاد غباشي، فإن «جهود مصر في الوساطة ونداءات المجتمع الدولي ستبقى مستمرة لعدم تعقيد المفاوضات وتهديد المنطقة»، مؤكداً أن تنفيذ مثل هذه الخطط «يعرقل المفاوضات، لكن ثبت فشله منذ بداية الحرب، ولم تجلب محاولات التهجير إلا رفضاً مصرياً وعربياً ودولياً».

ووسط ذلك القلق من تراجعات بشأن الهدنة وتهديد لمسار المفاوضات، لا تزال الإدارة الأميركية تشيع أجواء من التفاؤل بشأن مسار المحادثات التي تنتظر مقترحاً من واشنطن. وقالت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن، المرشحة للرئاسة الأميركية عن الحزب الديمقراطي، السبت: «حان الوقت للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة».

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)

ورأت هاريس خلال كلمتها بتجمع انتخابي في بنسلفانيا، أن الإدارة الأميركية تعمل على مدار الساعة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مشيرة إلى أنها تحترم الأصوات المنادية بإنهاء الحرب في غزة.

وكان اجتماع للوسيطين المصري والقطري مع «حماس»، الأربعاء، بالدوحة، أسفر عن «بادرة أمل»، وفق مصدر مصري رفيع المستوى تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لإحياء المفاوضات التي تراوح مكانها.

ولن تغير الأحاديث الأميركية المسار الحالي، بحسب السفير هريدي، رغم الجهود الدولية والمصرية. وأرجع ذلك إلى أنها خطابات انتخابية وليس هناك مؤشر على تقديم إسرائيل أو «حماس» تنازلات قريبة لإبرام اتفاق. ورجّح أن تتجه المفاوضات للانتظار لما بعد الانتخابات الأميركية.

ويرى غباشي أن واشنطن قادرة «لو أرادت إنجاز اتفاق هدنة خلال 24 ساعة فقط حال قامت بضغط حقيقي وفعال على نتنياهو»، لكنه قال: «لن تفعل ولا يبدو ذلك قبل الانتخابات الأميركية أو بعدها».


مقالات ذات صلة

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي مساعدات الطعام وسط أزمة الجوع مع استمرار الحرب في جنوب قطاع غزة (رويترز)

تنديد أممي بالسرقة «المنظمة» للمساعدات الإنسانية لغزة

ندّد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة اليوم (الثلاثاء) بسرقة المساعدات الإنسانية في غزة، معتبرا أن هذه الظاهرة «أصبحت منظّمة ويجب أن تتوقف».

«الشرق الأوسط» (غزة)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
TT

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن تركيا تؤكد في اتصالاتها مع جميع الأطراف ضرورة عدم جرّ العراق إلى دوامة العنف، وتقدم الدعم «الأهم» لجهود تعزيز وإعادة إعمار هذا البلد.

وخلال مناقشة ميزانية وزارة الخارجية في لجنة التخطيط بالبرلمان التركي التي عُقدت الخميس واستمرت حتى ساعة مبكرة من صباح الجمعة، وصف فيدان زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى العراق في أبريل (نيسان) الماضي بأنها «نقطة تحول حاسمة» في العلاقات بين أنقرة وبغداد.

وذكر أنه تم التوقيع على 27 وثيقة قانونية خلال الزيارة لتعزيز الإطار المؤسسي للعلاقات العراقية - التركية، مضيفاً أنهم يديرون آليات التعاون مع العراق بشكل فعال، ويدعمون بشكل كامل مشروع «طريق التنمية» الذي تعتبر تركيا شريكاً طبيعياً فيه، ويكثفون الاتصالات التي تركز على الأمن ومكافحة الإرهاب مع العراق.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

وعدّ فيدان أن إعلان حزب العمال الكردستاني «منظمة محظورة» من قبل العراق، «خطوة حاسمة» بالنسبة لتركيا، وقال: «توقعاتنا أن يعترف العراق، رسمياً، بحزب العمال الكردستاني (منظمة إرهابية)، ويصفيه بالكامل من أراضيه».

وتابع الوزير التركي: «ما لم تتم تلبية مخاوفنا الأمنية المشروعة، فإن عملياتنا لمكافحة الإرهاب خارج حدودنا، والتي نقوم بها وفقاً للقانون، ستستمر من دون تباطؤ».

ووصف وزير الخارجية التركي علاقات بلاده مع إقليم كردستان العراق بأنها «فوق العادة» وجيدة للغاية، كما تسعى أنقرة إلى حل المشاكل بين بغداد وأربيل. وأعلن عن تطورات إيجابية فيما يتعلق بتصدير نفط الإقليم.

وقال فيدان إن الحديث عن «تركيا الحامي الوحيد للكرد عبر الحدود ليس له معنى»، وأضاف: «إننا الحامي الوحيد والداعم الحقيقي للبوسنيين والألبان في البلقان، وإننا أيضاً نحمي التركمان والكرد... هؤلاء موجودون في شرقنا وجنوبنا، هذا هو التاريخ، ونحن لا نغيره».

وتابع أن «تركيا ضد تجنيد الكرد في سوريا في صفوف حزب (العمال)، ويجب إبعاد جميع كوادره من تركيا والعراق وإيران، وأن يبقى السوريون هناك». وقال: «لدينا دائماً حساسية تجاه المسلحين الكرد عبر الحدود».

تركيا تواصل عملياتها ضد «العمال الكردستاني» في شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

وبالنسبة لمشروع «طريق التنمية»، قال فيدان إن تركيا تولي أهمية كبيرة للمشروع، واعتبر أنه بهذا المشروع تم طرح قضية إيجابية على جدول الأعمال للمرة الأولى مع العراق.

وأضاف أن تركيا لا يمكنها فرض خيار ضد تفضيل العراق بالنسبة للبوابة الحدودية لمرور «طريق التنمية»، ويجب على بغداد وأربيل أن تجتمعا معاً وتقررا أي بوابة حدودية ستكون مفضلة.

وعن استئناف تصدير نفط إقليم كردستان، عبر خط الأنابيب الذي ينقله إلى ميناء جيهان جنوب تركيا (خط كركوك - يمورتاليك) لتصديره، قال فيدان إن هناك أخباراً جيدة، ونتوقع تطورات جيدة قريباً، وبخاصة فيما يتعلق بافتتاح خط الأنابيب.

وأضاف: «لقد قمنا باستعداداتنا. نأمل أن يتم فتح خط الأنابيب. (طريق التنمية) مهم للغاية، وقد يشمل أيضاً شمال روسيا، عبر وصله بممر الجنوب اللوجستي في مرحلة معينة. يبدو أنه يمكن أن يتحول إلى مشروع أفضل. نحن جادون في هذا الأمر».